Pesan Rahbar

Sekilas Doa Arafah Imam Husain as dan Doa Arafah Imam Husain as

Doa Arafah (Bahasa Arab: دعاء العرفة ) adalah diantara doa-doa Syiah yang menurut riwayat dibaca oleh Imam Husain as pada hari ke-9 Dzul...

Home » » Mausuah Rijaliyah Syiah Bagian 1B

Mausuah Rijaliyah Syiah Bagian 1B

Written By Unknown on Jumat, 02 Maret 2018 | Maret 02, 2018


[ 124 ]
أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وآله فقيل له انه في حائط كذا وكذا، فتوجه في طلبه فوجده نائما فأعظمه أن ينبهه، فأراد ان يستبري نومه من يقظته فأخذ عسيبا يابسا فكسره ليسمعه صوته فسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع رأسه، فقال: يا أبا ذر تخدعني أما علمت أني أرى أعمالكم في منامي كما أراكم في يقظتي ان عيني تنامان ولا ينام قلبي. - قوله عليه السلام: فأخذ عسيبا يابسا. باهمال العين المفتوحة وكسر السين المهلمة وتسكين المثناة من تحت قبل الياء الموحدة، أي جريدة من النخل مستقيمة دقيقة. قوله صلى الله عليه وآله: ان عينى تنامان ولا ينام قلبى قال السيد المكرم الرضي أخو السيد المعظم المرتضى رضي الله تعالى عنهما في كتاب مجازات الحديث: ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام تنام عيناي ولا ينام قلبي. وهذا القول عند المحققين من العلماء مجاز، لانه عليه السلام لو كان قلبه لاينام على الحقيقة كقلوب الناس لكان ذلك من أكبر معجزاته وأبهر آياته، ولوجب أن تتظاهر الاخبار بنقله، كما تظاهرت بنقل غيره من أعلامه ودلالته. ومما يحقق قولنا ما رواه عبد الله بن عباس رحمهما الله من أنه صلى الله عليه وآله نام ونفخ فصلى ولم يتوض، فقيل له عليه الصلاة والسلام في ذلك فقال: ليس الوضوء على من نام قاعدا انما الوضوء على من نام مضطجعا، وفى بعض الروايات أو متور كا فانه إذا نام كذلك استرخت مفاصله. فبين عليه الصلاة والسلام أنه لو نام مضطجعا للزمه الوضوء لاسترخاء مفاصله، فلو كان قلبه لاينام لما وجب عليه الوضوء إذا نام مضطجعا، كما لا يجب عليه إذا نام قاعدا، وقد يجوز أن يكون المراد بقوله عليه السلام: تنام عيناي ولا ينام قلبي. أنه لا يعتقد في حال نومه من الرؤيا الفاسدة والمنامات المتضادة ما يعتقده غيره من سائر البشر، فيكون في حكم المستقيظ وبمنزلة المتحفظ (1) انتهى كلامه رفع مقامه.
________________________________________
1) المجازات النبوية: 175 - 176 (*)
________________________________________
[ 125 ]
[... ] - قلت: هذا الحديث متواتر قد تظافرت وتظاهرت طرق نقله، وما ذكره من رواية ابن عباس خبر من باب الاحاد ولا تعويل عليه، والعمل في المذهب من طريق أهل البيت عليهما السلام أن مطلق النوم الغالب على الحواس ناقض للوضوء اضطجاعا كان أو قعودا. فاما سبيل مغزاه من طريق العلوم البرهانية فهو: أنه قد أقر في مقره في العلوم الطبيعي وفي العلم الذي فوق الطبيعة أن النفس الانسانية إذا كانت منهمكة في جنبة البدن وفي غواشي عالم الطبيعة لم يكن طريقها في الرؤية الابصارية الا من سبيل الظاهر من ممر الجليدية. وأما الانسان المتأله إذا صار أكيد العلاقة بعالم الملكوت وقوى ارتباط قوته القدسية بالجواهر النورية والانوار العقلية، فتهيأ له الرؤية البصرية في اليقظة وفي النوم لا من سبيل الظاهر، بل من سبيل الباطن بانطباع الصورة في حسه المشترك واختلاس قوته المتخلية من فيض عالم العقل لا بحضور مادة خارجية. ومن هناك كان النبي احدي خاصياته الثلاث التي منها تستتم ضروب النبوة أن تتشبح له الملائكة فيرى من تتنزل عليه من ملائكة الله المقربين، ويسمع كلام الله منتظما على لسان روح القدس الامين باذن الله المهيمن الملك الحق المبين. وهذا هو الذي يعبر عنه بالوحي والايحاء على قد أسمعناك فيما تلونا عليك من قبل، وليس يتيسر ذلك للنبي متى ما أراد وحيثما أراد، بل انما له وقت موقوت من الله سبحانه يلقى عليه فيضه إذا شاء كيف شاء، وسواء في ذلك حال النوم وحال اليقظة. فاذن ربما يكون النبي تنام عيناه ولا ينام قلبه فيرى ويسمع في النوم ما يراه ويسمعه في اليقظة، ولكن لامن سبيل الظاهر، بل من سبيل الباطن من جهة الاتصال بالملاء الا على والانخراط في سلك المكلوت، ولا كذلك ساير البشر، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله تنام عيناي ولا ينام قلبي، ولم يزد أنه يبصر ويسمع في النوم كما يبصر ويسمع في اليقظة دائما في جميع أوقات النوم واليقظة فليتعرف.
________________________________________
[ 126 ]
عمار 56 - حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال حدثنا الفضل بن شاذان عن محمد بن سنان، عن أبي خالد، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام، قال قلت: ما تقول في عمار ؟ قال: رحم الله عمارا، ثلاثا قاتل مع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وآله) وقتل شهيدا. قال: قلت في نفسي ما تكون منزلة أعظم من هذه المنزلة ؟ فالتفت الي، فقال لعلك تقول مثل الثلاثة ! هيهات ! قال، قلت: وما علمه انه يقتل في ذلك اليوم ؟ قال: انه لما رأي الحرب لا تزاداد الاشدة والقتل لا يزداد الاكثرة ترك الصف وجاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين هو هو ؟ قال: ارجع إلى صفك، فقال له ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يقول له ارجع إلى صفك، فلما أن كان في الثالثة قال له نعم. فرجع إلى صفه وهو يقول: اليوم ألقى الا حبة محمدا وحزبه. - في عمار بن ياسر رضى الله عنه هو أبو اليقظان سماه النبي صلى الله عليه وآله بالطيب المطيب شهد بدرا، ولم يشهدها ابن من المؤمنين غيره، وشهدا أحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله والجمل وصفين مع أمير المؤمنين، وقتل بصفين شهيدا ودفن هناك سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وتسعين سنة. قوله رحمه الله: عن أبي خالد يعني به الكابلي وقد فصلنا القول فيه سابقا. قوله عليه السلام: فقال يا أمير المؤمنين هو هو ؟ يعني يومنا هذا هو يومي الذي خبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أنه تقتلني فيه الفئة الباغية.
________________________________________
[ 127 ]
57 - محمد بن أحمد بن أبي عوف البخاري ومحمد بن سعد بن مزيد الكشي قالا حدثنا أبو علي المحمودي محمد بن أحمد بن حماد المروزي، قال عمار بن ياسر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد ألقته قريش في النار: يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت بردا وسلاما على ابراهيم، فلم تصله النار ولم يصله منها مكروه وقتلت قريش أبويه ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: صبرا آل ياسر موعدكم الجنة، ما تريدون من عمار ؟ عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان، عمار - قوله رحمه الله تعالى: محمد بن أحمد بن أبي عوف البخاري ومحمد ابن سعد (1) بن مزيد الكشى قد مر ذكرهما وتحقيق القول فيهما في صدر الكتاب. قوله: فلم تصله النار بفتح التاء المضارعة وتسكين الصاد المهملة، أي لم تشوه ولم تحرقه، يقال: صلى اللحم يصليه صليا شواه وألقاه في النار للاحراق، والصلا بالفتح والقصر، والصلاء بالكسر والمد النار أو الوقود أو الشواء، ولم يصله بفتح الياء وكسر الصاد من الوصول. وفي طائفة من النسخ " فلم يصبه " منها مكروه بالباء الموحدة بعد الصاد من الاصابة. قوله صلى الله عليه وآله: عمار مع الحق والحق مع عمار حيث كان هذا الحديث عنه صلى الله عليه وآله صحيح ثابت الصحة عند العامة والخاصة من غير طريق واحد، وكذلك " واهدوا هدي عمار " متفق عليه لدى الجميع، يروى بفتح الهاء وكسرها واسكان الدال. قال ابن الاثير في النهاية: الهدى السيرة والهيئة والطريقة، ومنه الحديث: واهدوا هدي عمار. أي سيروا بسيرته وتهيؤا بهيئته، يقال: هدى هدي فلان إذا
________________________________________
1) وفي " ن " و " س ": سعيد (*)
________________________________________
[ 128 ]
. [... ] - صار بسيرته (1). ورووا: إذا سلك الناس واديا وعمار واديا فاسلكوا مسلك عمار. قلت: وذلك كله اخبار منه صلى الله عليه وآله بأن فيما يقع بعده من الاثرة يكون العمار مع على عليه السلام متبعا له متبرءا عمن يستأثر عليه صلوات الله عليه بحقه، كالمقداد وأبو ذر وسلمان وغيرهم من السابقين، كما قد سبق في الكتاب. قال المسعودي في مروج الذهب: وقد كان عمار حين بويع عثمان بلغه قول أبي سفيان صخر بن حرب في دار عثمان في الوقت الذي بويع فيه عثمان، ودخل داره ومعه بنو أمية، قال أبو سفيان: أفيكم أحد من غير كم ؟ وقد كان أعمى قالوا: لا قال: يا بني انكم تلقفتموها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان لتصيرن إلى صبيانكم وراثة، فانتهره عثمان وساءه ما قال، ونمى هذا القول إلى المهاجرين والانصار وغير ذلك: فقام عمار في المسجد وقال: يا معشر قريش أما إذ صرفتم هذا الامر من أهل بيت نبيكم هاهنا مرة وهاهنا مرة، فما أنا بآمن أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله. وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل الذي أو ذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذلك يا مقداد بن عمرو فقال: اني والله لا حبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وآله اياهم، وأن الحق معهم وفيهم يا عبد الرحمن، أعجب من قريش، وانما تطولهم على الناس بفضل أهل هذا البيت، قد أصفقوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وآله بعده من أيديهم، أما وايم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصارا لقاتلتهم كقتالي اياهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر (2).
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير، 5 / 253 2) مروج الذهب: 2 / 342 (*)
________________________________________
[ 129 ]
جلدة بين عيني وانفي تقتله الفئة الباغية، وقال وقت قتلهم أياه: اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. 58 - حمدويه وابراهيم قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم ابن حميد، عن فضيل الرسان، قال سمعت أبا داود، وهو يقول حدثني بريدة الاسلمي - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: عمار جلدة بين عيني وأنفى وفي بعض النسخ جلدة ما بين عيني وأنفي، وهذا أشهر في الرواية في أصول العامة والخاصة، وذلك كناية عن شدة الاتصال والاختصاص. الجلد: قشر البدن، وجمعه الجلود. قال في الصحاح: الجلد واحد الجلود، والجلدة أخص منه (1). ومتن الحديث منتظما: تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. وأما " قال وقت قتلهم اياه اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه " فكلام الراوي نقلا لقول عمار وقع في البين اقحاما. قوله رحمه الله تعالى: عن عاصم بن حميد عن فضيل الرسان الطريق حسن بالفضيل الرسان، وعالي الاسناد في الطبقة الاولى، وأبو داود من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال (2). وسيرد في الكتاب حديثه عن عمران بن حصين: أن رسو ل الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا - يعني أبا بكر وعمر أن يسلما على علي عليه السلام بأمره المؤمنين الحديث. وبريدة الاسلمي أخوه لامه وهو أيضا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام قاله العلامة في الخلاصة (3) وسيرد في الكتاب
________________________________________
1) الصحاح: 1 / 455 2) رجال الشيخ: 32 3) الخلاصة: 27 وفيه بريد الاسلمي (*)
________________________________________
[ 130 ]
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ان الجنة تشتاق إلى ثلاثة قال فجاء أبو بكر، فقيل له: يا أبا بكر أنت الصديق وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار، فلو سألت رسول - من ذي قبل انشاء الله العزيز. وذكر الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بريدة الخصيب الاسلمي الخزاعي وقال: مدني عربي (1). وقيل: بريدة أبو الخصيب. الصواب فيه ضم الحاء وفتح الصاد المهملتين على التصغير كزبير كما في جامع الاصول والقاموس (2) والمغرب، وضبطه المصحفون باعجام الخاء المفتوحة واهمال الصاد المكسورة بعدها ويقال باعجام الضاد. قوله: أنت الصديق بكسر الصاد والدال المشددة المهملتين على فعيل بناء للمبالغة في التصديق. ونحن نقول: يستبين من فزعه وحزنه في الغار، وهو مع النبي الكريم الموعود من السماء بالنصر والتأييد والامن والغلبة، وقوله " ان تصب اليوم ذهب دين الله " أنه كان ضعيف اليقين جدا في الوثوق بالله والتصديق لرسول الله صلى الله عليه وآله، فهو بذلك خارج عن استحقاق اسم التصديق. قوله: وأنت ثاني اثنين إذ هما في الغار بسكون الياء ارتفاعا على الخير، أي أنت أحد اثنين إذ هما في الغار، وأما في التنزيل الكريم فثاني اثنين عبارة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله تعالى " الا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فأنزل الله سكينة عليه وأيده بجنود لم تروها (3) " الضمائر كلها لرسول
________________________________________
1) رجال الشيخ: 35 2) القاموس: 3 / 55 3) سورة التوبة: 40 (*)
________________________________________
[ 131 ]
[... ] - الله صلى الله عليه وآله باتفاق المفسرين. قال في الكشاف: وأسند الاخراج إلى الكفار كما أسند إليهم في قوله " من قريتك التي أخرجتك " لانهم حين هموا باخراجه أذن الله له في الخروج فكأنهم أخرجوه " ثاني اثنين " أحد اثنين، كقوله ثالث ثلاثة، وهما رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وانتصابه على الحال وقرئ ثاني اثنين بالسكون و " إذ هما " بدل من إذ أخرجه، والغار نقب في أعلى ثور، وهو جبل في يمين مكة على مسيرة ساعة مكثا فيه ثلاثا. " إذ يقول " بدل ثان قيل: طلع المشركون فوق الغار فاشفق أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ان تصب اليوم ذهب دين الله، فقال صلى الله عليه وآله: ما ظنك باثنين الله ثالثهما وقيل: لما دخل الغار بعث الله حمامتين فباضتا في أسفله والعنكوب فنسجت عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أعم أبصار هم: فجعلوا يترددون حول الغار ولا يفطنون قد أخذ الله أبصارهم عنه " سكينه " ما ألقي في قلبه من الامنة التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه، والجنود الملائكة يوم بدر والاحزاب وحنين (1). قلت: سياق (2) الاية الكريمة بلسان بلاغتها تنطق بوجوه من الطعن في جلالة أبي بكر: الاول: أن همه وحزنه وفزعه وانزعاجه وقلقه حين إذ هو مع النبي الكريم المأمور من تلقاء ربه الحفيظ الرقيب بالخروج والهجرة، والموعود من السماء على لسان روح القدس الامين بالتأييد والنصرة، مما يكشف عن ضعف يقينه وركاكة ايمانه جدا. الثاني أن انزال الله سكينته عليه صلى الله عليه وآله فقط لاعلي أبي بكر ولا عليهما جمعيا، مع كون أبي بكر أحوج إلى السكينة حينئذ لقلقه وحزنه على أنه لم يكن
________________________________________
1) الكشاف: 2 / 190 2) وفى " س " ساقة آية الكريمة (*).
________________________________________
[ 132 ]
[... ] - أهلا لذلك. وتحامل احتمال أن يرجع الضمير في عليه على أبي بكر كما تجشمه البيضاوي مع أن فيه خرق اتفاق المفسرين وشق عصاهم خلاف ما تتعاطاه قوانين العلوم اللسانية والفنون الادبية، أليس ضمير " أيده " و " عليه " في الجملتين المطوفة والمعطوفة عليها يعودان إلى مفاد واحد، وضمير " وأيده " بجنود لم تروها " في الجملة المعطوفة للنبي صلى الله عليه وآله بلا امتراء، فكذلك ضمير عليه في الجملة المعطوف عليها، أعني " فأنزل الله سكينته عليه ". الثالث: أن أسلوب " إذ يقول لصاحبه لا تحزن " في العبارة عن أبي بكر يضاهى أسلوب " يا صاحبي السجن (1) " في سورة يوسف " فقال لصاحبه وهو يحاوره (2) " في سورة الكهف، فلا تكونن عن ديدن القرآن الحكيم وهجيراه في رموزه وأسراره من الغافلين. ثم انى أقول: يا سبحان الله ما أبعد البون وأبين البعد درجة أبي بكر في اليقين والثقة بالله ورسوله حين كان مع النبي في الغار، وبين درجة مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام ليلة المبيت على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وحده، فاديا اياه بنفسه، باذلا مهجته في سبيل ربه ويقينه وثقته بالله، كجبل راس لا تزلزله الرياح العواصف ولا تزعجه الرماح القواصف، وقد نزل فيه التنزيل الكريم " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد (3) ". قال علامة علماء العامة وامام المتشككين منهم فخر الدين الرازي في التفسير الكبير: في سبب النزول روايات:
________________________________________
1) سورة يوسف: 39 2) سورة الكهف: 34 3) سورة البقرة: 207 (*)
________________________________________
[ 133 ]
الله صلى الله عليه وآله من هؤلاء الثلاثة ؟ قال اني أخاف أن أساله فلا أكون منهم فتعيرني بذلك بنوتيم، قال، ثم جاء عمر، فقيل له: يا أبا حفص ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ان الجنة تشتاق إلى ثلاثة وأنت الفاروق الذي ينطق الملك على لسانك فلو سألت رسول الله - احداها: أنها نزلت في الذين عذبوا في الله عمار وأبويه ياسر وسمية وبلال وصهيب وخباب. والرواية الثانية: أنها نزلت في رجل أمر بمعروف ونهى عن منكر. والرواية الثالثة: أنها نزلت في علي بن ابي طالب رضي الله تعالى عنه بات على فراش رسو ل الله صلى الله عليه وآله ليلة خروجه إلى الغار يروى أنه لما نام على فراشه قام جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجله وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت الاية انتهى كلامه (1). وكذلك في تفسير العلامة الاعرج النيسابوري وفي سائر التفاسير. قوله: فتعيرني بذلك بنوتيم عجبا يابن أبي قحافة جعلت مخافتك الانحطاط عن هذه الدرجة من حيث تعيير بني تيم اياك، لامن حيث ألم الحرمان عنها. قوله: وأنت الفاروق يروون في وجه تسميتهم اياه فاروقا ما تستشم منه رائحة الموضوعية. فلنذكر ما في تفسير البيضاوي في ذلك فعليه يدور كلامهم جيمعا " ألم ترالى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت (2) " عن ابن عباس أن منافقا خاصم يهوديا، فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وآله، ودعاة المنافق إلى كعب بن الاشرف، ثم احتكما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحكم لليهودي فلم يرض المنافق وقال: تعال نتحاكم إلى عمر فقال اليهودي لعمر:
________________________________________
1) التفسير الكبير: 5 / 204 وهو من المتفق عليه عند الخاصة والعامة. 2) سورة النساء: 60 (*)
________________________________________
[ 134 ]
[... ] - قضي لي رسول الله فلم يرض بقضائه وخاصم اليك فقال عمر للمنافق: أكذلك ؟ قال: نعم، فقال: مكانكما حتى أخرج اليكما، فدخل عمر فأخذ بسيفه ثم خرج فضرب به عنق المنافق حتى برد وقال، هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله فنزلت وقال جبرئيل عليه السلام: ان عمر فرق بين الحق والباطل فسمي الفاروق. والطاغوت على هذا كعب بن الاشرف، وفي معناه من يحكم بالباطل ويؤثر لاجله سمي بذلك لفرط طغيانه أو لتشبيه بالشيطان، أو لا ن التحكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث أنه الحامل عليه كما قال " وقد امروا أن يكفروا وبه ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا " وقرئ أن يكفروا بها على أن الطاغوت جمع لقوله " أولياءهم الطاغوت يخرجونهم ". " واذ قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول " وقرئ تعالوا بضم اللام على أنه حذف لام الفعل اعتباطا، ثم ضم اللام لواو الضمير " رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا " وهو مصدر أو اسم للمصدر الذي هو الصد، والفرق بينه وبين السد أنه غير محسوس والسد محسوس، ويصدون في موضع الحال. فكيف يكون حالهم " إذا أصابتهم مصيبة " كقتل عمر المنافق أو النقمة من الله " بما قدمت أيديهم " من التحاكم إلى غيرك وعدم الرضا بحكمك " ثم جاؤك " حين يصابون للاعتذار، عطف على أصابتهم وقيل: على يصدون وما بينهما اعتراض، " يحلفون بالله " حال " ان أردنا الا احسانا وتوفيقا " ما أردنا الا الفصل بالوجه الاحسن والتوفيق بين الخمصين ولم نرد مخالفتك، وقيل: جاء أصحاب القتيل طالبين بدمه وقالوا: ما أردنا بالتحكم إلى عمر الا أن يحسن إلى صاحبنا ويوفق بينه خمصه انتهي (1). قلت: يا قوم أليس ما قدمت أيديهم الذي جائوا أصحاب القتيل للاعتذار عنه
________________________________________
1) نقل القصة بتمامه الزمخشري في الكشاف مع تفاوت يسير: 1 / 536 (*)
________________________________________
[ 135 ]
[... ] - وهو التحاكم إلى عمر باعترافكم هو التحاكم إلى الطاغوت الذي عليه المعاتبة في الاية الكريمة، وعنه اعتذروا أصحاب القتيل الطالبون بدمه بأنه انما أرادوا بذلك الاصلاح والتوفيق بين الخصمين، لا القضاء والحكم لمن له الحق على خصمه، والعدول عن رسول الله بالتحاكم إليه حتى يستحق القتل ويكون دمه هدرا. فكيف يستقيم قولكم ؟ والطاغوت على هذا كعب بن الاشرف بل المستبين على هذا أن يكون الطاغوت ها هنا هو عمر أو عمرو كعب بن الاشرف جميعا. وبالجملة كل من يراد أن يتحاكم إليه لا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فليس يصح لكم في التوجيه الا أن تقولوا سمي عمر بذلك (كما سمى به كعب بن الاشرف على المجاز المرسل) لان التحاكم لايه كان تحاكما إلى الطاغوت، أي الشيطان، لان الشيطان كان الحامل عليه، أو لما كان فيه من الفظاظة والغلظة فسمي ذلك " طغيانا " والفظ الغليظ " طاغوتا " وإذا كان الطاغوت جمعا كما قلتم وهو الصواب لقوله سبحانه " أوليائهم الطاغوت " فلا يصح حمله على كعب بن الاشرف فقط. فاذن ما أسندتموه إلى جبرئيل عليه السلام من القول وجعلتموه سببا لتسميتكم عمر ب‍ " الفاروق " غير مناسب لمشرع المقام ومنهل البلاغة. ثم أقول: قد روى مفسر وكم ومحدثو كم أن قوله سبحانه وتعالى " يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم (1) " نزل في عمر فحديث التهوك في ذلك مستفيض مشهور متلون المتن متشعب الطريق في أصولكم الصحاح وشرحه شراح الحديث من علمائكم. قال صاحب الكشاف في الفائق: النبي صلى الله عليه وآله قال له عمر: انا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها فقال: أمتهو كون أنتم ؟ كما تهوكت اليهود
________________________________________
1) سورة البقرة: 208 - 209 (*)
________________________________________
[ 136 ]
[... ] - والنصارى، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه الا اتباعي. تهوك وتهور أخوان في معنى وقع في الامر بغير روية، قال الاصمعي: المتهوك الذي يقع في كل أمر وأنشد الكسائي: رآني امروءا لا هذرة متهوكا ولا واهنا شراب ماء المظالم وقيل: التهوك والتهفك: الاضطراب في القول وأن لا يكون على استقامة، الضمير في بها للملة الحنفية. انتهى كلام الفايق (1). وقال ابن الاثير في النهاية: في الحديث أنه صلى الله عليه وآله قال لعمر في كلام: أمتهو كون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى لقد جئت بها بيضاء نقية، التهوك كالتهور وهو الوقوع في الامر بغير رؤية، والمتهوك الذي يقع في كل أمر وقيل: هو المتحير، وفي حديث آخر أن عمر أتاه بصحيفة أخذها من بعض أهل الكتاب فغضب وقال: أمتهو كون فيها يابن الخطاب. انتهى ما في النهاية (2). وأيضا اعتراض عمر على النبي صلى الله عليه وآله يوم الحديبية وشكه في الامر وقوله: ما شككت في ديني منذ أسلمت الا يومي هذا (3). من الصحيح الثابت في صحاحكم الستة، وكذلك خطأه في كثير من أقضيته وأحكامه في زمن خلافته، فهو ليس يستحق اسم الفاروق. بل أن الصديق الاكبر والفاروق الاعظم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي هو ديان هذه الامة بعد نبيها، أي قاضيها، ورباني هذه الامة، وذوقرنيها، وباب حطة هذه الامة، وأقضى الناس في هذه الامة، ومثله في الناس كمثل قل هو الله أحد في القرآن، وهو مع الحق والحق معه يدور معه حيث ما دار، وقد صح وثبت
________________________________________
1) الفائق: 4 / 116 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 282 3) رواه مسلم في صحيحه: 3 / 1411 والسيد بن طاوس في الطرائف: 441 (*).
________________________________________
[ 137 ]
من هؤلاء الثلاثة ؟ فقال اني أخاف أن أساله فلا أكون منهم فتعيرني بذلك بنو عدي ثم جاء على عليه السلام فقيل له: يا أبا الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ان الجنة مشتاق إلى ثلاثة فلو سألته من هؤلاء الثلاثة ؟ فقال أسأله ان كنت منهم حمدت الله وان لم أكن منهم حمدت الله، قال، فقال علي عليه السلام يا رسول الله انك قلت ان الجنة لتشتاق إلى ثلاثة فمن هؤلاء الثلاثة ؟ قال: أنت منهم وأنت أولهم، وسلمان الفارسي فانه قليل الكبر وهو لك ناصح فاتخذه لنفسك، وعمار بن ياسر شهد معك مشاهد غير واحدة ليس منها الا وهو فيها، كثير خيره، ضوي نوره، عظيم أجره. - واستبان واستفاض جميع ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله برواية أثبته الثقاة عند العامة والخاصة (1)، وسيان في الاعتراف بذلك كله والعدو والولي واللاج الجدلي والمتقن المبتغى لسواء السبيل فليتبصر. قوله: فتعيرني بذلك بنوا عدى اقتدى بأبي بكر في مخافة التعيير وعدم الاكتراث للانحطاط عن هذه الدرجة. قوله صلى الله عليه وآله: أنت منهم وأنت أولهم وفي المشكاة وصحيح الترمذي وغيرهما من صحاح العامة وأصولهم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي وعمار وسلمان (2). قوله: ضوى نوره بتشديد الياء، وأصله ضوئ بالهمزة على فعيل للمبالغة من الضوء والضياء، قلبت الهمزة ياءا وادغمت الياء، في الياء كما تقلب وتدغم همزة الملي بعمنى الغني المقتدر على فعيل من الملاءة، فيقال: ملي بتشديد الياء. وفي بعض النسخ " وضئ " بتقديم الواو على الضاد اما نقلا مكانيا فيكون أيضا
________________________________________
1) روى جميع ذلك عن طرق مختلفة في احقاق الحق المجلد الرابع إلى السابع فراجع. 2) رواه الحاكم في المستدرك: 3 / 137 وابن الاثير في أسد الغابة: 2 / 330 والذهبي في ميزان الاعتدال: 1 / 116 وابن حجر في الصواعق المحرقة: 75 (*)
________________________________________
[ 138 ]
59 - محمد بن مسعود، قال حدثني جعفر بن أحمد، قال حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري والعمركي بن علي البوفكي النيسابوري، عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وعمار يعملون مسجدا فمر عثمان في بزة له يخطر فقال له امير المؤمنين عليه السلام: أرجزبه فقال عمار: - فعيلا من الضوء، واما على أنه فعيل من الوضاءة وهي الحسن والبهجة والبهاء والنضرة. وفي النهاية الاثيرية: الوضاءة الحسن والبهجة، يقال وضأت فهي وضيئة، وهي أوضأ منك، أي أحسن (1). وفي المغرب: الوضئ الحسن النظيف، وقد وضأ وضاءة وتوضأ وضوءا حسنا بوضوء طاهر، بالضم المصدر، وبالفتح الماء الذي يتوضأ به، والميضأة والميضاءة على مفعلة ومفعالة المطهرة التي يتوضأ فيها أو منها. قوله رحمه الله: حمدان بن سليمان النيسابوري والعمركي بن على البوفكى السند جليل جدا، وعالي الاسناد في الطبقة الثانية، وصحي بيونس بن عبد الرحمن عن رجل، وان كان المرسل عن رجل هو علي بن عقبة، لا يونس بن عبد الرحمن فليعلم. قوله عليه السلام: فمر عثمان في بزة له يخطر بكسر الموحدة وتشديد الزاء، أي في ثوب تجمل، يقال: خرجوا وعليهم الخزوز والبزوز أي الثياب الجياد قاله في الاساس (2). وقال في المغرب: البزة بالهاء وكسر الباء الهيئة من قولهم رجل حسن البزة
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير: 5 / 195 2) أساس البلاغة: 38 (*)
________________________________________
[ 139 ]
لا يستوى من يعمر المساجد * يظل فيها راكعا وساجدا ومن تراه عاندا معاندا * عن العباد لا يزال حائدا وقيل: هي الثياب والسلاح. وفي القاموس: البز الثياب، أو متاع البيت من الثياب ونحوها، وبايعه البزاز وحرفته البزازة والسلاح كالبزة بالكسر (1). و " يخطر " بفتح ياء المضارعة وكسر الطاء المهملة بعد الخاء المعجمة، أي يهتز ويرفع يديه في مشيته، وناقة خطارة تحرك ذنبها إذا نشطت في السير قاله في الاساس والقاموس وغيرهما (2). وفي الصحاح: خطران الرجل اهتزازه في المشي وتبختره، وخطر الرمح يخطر اهتز، ورمح خطار ذو اهتزاز، ويقال: خطران الرمح ارتفاعه وانخفاضه (3). قوله رضى الله تعالى عنه: يظل فيها راكعا وساجدا ظل يفعل كذا يظل بالكسر في الماضي والفتح في المضارع من باب علم. قال في القاموس: ظل نهاره يغعل كذا وليله سمع في الشعر يظل بالفتح ظلا وظلولا وظللت بالكسر وظلت كلست وظلت كملت، وأصله ظللت (4). وفي الصحاح: ومنه قوله تعالى " فظلتم تفكهون " يكسر ويفتح وأصله وظللتم تفكهون، فهو من شواذ التخفيف ومنه قولهم: مست الشئ يحذفون منه السين الاولى ويحولون كسرتها إلى الميم، ومنهم من يذر الميم على حالها مفتوحة (5).
________________________________________
1) القاموس: 2 / 166 2) اساس البلاغة: 168 والقاموس: 2 / 22 3) الصحاح: 2 / 648 4) القاموس: 4 / 10 5) الصحاح: 5 / 1756 (*)
________________________________________
[ 140 ]
قال، فأتي النبي صلى الله عليه وآله فقال ما أسلمنا لتشتم أعراضنا وأنفسنا ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أفتحب أن تقال ؟ فنزلت آيتان " ينمون عليك أن أسلموا " الاية، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: اكتب هذا في صاحبك: ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: اكتب هذه الاية: انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله. 60 - جعفر بن معروف، قال حدثنا الحسن بن علي بن نعمان، عن أبيه، عن صالح الحذاء، قال لما أمر النبي صلى الله عليه وآله ببناء المسجد قسم عليهم المواضع وضم الى كل رجل رجلا، فضم عمارا إلى علي عليه السلام قال فبيناهم في علاج البناء إذ خرج عثمان من داره وارتفع الغبار فتمنع بثوبه وعرض بوجهه، قال، فقال على عليه السلام لعمار إذا قلت شيئا فرد علي قال، فقال على عليه السلام: لا يستوى من يعمر المساجد * يظل فيها راكعا وساجدا كمن يري عن الطريق عائدا. - قوله صلى الله عليه وآله: أفتحب أن تقال أي أن تذكر عند الناس بهذه المقالة وينسب اليك هذا القول، أو أن تكون مكتوبا عند الله بها وتكتبها الكتبة عليك وتثبتها في صحيفة عملك. قوله صلى الله عليه وآله: اكتب هذا في صاحبك أي في عمار، وهذا اشارة إلى ما أمر بكتبته وهو " انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله (1) " أوفي عثمان فيكون هذا اشارة إلى " يمنون عليك أن أسلموا (2) " والمعنى: اكتب يمنون عليك أن أسلموا في عثمان وانما المؤمنون الذين آمنوا في عمار. قوله عليه السلام: فتمنع بثوبه أي تأبه وتعزز، وتفعلا من المنعة بالتحريك، أو بالتسكين أيضا بمعنى العز،
________________________________________
1) سورة الحجرات: 15 2) سورة الحجرات: 17 (*)
________________________________________
[ 141 ]
قال: فأجابه عمار كما قال: فغضب عثمان من ذلك فلم يستطيع أن يقول لعلي شيئا. فقال لعمار يا عبد يا لكع ! ومضى. فقال علي عليه السلام لعمار رضيت بما قال لك، ألا تأتي النبي صلى الله عليه وآله فتخبره، قال، فأتاه فأخبره، فقال يا نبي الله ان عثمان قال لي يا عبد يالكع، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من يعلم ذلك ؟ فقال علي. فدعاه وسأله، قال، فقال له كما قال عمار، فقال لعلي عليه السلام فقال له حيث ماكان يا عبد يا لكع أنت القائل لعمار يا عبديالكع، فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك ثم انصرف. 61 - جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسن، عن جعفر بن بشير، عن حسين بن أبي حمزة، عن أبيه أبي حمزة، قال والله انى لعلى ظهر بعيري بالبقيع إذ جاءني رسول فقال: أجب يا أبا حمزة، فجئت وأبو عبد الله عليه السلام جالس، فقال انى لاستريح إذا رأيتك، ثم قال: ان أقواما يزعمون أن عليا عليه السلام - و " عرض بوجهه " بالتشديد، أي أعرض على التفعيل بمعنى الافعال، وفي بعض النسخ " أعرض ". قوله عليه السلام: فقال لعمار: يا عبد يالكع في الصحاح: رجل لكع أي لئيم، ويقال: هو العبد الذليل النفس، وامرأة لكاع مثل قطام، تقول في النداء: يالكع للاثنين يا ذوي لكع (1). قوله رحمه الله تعالى: جعفر بن معروف قال: حدثنى السند صحيح نقي، ومحمد بن الحسن هو ابن أبي الخطاب، وجعفر بن بشير هو قفة العلم، وحسين بن أبي حمزة هو ابن أبي حمزة الثمالي، عن أبيه أبي حمزة ثابت بن دينار أبي صفية. قوله عليه السلام: ان أقواما يزعمون يعني عليه السلام بهم الزيد ية المشرطين في الامامة الخروج بالسيف.
________________________________________
1) الصحاح: 3 / 1280 (*)
________________________________________
[ 142 ]
لم يكن اماما حتى شهر سيفه، خاب إذا عمار وخزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة، وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم فرماها قربي يتقرب بها إلى الله تعالى حتى قتل، يعني عمارا. - قوله عليه السلام: حتى شهر سيفه في الصحاح وغيره: شهر سيفه يشهره شهرا: أي سله (1). وفي المغرب: أشهره بمعنى شهره غير ثبت. قوله عليه السلام: خاب اذن عمار خزيمة بن ثابت وصاحبك أبو عمرة وكذلك أبو ذر وسلمان والمقداد وحذيفة وغيرهم من السابقين، إذ كان علي عليه السلام امامهم حين إذ لم يشهر سيفه. قوله عليه السلام: وقد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم أي قائما واقفا ثابتا للقتال، من الصوم بمعنى القيام والوقوف يقال: صام الفرس صوما أي قام غير اعتلاف، وصام النهار صوما إذا قام قائم الظهيرة واعتدل، والصوم ركود الريح، ومصام الفرس ومصامته موقفه. والصوم أيضا الثبات والدوام والسكون والسكوت وماء صائم ودائم وقائم وساكن بمعنى. والباء في بأسهم للملابسة والمصاحبة. أو خرج بين الفئتين وكان صائما من الصوم المصطلح بمعنى الصيام الشرعي، والباء أيضا للملابسة. أو من الصوم بمعنى البيعة، أي خرج مبايعا على بذل المهجة في سبيل الله، أو خرج بين صفي الفئتين راميا بأسهم، من قولهم صام النعام أي رمى بذرقه وهو صومه، فالباء أيضا للصلة أو للدعامة، فقد جاء الصوم بهذه المعاني كلها في الصحاح وأساس البلاغة والمعرب والمغرب والقاموس والنهاية (2).
________________________________________
1) الصحاح: 2 / 705 2) أساس البلاغة: 365 ونهاية ابن الاثير: 3 / 61 (*)
________________________________________
[ 143 ]
62 - ومن طريق العامة: خلف بن محمد الملقب بمنان الكشي، قال حدثنا محمد بن حميد، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان، عن سلمة، عن مجاهد، قال رآهم وهم يحملون حجارة المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، وذاك دار الاشقياء الفجار. 63 - خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد بن حميد، قال حدثنا هاشم بن القاسم، قال حدثنا شعبة، عن اسماعيل بن أبي خالد، قال سمعت قيس بن أبي حازم، قال، قال عمار بن ياسر: ادفنوني في ثيابي فاني مخاصم. 64 - خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد بن حميد قال أخبرنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان، عن حبيب، عن أبي البختري، قال: أتي عمار يومئذ بلبن، فضحك، - قوله: رآهم يعني رآهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يحملون حجارة المسجد فأعجبه اهتراز عمار واخلاصه في العمل، فكأنه صلى الله عليه وآله استذكر ماكان يعلمه بالوحي من أمر الخلافة بعده وما يصيب عمارا في قتال الفئة الباغية فاستحضر الحال فقال: مالهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، يعني بهم الفئة الباغية من القاسطين. قوله رحمه الله تعالى: عن حبيب قال أبو عبد الله الذهبي من علماء العامة في ميزان الاعتدال: حبيب بن أبي ثابت من ثقاة التابعين. وقال في مختصرة في الرجال: حبيب بن أبي ثابت الاسدي عن ابن عباس وزيد بن أرقم، وعنه شعبة وسفيان وأمم، كان ثقة مجتهدا فقيها مات 119. قوله رحمه الله تعالى: عن أبي البخترى اسمه سعيد بن فيروز على الاشهر، ذكره البرقي في أصحاب على عليه السلام من
________________________________________
[ 144 ]
ثم قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن حتى تموت. - اليمن (1) ونقله عنه في الخلاصة (2). وقال الشيخ في كتاب الرجال في باب السين المهملة من أسماء من روى عن أمير المؤمنين عليه السلام: سعد بن عمران ويقال سعد بن فيروز كوفي مولى، كان خرج يوم الجماجم مع ابن الاشعث يكني أبا البختري (3). وقال أبو عبد الله الذهبي: أبوالبختري بفتح الموحدة والمثناة من فوق بينهما معجمة ساكنة سعيد بن فيروز الطائي مولاهم الكوفي، قال: حبيب بن أبي ثابت كان أعلمنا وأفهمنا توفى 83. قوله صلى الله عليه وآله: مذقة من لبن الميم فيها أصلية من جوهر الكلمة مضمومة أو مفتوحة، على فعلة بالضم أو على فعلة بالفتح، من المذق بمعنى الخلط والمزج واللبن الممذوق هو الممزوج المخلوط بالماء، والممذوق ممتزج المختلط. قال في الفائق: المذقة الشربة من اللبن الممذوق وقال: أمذقه اللبن اختلط بالماء، ومنه رجل الممذق المتزج المختلط. وقال في أساس البلاغة: مذق اللبن بالماء يمذقه ومذق الشراب مزجه فأكثر ماءه ولبن مذيق وسقاني مذقا ومذقة قال أعرابي: أذا ما أصبنا كل يوم مذيقة * وخمس تميرات صغار خوانز فنحن ملوك الارض خصبا ونعمة * ونحن اسود الغيل عند الهزاهز
________________________________________
1) رجال البرقى: 7 ط جامعة طهران 2) الخلاصة: 194 والظاهر منها التعدد بين أبى البخترى وسعيد بن فيروز 3) رجال الشيخ: 43 4) الفائق: 3 / 354 وفيه: أمذقر اللبن: اختلط بالماء، ومنه رجل ممذقر: مخلوط النسب (*)
________________________________________
[ 145 ]
وفي خبر آخر: أنه قال له: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن. 65 - خلف بن محمد، قال حدثنا عبيد، قال حدثنا أبو نعيم، قال حدثنا سفيان عن أبي قيس الاودي، عن الهزيل، قال للنبي صلي الله عليه وآله ان عمارا سقط عليه جدار ومن المجاز: فلان يمذق الود ووده ممذوق وهو ممذوق الود (1). وفي النهاية الاثيرية: المذق المزج والخلط، يقال، مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء والمذقة الشربة من اللبن الممذوق انتهى (2). وفى القاصرين من يحسب الميم زائدة، والصيغة مأخوذة من ذاق الشئ يذوقه ذوقا ومذاقا، وذلك حسبان فاسد فساده غير خاف على المتمهر. قوله صلى الله عليه وآله: في خبر آخر ضياح من لبن بفتح الضاد المعجمة والياء المثناة من تحت واهمال الحاء بعد الالف، وهو اللبن الرقيق الممزوج، وكذلك الضيح بالفتح، وضيحت اللبن تضييحا وضوحته تضويحا مزجته بالماء حتى صار ضيحا وضياحا، وضيحت فلانا وضوحه سقيته الضيح والضياح. قوله رحمه الله تعالى: عن ابى قيس الاودى عن الهزيل: بضم الهاء وفتح الزاء على تصغير الهزل. قال الذهبي في مختصره: عبد الرحمن بن ثروان أبو قيس الاودي عن شريح وسويد بن غفلة وعنه صفوان وشعبة ثقة توفى 125. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هزيل هو هزيل بن شرحبيل الاودي الكوفي سمع عبد الله بن مسعود، روى عنه أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان وطلحة بن مصرف وغيرهما، هزيل بضم الهاء وفتح الزاء. وشرحبيل بضم الشين المعجمة
________________________________________
1) أساس البلاغة: 586 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 311 (*)
________________________________________
[ 146 ]
فمات، فقال ان عمارا لن يموت. 66 - خلف، قال حدثنا فتح بن عمرو الوارق، قال حدثنا يحيى بن آدم، قال حدثنا اسرائيل وسفيان، عن أبي اسحاق، وفتح الراء. وثروان بفتح الثاء المثلثة وبالنون ومصرف بضم الميم وفتح الصاد المهملة وتشديد الراء المكسورة. وفي القاموس: هزيل كزبير ابن شرحبيل تابعي (1). قوله صلى الله عليه واله: ان عمارا لن يموت يعني عمارا لا يموت بل يقتل في سبيل الله تقتله الفئة الباغية، أو أنه لن يموت أبدا لقوله سبحانه " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله " (2). قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثنا اسرائيل في مختصر الذهبي وفي ميزان الاعتدال: اسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي أحد الاعلام، عن جده وزياد بن علاقة وآدم بن علي، وعنه يحيى بن آدم ومحمد بن كثير وأمم، قال: أحفظ حديث أبي اسحاق كما أحفظ سورة من القرآن، وقال أحمد بن حنبل: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق من أتقن أصحاب أبي اسحاق توفى 162. قوله رحمه الله تعالى: عن أبى اسحاق هذا هو أبو إسحاق السبيعي اسمه عمرو بن عبد الله يروي عنه سفيان. قال الكرماني في شرح صحيح البخاري: عمرو بن عبد الله بفتح المهملة الكوفي (3).
________________________________________
1) القاموس: 4 / 69 2) سورة آل عمران: 169 3) شرح صحيح البخاري للكرماني: 25 / 184 (*)
________________________________________
[ 147 ]
عن هاني بن هاني، قال: قال علي عليه السلام استاذن عمار النبي صلى الله عليه وآله فعرف صوته - وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي رأى عليا وابن عباس واسامة بن زيد وابن عمر، وسمع برآء بن عازب وزيد بن أرقم، روى عنه منصور والاعمش وشعبة والثوري، وهو تابعي مشهور كثير الرواية، ولد لستين من خلافة عثمان ومات سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: سنة سبع وعشرين، السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة وبالعين المهملة. وفى القاموس: السبيع كامير ابن سبع أبو بطن من همدان، منهم الامام أبو اسحاق عمرو بن عبد الله محلة بالكوفة منسوبة إليهم أيضا (1). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب الكنى من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو إسحاق الهمداني (2). وفي باب الكنى من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قال: أبو إسحاق الهمداني، أبو إسحاق السبيعي (3). قلت: والظاهر المستبين أنهما واحد. وفي باب العين من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: عمر بن عبد الله بن علي أبو إسحاق الهمداني السبيعي الكوفي (4). قلت: ولعل اسقاط الواو من عمرو من تلقاء الناسخين لامن تلقاء الناسخين لامن قلم الشيخ. قوله رحمه الله تعالى: عن هاني بن هاني عده البرقي من أصحاب أمير المؤمنين من اليمن (5).
________________________________________
1) القاموس: 3 / 36 2 رجال الشيخ: 64 3) المصدر: 71 4) المصدر: 246 وفيه عمرو بن عبد الله الخ 5) رجال البرقى: 7 (*)
________________________________________
[ 148 ]
[... ] - وكذلك ذكره الشيخ في كتاب الرجال قال في باب الهاء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: هاني بن هاني الهمداني كان يروي أبو إسحاق عنه (1). يعني به أبا اسحاق السبيعي (2). وقال الحسن بن داود في كتابه: وبخط الشيخ المرداي كان أبو إسحاق يروي عنه (3). وربما ينقل ايراده في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام، ولست أجده هناك في نسخ عتيقة مصححة. قال الذهبي في مختصره: هاني بن هاني عن علي، وعنه أبو إسحاق، قال النسائي: ليس به بأس. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هاني بن نيار هو أبو بردة هاني بن نيار وقيل: هاني بن عمرو نيار وقيل: اسمه الحارث بن عمرو، وقيل: مالك بن هبيرة، والاول أشهر ما قيل فيه فهو هاني بن نيار بن عمرو بن كلاب بن غنم بن هبيرة بن هاني البلوي (4)، وفي نسبه خلاف، حليف بني حارثة بن خزرج من الانصار، كان عقبيا شهد العقبة الثانية مع السبعين وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد وهو خال البراء بن عازب، ولا عقب له مات في أول زمن معاوية بعد شهوده مع علي حروبه كلها، روى عنه البراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن أبي بكر بن أبي الجهم. بردة بضم الباء الموحدة وسكون الراء، وهاني بكسر النون وبعدها همزة، ونيار بكسر النون وتخفيف الياء بعدها تحتها نقطتان وبالراء انتهى كلام جامع الاصول.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 62 وفيه المرادي مكان الهمداني 2) رد على من زعم انه أبو إسحاق النحوي ثعلبة بن ميمون 3) رجال ابن داود: 366 4) قال في القاموس: اليلي قبيلة وهو بلوى " منه " 4 / 305 (*)
________________________________________
[ 149 ]
فقال: مرحبا ائذنوا للطيب ابن الطيب. 67 - خلف، قال حدثنا حاتم بن نصير، قال حدثنا حاتم بن يونس، عن أبي بكر، قال حدثنا أبو إسحاق، عن هاني بن هاني، عن على عليه السلام قال استأذن عمار على النبي صلى الله عليه وآله فقال من هذا ؟ قال عمار قال: مرحبا بالطيب المطيب. 68 - خلف قال حدثنا حاتم، قال سمعت أحمد بن يونس، قال سمعت أبا بكر بن عياش، في قوله عزوجل " أمن هو قانت آناء الليل (قال ساعات الليل) ساجدا وقائما يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه (قال: عمار) هل يستوي الذين يعلمون (قال: عمار) والذين لا يعلمون " مواليه بنو المغيرة. 69 - خلف، قال حدثنا حاتم، قال حدثنا عمرو بن مرزوق، قا ل حدثنا شعبة، قال - قلت: يستبين من ذلك أن هاني بن هاني هو أبو بردة هاني بن نيار. وذكره الشيخ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله (1). ويسار في اسم أبيه بالمهملة بعد المثناة من تحت على ما في نسخ عديدة من كتاب الرجال تصحيف، وجده الاقدم هاني فنسب إليه فقيل هاني بن هاني فاعلم فلا تكونن من الغافلين. وقال الشيخ في باب الكنى: أبو بردة الازدي (2). وفي مختصر الذهبي: أبو بردة بن نيار البلوي هاني، ويقال الحارث، وقيل: مالك، من كبار الصحابة، روى عنه براء وجابر، مات عام الجماعة. قوله صلى الله عليه وآله: مرحبا ائذنوا للطيب بن الطيب وفي المشكاة عن علي عليه السلام قال: استأذن عمار علي النبي صلى الله عليه وآله فقال: ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب رواه الترمذي (3).
________________________________________
1) رجال الشيخ: 31 وفيه هاني بن يسار أبو بردة. 2) المصدر: 63 3) رواه ابن الاثير عن الترمذي في جامع الاصول: 10 / 28 (*)
________________________________________
[ 150 ]
حدثنا سلمة بن كهيل، قال سمعت محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن ابن زيد، عن الاشتر، قال كان بين عمار وخالد بن الوليد كلام فشكي خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انه من يعادي عمارا يعاديه الله ومن يبغض عمارا يبغضه الله ومن سبه سبه الله. قال سلمة: هذا أو نحوه. 70 - خلف، قال حدثنا أبو حاتم، قال حدثنا أحمد بن يونس، قال حدثنا الليث بن سعد، عن عمر مولى غفرة، قال: حبس عمار فيمن حبس وعذب، قال - قوله رحمه الله تعالى: قال: حدثنا سلمة بن كهيل أورده البرقي في خواص أمير المؤمنين عليه السلام من مضر (1)، وذكره الشيخ في أصحابه عليه السلام، وفي أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهما السلام، وقال: سلمة بن كهيل بن الحصين أبويحيى الحضرمي الكوفي تابعي (2). وسيرد ذكره في الكتاب في عداد البترية. قال الذهبي في مختصره: سلمة بن كهيل أبويحيى الحضرمي من علماء الكوفة رأى زيد بن أرقم، وعنه سفيان وشعبة، ثقة له مائتا حديث خمسون حديثا. قوله: فشكى خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وفي المشكاة عن خالد بن الوليد قال: كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول، فانطلق عمار يشكوني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فرفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه، وقال: من عادا عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله. قوله: قال: حدثنا الليث بن سعد عن عمرو مولى غفرة في مختصر الذهبي: الليث بن سعد أبو الحارث الامام ثبت من نظراء مالك وفيه عمر بن عبد الله مولى غفرة يقال: أدرك ابن عباس وسمع أنسا، وثقه ابن سعد، وضعفه النسائي.
________________________________________
1) رجال البرقى: 4 2) رجال الشيخ: 43 و 91 و 124 و 211 على ترتيب المتن. (*)
________________________________________
[ 151 ]
فانفلت فيمن انفلت من الناس فقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أفلح أبو اليقظان ! قال ما أفلح ولا أنجح لفتنة لانهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك، - قوله: فانفلت فيمن انفلت قال في المغرب: الانفلات خروج الشئ فلتة أي بغتة، وكذا الافلات والتفلت، ومنه الدابة إذا فلتت من المشرك وليس لها سائق ولا قائد: أي خرجت من يده ونفرت، وروي انفلتت وأجبر القصار إذا انفلتت منه المدقة أي خرجت من يده. قوله رضى الله تعالى عنه: ما أفلح ولا أنجح لفتنته الفلح محركة الفلاح والفوز والنجاة والبقاء في الخير، والنجاح بالفتح والنجح بالضم الفوز والظفر بالشئ، وأفلح فلان وانجح صار ذا فلاح وذا نجح. يعني فتنة التي ألمت به وفدحته من تعذيب المشركين اياه فوق الطاقة حجزته وأبعدته عن أن يفلح وينجح. وفي بعض النسخ " لنفسه " (1) مكان لفتنته، أي لم يدخل في فلاح ونجاح لنفسه بما أصابته من داهية تعذيب المشركين اياه للاتيان بكلمة الكفر. قوله رضى الله تعالى عنه: لانهم لا يزالون يعذبونه حتى نال منك من النيل فانه إذا استعمل بمن كان بمعنى الاضرار والشتم، أي حتى وقع فيك وعابك وسبك. قال في المغرب، ونال من عدوه أضربه ومنه قوله تعالى " لا ينالون من عدو نيلا " (2) وباسم الفاعلة منه سميت نايله بنت الفرافصة الكلبية، تزوجها عثمان على نسائه وهي نصرانية.
________________________________________
1) كما في المطبوع من الرجال 2) سورة التوبة: 120 (*)
________________________________________
[ 152 ]
قال ان سألوا من ذاك فزد. - وفي الاساس: نال من عدوه ونيل فلان قتل (1). وفي القاموس: ونال من عرضه سبه (2). ومن هناك قال في الفائق في و - ذ: بينا هو يخطب ذات يوم - يعني عثمان - فقام رجل فنال منه، فوذأه ابن سلام فاتذأ فقال له رجل: لا يمنعك مكان ابن سلام أن تسب نعثلا فانه من شيعته، وذاءه: زجره، واتذأ مطاوعه. كان يشبه عثمان برجل من أهل مصر اسمه نعثل لطول لحيتة. وقيل: من أهل اصبهان، والنعثل الضبعان والشيخ الاحمق (3). وفي المغرب: نعثل اسم رجل من مصر أو من اصبهان كان طويل اللحية فكان عثمان إذا نيل منه شبه بذلك الرجل لطول لحيته. وقال ابن الاثير في النهاية: كان أعداء عثمان يسمونه نعثلا تشبيها برجل من مصر كان طويل الليحة اسمه نعثل، وقيل: النعثل الاحمق، وذكر الضباع، ومنه حديث عائشة اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا تعني عثمان، وهذا كان منها لما غاضبته وذهبت إلى مكة انتهى كلامه (4). قوله صلى الله عليه وآله: ان سألوا من ذاك فزد وفي نسخة من ذلك فزدهم. يعني لا عليك مما صدر منك من غير اختيارك من شئ أصلا، فان لحمك ودمك مسوط بالايقان، وصدرك وقلبك منشرح بالايمان، فان عادوا إلى تعذيبك وسألوك شيئا من ذاك وعذبوك في ذلك فزدهم منه ولا تبال، فنكال ذلك ووباله عليهم لا عليك، وانما أنت مفلح بايمانك منجح بايقانك، فيا طوبى
________________________________________
1) أساس البلاغة: 662 2) القاموس: 4 / 62 3) الفائق: 4 / 52 4) نهاية ابن الاثير: 5 / 80 (*)
________________________________________
[ 153 ]
71 - خلف، قال حدثنا الفتح بن عمرو الوراق، قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب: قال أخبرني أسود بن مسعدة، عن حنظلة بن خويلد العنزي، قال: اني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول - لعمار قال له النبي الكريم: أفلح أبو اليقظان ونزل فيه التنزيل الحكيم " وقلبه مطمئن بالايمان " (1). قال في الكشاف: روي أن ناسا من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الاسلام بعد دخولهم فيه، وكان فيهم من أكره فاجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للايمان منهم عمار وأبواه ياسر وسمية وصهيب وبلال وخباب وسالم عذبوا، فأما سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجأ في قبلها بحربة وقالوا انك أسلمت من أجل الرجال فقتلت وقتل ياسروهما أول قتيلين في الاسلام، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها فقيل: يا رسول الله ان عمارأ كفر ؟ فقال: كلا ان عمارا ملئ ايمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الايمان بلحمه ودمه، فأتي عمار رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح عينيه فقال: مالك ان عادوا فعد بما قلت انتهى ما في الكشاف (2). قوله: أخبرنا العوام بن حوشب في مختصر الذهبي: العوام بن حوشب الواسطي أحد الاعلام، عن ابراهيم ومجاهد، وعنه شعبه ويزيد بن هارون وخلق وثقوه، له نحو مأتي حديث توفى 148 قوله: العنزي (3) في جامع الاصول: الحزي بفتح العين وفتح النون وبالزاء منسوب إلى عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، واسم عنزة عامر النعزي مثل الذي قبله الا أن نونه ساكنة منسوب إلى عنز بن وائل بن قاسط، وقد تقدم باقي النسب في العجلي.
________________________________________
1) سورة النحل: 106 2) الكشاف: 2 / 430 3) وفي المطبوع من الرجال بجامعة مشهد: العنبري (*).
________________________________________
[ 154 ]
كل واحد منهما أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: - قوله: فقال عبد الله بن عمرو في جامع الاصول: هو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد عبد الله بن عمرو ابن العاص بن وائل بن هاشم سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب ابن لوي السهمي القرشي، أسلم قبل أبيه وكان أبوه أكبر منه بثلاث عشرة سنة، وقيل: باثنتي عشرة سنة، وكان عابدا عالما حافظا، قرأ الكتب واستأذن النبي صلى الله عليه وآله في أن يكتب حديثه فأذن له. وقد اختلف في وفاته وقيل: مات في ليالي الحرة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وقيل: مات بفلسطين سنة خمس وستين، وقيل: مات بمكة سنة خمس وستين وهو ابن اثنين وسبعين سنة، وقيل: مات بالطائف سنة خمس وخمسين، وقيل: مات بمصر سنة خمس وستين. سعيد بضم السين وفتح العين وسكون الياء وهصيص بضم الهاء وفتح الصاد المهملة الاولى وسكون الياء. روى عنه مسروق وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة ابن الزبير، وحميد بن عبد الرحمن، وخلق كثير سواهم انتهى كلام جامع الاصول. وهو في المشهور من العبادلة. قال في المغرب: العبادلة الثلاثة ابن مسعود وابن عباس وابن عمر. هذا رأي الفقهاء وأما في عرف المحدثين فالعبادلة أربعة ابن عمر وابن عباس وابن عمرو وابن الزبير، ولم يذكر فيهم ابن مسعود، لانه من كبار الصحابة. وعن طاوس في الاقعاء رأيت العبادلة يفعلون ذلك عبد الله بن عمر وابن عباس وابن الزبير، وهي اما جمع عبدل في معنى عبد كزيدل في زيد، أو اسم جمع غير مبني على واحده. وقال في القاموس: عبدل بن حنظلة المعروف بالنهاس كان شريفا ومزيد (1)
________________________________________
1) فمزيد كمحمد اسم رجل ومحارب اسم قبيلة من فهر قاله في الصحاح " منه " 1 / 109 و 477 (*)
________________________________________
[ 155 ]
ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول تقتله الفئة الباغية، فقال معاوية ألا تغني عنا مخبرتك يابن عمرو فما بالك معنا ؟ قال اني معكم ولست - المحاربي والحكم الكوفي ابنا عبدل شاعران، والعبادلة من الصحابة مأتان وعشرون، وإذا اطلقوا أرادوا أربعة ابن عباس وابن عمر وابن عمرو بن العاص وابن الزبير، وليس منهم ابن مسعود كما توهم الجوهري (1). قوله: ليطيب به أحدكم نفسا لصاحبه " نفسا " نصب على التمييز يعنى لتطيب نفس أحدكم بذلك لصحاحبه، بأن يكون قاتل عمار صاحبه لاهو. وفي نسخة عتيقة " بصحاحبه " بالباء مكان اللام، فيكون الكلام على سياق التهكم والباء للبدل أو للمجاوزة كما " عن "، أي ليكن أحدكم طيب النفس بأن يكون هو قاتل عمار بدل صاحبه، أو بأن يكون سابقا على صاحبه ومجاوزا اياه في قتل عمار، وصرح بأنه انما قال ذلك تهكما بقوله " فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: تقتله الفئة الباغية ". قال في القاموس في عد معاني الباء: وللبدل فليت لي بهم قوما إذ ا ركبوا شنوا الاغارة فرسانا وركبانا، وللمقابلة اشتريته بألف وكافأته بضعف احسانه، وللمجاوزة كعن وقيل: تختص بالسؤال " فاسئل به خبيرا " أولا تختص نحو " ويوم تشقق السماء بالغمام " وما غرك بربك الكريم " (2). قوله: ألا تغنى عنا مخبرتك يا بن عمرو " تغنى " بضم حرف المضارعة للخطاب على الافعال من غني بالمكان كفرح فهو غان، أي أقام به فهو مقيم فيه، وهمزة الافعال للازالة والسلب، والمعنى اما تصرف وتنحي عنا.
________________________________________
1) القاموس: 4 / 11 2) القاموس: 4 / 408 والايات على الترتيب سورة الفرقان: 59، و 25، سورة الانفطار: 6 (*)
________________________________________
[ 156 ]
[... ] - - قال ابن الاثير في النهاية: في حديث عثمان " أن عليا أرسل (1) إليه بصحيفة فقال للرسول: أغنها عنا " أي اصرفها وكفها كقوله تعالى " لكل امرء منهم يومئذ شأن يغنيه " أي يكفه ويكفيه، يقال: أغن عني شرك أي اصرفه وكفه، ومنه قوله تعالى " ولن يغنوا عنك من الله شيئا " وفي حديث علي " ورجل سماه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما " أي لم يلبث في العلم يوما تاما، من قولك غنيت بالمكان أغني إذا أقمت به (2) وقال المطرزي في المغرب: الغناء بالفتح والمد الاجزاء والكفاية، يقال: أغنيت عنك مغنى فلان ومغناته إذا أجزأت عنه ونبت منابه وكفيت كفايته، ويقال: أغن عني كذا، أي نحه عني وبعده، وعليه حديث عثمان في صحيفة الصدقة التي بعثها علي علي يد محمد بن الحنفية " أغنها عنا " وهو في الحقيقة من باب القلب كقولهم عرض الدابة على الماء. قلت: على ما حققناه يستقيم الحمل على الحقيقة من غير تجشم الارجاع إلى باب القلب، على أنه إذا أخذ من الغنى بمعنى ضد الفقر والاجزاء والكفاية كما ارتكبه لم يكن يستجدي فيه باب القلب أيضا فليتعرف. و " المخبرة " بفتح الميم واسكان المعجمة وفتح الموحدة أو ضمها والراء قبل الهاء، بمعنى الخبر بالضم ويقال: بالكسر أيضا وهو العلم، وكذلك الخبرة. قال الجوهرى في الصحاح: الخبر واحد الاخبار: وأخبرته بكذا وخبرته بمعنى، والاستخبار السؤال عن الخبر، وكذلك التخبر، والمخبر خلاف المنظر وكذلك المخبرة والمخبرة أيضا وهو نقيض المرآة، ويقال أيضا: من أين خبرت هذا الامر ؟ أي من أين علمت ؟ والاسم الخبر بالضم وهو العلم بالشئ والخبير العالم (3).
________________________________________
1) وفى المصدر: بعث 2) نهاية ابن الاثير: 3 / 392 3) الصحاح: 2 / 641 (*)
________________________________________
[ 157 ]
أقاتل، ان أبي شكاني إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله أطع أباك مادام حيا ولا تعصه، فأنا معكم ولست أقاتل. وفي القاموس: الخبر والخبرة بكسرهما ويضمان، والمخبرة والمخبرة العلم بالشئ كالاختبار والتخبر (1). وقال الراغب في المفردات: الخبر العلم بالاشياء، وأخبرت أعلمت بما حصل لي من الخبر، وقيل: الخبرة المعرفة ببواطن الامور (2). فالمعنى: ألا تصرف علمك وتنحيه عنا. ولا يبعد أن تحمل المخبرة هنا على اسم المكان، ويعني بها الصدر فانه مكان العلم. فيكون المعني: ألا تولي عنا وجهك وتصرف عنا صدرك وترينا ظهرك، أي تنصرف عنا وتتنحى عن معسكرنا، فما خطبك تكون مع الفئة الباغية. قوله فأنا معكم ولست أقاتل صريح هذا الكلام من عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لم يكن يقاتل، ولم يخرج في معسكر معاوية بقصد القتال، بل انما أطاع اياه، فكان معهم اطاعة لابيه لا مقاتلة لحرب الحق وذويه، ولم يعلم أن اطاعة الوالد في معصية الله معصية لله، وان تكثير سواد الضلال ضلال، والانخراط في سلك الفئة الباغية بغي. وعلامة زمخشرفي بعض كتبه ليس يصدقه في هذا المقال أيضا فقد ذكر حديثه " سيأتي على جهنم زمان ينبت من قعرها الجرجير " ثم أنكر عليه أشد الانكار، وقال: أنى له الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان مع معاوية يقاتل علي بن أبي طالب بسيفين ويبارز أعلام المهاجرين والانصار برمحين. وقال في الكشاف: وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله، لما روى لهم بعض النوابت عبد الله بن عمرو بن العاص " ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها، ليس فيها أحد
________________________________________
1) القاموس: 2 / 17 2) مفردات الراغب: 141 (*)
________________________________________
[ 158 ]
[... ] - - وذلك بعدما يلبثون أحقابا. وبلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار، وهذا ونحوه والعياذ بالله من الخذلان المبين، زاد نا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه، وتنبها على أن نغفل عنه. ولئن صح هذا عن ابن ابن العاص فمعناه، أنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير فذلك خلق جهنم وصفق أبوابها، وأقول: أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ما يشغله عن تسيير هذا الحديث (1) انتهى قول الكشاف. ولكن السواد الاعظم من النقلة الثقاة وحملة الاخبار والروايات قد أطبقوا على هذا النقل عن ابن ابن العاص مثل ما رواه أبو عمرو الكشي جزاه الله عن دين أهل البيت خير الجزاء. قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب: وتقدم عمار فقاتل ثم رجع إلى موضعه فاستسقى فأتته امرأة من نساء بني شيبان من مصافهم بعس فيه لبن فدفعته إليه، فقال: الله أكبر الله أكبر اليوم ألقى الاحبة تحت الاسنة صدق الصادق وبذلك أخبرني الناطق، هذا اليوم الذي وعدت فيه. ثم قال: أيها الناس هل من رايح إلى الله تحت العوالي، والذي نفسي بيده لنقاتلنكم على تأويله كما قاتلنا كم على تنزيله، ويقدم وهو يقول: نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تأويله. فتوسط القوم واشتبكت علية الاسنة، فقتله أبو العادية العاملي وابن جون السكسكي، واختلفا في سلبه فاحتكما في سلبه على عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: اخرجا عني فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أوقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وولعت
________________________________________
1) لم أظفر عليه في الكشاف (*)
________________________________________
[ 159 ]
[... ] - - قريش لعمار ما لهم ولعمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم الجنة ويدعونه إلى النار، وكان قتله عند المساء وله ثلاث وتسعون سنة وقبره بصفين وصلى عليه علي عليه السلام ولم يغسله انتهى كلام مروج الذهب (1) وقال أيضا في مروج الذهب وقتل بصفين سبعون ألفا من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا، وكان المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام، وقتل بها من الصحابة، فمن كان مع علي عليه السلام خمسة وعشرون رجلا، منهم عمار بن ياسر أبو اليقظان المعروف بابن سمية وهو ابن ثلاث وتسعين سنة انتهى كلامه. في حذيفة بن اليمان رضى الله تعالى عنه حذيفة بن اليمان العبسي أبو عبد الله أحد الاركان الاربعة على قول، من كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن السابقين من أنصار أمير المؤمنين عليه السلام، أنصارى سكن الكوفة ومات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما قاله الشيخ (ره) في كتاب الرجال (2). وأبو الحسن المسعودي في مروج الذهب بعد ذكر شهادة عمرا بن ياسر وهاشم ابن عتبة المرقال قال: واستشهد في هذا اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان، وقد كان حذيفة عليلا بالكوفة في سنة ست وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي عليه السلام فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة، فوضع على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله. ثم قال، أيها الناس ان الناس قد بايعوا علي بن أبي طالب فعليكم بتقوى الله وانصروا عليا ووازروه، فوالله أنه على الحق آخرا وأولا وأنه لخير من مضى بعد
________________________________________
1) مروج الذهب: 2 / 381 2) رجال الشيخ: 16 (*)
________________________________________
[ 160 ]
حذيفة 72 - حدثنا ابن مسعود، قال أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن بن علي ابن فضال، قال حدثني محمد بن الوليد البجلي، قال حدثني العباس بن هلال - نبيكم ومن بقي إلى يوم القيامة، ثم أطبق يمينه على يساره، ثم قال: اللهم اشهد أني قد بايعت عليا. وقال: الحمد لله الذى أبقاني إلى هذا اليوم، وقال لابنيه صفوان وسعد: احملاني وكونامعه، فستكون له حروب كثيرة يهلك فيها خلق من الناس فاجتهد ا أن تستشهدا معه، فانه والله على الحق ومن خالفه على الباطل، ومات بعد هذا بسبعة أيام وقيل: بأربعين يوما انتهى كلام مروج الذهب (1). قوله رحمه الله: محمد بن الوليد البجلي هو أبو جعفر محمد بن الوليد البجلي الخزاز الكوفي. قال النجاشي رحمه الله تعالى: ثقة عين نقي الحديث، ذكره الجماعة بهذا، روى عن يونس بن يعقوب وحماد بن عثمان ومن كان في طبقتهما، وعمر حتى لقيه محمد بن الحسن الصفار وسعد، له كتاب نوادر (2): ولم يذكر كونه فطحيا، وسيجئ في الكتاب ذكره في عداد الاجلة الفقهاء العدول الكوفيين من الفطحية. قوله رحمه الله تعالى: العباس بن هلال في كتاب النجاشي: عباس بن هلال السايي روى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، يروي عنه محمد بن الوليد الخزاز (3).
________________________________________
1) مروج الذهب: 384 2) رجال النجاشي: 265 3) رجال النجاشي: 217 وفيه الشامي بدل السايى (*).
________________________________________
[ 161 ]
عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكر أن حذيفة لما حضرته الوفاة وكان آخر الليل، قال لابنته أية ساعة هذه قالت: آخر الليل قال: الحمد لله الذي بلغني هذا المبلغ ولم أوال ظالما على صاحب حق ولم أعاد صاحب حق، فبلغ زيد بن عبد الرحمن بن عبد يغوث، فقال: كذب والله لقد والى على عثمان، فأجابه بعض من حضره ان عثمان والله يا أخا زهرة والحديث منقطع. - قلت: السايي بالمهملة قبل الالف والمثناة من تحت بعدها قبل ياء النسبة المشددة نسبة إلى سايه، وهي قرية بمكة أو واد بين الحرمين: كما ذكرناه في أول الكتاب في علي بن سويد السايي، والقاصرون يصحفون الياء بالباء الموحدة. وفي كتاب الرجال للشيخ في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام: العباس بن هلال الشامي (1). بالميم بعد الالف والشين المعجمة قبلها، على ما في عامة ما وقعت الينا من النسخ، وذلك أيضا تصحيف، كأنه من النساخ لامن الشيخ. قوله رحمه الله تعالى: الحديث منقطع الانقطاع على أن عثمان والله يا أخا زهرة، من باب الاختصار بالحذف كما في أنه وانه، وقد أسلفنا بيانه في لو لا ما، أي أن عثمان والله يا أخا زهرة جائر وظالم وعات ومنحرف عن السبيل ومستأثر بالحق على أهله. في سهل بن حنيف رضى الله تعالى عنه سهل بن حنيف باهمال الحاء المضمومة قبل النون المفتوحة واسكان المثناة من تحت قبل الفاء، ابن واهب أبو ثابت الانصاري العقبي البدري الاحدي، من النقباء الاثني عشر. عده البرقي وأخاه عثمان بن حنيف من شرطة الخميس (2)
________________________________________
1) رجال الشيخ: 382 2) رجال البرقى: 4 (*)
________________________________________
[ 162 ]
[... ] - وقال الفضل بن شاذان: انه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام. والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال أورده في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: سهل بن حنيف أنصارى عربي، وكان واليه على المدينة، يكني أبا محمد (2). وقال الذهبي من العامة في مختصره: سهل بن حنيف الاوسي بدري جليل، عنه ابن أبي ليلى وأبو وائل، مات 38، وكبر عليه علي عليه السلام ستا. قلت: وذلك بعد الرجوع من صفين. في صحيح البخاري بأسناده عن أبي حصين قال: قال أبو وائل: لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبر فقال: اتهموا الرأى فلقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو استطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وآله أمره لرددته والله ورسوله أعلم، ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لامر يفظعنا الا أسهلن (3) بنا الى أمر نعرفه قبل هذا الامر، مانسد منه (4) خصما الا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له. وفيه بأسناده عن حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين فقال رجل: ألم ترالى الذين يدعون إلى كتاب الله فقال علي: نعم فقال سهل ابن حنيف: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وآله والمشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟
________________________________________
1) رجال الشيخ: 20 2) رجال الشيخ: 43 3) سهل الامر بنا إلى كذا أقضى إليه " منه ". 4) وفى خ ل منها (*).
________________________________________
[ 163 ]
سهل بن حنيف 73 - محمد بن مسعود: قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي، قال حدثني علي بن محمد، عن أحمد بن محمد الليثي، عن عبد الغفار، عن جعفر بن محمد عليهما السلام أن عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف في برد أحمر حبرة. قال: بلى قال: فبم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا، فقال: يابن الخطاب اني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا، فرجع متغيظا فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال: يابن الخطاب انه رسول الله صلى الله عليه وآله ولن يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح (1) انتهى ما في صحيح البخاري هاهنا. وزاد فيه أكثرهم من طرق عديدة فقال عمر: والله ما شككت في ديني منذ أسلمت الا يومي هذا. وعلى هذه الزيادة أورده علامتهم الشهرستاني في كتاب الملل (2) والنحل. قوله رحمه الله تعالى: عن عبد الغفار هو أبو مريم الانصاري عبد الغفار بن القاسم بن قيس بن قيس بن قهد، بفتح القاف واسكان الهاء، الثقة من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. لا عبد الغفار بن حبيب الطائي الجازي، بالجيم والزاء، من أهل الجازية قرية بالنهرين الثقة أيضا من أصحاب الصادق عليه السلام. والحسن بن داود قال في كتابه: ورأيت بخط الشيخ أبي جعفر في كتاب الرجال عبد الغفار بن حبيب الحارثي بالحاء المهملة والراء والثاء المثلثة (3). قوله عليه السلام: في برد أحمر حبرة يستحب التكفين في القطن الابيض الا الحبرة، فان المستحب فيها أن تكون
________________________________________
1) صحيح البخاري: 6 / 46 2) لم أظفر عليه مع التفحص التام ولعله صحف وأسقط منه. 3) رجال ابن داود: 226 (*)
________________________________________
[ 164 ]
74 - محمد بن مسعود، قال حدثني أحمد بن عبد الله العلوي، قال حدثني على بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن زيد، أنه قال: كبر علي بن أبي طالب على سهل بن حنيف سبع تكبيرات، وكان بدريا، وقال لو كبرت عليه سبعين لكان أهلا. 75 - محمد بن مسعود، قال حدثني محمد بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كبر علي عليه السلام على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات، - بردا أحمر قاله في الذكري، وقال أيضا: يستحب عندنا أن يزاد الرجل والمرأة حبرة - بكسر الحاء وفتح الباء - يمنية عبرية منسوبة إلى موضع باليمن أو جانب واد، لقول أبي مريم الانصاري سمعت الباقر عليه السلام يقول: كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب: برد حبرة أحمر وثوبين صحاريين. وقال: ان الحسن بن علي عليه السلام كفن اسامة بن زيد في برد أحمر، وأن عليا عليه السلام كفن سهل بن حنيف ببرد أحمر حبرة (1). وقال المحقق في المعتبر وابن ادريس في السرائر: الحبرة من التحبير وهو التحسين والتزيين، ويمنية منسوبة إلى اليمن، وعبرية منسوبة إلى العبر، وهو باهمال العين المكسورة أو المضومة واسكان الباء الموحدة شط النهر وجانب الوادي (2). قوله رضى الله تعالى عنه: سبع تكبيرات أي سبع صلوات كل منها بخمس تكبيرات فتكون جميعها خمسا وثلاثين تكبيرة.
________________________________________
1) الذكرى: 47 - 48 2) المعتبر: 76 (*)
________________________________________
[ 165 ]
ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات أخر، فصنع به ذلك حتى بلغ خمسا وعشرين تكبيرة. - قوله عليه السلام: ثم مشى به ساعة ثم وضعه ثم كبر عليه خمس تكبيرات السيد جمال الدين أحمد بن طاوس قدس الله نفسه الزكية في اختياره من كتاب أبي عمرو الكشي ذكر هذا الحديث وقال: الطريق علي بن الحكم عن سيف ابن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر عليه السلام. ووافقه العلامة في الخلاصة (1) والطريق في كتاب الاختيار للشيخ وهو المعروف في هذا الاعصار بكتاب الكشي في عامة النسخ على هذه الصورة: محمد بن مسعود عن محمد بن نصير قال: حدثني محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كبر علي عليه السلام علي سهل بن حنيف الحديث. ورواه رئيس المحدثين في جامعه الكافي (2) والصدوق في الفقيه (2)، والشيخ في التهذيب (3) من طرق مختلفة. قال العلامة في نهايته: وصلى علي عليه السلام على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة، اما لتعظيمه واظهار شرفه، أو لتلاحق من لم يصل (4). وقال شيخنا الشهيد في الذكري: وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق عليه السلام قال: كبر أمير المؤمنين عليه السلام على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات، ثم مشى به ساعة، ثم وضعه وكبر عليه خمس تكبيرات أخرى يصنع ذلك حتى كبر
________________________________________
1) الخلاصة: 81 2) فروع الكافي: 3 / 186 3) من لا يحضره الفقيه: 1 / 102 4) تهذيب الاحكام: 3 / 317 والاستبصار: 1 / 476 5) نهاية الاحكام: 259 مخطوط وتوجد نسخة منها في مكتبتنا (*).
________________________________________
[ 166 ]
[... ] - عليه خمسا وعشرين تكبيرة. وفي خبر عقبة أن الصادق عليه السلام قال: أما بلغكم أن رجلا صلى عليه علي عليه السلام فكبر عليه خمسا حتى صلى عليه خمس صلوات، وقال: انه بدري عقبي أحدي من النقباء الاثني عشر، وله خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة. وفي خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: كبر رسول الله صلى الله عليه وآله على حمزة سبعين تكبيرة، وكبر علي عليه السلام عند كم على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة كلما أدركه الناس قالوا: يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل، فيضعه ويكبر حتى انتهى إلى قبره خمس مرات. فتبين رجحان الصلاة بظهور الفتوى وكثرة الاخبار. وقال الفاضل: ان خيف على الميت كره تكرار الصلاة والا فلا (1) انتهى كلام الذكرى. وما عده حسن الطريق عن الحلبي فهو صحيح الطريق عندي، والفتوى عندي على استحباب التكرار لشرف الرجل، أو تلاحق من لم يدرك الصلاة على الجنازة والجواز على كراهية عند فقد السبب والتحريم إذا خيف على الميت ظنا قويا يتأخم علما عاديا. ومن طريق العامة: أن عليا عليه السلام كرر الصلاة على سهل بن حنيف ستا (2). قلت: كل منها بخمس تكبيرات فيكون على هذه الرواية قد كبر عليه السلام عليه ثلاثين تكبيرة، وقوم من علماء العامة يحملونها على أربع وعشرين، زعما منهم أن كلامنها كانت بأربع تكبيرات. قال في الذكري: تجب فيها خمس تكبيرات لخبر زيد بن أرقم أنه كبر على جنازة خمسا وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها أوردها مسلم وأكثر المسانيد، ولفظ كان يشعر بالدوام والاربع وان رويت فالاثبات مقدم على النفي، وجاز أن يكون راوي
________________________________________
1) الذكرى: 56 2) راجع جامع الاصول وذيله: 7 / 143 (*)
________________________________________
[ 167 ]
[... ] - الاربع لم يسمع الخامسة أو نسيها. قال بعض العامة الزيادة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله والاختلافات المنقولة في العدد من جملة الاختلافات في المباح والكل سائغ، وفي كلام بعض شراح مسلم انما ترك القول بالخمس لانه صار علما للتشيع، وهذا عجيب وأما الاصحاب فمتفقون على ذلك وبه أخبار كثيرة. قلت: عنى ببعض العامة ابن شريح من الشافعية وكذلك الرافعي فانه قال: الاكثر على أن الزيادة لا تبطل لثبوتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله الا ان الاربع استقر أمر الصحابة عليها، وكلام النواوي أيضا قريب من ذلك. وعني ببعض شراح مسلم المازري وهو شيخهم الفقيه الامام المتقدم أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري قال في شرح صحيح مسلم: ان النبي صلى الله عليه وآله كبر يكبرها وقد قال به بعض الناس، وهذا المذهب الان متروك، لان ذلك صار علما على القول بالرفض. وفي الاخبار من طريق الاصحاب عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام ومن طريقهم عن أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الانبياء ودعا، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة ودعا للميت، ثم كبر وانصرف، فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد، ثم كبر فصلى على النبيين، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدعو للميت (1). قال في الذكري: وفي خبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام ان هبة الله صلى على أبيه آدم وكبر خمسا، وانها سنة جارية في ولده إلى يوم القيامة، وروى هشام بن سالم عنه عليه السلام كان رسو ل الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى قوم أربعا، فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق، ومثله روى اسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام،
________________________________________
1) جامع أحاديث الشيعة: 3 / 294 (*)
________________________________________
[ 168 ]
[... ] - وروى اسماعيل بن سعد الاشعري عن الرضا عليه السلام، أما المؤمن فخمس تكبيرات وأما المنافق فأربع، فهذا جمع حسن بين ما رواه العامة لو كانوا يعقلون إلى هنا كلام الذكرى (1). أبو أيوب الانصاري اسمه خالد بن زيد، ذكره المسعودي في مروج الذهب، والعلامة في الخلاصة (2)، وهو أنصاري مشكور من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وسيجئ في ذكر السابقين ومن الذين شهدوا لامير المؤمنين عليه السلام أنهم سعموا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم غدير خم: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، وسيجئ في ترجمة البراء بن عازب وأنس بن مالك، وقد نزل رسول الله صلى الله عليه وآله منزله بالمدينة أول قدومه في الهجرة. قال الشيخ في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة: خالد بن زيد الانصاري (3). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: خالد بن زيد مدني عربي خزرجي يكنى أبا أيوب الانصاري من الخزرج (4). وقال الحسن بن داود: أبو أيوب خالد بن زيد الانصاري في ي جخ كش: عظيم الشأن (5). وقال الذهبي في مختصره: خالد بن زيد أبو أيوب انصاري بدري جليل، عنه جبير بن نفير وأبو سلمة وعروة، وفد على ابن عباس البصرة فقال: اني أخرج
________________________________________
1) الذكري: 58 2) الخلاصة: 65 3) رجال الشيخ: 18 4) رجال الشيخ: 40 5) رجال ابن داود: 392 (*)
________________________________________
[ 169 ]
أبو ايوب الانصاري 76 - روى الحارث بن حصيرة الازدي، - عن مسكني لك كما خرجت عن مسكنك لرسول الله صلى الله عليه وآله، فأعطاه ذلك بما حوى وعشرين ألفا وأربعين عبدا، مات 51. قوله رحمه الله تعالى: روى الحارث بن حصيرة الازدي في أكثر النسخ (1) " نصير " بالنون قبل الصاد، وهو تصحيف من غلط الناسخين ولم يتفطن القاصرون لفساد ذلك مع شدة ظهوره من وجوه عديدة. والصواب الحارث بن حصيرة بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين والراء بعد الياء المثناة من تحت والهاء أخيرا، وربما يذكر باسقاط الهاء. وهو أبو نعمان الازدي الكوفي التابعي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وبقي إلى زمن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق وروى عنهما عليهما السلام، ثقه جليل مطعون عند العامة بالتشيع والرفض. قال في القاموس في ح ص ر: والحارث بن حصيرة محدث (2). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام الحارث بن حصيرة (3). وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: الحارث بن حصير - بغير هاء - الازدي تابعي أبو النعمان كوفي (4) وفي أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: الحارث بن حصيرة - باثبات الهاء - أبو النعمان الازدي كوفي تابعي (5).
________________________________________
1) كما في المطبوع من رجال الكشى بجامعة مشهد. 2) القاموس: 2 / 9 3) رجال الشيخ: 39 4) رجال الشيخ: 118 وفيه حصين بدل حصير. 5) رجال الشيخ: 178 (*)
________________________________________
[ 170 ]
عن أبي صادق، - وقال أبو عبد الله الذهبي من العامة في ميزان الاعتدال: الحارث بن حصيرة الازدي أبو النعمان الكوفي، عن زيد بن وهب وعكرمة وطائفة، وعنه مالك بن مغول وعبد الله بن نمير وطائفة. قال أبو أحمد الزبيري: كان يؤمن بالرجعة. وقال يحيى بن معين: ثقة خشبي ينسبون إلى خشبة زيد بن علي لما صلب عليها. وقال النسايي ثقة وقال ابن عدي: يكتب حديثه على ضعفه، وهو من المتحرفين بالكوفة في التشيع. وقال ربيح: سئلت جريرا أرأيت الحارث بن حصيرة ؟ قال: نعم رأيته شيخا كبيرا طويل السكوت يصر على أمر عظيم (1). عباد بن يعقوب الرواجني حدثنا عبد الله بن عبد الملك المسعودي عن الحارث ابن حصيرة عن زيد بن وهب سمعت عليا يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي الا كذاب. وروى الحارث عن أبي سعيد عقيصا عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله قال: مهما ضيعتم فلا تضيعوا الصلاة: وقال أبو حاتم الرازي هو من الشيعة العنق (2) لو لا الثوري روى عنه لترك انتهى كلام الذهبي. قوله رحمه الله تعالى: عن أبي صادق أبو صادق هذا هو كيسان بن كليب الحرمي، ويقال له: أبو عاصم وهو من أصحاب أمير المؤمنين وأبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين عليهما السلام، ذكره البرقي في عداد أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام من اليمن (3) وأورده العلامة في الخلاصة نقلا
________________________________________
1) أي على سب الشيخين. 2) العنق بضمتين اما بالنون بمعنى الرؤساء الكبار، أو بالتاء المثناة من فوق جمع العتيق بمعنى القديم " منه " 3) رجال البرقي: 6 (*)
________________________________________
[ 171 ]
[... ] - عنه قال: وأبو صادق كليب الحرمي بالحاء المهملة والراء والميم (1). والشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال قال في باب من عرف بكنيته أو بقبيلته من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو صادق، وهو أبو عاصم بن كليب الحرمي عربي وكوفي (2). وقال في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: كيسان بن كليب يكني أبا صادق (4). في جامع الاصول: كيسان بفتح الكاف وسكون الياء تعحتها نقطتان وبالسين المهملة. ولنا أيضا في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أبو صادق الازدي عبد خير بن ناجد، وفي أصحاب أبي عبد الله الحسين من أصحاب أمير المؤمنين عليهما السلام، أبو صادق بشر بن غالب الاسدي الكوفي. ذكرهما الشيخ أيضا في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: ربيعة بن ناجد بن كثير أبو صادق الكوفي، روى عنه وعن أبي عبد الله عليهما السلام (5). وفي أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: ربعية بن ناجد الاسدي الاز دي عربي كوفي (6). وفي مختصر الذهبي: أبو صادق الازدي مسلم. وقيل: عبد الله بن ناجد،
________________________________________
1) الخلاصة: 194 2) رجال الشيخ: 63 وفيه الجرمى بدل الحرمى 3) رجال الشيخ: 70 4) رجال الشيخ: 79 5) رجال الشيخ: 121 6) رجال الشيخ: 41 (*)
________________________________________
[ 172 ]
عن محمد بن سليمان قال: قدم علينا أبو أيوب الانصاري فنزل ضيعتنا يعلف خيلا له، فأتيناه فأهدينا له، قال، قعدنا عنده فقلنا يا أبا ايوب قاتلت المشركين بسيفك هذا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جئت تقاتل المسلمين ؟ فقال: ان النبي صلى الله عليه وآله أمرني بقتال القاسطين - عن على وأخيه ربيعة، وعنه الحكم وشعيب بن جنحاب وثق، وقيل - لم يلق عليا. واما عبد خير الخيواني الهمداني من خواص أمير المؤمنين عليه السلام فهو غير عبد خير أبي صادق الازدي. وقد ذكره الشيخ أيضا في كتاب الرجال (1). وفي ترجمته قال في جامع الاصول: يقال: أدرك زمن النبي صلى الله عليه وآله الا انه لم يلقه وصحب عليا، وهومن كبار أصحابه ثقة مأمون سكن الكوفة، يقال: أتى عليه مائة وعشرون سنة. وقال الذهبي: عبد خير الهمداني عن أبي بكر وعلي، وعنه أبو إسحاق وحصين ثقة محضرم (2). قوله رحمه الله تعالى: عن محمد بن سليمان وهو محمد بن سليمان الذي يروي عن أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف. قال في جامع الاصول: واسم أبي امامة أسعد بن سهل بن حنيف الانصاري الاوسي المدني سمع أباه، روى عنه مالك بن أنس. وذكره الذهبي في مختصره وقال: وثق. وأبو امامة هذا من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وهو صحابي قال الشيخ في كتاب الرجال: أبو أمامة له صحبة، وكان معاوية وضع عليه الحرس لئلا يهرب إلى علي عليه السلام (3).
________________________________________
1) رجال الشيخ: 53 وفيه الخيراني بالراء المهملة. 2) أي سكن حضرموت 3) رجال الشيخ: 65 (*)
________________________________________
[ 173 ]
والمارقين والناكثين، فقد قاتلت الناكثين وقاتلت القاسطين، وأنا نقاتل انشاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات، - وفي طبقته محمد بن سليمان بن أبي جثمة. ذكره الذهبي أيضا وقال: عن أبيه وعمه سهل، وعنه ابن اسحاق وغيره وثق. وفي بعض النسخ عن محمد بن سلمة، وليس بصحيح لبعد طبقته عن أبي صادق، فانه لو كان لكان محمد بن سلمة الحراني لكونه أقرب من غيره، وهو أيضا بعيد الطبقة منه. قال الذهبي: في معناه سمع ابن عجلان وابن اسحاق، وعنه أحمد قال ابن سعد: ثقة عالم له فضل ورواية وفتوى مات 192. قوله رضى الله تعالى عنه: وانا نقاتل انشاء الله بالمسعفات بالطرقات بالنهروانات باء بالمسعفات ظرفية بمعنى في، أي في أراضي القرى المسعفات، وهي في أكثر النسخ بالميم المضومة ثم السين المهملة الساكنة قبل العين المهملة المكسورة ثم الفاء، على اسم الفاعل من باب الافعال الغير المتعدي في معنى الاصل المجرد، أي المصقبات الدانيات من الطرقات، على استعمال الباء في معنى " من " الاتصالية أو الابتدائية أو التبعيضية، كما في التنزيل الكريم، عينا يشرب بها عباد الله " (1) " وامسحوا برؤوسكم " (2) قال في أساس البلاغة: أسعفته بحاجته قضيتها له وأسفعت الحاجة حانت وأسعفت الدار بفلان أصقبت وهو يساعدني على ذلك ويسافعني به، وفلان قد ساعده جده وساعفته الدنيا وتقول: الدنيا لك شاعفة الا انها غير مساعفة (3).
________________________________________
1) سورة الانسان: 6 2) سورة المائدة: 6 3) أساس البلاغة: 297 (*)
________________________________________
[ 174 ]
[... ] - وقال: صقبت داره صقبا دنت: وفي الحديث. المرء أحق بصقبه وأصقب الله داره أدناها، وأصقبت داره بمعنى صقبت، وداره صقب مني وداره أصقب من داره، وأتي علي رضي الله عنه بقتيل وجد بين قريتين فحمله على أصقب القريتين إليه، وصاقبه صقابا قاربه وواجهه (1). وفي القاموس: سعف بحاجته كمنع وأسعف قضاها له وأسعف دنا وله الصيد أمكنه وباهله ألم، والتسعيف تخليط المسك ونحوه بأقاويه الطيب وساعفه ساعده أو وأتاه في مصافاة ومعاونة، ومكان مساعف قريب (2). و " الطرقات " بضمتين جمع الجمع للطريق والجمع الاطرقة والطرق. و " النهروانات " هي مواضع وقرى قريبة من بلدة نهروان. قال في القاموس: والنهروان بفتح النون وتثليث الراء وبضمهما ثلاث قرى أعلا وأوسط وأسفل هي بين واسط وبغداد (3). وفي الصحاح: ونهروان - بفتح النون والراء - بلد، والمنهرة فضاء يكون بين أفنية القوم يلقون فيها كناستهم (4). وفي كتاب المساحة والبلدان للفاضل البيرجندي: نهروان بفتح النون سكون الهاء وضم الراء وواو بعدها ألف ونون بلد قديم قريب بغداد منه إلى دجلة أربعة فراسخ. وقال في المغرب: في الحديث " تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين " هم الذين نكثوا البيعة أي نقضوها واستزلوا عائشة وساروا بها إلى البصرة على جمل اسمه عسكر، ولهذا سميت الوقعة يوم الجمل، والقاسطون معاوية وأشياعه لانهم قسطوا
________________________________________
1) أساس البلاغة: 358 2) القاموس: 3 / 152 3) القاموس: 2 / 150 4) الصحاح: 2 / 840 (*)
________________________________________
[ 175 ]
[... ] - أي حاروا حين حاربوا امام الحق، والوقعة تعرف بيوم صفين، واما المارقون فهم الذين مرقوا أي خرجوا من دين الله واستحلوا (1) القتال مع خليفة رسول الله، وهم عبد الله بن وهب الراسبي وحرقوص بن زهير البجلي المعرف ب‍ " ذي ثدية " وتعرف تلك الوقعة بيوم النهروان، وهي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد انتهى كلام المطرزي بعبارته. وفي نسخ معدودات " بالسعفات " أي في أرض ذات السعفات بالتحريك جمع السعف محركة، والبا آت كلهما للظرفية. قال في المغرب: السعف ورق جريد النخل الذي تسف منه الزبل والمراوح وعن الليث أكثر ما يقال له السعف إذا يبس، وإذا كانت رطبة فهي الشطبة، وقد يقال للجريد نفسه سعف الواحد سعفة. وفي الصحاح: السعفة بالتحريك غصن النخل والجمع سعف (2). ويعاضد هذه النسخة أن الخوارج لعنهم الله كانوا بالرميلة إذا أشرف أمير المؤمنين عليه السلام فقاتلهم وقتلهم ثم عسكر عليه السلام بالنخلية، كلاهما على التصغير. قال في القاموس: كجهينة موضع بالبادية وموضع بالعراق فيه قاتل علي عليه السلام الخوارج (3). قال المسعودي رحمه الله تعالى في مروج الذهب: ان رسول الخوارج إلى على عليه السلام أخبر أن القوم قد عبروا نهر طخارستان (4) و، هذا النهر عليه قنطرة تعرف بقنطرة طخارستان إلى هذا الوقت بين حلوان وبغداد من جادة طخارستان، فقا ل علي عليه السلام: والله ما عبروا ولا يقطعونه حتى نقتلهم بالرميلة دونه.
________________________________________
1) أي استحلوا مقاتلته عليه السلام " منه " 2) الصحاح: 4 / 1374 3) القاموس: 4 / 55 4) وفى المصدر كلها طبرستان (*)
________________________________________
[ 176 ]
وما أدري أنى هي. ثم تواترت عليه الاخبار بقطعهم هذا النهر وعبورهم هذا الجسر، وهو يأبي ذلك ويحلف أنهم لم يعبروه وأن مصارعهم دونه، ثم قال: سيروا إلى القوم فوالله لا يفلت منهم الا عشرة ولا تقتل منكم الا عشرة فسار علي عليه السلام فأشرف عليهم وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لا صحابه. فلما أشرف عليهم قال: الله أكبر صدق الله ورسوله صلى الله عليه وآله فتصاب القوم فوقف عليهم عليه السلام بنفسه فدعاهم إلى الرجوع والتوبة، فأبوا ورموا أصحابه، ثم بعد ذكر القتال وقتلهم عن آخرهم الا عشرة منهم وقتل مخدج وصفته ووقوع كل ما أخبر به علي عليه السلام علي طباق ما قد أخبر به عليه السلام. قال: فعسكر عليه السلام بالنخلية فجعل أصحابه يتسللون ويلحقون بأوطانهم، فلم يبق معه الا نفر يسير (1). قوله رضى الله عنه: وما أدري أنى هي أني بفتح الهمزة وتشديد النون المفتوحة بعدها ظرفية، أي ما أدري أين تكون هذه المسعفات الصاقبات من الطرقات أو أين تكون هذه السعفات أي جرائد النخل بالطرقات. وفي بعض النسخ " أي هي " بالياء المشددة المنونة بالرفع بعد الهمزة المفتوحة أي ما أدري مكان هي. في مروج الذهب: ان أول من قاتل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام يوم النهروان أبو أيوب الانصاري حمل على زيد بن حصين من الخوارج فقتله (2)،
________________________________________
1) مروج الذهب: 2 / 405 - 407 2) مروج الذهب: 2 / - 406 (*)
________________________________________
[ 177 ]
77 - وسئل الفضل بن شاذان عن أبي أيوب خالد بن زيد الانصاري وقتاله مع معاوية المشركين ؟ فقال: كان ذلك منه قلة فقه وغفلة، ظن أنه انما يعمل عملا لنفسه يقوي به الاسلام ويوهي به الشرك وليس عليه من معاوية شئ كان معه أولم يكن - قوله رحمه الله تعالى: كان ذلك منه قلة فقه " كان " اماناقصة و " قلة فقه " نصب على الخبر، أو تامة، ونصب " قلة فقه " على التمييز. و " غفلة " منونة بالنصب عطفا على قلة فقه، اما على الخبر بعد الخبر، أو على التميز، أو الواو بمعنى أو، أي وقع ذلك منه اما من جهة قلة الفقه أو من جهة الغفلة. و " ظن أنه " الخ جملة فعلية بيانا للغفلة وقلة الفقه. و " يوهي " بضم ياء المضارعة وكسر الهاء على البناء للفاعل من باب الافعال يقال: وهي يهي وهيا أي ضعف، وأوهاه غيره يوهيه ايهاءا أي أضعفه. وفي نسخة " يوهن " بالنون من الوهن بمعنى الضعف أيضا يتعدي ولا يتعدي يقال: وهن إذا وهي وضعف، وأوهنتهم الحمى، ووهنتهم أيضا أي أوهنتهم وأضعفتهم. في ابن مسعود وحذيفه ومنزلتهما هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود من كبار الصحابة، ذكر نسبه بما فيه من الاقوال في جامع الاصول ثم قال: وكان أبوه مسعود قد حالف في الجاهلية عبد الله بن الحارث بن زهرة، وكان اسلام عبد الله قديما في أول الاسلام قبل دخول النبي صلى الله عليه وآله دار الارقم وقبل عمر بزمان، وقيل: كان سادسا في الاسلام ثم ضمه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وكان من خواصه، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وآله وسواكه ونعليه وظهوره في السفر، هاجر إلى الحبشة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد، وصلى إلى القبلتين وشهد له رسول الله صلى الله عليه وآله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رضيت لامتي ما رضي لها ابن
________________________________________
[ 178 ]
حذيفه وعبد الله بن مسعود 78 - وسأل عن ابن مسعود وحذيفة ؟ فقال: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود - أم عبد، وسخطت لها ما سخط لها ابن أم عبد (1). وكان خفيف اللحم قصيرا شديد الادمة، يكاد طوال (2) الرجل يوازيه جلوسا ولي القضاء بالكوفة وبيت مالها لعمر وصدرا من خلافة عثمان، ثم صار إلى المدينة فمات بها سنة اثنين وثلاثين، ودفن بالبقيع، وله بضع وستون سنة. حذيفة بن يمان أبو عبد الله العبسي من عظماء الصحابة ومن الاركان الاربعة في الاستقامة مع علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله على قول، وقد أسلفنا ترجمته وما ينبغي أن يذكر في معناه (3). واليمان اسمه حسيل بن جابر بن ربيعة العبسي، حسيل بضم الحاء وفتح السين المهملتين واسكان الياء المثناة من تحت واللام أخيرا، حالف بني عبد الاشهل فسماه قومهم يمان، لانه حالف اليمانية، فحذيفة يعد من حلفاء الانصار. وخرج حذيفة هو وأبوه فأخذهما كفار قريش فقالوا: انكما تريد ان محمدا فقالا: ما نريد الا المدينة، فأخذوا منهما عهد الله ان لا يقاتلا مع النبي صلى الله عليه وآله وأن ينصرفا إلى المدينة. فأتيا النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه وقالا: ان شئت قاتلنا معك قال: بل نفي ونستعين الله عليهم ففاتتهما بدر، وشهد حذيفة أحدا وما بعدها، ومات بعد قتل عثمان بأيام يسيرة بعد أن بايع أمير المؤمنين عليه السلام وهو بالكوفة وعلي عليه السلام بالمدينة وقد بويع له. قوله رحمه الله تعالى: لم يكن حذيفة مثل ابن مسعود لان حذيفة كان ركنا بضم الراء واسكان الكاف قبل النون، أي كان ركنا من
________________________________________
1) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب: 2 / 319 2) أي الطويل من الرجال قال في القاموس: طال طولا بالضم امتد كاستطال فهو طويل وطوال كغراب وهي أي يقال للمؤنث طويله بالهاء - بهاء " منه " 4 / 9 3) أي في شأنه وأمره أو معناه اللغوى (*)
________________________________________
[ 179 ]
لان حذيفة كان ركنا وابن مسعود خلط ووالى القوم ومال معهم وقال بهم، وقال ايضا: الاركان الاربعة بالاستقامة في موالاة علي بن أبي طالب عليه السلام ومتابعته ومطاوعتة اياه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أحد القولين، وقد نقله الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال (1) والقول الاشهر أن رابع الاركان عمار بن ياسر مكان حذيفة بن يمان رضي الله تعالى عنهما. قوله رحمه الله تعالى: وابن مسعود خلط ووالي القوم ومال معهم وقال بهم " خلط " بتشديد اللام من التخليط، " ووالي القوم " أي أظهر موالاتهم، " ومال معهم " أي حاص معهم عن طريق الحق، وحاد عن سواء السبيل، كما حاصوا وحادوا " وقال بهم " أي أذعن لهم وانقاد في ظاهر الامر. وقد ورد الاخبار وصح أن ابن مسعود قد رجع عما وقع منه وتندم وتظاهر بالتندم عليه. ومن ذلك ما رواه الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين وشواهد التنزيل والحافظ أبو نعيم صاحب حلية الاولياء وابن عبد البر صاحب الاستيعاب وأبو بكر ابن مردويه وأبو عبد الله بن السراج ورهط غيرهم بأسانيد معتبرة عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وآله يابن مسعود انه قد نزلت في علي آية " فاتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (2) " وأنا مستود عكها ومسم لك خاصة الظلمة، لكن لا أقول واعيا وعني له مؤديا، من ظلم عليا مجلسي هذا فهو كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي. فقال له الراوي: يا أبا عبد الرحمن أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! قال: نعم قلت له: وأتيت الظالمين، قال: لا جرم جليت عقوبة عملي وذلك أني
________________________________________
1) رجال الشيخ: 37 2) سورة الانفال: 25 (*)
________________________________________
[ 180 ]
[... ] - لم استأذن امامي كما استأذنه جندب وعمار وسلمان وأنا أستغفر الله وأتوب إليه (1). ولهذا الحديث طرق متظافرة عن غير ابن مسعود من طريق ابن عباس ومن طريق عمار بن ياسر ومن طريق أبي ذر ومن عداهم من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، قد أوردناها ونقلناها عن العامة والخاصة في كتاب شرح التقدمة. و " أتيت " من المواتاة بمعنى المجازات والمماشاة والمساعفة والمساعدة. و " جليت بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة على البناء للمفعول، وأصله جللت بلامين مشددة مكسورة وأخرى بعدها ساكنة فاجتمعت ثلاث لامات فقلبت الاخيرة منها ياء، كما في التظني والتقضي ومشاكلتهما. و " عقوبة عملي " منصوبة على أنها منزوعة الخافض. والمعني: غطيت بعقوبة عملي فشملتني وعمتني عقوبة ذلك، كما يشمل الثوب البدن ويغطيه ويعمه. قال في أساس البلاغة: وجلله غطاه، وتجلل بثوبه تغطي به، ومن المجاز تجلله الهم والمرض (2). وفي الصحاح: وجلل الشئ تجليلا أي عم، والمجلل السحاب الذي يجلل الارض بالمطر أي يعم، وتجليل الفرس أن تلبسه الجل، وتجلله أي علاه، وتجلله أي أخذ جلاله (3).
________________________________________
1) شواهد التنزيل: 1 / 206 رواه عن طرق مختلفة، والطرائف: 36 والبحار 38 / 155 2) أساس البلاغة: 98 3) الصحاح: 4 / 1660 (*)
________________________________________
[ 181 ]
ان من السابقين الذين رجعوا إلى امير المؤمنين عليه السلام أبو الهيثم بن التيهان - السابقون الذين رجعوا إلى أمير المومنين (عليه السلام) ذكر منهم خمسة عشر رجلا باسمائهم. قوله رحمه الله تعالى: أبو الهيثم بن التيهان بالهاء المفتوحة والمثناة من تحت الساكنة ثم المثلثة المفتوحة قبل الميم، اسمه في المشهور مالك بن تيهان بالمثناة من فوق قبل المثناة من تحت المشددة المفتوحتين وقيل: بكسر الياء المشددة البلوي، من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وخواصه من الصحابة، ذكره الشيخ في كتاب الرجال (1)، والعلامة في الخلاصة (2). والاصح أنه من شهداء أصحابه عليه السلام بصفين. قال في المغرب: علي كرم الله وجهه قال لابن عباس: انك رجل تايه: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله حرم لحوم الحمر. التيه: التحير والذهاب عن الطريق القصد، يقال: تاه في المفازة، وانما خاطبه بهذا حيث اعتقد أنه استحل ما حرم رسول الله، فجعله كالتارك للقصد والمايل عنه. و " تيهان " فيعلان - بالفتح من تاه، وبه سمي والد أبي الهيثم مالك بن تيهان وهو من الصحابة. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: أبو الهيثم مالك بن التهيان بن مالك، وقيل: اسم التيهان مالك بن عمرو بن زيد، وفي نسبه خلاف فمنهم من يجعله أنصاريا من الاوس، ومنهم من يجعله بلويا من بلي بن الحاف بن فضاعة، ويقال: انه حليف بني عبد الاشهل، شهد العقبة الاولى والثانية مع السبعين، وكان أحد الستة الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وآله قبل ذلك بالعقبة فيما زعم بنو عبد الاشهل، وهو أحد النقباء الاثنا عشر، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، روي عنه أبو هريرة، وقيل: مات في
________________________________________
1) رجال الشيخ: 63 2) الخلاصة: 189 (*)
________________________________________
[ 182 ]
وأبو أيوب وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وزيد بن أرقم خلافة عمر سنة عشرين بالمدينة، وقيل: قتل مع علي عليه السلام بصفين سنة سبع وثلاثين وقيل: غيرذلك. الهيثم بفتح الهاء وسكون الياء وبالثاء المثلثة، والتيهان بفتح التاء فوقها نقطتان وتشديد الياء تحتها نقطتان وكسرها وبالنون، وبلي بفتح الباء الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء، والحاف بالحاء المهملة وكسر الفاء. انتهى كلام جامع الاصول (1). قوله رحمه الله تعالى: وأبو أيوب قد سبق القول فيه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: وخزيمة بن ثابت وجابر بن عبد الله وكل منهما سيأتي ما في معناه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: وزيد بن أرقم ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في عداد من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة. وذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال زيد بن أرقم الانصاري عربي مدني خزرجي. وذكره أيضا في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام. وفي أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام (2). وقال البرقي رحمه الله: هو الذي أظهر نفاق المنافقين من بني الخزرج (3). يعني به ما حكاه التنزيل الكريم من قول عبد الله بن أبي رئيس المنافقين " لئن
________________________________________
1) الفوائد الرجالية من جامع الاصول غير مطبوع وهو يقع بعد الاجزاء الاثنى عشر المطبوع 2) رجال الشيخ: على الترتيب: 2 و 41 و 68 و 73 3) رجال البرقي: 2 (*)
________________________________________
[ 183 ]
وأبو سعيد الخدري وسهل بن حنيف والبراء بن مالك - رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل " (1) قال ذلك وعنى بالاعز نفسه، فسمع بذلك زيد بن أرقم وهو حدث فقال: أنت والله الذليل القليل المبغض في قومه، ومحمد في عزة من الرحمن وقوة من المسلمين فقال عبد الله: أسكت فانما كنت ألعب، فأخبر زيد رسول الله صلى الله عليه وآله. وقال الذهبي في مختصره: زيد بن أرقم الخزرجي بالكوفة، عن أسبع عشرة مرة، عن طاوس وأبو إسحاق، وكان من خواص علي، توفي 68، وقيل 66. وليعلم أن والد زيد بن أرقم هو أرقم بن زيد بن قيس الانصاري، وفي كنية زيد بن أرقم أقوال أربعة: أبو عمر وأبو عامر وأبو أنية (2)، وأما الذي كان النبي صلى الله عليه وآله يسكن داره بمكة صدر الاسلام فهو الارقم بن أبي الارقم، واسم أبي الارقم عبد مناف بن أسد بن عبد الله عمر بن مخزوم: كانت داره على الصفا بمكة وهي التي دخلها النبي صلى الله عليه وآله، أول زمان النبوة وكان يكون فيها، ففيها دعى الناس إلى دين الاسلام وفيها أسلم خلق كثير، وشهد الارقم بن أبي الارقم بدرا واحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم ومات سنة خمس وخمسين بالمدينة، وهو ابن بضع وثمانين سنة. قوله رحمه الله تعالى: وأبو سعيد الخدرى، وسهل بن حنيف قد تقدمت ترجمة سهل بن حنيف، وأبو سعيد الخدري سيجئ ما في معناه في ترجمته. قوله رحمه الله تعالى: والبراء بن مالك قال الشيخ رحمة الله في كتاب الرجال في باب من روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة: البراء بن مالك الانصاري أخو أنس بن مالك، شهد أحدا والخندق، وقتل يوم تستر (3).
________________________________________
1) سورة المنافقون: 8 2) في " ن " أبو أنيسه 3) رجال الشيخ: 8 (*)
________________________________________
[ 184 ]
وعثمان بن حنيف وفي جامع الاصول وغيره: البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم أخو أنس لابيه وأمه، وشهد أحدا وما بعدها مع النبي (ص) وكان شجاعا، روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: رب ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لابره، منهم البراء بن مالك (1). فلما كان يوم تستر انكشف الناس فقالوا: يا براء اقسم على ربك فقال: اقسم عليك أي رب لما منحتنا اكتافهم والحقتني بنبيك فاستشهد. قوله رحمه الله تعالى: وعثمان بن حنيف هو أخو سهل بن حنيف، عثمان بن حنيف بن واهب أبو عبد الله الانصاري ذكره الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: عثمان ابن حنيف الانصاري عربي (2). وذكر المعسودي في مروج الذهب مسير عثمان بن حنيف الانصاري إلى البصرة على خراجها من قبل علي عليه السلام قال: وسار القوم نحو البصرة في ست مائة راكب، فانتهوا في الليل الي ماء لبني كلاب يعرف بالحوأب عليه أناس من بني كلاب، فعوت كلابهم على الركب، فقالت عائشة: ما اسم هذا الموضع ؟ فقال لها السائق لجملها: الحوأب فاسترجعت وذكرت ما قيل لها في ذلك وقالت: ردوني إلى حرم رسول الله لا حاجة لي في المسير. فقال الزبير: بالله ماهذا الحوأب ولقد غلط فيما أخبرك به، وكان طلحة في ساقة الناس فحلقها فاقسم أن ذلك ليس بالحوأب، وشهد معهما خمسون ممن كان معهم فكان ذلك أول شهادة زور أقيمت في الاسلام، فأتوا البصرة فخرج إليهم عثمان ابن حنيف فما نعم وجرى بينهم قتال إلى آخر ما ذكره (3).
________________________________________
1) جامع الاصول: - 10 / 61 2) رجال الشيخ: 47 3) مروج الذهب: 2 / 357 - 358 (*)
________________________________________
[ 185 ]
وعبادة بن الصامت، ثم ممن دونهم قيس بن سعد بن عبادة قوله رحمه الله تعالى: وعبادة بن الصامت ممن أسلم قديما وثبت في الايمان مستقيما، وهو السبب في اسلام كعب بن عجرة، وقد كانت بينهما صداقة. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وآله من الصحابة (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: عبادة بن الصامت ابن اخي أبي ذرممن أقام بالبصرة وكان شيعيا (2). وفي جامع الاصول: عبادة بضم العين وتخفيف الباء الموحدة. وقال الدار قطني وأبو بكر البرقي وغيرهما من العامة: عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم ابن فهر بن ثعلبة، يكنى أبا الوليد شهد العقبة مع السبعين، وهو أحد النقباء الاثنا عشر، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، وله من الولد الوليد ومحمد، ومات بالرملة من أرض الشام، وقيل: بيت المقدس سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين، وقيل: بقي حتى توفي في خلافة معاوية (3). قوله رحمه الله: قيس بن سعد بن عبادة قد أسلفنا ذكره في حديث المتحورين من السابقين، وهم الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأبوا أن يبايعوا فلانا وفلانا، وسيعاد ما في معناه مبسوطا في ترجمته
________________________________________
1) رجال الشيخ: 23 2) رجال الشيخ: 47 3) مخطوط لم أظفر عليه (*)
________________________________________
[ 186 ]
وعدي بن حاتم وعمرو بن الحمق وعمران بن الحصين - قوله رحمه الله تعالى: عدى بن حاتم عدي بالمهملتين المفتوحة ثم المكسورة قبل الياء المشددة ابن حاتم بن عبد الله أبو طريف الطائي. ذكره الشيخ في كتاب الرجال في الصحابة، وفي أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (1). وفي مختصر الذهبي: عدي بن حاتم عبد الله بن سعد الطائي الجواد بن الجواد، أسلم سنة سبع، عنه الشعبي وأبو إسحاق وسعيد بن جبير، نزل قرقيسا منعزلا قال ابن سعد: مات 68 عن مأة وعشرين سنة. قوله رحمه الله: وعمرو بن الحمق سيورد أمره في ترجمته من ذي قبل. قوله رحمه الله تعالى: وعمران بن الحصين هو أبو نجيد بضم النون وفتح الجيم على التصغير، عمران بن الحصين - باهمال الصاد المفتوحة بعد الحاء المهملة المضمومة - ابن عبيد بن خلب بن عبدنهم - بفتح النون واسكان الهاء - الخزاعى الازدي. ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة (2). قال أكثر علماء الحديث والرجال من العامة، أسلم قديما، وغزا مع النبي صلى الله عليه وآله غزوات، ولم يزل في بلاد قومه، ثم تحول إلى البصرة إلى أن مات بها في خلافة معاوية، وكان به مرض، فكانت الملائكة تسلم عليه فلما اكتوى انقطع التسليم ثم عاد إليه. وقال الذهبي: منهم عمار بن حصين الخزاعي أبي نجيد أسلم مع أبي هريرة، وكانت الملائكة تسلم عليه مات 52.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 23 و 49 2) رجال الشيخ: 32 (*)
________________________________________
[ 187 ]
وبريدة الاسلمي - وفي جامع الاصول: أسلم هو وأبوه عام خيبر، وسكن البصرة إلى أن مات بها سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث، وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم، وسئل عمران بن الحصين عن متعة النساء فقال: أتانا بها كتاب الله وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال فيها رجل برأيه ما شاء فلا يتبع قوله، ولو لم ينه عنه مازني الاشقي. يعني به عمر بن الخطاب ونهيه عنها برأيه في مقابلة نص الكتاب والسنة. قوله رحمه الله تعالى: وبريدة الاسلمي هو أخو أبي داود لامه، وقد سبق في ترجمته أبي داود في حديث أبي داود في حديث عمران بن حصين الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا أن يسلما على على عليه السلام بأمرة المؤمنين. وهو أبو عبد الله الاسلمي بريدة - بضم الموحدة وفتح الراء واسكان المثناة من تحت ثم الدال المهملة والهاء أخيرا - ابن الحصيب - بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين على التصغير - ابن عبد الله بن الحارث. وفي القاصرين من يصحف غالطا فيعجم الخاء ويفتحها ويكسر الصاد المهملة بعدها. قال في القاموس في ح ص ب: بريدة بن الحصيب كزبير صحابي ومحمد بن الحصيب حفيده (1). وفي المغرب: البردة بالهاء كساء مربع أسود صغيروبها كني أبو بردة بن نيار صاحب الجذعة واسمه هاني، وبتصغيرها سمي بريدة بن الحصيب وابنه سليمان بن بريدة، يروي عن أبيه وعنه علقمة. والشيخ رحمه الله في كتاب الرجال ذكره في عدد الصحابة قال: بريدة بن الحصيب الاسلمي، وقيل: أبو الحصيب (2)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام
________________________________________
1) القاموس: 1 / 55 2) رجال الشيخ: 10 وفيه الخصيب بالخاء المعجمة (*)
________________________________________
[ 188 ]
وبشر كثير. وقال: بريد بن الحصيب الاسلمي الخزاعي مدني عربي (1). وفي مختصر الذهبي: بريدة بن الحصيب الاسلمي شهد خيبر، عنه ابناه والشعبي وعدة، توفي 62. قوله رحمه الله تعالى: وبشر كثير أي كثير من الناس من أعيان الصحابة ومن خيار التابعين، فهذه عبارة شائعة معروفة دائرة على ألسن العلماء من العامة والخاصة، لاسيما في علم الرجال فكثير ا ما يذكرون رجلا ويقولون: روى عنه بشر كثير، أو خلق كثير، أو أمم، أو طائفة أو جماعة كثيرة. ومن عجائب التحريفات والاغاليط ما قد وقع فيه بعض من يتمهر من القاصرين حيث (2) حرف بشر كثير إلى بشر بن كثير ثم لم يقنع بذلك، بل بني عليه أن بشر ابن كثير رجل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومن السابقين الذين رجعوا إليه، وتمسك في ذلك بقول أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى، ولم يعرف أنه ليس في الرجال من يقال له بشر به كثير في شئ من كتب الرجال، ولم يحرله ذكر في شئ من الطرق والاسانيد أصلا، فلا تكونن من الجاهلين.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 35 2) تعريض إلى الرجالي الشهير الميرزا محمد الاستر ابادى في كتابه منهج المقال حيث قال: بشر بن كثير عن الفضل بن شاذان أنه من السابقين الذين رجعوا إلى امير المؤمنين (عليه السلام) (*)
________________________________________
[ 189 ]
[... ] - بلال رضى الله تعالى عنه وصهيب موليان بلال بن رباح بالموحدة بعد الراء المفتوحة والمهملة بعد الالف، واسم امه حمامة مولاة بني جمح، وكان يعذبه قومه ويذكرون اللات والعزى، وهو يذكر الله سبحانه ويقول: أحد أحد، شهد مع النبي صلى الله عليه وآله بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وهو أول من أذن لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يؤذن له حضرا وسفرا، وكان خازنه على بيت ماله، وهو سابق الحبشة، فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وآله لم يؤذن لاحد، خرج من المدينة فذهب إلى الشام، ومات بدمشق وقيل: مات بحلب سنة عشرين وقيل: ثماني عشرة، ودفن هنالك، وكان نحيفا طوالا شديد الادمة. ذكره الشيخ في الصحابة وقال: بلال مولى رسول الله صلى الله عليه وآله شهد بدرا، وتوفى بدمشق في الطاعون، سنة ثماني عشرة، كنيته أبو عبد الله، وقيل: أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الكريم. وهو بلال بن رياح مدفون بباب الصغير بدمشق (1). " صهيب " يكنى أبا يحيى، وهو ابن سنان بن مالك بن عبد عمرو النميري، بفتحتين نسبة إلى نمر بن قاسط، بكسر الميم بعد النون المفتوحة، سبي وهو غلام صغير كانت منازلهم بأرض الموصل فيما بين دجلة والفرات وأغارت الروم على تلك الناحية فسبته صغيرا فنشأ بالروم، فابتا عته منهم كلب ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان التيمي فاعتقه. ويقال: انه لما كبر في الروم وعقل وهرب منهم وقدم مكة، فحالف عبد الله بن جدعان، بضم الجيم واسكان الدال المهملة واهمال العين، فأقام معه إلى أن هلك وبعث النبي صلى الله عليه وآله، فأسلم قديما بمكة. قال في جامع الاصول يقال: انه أسلم هو عمار بن ياسر في يوم واحد ورسول الله صلى الله عليه وآله بدار الارقم بعد بضعة وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين المعذبين في الله
________________________________________
1) رجال الشيخ: 8 (*)
________________________________________
[ 190 ]
بلال وصهيب موليان 79 - أبو عبد الله محمد بن ابراهيم، قال حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي، - ثم هاجر إلى المدينة بعد هجرة النبي، صلى الله عليه وآله شهد بدرا والمشاهد كلها: وهو سابق الروم. مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين عن سبعين سنة، وقيل: سنة تسع وثلاثين وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ودفن بالبقيع. ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في عداد الصحابة (1)، ولم يزد على مجرد ذكره بقوله: صهيب بن سنان شيئا. والحسن بن داود أورده في كتابه قسم الضعفاء وقال: صهيب مولى رسول الله صلى الله عليه وآله (2). قوله رحمه الله تعالى: أبو عبد الله محمد بن ابراهيم هو محمد بن ابراهيم الوراق من أهل سمرقند، ذكره الشيخ رحمه الله في باب لم (3). فأما محمد بن ابراهيم بن يوسف الكاتب الذي كان يتفقه على مذهب الشافعي ظاهرا، ويري رأي الشيعة في الباطن، وكان ففيها على المذهبين، وله في المذهبين كتب: فهو وان كان في هذه الطبقة يروي عنه ابن عبدون، الا أنه ليس هذا الذي روى عنه أبو عمرو الكشي رحمه الله، وكنيته أبو الحسن ويعرف بأبي بكر الشافعي، لا أبو عبد الله. قوله رحمه الله: على بن محمد بن يزيد القمى في بعض النسخ " بريدة " مكان يزيد
________________________________________
1) رجال الشيخ: 21 2) رجال ابن داود: 462 3) رجال الشيخ: 497 (*)
________________________________________
[ 191 ]
قال حدثني عبد الله بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي - قوله رحمه الله تعالى: عبد الله بن محمد بن عيسى عبد الله بن محمد هذا هو أخو أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي، ولقبه بنان، كما سيذكره أبو عمرو الكشي رحمه الله في مقامه من ذي قبل، فيورد في الاسانيد بلقبه فيقال: عن بنان بن محمد. وبعض شهداء المتأخرين رفع الله درجته كأنه لم يعثر على ذلك فكثيرا ما في شرح الشرائع يحكم على الحديث بعدم الصحة، بأن في طريقه بنان بن محمد وهو مجهول، فنحن في المعلقات على الاستبصار وعلى التهذيب وفي كتاب ضوابط الرضاع قد نبهنا على فساد قوله وأوضحنا حال الرجل. وفي الكافي في بعض أبواب كتاب الصوم، محمد بن يحيى عن بنان بن محمد عن أخيه عبد الرحمن بن محمد (1). وعلى هذا فيكون أحمد وبنان وعبد الرحمن ثلاثة أخوة، وهم أبناء محمند بن عيسى. ومن أعا جيب الاوهام تحامل (2) احتمال الواو مكان " ابن " في قول الشيخ في الاستبصار في باب الجهر ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " فأما ما رواه سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير (3). ونفى البعد عن كون محمد هو محمد ابن محمد بن عيسى، فيكون أخا أحمد بن محمد بن عيسى. فلم يبلغني عن أحد فيما وقع الي إلى الان أن لمحمد بن عيسى ابنا يقال له: محمد، فلا تكونن من المتوهمين.
________________________________________
1) الكافي: 4 / 174 باب الفطرة ح 22 2) تحامله صاحب المنتقى " منه " 3) الاستبصار: 1 / 312 (*)
________________________________________
[ 192 ]
عبد الله عليه السلام قال كان بلال عبدا صالحا وكا ن صهيب عبد سوء كان يبكي على عمر. أسامة بن زيد 80 - حدثنا محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد قال حدثني محمد - قوله عليه السلام: وكان بلال عبدا صالحا وروى الصدوق أبو جعفر ابن بابويه رضوان الله تعالى عليه في الفقيه عن أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: ان بلالا كان عبدا صالحا فقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فترك يومئذ " حي على خير العمل " (1). وفي الفقيه أيضا: روي منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هبط جبرئيل عليه السلام بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رأسه في حجر علي عليه السلام فأذن جبرئيل عليه السلام وأقام، فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا علي سمعت ؟ قال: نعم يار سول الله فقال: حفظت ؟ قال: نعم قال: ادع بلا لا فعلمه، فدعا بلا لا فعلمه (2). أسامة بن زيد قال الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في باب الصحابة: أسامة بن زيد بن شراحيل مولى رسول الله صلى الله عليه وآله أمه أم أيمن اسمها بركة مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله كنيته أبو محمد، ويقال: أبو زيد (3). شراحيل بفتح الشين المعجمة وكسر الحاء المهملة. وقال في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: أسامة بن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، والاصل من كليب ونسبه معروف (4).
________________________________________
1) من لا يحضره الفقيه: 1 / 184 2) من لا يحضره الفقيه: 1 / 183 3) رجال الشيخ: 3 4) رجال الشيخ: 34 (*)
________________________________________
[ 193 ]
ابن أحمد، عن سهل بن زاذويه، عن أيوب بن نوح، عمن رواه، عن ابي مريم الانصاري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الحسن بن علي عليه السلام كفن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة. - وقال ابن عبد البر: أبو محمد اسامة بن زيد بن حارثة الحب بن الحب، أمه أم أيمن، وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان النبي يحبه حبا شديا، واستعمله وهو ابن ثماني عشرة سنة (1). وفي مختصر الذهبي: أسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وآله وابن حبه، مات 54، الحب بالكسر المحبوب. وفي الصحاح والقاموس: شراحيل لا ينصرف عند سيبويه في معرفة ولا نكرة، لانه بزنة جمع الجمع، وعند الاخفش ينصرف في النكرة فإذا حقرته انصرف عندها لانه عربي، وفارق السر اويل لانها أعجمية (2). فقد علم مما ذكرنا أن والد أسامة بن زيد زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي - وليس هو زيد بن حارثة الاوسي الانصاري. ذكره الشيخ أيضا في باب الصحابة وقال: وليس بأبي اسامة بن زيد (3). قوله رحمه الله تعالى: عمن رواه عن أبي مريم الانصاري وهو عبد الغفار الجازي، وقد سبق في ترجمة سهل بن حنيف. والشيخ رحمه الله في التهذيب روى هذا الحديث عن أيوب بن نوح عمن رواه عن أبي مريم الانصاري، كما رواه أبو عمرو الكشي، ورواه ايضا بسند متصل صحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل بن بزيع عن علي بن
________________________________________
1) الاستيعاب: 1 / 57 المطبوع على هامش الاصابة 2) الصحاح: 5 / 1734 والقاموس 3 / 400 3) ذكره في أصحاب على (عليه السلام) قال: زيد بن حارثة وليس بأبى أسامة بن زيد، الرجال ص 42 (*)
________________________________________
[ 194 ]
81 - محمد بن مسعود، قال أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، عن محمد بن زياد، عن سلمة بن محرز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ألا أخبركم بأهل - نعمان عن أبي مريم الانصاري قال: سمعت أبا جعفر يقول الحديث (1). قوله رحمه الله تعالى: أحمد بن منصور عن أحمد بن الفضل محمد بن منصور بن نصر الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام يقال له: أحمد بن منصور، وقد نقلنا ذلك فيما سبق عن الشيخ في كتاب الرجال. وأحمد بن الفضل الخزاعي من أصحاب أبي الحسن الكالظم عليه السلام واقفي قاله الشيخ أيضا في كتاب الرجال (2). فالطريق به ضعيف ولو لاه لكان الطريق قويا بأحمد بن منصور وبسملة بن محرز (3) القلانسي الكوفي أيضا، وهو من أصحاب أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله الصادق عليهما السلام. وأما محمد بن زياد وهو محمد بن الحسن بن زياد العطار يقال له: محمد بن زياد ثقة (4). قال العلامة في الخلاصة: قال الكشي: روي أنه رجع ونهينا أن نقول الاخيرا في طريق ضعيف، ذكرناه في كتابنا الكبير، ثم قال: والاولى عندي الوقف في روايته (5). قلت: لابل الاولى قبول روايته لصحيحة أبي مريم الانصاري من طريق التهذيب في تكفين مولانا أبي محمد الحسن عليه السلام اياه (6)، وسائر الروايات المتعاضدة
________________________________________
1) تهذيب الاحكام: 1 / 296 2) رجال الشيخ: 344 3) بضم الميم واسكان الحاء المهملة وكسر الراء والزاء أخيرا " منه " 4) راجع رجال النجاشي: 285 5) الخلاصة: 23 6) تهذيب الاحكام: 1 / 296 (*)
________________________________________
[ 195 ]
الوقوف، قلنا: بلى. قال أسامة بن زيد وقد رجع فلا تقولوا الاخيرا، ومحمد بن مسلمة، وابن عمر مات منكوبا. في أن أمير المؤمنين عليه السلام قد عذره في الوقوف على متابعته ومبايعته ودعوة الناس إليه، واظهار أن الحق فيه ومعه وفيما قد وقع منه من الممايلة والمسايرة مع اولئك الاقوام والمواتاة لهم والمجازات والمماشاة معهم، ونقض الميثاق الذي قد أخذه منهم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الغدير، ومراعاة العهد الذي كان جري بينه وبينهم بعده. ولان الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال أورده في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام (1) ولم يطعن (2) له أصلا. ولتظافر الاخبار في أنه كان حب رسو ل الله صلى الله عليه وآله وابن حبه (3). ومن الصحيح الثابت عند نقلة الاخبار وجملة الروايات أن أسامة بن زيد لم يبايع أبا بكر حتى مات وقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني عليك فمن أمرك علي. قوله عليه السلام: ومحمد بن مسلمة وابن عمر مات منكوبا يعنى محمد بن مسلمة أيضا رجع بعد الوقوف كما أسامة، فلا تقولوا فيه الاخيرا، وابن عمر من أهل الوقوف ولم يرجع ومات منكوبا. أو يعني كل منهما مات منكوبا - بالنون قبل الكاف والباء الموحدة بعد الواو - أي معد ولا به عن طريق الحق وعن سبيل الاستقامة. يقال: نكب عن الطريق إذا عدل عنه: ونكب به عنه غيره ونكبه عنه تنكيبا إذ أحرفه وأزاغه عنه، وطريق منكوب على غير قصد واستقامة. محمد بن مسلمة ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في باب الصحابة (4).
________________________________________
1) رجال الشيخ: 34 2) وفي " ن " فيه 3) رواه في جامع الاصول: 10 / 26 و 27 4) رجال الشيخ: 27 (*)
________________________________________
[ 196 ]
[... ] - وفي جامع الاصول: هو أبو عبد الله وقيل: أبو عبد الرحمن محمد بن مسلمة ابن خالد بن مجدعة بن الحارث بن عمرو بن ملك بن أوس الانصاري الحارثي الاشهلي، وقيل: في نسبه غير ذلك. شهد المشاهد كلها الافي تبوك، وكان من فضلاء الصحابة، وكان من الذين أسلموا على يد مصعب بن عمر بالمدينة، ومات بها سنة ثلاث، وقيل: ست، وقيل: سبع وأربعين، وهو ابن سبع وسبعين سنة، وفي نسبة خلاف غير ما قيل أولا. مجدعة بفتح الميم وسكون الجيم وفتح الدال المهملة. وفي مختصر الذهبي: محمد بن مسلمة الخزرجي بدري جليل، مات في عشر ثمانين بالمدينة سنة 43. " ابن عمر " هو عبد الله بن عمر بن الخطاب ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة (1). وفي جامع الاصول: أسلم مع أبيه بمكة وهو صغير، وقد ذهب قوم إلى أنه أسلم قبل أبيه ولم يصح، ولم يشهد بدرا واختلفوا في شهوده أحدا. والصحيح أن أول مشاهده الخندق وقيل: انه استصغر يوم بدر وأجازه النبي صلى الله عليه وآله يوم أحد، وروى نافع أنه رده يوم أحد لانه كان ابن اربع عشر سنة، وشهد ما بعد الخندق من المشاهد، وكان من أهل الورع والعلم والزهد شديد التحري والاحتياط والتوقي في فتياه. ولد قبل الوحى بسنة، ومات بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر وقيل: بسنة أشهر، ودفن بذي طوى في مقبرة المهاجرين، وقيل: دفن بفخ، وله أربع وثمانون سنة، وقيل: ستة وثمانون، روى عنه خلق كثير، منهم ابناه سالم وحمزة ونافع مولاه انتهى كلام جامع الاصول.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 22 (*)
________________________________________
[ 197 ]
82 - قال أبو عمرو الكشي: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني، قال حدثني جعفر بن محمد المدايني، عن موسى بن القاسم العجلي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهما السلام قال: كتب علي عليه السلام إلى والي المدينة لا تعطين سعدا ولا ابن عمر من الفئ شيئا، فأما أسامة بن زيد - ومن تعاجيب الاوهام الفاسدة لبعض من أدرك عصرنا حسبانه أن ابن عمر في هذا الحديث هو الذي تقدم انه قال لمعاوية يوم قتل عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه: اني معكم ولست أقاتل ان أبي شكاني إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله " أطع أباك مادام حيا ولا تعصه " فأنا معكم ولست اقاتل (1). فيا عجبا لهذا المتوهم كيف اعتراه هذا الحسبان، ولم يعلم أن ذاك عبد الله بن عمرو بن العاص كان في معسكر معاوية مع أبيه، وذا عبد الله بن عمر بن الخطاب فارق معسكر معاوية إذ شاهد قتل عمار، لقول النبي صلى الله عليه وآله: تقتله الفئة الباغية. ولم يرجع إلى أمير المؤمنين عليه السلام بل خرج من عند معاوية منصرفا إلى الحجاز وأقام بمكة إلى أن توفى بها. قوله رحمه الله تعالى: وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني وهو محمد بن أحمد بن نعيم النيسابوري الشاذاني - بالمعجمتين والنون - من أصحاب أبي محمد العسكري عليه السلام، أنفذ بما اجتمع عنده من مال الغريم إليه عليه السلام وزاده من ماله، فورد عليه الجواب منه عليه السلام قد وصل الي ما أنفذت إلى من خاصة مالك وهو كذا وكذا تقبل الله منك. قوله عليه السلام: لا تعطين سعدا ولا ابن عمر ومن الفئ شيئا يعني سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر. قال المسعودي في مروج الذهب: حدث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري،
________________________________________
1) القائل هو الرجالي الميزا محمد الاسترابادي في كتاب منهع المقال: 209 (*)
________________________________________
[ 198 ]
[... ] - عن محمد بن حميد الرازي، عن أبي مجاهد، عن محمد بن اسحاق، عن ابن ابي نجيح، قال: لما حج معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلما فرغ انصرف معاوية إلى دار الندوة وأجلسه معه على سريره ووقع في علي عليه السلام وشرع في سبه، فزحف سعد. ثم قال: أجلستني معك علي سريرك، ثم شرعت في سب علي، والله لا ن تكون لي خصلة واحدة من خصال كانت لعلي أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله لان أكون صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وأن لي من الولد ما لعلي أحب الي من أن يكون لى ما طلعت عليه الشمس. والله لا يكون رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي ما قال له يوم خيبر: " لاعطين الراية رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرارا ليس بفرار يفتح الله على يديه " أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس. والله لان يكون صلى الله عليه وآله قال لي ما قال له في غزوة تبوك: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لانبي بعدي " أحب الي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، وايم الله لادخلت لك دارا ما بقيت ثم نهض. ووجدت في وجه آخر من الروايات أن سعدا لما قال لمعاوية هذه المقالة ثم نهض ليقوم قال له معاوية: فهلا نصرته ؟ ولم تكن قعدت عن بيعته. وكان سعد وأسامة بن زيد وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة ممن قعد عن بيعة علي بن أبي طالب، وأبوا أن يبايعوه، وغيرهم مما ذكرنا من القعود عن بيعته، وذلك أنهم قالوا: انها فتنة انتهى كلام مروج الذهب (1). وقد ذكر قبل هذا الكلام نقلا عن أبي مخنف لوط بن يحيى وغيره أن هؤلاء المتخلفين قد رجعوا إليه أخيرا وبايعوه عليه السلام جميعا
________________________________________
1) مروج الذهب: 3 / 14 (*)
________________________________________
[ 199 ]
فاني قد عذرته في اليمين التي كانت عليه. - قوله عليه السلام: فانى قد عذرته في اليمين التى كانت عليه يقال: عذرته وأعذرته فهو معذور ومعذر، يعني عليه السلام قبلت عذره وصدقته في اليمين التي كانت عليه في ذلك فقد أتي فيه بما كان يجب عليه وحلف على وجه يتسوجب القبول والتصديق. قال ابن الاثير في النهاية: في الحديث " يمينك على ما يصدقك به صاحبك " أي يجب عليك أن تحلف له على ما يصدقك به إذا حلفت له (1). قوله عليه السلام: فانى قد عذرته في اليمين التى كانت عليه وهي يمينه بعد قتله مرداس والمعاتبة على ذلك التنزيل الكريم ان لا يقتل من بعد من يقول " لا اله الا الله " أبدا. وبيانه: أن رجلا كان يقال له مرداس من أهل فدك أسلم ولم يسلم من قومه غيره، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية يغزوهم، فهربوا وبقي مرداس ولم يكن من الهاربين متكلا على اسلامه، واذ رأي الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول في الجبل وصعد فلما تلاقوا وكبروا كبر ونزل وقال: لا اله الا الله محمد رسول الله السلام عليكم، فقتله اسامة بن زيد واستار غنمه فأخبروا بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فوجد عليه وجدا شديدا وقال: قتلتموه ابتغاءا لما معه وطمعا فيه. فنزل قوله سبحانه وتعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا " (1) الاية فحلف أسامة أن لا يقتل رجلا يقول لا اله الا الله، وبذلك اعتذر أمير المؤمنين عليه السلام حيث تخلف عنه في وقعة الجمل وقتال الناكثين. وهذا مدخول غير مقبول لوجوب طاعته عليه السلام على أنه كان قد سمع
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير: 5 / 302 2) النساء: 94 (*)
________________________________________
[ 200 ]
[... ] - رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام حربك حربي وسلمك سلمي وأنك تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين، وغير ذلك مما سد على المتخلفين باب الاعتذار، ولكن العذر عند كرام الناس مقبول، ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله وتسليماته عليه أعلم بالقضايا والاحكام فليعلم (1) أبو سعيد الخدرى ذكره الشيخ رحمه الله في الصحابة قال: سعد أبو سعيد الخدري (2)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: سعد بن مالك الخزرجي يكنى أبا سعيد الخدري الانصاري العربي المدني (3). وأبو الحسن المسعودي أورده في عداد الذين قعدوا وتثبطوا عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ثم ذكر أنهم رجعوا إليه عليه السلام واعتذروا وبايعوا جميعا. " الخدري " بضم الخاء وسكون الدال المهملة منسوب إلى خدرة، واسمه الابحر ابن عوف بن حارث، وقيل: خدرة أم أبحر والاول أشهر، وهم بطن من الانصار كذا في جامع الاصول. وفي المغرب: خدرة بالسكون حي من العرب إليهم ينسب أبو سعيد الخدري. قال ابن عبد البر: أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الخدري، قال أبو سعيد: عرضت يوم أحد على النبي صلى الله عليه وآله وأنا ابن ثلاث عشرة فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يارسول الله انه عبل العظام وان كان مؤدنا أي قصيرا، وجعل النبي صلى الله عليه وآله يصعد في ويصوب.
________________________________________
1) هذه التعليقة توجد في نسخة " م " فقط، بخط السيد الداماد رحمه الله. 2) رجال الشيخ: 20 3) رجال الشيخ: 43 (*)
________________________________________
[ 201 ]
أبو سعيد الخدرى 83 - حمدويه، قال حدثنا أيوب، عن عبد الله بن المغيرة، قال حدثني ذريع عن أبي عبد الله عليه السلام قال، ذكر أبو سعيد الخدري، فقال: كان من أصحاب رسول الله - ثم قال: رده فردني فخرجنا نتلقى رسول الله حين أقبل من أحد، فنظر الي فقال: سعد بن مالك ؟ قلت: نعم يأبي وأمي، فدنوت فقبلت ركبته، فقال: آجرك الله في أبيك وكان قتل يومئذ شهيدا. توفي أبو سعيد في يوم الجمعة سنة أربع وسبعين ودفن بالبقيع، وهو ابن أربع وتسعين (1). قال الذهبي: سعد بن مالك أبو سعد الخدري من أصحاب الشجرة فقيه، عنه ابن المسيب وابو بصيرة، توفي 74. قلت: أبو سعيد الخدري كان على الاستقامة ومات على الاستقامة، شهد الجمل والصفين والنهروان، وهو ممن يروي حديث المارقة الخوارج، ووصف المخدج ذي الثدية منهم، وقتله يوم النهروان على صفته التي كان يخبر بها أمير المومنين عليه السلام قوله رحمه الله تعالى: قا ل حدثني ذريح هو أبو الوليد ذريح - باعجام الذال المفتوحة وكسر الراء واسكان الياء المثناة من تحت واهمال الحاء أخيرا - ابن محمد بن يزيد المحاربي عربي من بني محارب بن خصفة. ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب الصادق عليه السلام (2). وقال في الفهرست: ثقة له أصل (3).
________________________________________
1) الاستيعاب لابن عبد البر مطبوع على هامش الاصابة: 4 / 89 2) رجال الشيخ: 191 3) الفهرست: 95 (*)
________________________________________
[ 202 ]
وكان مستقيما، قال: فنزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حملوه إلى مصلاه فمات فيه. 84 - محمد بن مسعود، قال حدثني الحسين بن أشكيب، - والعلامة في الخلاصة نقل عن الشيخ توثيقه (1)، ولست أجد في الاخبار لتوثيقه مستندا. والنجاشي لم يوثقه وقال: روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ذكره ابن عقده وابن نوح له كتاب يرويه عدة من أصحابنا (2) وانما ذلك ضرب من المدح. قال السيد جمال الدين أحمد بن طاوس في اختياره من كتاب الكشي: لم أجد فيه ما يوصف به من مدح له طائل أو ذم في هذا الكتاب. قلت: وسنتلو عليك حق القول فيه حيث يحين حينه في ترجمته انشاء الله العزيز، والان نقول طريق هذا الحديث صحيح أو حسن بذريح المحاربي. قوله عليه السلام: وكان مستقيما أي كان حنيف الدين مستقيم المذهب قويم الاعتقاد، واشتد عليه النزع ثلاثة أيام فغسله أهله. اما بالتخفيف أي غسلوه من الاقذار أي وضأوه، أي تولوا وضوءه، أي تولوا وضوءه، تعبيرا عن الوضوء بالغسل الذي هو أول أجزائه. واما بالتثقيل من التغسيل، أي تولوا ماكان عليه من غسل الجنابة، ثم حلموه إلى مصلاه، وذلك من السنن المأثورة، فمات رضي الله تعالى عنه. قوله رحمه الله تعالى: قال حدثنا الحسين بن اشكيب الحسين بالتصغير، وأشكيب بالاعجام بعد الهمزة، وقيل: بالاهمال، والحسين هو خادم القبر.
________________________________________
1) الخلاصة: 70 2) رجال النجاشي: 124 (*)
________________________________________
[ 203 ]
قال أخبرنا محمد بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن ليث المرادي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان أبا سعيد الخدري كان قد رزق هذا الامر، وأنه اشتد نزعه فأمر أهله أن يحملوه إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه ففعلوا فما لبث أن هلك. - قوله رحمه الله تعالى: أخبرنا محمد بن أحمد هكذا في نسخ كثيرة وهو اما محمد بن أحمد حماد أبو علي المحمودي المروزي من أصحاب أبي الحسن الثالث الهادي عليه السلام وهو الاظهر. أو محمد بن أحمد بن اسماعيل بن بزيع، من أصحاب أبي الحسن الاول الكاظم، وأبي الحسن الثاني الرضا، وأبي جعفر الثاني الجواد عليهما السلام، وابن أخي محمد بن اسماعيل بن بزيع. أو محمد بن أحمد بن قيس بن غيلان من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام والمحمدون كلهم ثقاة، فالطريق صحي على كل حال بأيان بن عثمان. وفى طائفة من النسخ " محسن " مكان " محمد "، وهو أبو أحمد البجلي محسن ابن أحمد القيسي من موالي قيس بن غيلان، يروى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ذكره الشيخ (1) والنجاشي (2) والطريق به حسن. قوله عليه السلام: كان قد رزق هذا الامر أي دين التشيع والولاية لاهل البيت عليهما السلام، واشتد نزعه فأمر أهله أن يحملوه إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه ففعلوا فما لبث أن هلك. وفي الحديث: عن أنه قال عند موته: ائتونى بثياب جدد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " يحشر المرء في ثيابه التي مات فيها " وكأنه صلى الله عليه وآله أراد بها ثياب الروح النورية الملكوتية من العلوم والاعتقادات والاخلاق والملكات، لاثياب البدن الظلماني الهيولاني من البرد والصوف والقطن والكتان.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 393 2) رجال النجاشي: 331 (*)
________________________________________
[ 204 ]
85 - حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين ابن عثمان، عن ذريح، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي بن الحسين عليهما السلام - ومعني الحديث: أن مدار السعادة في النشأة الاخرة على حسن الخاتمة في هذه النشأة، فالمرء يحشر في ثيابه الروحانية التي هي خاتمة حال نفسها المجردة بحسب العقيدة والعمل. قال ابن الاثير في النهاية: وفي حديث الخدري لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم ذكر عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: " ان الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها ". قال الخطابي: أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث قال: وقد تأوله بعض العلماء على المعنى وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشر وعمله الذي يختم له به. ويقال: فلان طاهر الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبرائة من العيب، وجاء في تفسير قوله تعالى " وثيابك فطهر " أي عملك فاصلح. ويقال: فلان دنس الثياب إذا كان خبيث الفعل والمذهب، وهذا كالحديث الاخر يبعث العبد على ما مات عليه قال الهروي: وليس قول من ذهب به إلى الاكفان بشئ، لان الانسان انما يكفن بعد الموت انتهى كلام النهاية (1). قوله رحمه الله تعالى: قال حدثنا يعقوب بن يزيد الطريق صحيح على المشهور، وحسن بذريح المحاربي على ما يستبين حاله من الاخبار، بل صحي للاجماع على تصحيح ما يصح عن ابن أبي عمير، فكلما صح الطريق إليه ولم تكن روايته عن محكوم عليه بالضعف كان السند صحيا، سواء عليه أكان أرسل أم أسند عن ثقة غير أمامي، أو امامي ممدوح لا تصريح فيه بالتوثيق،
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير: 1 / 227 - 228 (*)
________________________________________
[ 205 ]
يقول: اني أكره للرجل أن يعافي في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصائب، ثم ذكر أن أبا سعيد الخدري كان مستقيما نزع ثلاثة أيام فغسله أهله ثم حمل إلى مصلاه فمات فيه. جابر بن عبد الله الانصاري 86 - حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان أو عن امامي فيه ولاذم أصلا، على ما قد حققناه في الرواشح السماوية (1). - قوله عليه السلام: انى لا كره للرجال أن يعافا في الدنيا ولا يصيبه شئ من المصايب وذلك لان المصيبة كفارة للذنب، والبلية مجلبة للاجر ومقنصة للمثوبة. وفي الخبر من طريق رئيس المحدثين أبي جعفر الكليني وغيره: المؤمن لا يخلو من قلة أو علت أو ذلة وربما اجتمعت الثلاث (2). قوله عليه السلام: ان أبا سعيد الخدري كا مستقيما نزع ثلاثة ايام يعني عليه السلام انه ابتلى لذلك لزيادة التمحيص ولجزالة المثوبة. جابر بن عبد الله الانصاري ليعلم ان جابر بن عبد الله الصحابي الانصاري مشترك بين الاثنين، وقد التبس الامر فيهما على غير واحد ممن لم يتمهر في المعرفة بأحوال الرجال، بل على بعض من تمهر ايضا، فها أبو عبد الله الذهبي من العامة قد وقع في هذا الالتباس، وكذلك بعض من الخاصة. احدهما: الصحابي المشهور الكبير العظيم الشأن من عظماء الصحابة، وهو الذي نحن في ترجمته وبيان حاله، جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام بن ثعلبة
________________________________________
1) الرواشح السماوية: 40 2) روى نحوه في الكافي: 2 / 190 (*)
________________________________________
[ 206 ]
[... ] - الانصاري العقبي، شهد العقبة مع السبعين وكان اصغرهم، كنيته أبو عبد الله وقيل أبو عبد الرحمن قاله ابن عبد البرقي كتاب الصحابة (1)، وابن الاثير في جامع الاصول وعلو مرتبته في صحة العقيدة واستقامة الطريقة وخلوص الانقطاع عن الاقوام إلى اهل البيت صلى الله عليهم مما لا امتراء فيه. قال الشيخ رحمه الله في كتاب الرجال في باب الصحابة: جابر بن عبد الله بن عمر بن حزام نزل المدينة شهد بدرا وثمانية عشر غزوة مع النبي صلى الله عليه وآله، مات سنة ثمان وسبعين (2). حزام باهمال الحاء المكسورة قبل الزاء قاله في القاموس (3) وغيره، وهو الصحيح، وضبطه بعضهم بالراء بعد الحاء المفتوحة. وقال الشيخ في باب اصحاب امير المؤمنين عليه السلام: جابر بن عبد الله الانصاري العرني الخزرجي (4). بالراء المفتوحة بين العين المهملة المضمومة والنون نسبة إلى العرنة، وقيل: إلى العرنية بطن من بحلية. في المغرب: عرنة واد بحذاء عرفات، وبتصغيرها سميت عرينية، وهي قبيلة ينسب إليها العرنيون. وفي القاموس: العرينة كجهينة، منهم العرنيون المرتدون، وبطن عرنة كهمزة بعرفات، وليس من الموقف (5). وقال الشيخ في اصحاب ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام: جابر بن عبد الله
________________________________________
1) الاستيعاب: 1 / 221 وفيه حرام بالراء المهملة 2) رجال الشيخ: 12 3) القاموس: 4 / 96 4) رجال الشيخ: 38 وفيه العربي بدل العرنى 5) القاموس: 4 / 247 (*)
________________________________________
[ 207 ]
[... ] - الانصاري (1). وكذلك في أصحاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام (2). وقال في أصحاب سيد الساجدين أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام: جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله (3). وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهما السلام: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام أبو عبد الله الانصاري صحابي (4). وقال رحمه الله تعالى في مصباح المتهجد في زيارة الاربعين وهو العشرون من صفر: في يوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله، وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وكان أول من زاره من الناس، وتستحب زيارته عليه السلام وهي زيارة الاربعين (5). قلت: ماقاله الشيخ رحمه الله أنه رضي الله تعالى عنه شهد بدرا هو الاصح. وقال ابن عبد البر: وأراد جابر شهود بدر فخلفه أبوه على أخواته وكن تسعا وخلفه أبوه يوم أحد أيضا وشهد ما بعد ذلك، وكان له من الولد عبد الرحمن ومحمد وحميد وميمونة وأم حبيب، ومات سنة ثمان وسبعين وهو ابن أربع وتسعين. وقال أبو الحسن المسعودي في مروج الذهب: مات جابر بن عبد الله الانصاري في أيام عبد الملك بن مروان بالمدينة، وذلك في سنة ثماني وسبعين، وقد ذهب بصره
________________________________________
1) رجال الشيخ: 66 2) رجال الشيخ: 72 3) رجال الشيخ: 85. وفيه حرام بالراء المهملة 4) رجال الشيخ: 111 5) مصباح المتهجد 730 (*)
________________________________________
[ 208 ]
[... ] - وهو ابن نيف وتسعين سنة، وقد كان قدم إلى معاوية بدمشق فلما اذن له قال يا معاوية: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من حجب ذا فاقة وحاجة حجبه الله، يوم فاقته وحاجته، فغضب معاوية وقال: وأنت قد سمعته يقول: " انكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تردوا علي الحوض " فهلا صبرت. قال: ذكرتني ما نسيت، وخرج فاستوى على راحلته، ومضى فوجه إليه معاوية بستمائة دينار، فردها وقال لرسوله: قل يابن آكلة الاكباد: والله لاوجدت في صحيفتك سنة أنا سببها أبدا انتهى كلام مروج الذهب (1). وفي الكشاف: في قوله عز سلطانه آخر سورة يونس " واتبع ما يوحى اليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين " وروي أنها لما نزلت جمع رسول الله صلى الله عليه وآله الانصار فقال: انكم ستجدون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني، يعني أمرت في هذه الاية بالصبر على ما سامتني الكفرة فصبرت فاصبروا أنتم على ما يسومكم الامراء الجورة. قال أنس: فلم نصبر، وروي ان ابا قتادة تخلف عن تلقي معاوية حين قدم المدينة وقد تلقته الانصار، ثم دخل عليه فقال له: مالك لم تتلقنا ؟ فقال: لم يكن عندنا دواب فقال: أين النواضح ؟ قال: قطعناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الانصار انكم ستلقون بعدي أثرة، قال معاوية فماذا قال ؟ قال: فاصبروا حتى تلقوني قال: فاصبروا، قال: اذن نصبر فقال عبد الرحمن ابن حسان: الا أبلغ معاوية بن حرب * أمير الظالمين نثا كلامي بأنا صابرون فمنظروكم * إلى يوم التغابن والخصام انتهى كلام الكشاف (2).
________________________________________
1) مروج الذهب: 3 / 115 2) الكشاف: 2 / 256 - 257 (*)
________________________________________
[ 209 ]
ابن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن معاوية بن عمار، عن أبي الزبير المكي، قال سألت جابر بن عبد الله، فقلت أخبرني أي رجل كان علي بن أبي طالب ؟ قال: - وثانيهما جابر بن عبد الله بن رآب السلمي الانصاري. وذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في عداد الصحابة بعد جابر ابن عبد الله بن عمرو بن حزام فقال: جابر بن عبد الله بن رئاب السلمي سكن المدينة، روى عن أنس حديثين كنيته أبو ياسر (1). رئاب بالراء المكسورة والهمزة بعدها. في القاموس: رأب الصدع كمنع، أصلحه وأشعبه كأرتابه، ورئاب ككتاب، والد هارون بن رئاب الصحابي البدري، ورئاب بن عبد الله المحدث، وجد جابر ابن عبد الله الصحابي، وجد زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنهم (2). والسلمي باهمال السين المفتوحة وكسر اللام. في المغرب: السلمة - بفتح السين وكسر اللام - الحجر، وبها سمي بنو سلمة بطن من الانصار. قوله رحمه الله: عن أبي الزبير المكى الطريق إلى أبي الزبير صحيح، وأبو الزبير المكي معروف الرواية عن جابر رضي الله تعالى عنه، ومعاوية بن عمار معروف الرواية عنه، وكذلك فضيل بن عثمان. قال الذهبي في مختصره: جابر بن عبد الله السلمي عقبي، عنه بنوه محمد وعبد الرحمن وعقيل وابن المنكدر وأبو الزبير وخلق، مات 78. وقال معاوية بن عمار الدهني، ودهن بالضم حي من بحيلة، ويقال: دهن بالتحريك، عن أبي الزبير وجعفر بن محمد، وعنه معبد بن راشد وقتيبة، ثقة
________________________________________
1) رجال الشيخ: 12 2) القاموس..... (*)
________________________________________
[ 210 ]
فرفع حاجبيه عن عينيه وقد كان سقط على عينيه، قال، فقال ذاك خير البشر أما والله ان كنا لنعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم أياه. - قوله رضى الله تعالى عنه: ان كنا لنعرف المنافقين ان بكسر الهمزة واسكان النون على المخففة من المثقلة ويبطل التخفيف عملها وتدخل على الجملة الاسمية مثل ان زيد لمنطلق، وعلى الجملة الفعلية ان كان زيد لكريما. والفعل الذي تدخل عليه ان المخففة يجب أن يكون مما يدخل على المبتدأ والخبر، واللام لازمة لخبرها، وهي التي تسمي " الفارقة " لانها تفرق بين ان المخففة وان النافية. وتكون أيضا ان زائدة في الكلام للتحبير والتزيين، إذا لم يكن مستعملة مع اللام. وروى أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعا عن أبي الزبير قال: قلت لجابر كيف كان علي فيكم ؟ قال: ذاك خير البشر، ماكنا نعرف المنافقين الا ببغضهم اياه (1). وروى مرفوعا إلى أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني (2). وعن أبي سعيد الخدري مسندا قال: كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ببغضهم عليا (2). وعن زيد بن أرقم: ما كنا نعرف المنافقين الا ببغضهم عليا (4).
________________________________________
1) رواه الخوارزمي في المناقب: 231 والطبري في ذخائر العقبي: 91 2) رواه الحاكم في المستدرك: 3 / 123 و 146 والذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 323 3) رواه الترمذي في صحيحه: 13 / 168 وابن الجوزى في تذكرة الخواص: 32 4) احمد بن حنبل في مسنده: 6 / 296 ومسلم في صحيحه: 1 / 86 وذخائر العقبى: 91 والنسائي في خصائصه: 37 والطرائف للسيد ابن طاوس: 69 (*)
________________________________________
[ 211 ]
[... ] - وروى البغوي في المصابيح من الصحاح: أن عليا عليه السلام قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي الامي الي أنه لا يحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق (1). ورواه مسلم في صحيحه عن زربن حبش عن علي عليه السلام (2). وفي صحاح أصولهم ومسانيدهم بأسانيد متشعبة وطرق شتى أنه صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق (3). وقال: لو لا انت لم يعرف حزب الله. وقال صلى الله عليه وآله من زعم أنه آمن بما جئت به وهو يبغض عليا، فهو كاذب ليس بمؤمن (4). وانه صلى الله عليه وآله كان جالسا فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كذب من زعم أنه تولاني وأحبني وهو يعادي هذا ويبغضه، والله لا يبغضه ويعاديه الا كافر أو منافق ولد زنية (5). وقال: من تولاه فقد تولاني ومن تخلاه فقد تخلاني (6). وأنه صلى الله عليه وآله قال: علي مع الحق والحق مع علي، يدور معه حيث ما دار (7). قال: يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة (8).
________________________________________
1) مصابيح السنة للبغوي: 1 / 201 ط الخيرية بمصر 2) صحيح مسلم: 1 / 60 3) راجع الطرائف: 69 المطبوع بقم، ورواه احمد في مسنده 6 / 292 4) رواه الخوارزمي في المناقب: 45 ط تبريز 5) روى نحوه احمد بن حنبل في مسنده: 1 / 84 ط مصر 6) رواه ابن المغازلى في المناقب: 231 7) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 14 / 321 8) رواه الترمذي في المناقب المرتضوية: 113 ط بمبئى وابن الجوزى في التذكرة: 59 (*)
________________________________________
[ 212 ]
[... ] - وبالجملة من القطعيات المتواترات أن حب النبي عليه وآله الصلاة والتسليم والتصديق ما لم يكن مقرونا بحب علي عليه السلام ومعرفة حقه والاستيقان بمنزلته، لم يكن مخرجا للمرأ من هوة الكفر والنفاق، ولا مدخلا اياه في طوار الدين والايمان. نقل وتذييل أوردت في بعض معمولاتي ومعلقاتي كلاما بهذه الالفاظ: لله در امام المتشككين وعلامة المتكلفين من أعاظم علماء العامة فخر الدين الرازي، ولى فيه وجهته، شطر كعبة الحق، وآثر في سلوكه سبيل مسلك الانصاف، ومن ذلك ما قد أنطفه الله بالقول الفصل الثابت في التفسير الكبير حيث قال في حجج الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم: الحجة الثالثة أن الجهر بذكر الله يدل على كونه منتخرا بذلك الذكر غير مبال بانكار من ينكره، ولاشك أنه مستحسن في العقل فيكون في الشرع كذلك، لقوله عليه السلام " ما رأه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ". ومما يقوى هذا الكلام أيضا ان الاخفاء والاسرار لا يليق الا بما يكون عيبا ونقصانا، فيخفيه ويستره لئلا ينكشف ذلك العيب، اما الذي يفيد أعظم الورع الفخر والفضيلة في الحقيقة، فيكف يليق بالعاقل اخفاؤه ؟ ومعلوم انه لا منقبة للعبد أعلى وأكمل من كونه ذاكر الله بالتعظيم، ولهذا قال صلى الله عليه وآله: طوبي لمن مات ولسانه رطب من ذكر الله " وكان علي بن ابي طالب عليه السلام يقول: يامن ذكره شرف للذاكرين، ومثل هذا كيف يليق بالعاقل ان يسعى في اخفائه ؟ ولهذا السبب نقل أن عليا عليه السلام كان مذهبه الجهر ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " في جميع الصلوات. واقول: ان هذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي لاتزول بسبب كلمات المخالفين. الحجة الرابعة: ما رواه الشافعي بأسناده أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم، ولم
________________________________________
[ 213 ]
[... ] - يقرء " بسم الله الرحمن الرحيم " ولم يكبر عند الخفض إلى الركوع والسجود. فلما سلم ناداه المهاجرين والانصار يا معاوية ! سرقت من الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير عند الركوع والسجود ؟ ثم انه اعاد الصلاة مع التسمية والتكبير. قال الشافعي: ان معاوية كان سلطانا عظيم القوة شديد الشوكة، فلولا ان الجهر بالتمسية كان كالامر المتقرر عند كل الصحابة من المهاجرين والانصار، والا لما قدروا على اظهار الانكار بسبب ترك التسمية. الحجة الخامسة: روى البهيقي في السنن الكبير عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجهر في الصلاة ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم ان البيهقي روى الجهر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن الزبير. وأما أن عليا عليه السلام كان يجهر بالتسمية، فقد ثبت بالتواتر، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب عليه السلام فقد اهتدى، والدليل قوله صلى الله عليه وآله: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار انتهى كلامه بعبارته (1). ثم قال: وأقول: ان أنسا وابن المغفل خصصا عدم ذكر بسم الله الرحمن الرحيم للخلفاء الثلاثة، ولم يذكرا عليا، وذلك يدل على اطباق الكل على أن عليا عليه السلام كان يجهر ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم ". وأيضا هاهنا تهمة أخرى وهى أن عليا عليه السلام كان يبالغ في الجهر ب‍ " بسم الله الرحمن الرحيم فلما وصلت الدولة إلى بني امية بالغوا في (المنع عن الجهر سعيا في ابطال آثار على عليه السلام، فلعل أنسا خاف منهم، ولهذا السبب اضطربت أقواله فيه. ونحن ان شككنا في شئ، فانا لانشك أنه مهما وقع التعارض بين قول أنس
________________________________________
1) التفسير الكبير: 1 / 204 (*)
________________________________________
[ 214 ]
[... ] - وابن المغفل، وبين قول علي عليه السلام، والذي بقي عليه طول عمره فان الاخذ بقول علي عليه السلام أولي، وهذا جواب قاطع في هذه المسألة. ثم هب أنه حصل التعارض بين راويكم وراوينا، الا أن الترجيح معنا من وجوه: الاول راوي أخباركم أنس وابن المغفل، وراوي قولنا علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عباس، والثاني ان الدلائل العقلية موافقة لنا وعمل علي بن أبي طالب عليه السلام معنا، ومن اتخذ عليا عليه السلام اماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى (1). انتهى كلام امام المتشككين في التفسير الكبير في هذه المسألة بألفاظه. قلت له: يا امام قومك وعلامة أصحابك ما أحبر عقباك، وأكرم مثواك، وأحسن خاتمتك، وأسعد عاقبتك لو كنت مهتديا لسوآء السبيل بالاقتداء بعلى بن ابى طالب عليه السلام في ساير ابواب الدين على العموم، كما اقتديت واهتديت به عليه السلام في هذه المسألة بخصوصها. ويحك ما خطبك علماؤكم ومحدثو كم وحملة أخباركم ونقلة آثاركم وانت معهم مطبقون قاطبة على ان عليا عليه السلام لم يبايع ابا بكر إلى ستة اشهر، وهي مدة بقاء البتول الزهراء عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، مدعيا ان الخلافة حقه والامامة منصبه، محتجا على الاقوام بقوله عليه السلام: أنتم بالبيعة لي أحق مني بالبيعة لكم، واني احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار يا ابا بكر قد استبدت علينا واستأثرت بحقنا واخرجت سلطان محمد صلى الله عليه وآله من بيته. والشيعة مجمعون على ان ابائه عليه السلام عن البيعة لم يكن متخصصا بستة أشهر، وانه لم يبايع أحدا ابدا، بل انما قعد عن القيام بمطالبة حقه، وترك الجهاد في محاولة الاستواء على سرير منصبه، لعدم مساعدة الزمان وقلة الانصار والاعوان، وذلك امر مكشوف ظاهر كالشمس في الهاجرة، مستبين من صحيحكم واصولكم ومسانيدكم
________________________________________
1) التفسير الكبير: 1 / 207 (*)
________________________________________
[ 215 ]
. [... ] - كما قد نقلناه سابقا وكنا قد فصلنا القول فيه في كتاب نبراس الضياء. فأنت إذا كنت من المستيقنين ان الحق مع علي صلوات الله عليه دائر معه حيث دار، وان المقتدي به عليه السلام في دينه مستمسك بالعروة الوثقى في يقينه، فهلاكنت قد استمسكت به مصدقا في دعواه، موثرا اياه في اتخاذه اماما لدينك على من عداه ومثل هذه الحجة يجري على حجة اسلامكم الشيخ الغزالي حيث يقول في كتابه احياء العلوم: لم يذهب ذو بصيرة إلى تخطئه علي قط. ويقول في رسالته اللدنية العاقل يقتدي بسيد العقلاء علي بن أبي طالب فليتبصر. عبد الله أبو جابر وجابر أيضا في الترجمة، على ما في طائفة جمة من النسخ عبد الله بن جابر بن عبد الله وجابر أيضا وهو الصواب. وأبو جابر عبد الله بن عمرو بن حزام - باهمال الحاء المكسورة والزاء وقيل: حرام بفتح الحاء المهملة والراء ضد الحلال - الانصاري، كان من النقباء الاثنا عشر ليلة البيعة، ومن السبعين في بيعة العقبة، شهد بدرا وهو من شهداء أحد. وابنه جابر بن عبد الله انصاري كان من السبعين ولم يكن من النقباء الاثنا عشر رضي الله تعالى عنهما، ذكر ذلك أصحاب الحديث من أصحابنا ومن العامة جمعيا. قال ابن الاثير في جامع الاصول: عبد الله بن عمرو بن حرام الانصاري السلمي والد جابر بن عبد الله، وقد تقدم تمام نسبه عند ذكر ابنه جابر، وعبد الله شهد العقبة مع السبعين، وهو أحد النقباء وشهد بدرا وقتل يوم أحد، قال النبي (صلى الله عليه وآله) لجابر: ان الله أحيا أباك وكلمة كفاحا انتهى كلامه. وقال ابن عبد البر: عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة أبو جابر، شهد العقبة مع السبعين وهو أحد النقباء عشر، وشهد بدرا واحدا، وقتل يومئذ (1).
________________________________________
1) الاستيعاب: 2 / 339 (*)
________________________________________
[ 216 ]
[... ] - ثم ان بعض النسخ الحديثة السقيمة الغير الملتفت لغتها قد صحف أبو بابن في الترجمة وفي متن الحديث، فبعض من لم يتمهر من ابناء هذا العصر توهمه صحيحا وحسبه صوابا، وزعم من هناك ان عبد الله بن جابر بن عبد الله الانصاري المشهور من الرجال ومن النقباء الاثنا عشر ومن السبعين، واما أبوه أبو جابر فهو من السبعين لامن الاثنا عشر (1). ومن له قدم معرفة في الاخبار والاحاديث يعلم ان ذلك من ضعف قوة النظر ونقص رأس مال التتبع وقلة بضاعة التحصيل، وانه لم يكن لجابر بن عبد الله الانصاري المشهور رضي الله عنه ابن مذكور في كتب الرجال اسمه عبد الله، ولو فرضنا صحته فكيف يستقيم كونه من الاثنا عشر ومن السبعين، وابوه من السبيعن لامن الاثنا عشر ثم لو صح ذلك لكان يذكر جابر بن عبد الله وعبد الله بن جابر ايضا بالعكس، وكان هذا الحاسب المتوهم انما منشأ حسبانه مسبار توهمه انه رأي في كتب الرجال عبد الله بن جابر الانصاري، فالتبس الامر عليه فحسب انه ابن جابر بن عبد الله الانصاري المعروف وليس كذلك. قال في جامع الاصول: عبد الله بن جابر هو عبد الله بن جابر البياضي الانصاري قال ابن مندة: ان البياضي الذي روى عنه أبو حازم التمار، وهو الذي جاء حديثه في الجهر بالقراءة في الصلاة، واخرجه الموطأ فقال: ان اسمه عبد الله بن جابر وقال: سماه أبو عبيد عن اسحاق بن عيسى عن مالك. حازم بالحاء المهملة والزاء. والتمار بتاء فوقها نقطتان انتهى كلام جامع الاصول. فتثبت ولا تكونن من الغالطين.
________________________________________
1) ذكره الرجالي الميرزا محمد الاستر ابادي في كتابه منهج المقال: 200 و 77، ولكن قال في عبد الله بن جابر: وفى بعضها - أي بعض نسخ الكشى - عبد الله أبو جابر بن عبد الله وهو الصحيح انتهى. وعلى هذا فلا يستحق هذه الطعون عليه (*)
________________________________________
[ 217 ]
87 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد بن يزيد بن القمي، قال حدثني أحمد بن محمد بن عيسي القمي، عن ابن فضال، عن عبد الله بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان عبد الله أبو جابر بن عبد الله من السبعين ومن الاثني عشر، وجابر من السبعين وليس من الاثنى عشر. 88 - حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حريز، عن أبان بن تغلب، قال حدثني أبو عبد الله عليه السلام قال: ان جابر بن عبد الله كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا الينا أهل البيت - قوله رحمه الله تعالى: عن ابن فضال عن عبد الله بن بكير هو الحسن بن علي بن فضال، وهوفي عداد الذين على تصحيح ما يصح عنهم الاجماع على قول، كما سيأتي في مقامه، وهو من ثقاة الفطحية وأجلة عدولهم. وعبد الله بن بكير ثقة جليل فقيه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه والاقرار بالفقه والفضل والثقة. قوله عليه السلام: كان عبد الله أبو جابر هذا هو الصحيح كما قد علمت وفي نسخ غير مصححة " ابن " مكان " أبوه "، وهو تصحيف غلط بني عليه ولم يتفطن على فساده بعض القاصرين، فلا تكونن من الغافلين. قوله رحمه الله: محمد بن سنان عن حريز ورواه بعينه رئيس المحدثين أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى في جامعه الكافي في كتاب الحجة بهذا السند، ولكن باسقاط حريز من البين على هذه الصورة: عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان جابر بن عبد الله الانصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا الينا أهل البيت الحديث بتمامه (1).
________________________________________
1) اصول الكافي: 1 / 390 باب مولد أبي جعفر محمد بن على عليهما السلام (*)
________________________________________
[ 218 ]
وكان يعقد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتم بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون جابر يهجر، فكان يقول لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه وشمائله شمائلي يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول، قال، فبينا جابر يتردد ذات - وحديث جابر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله مروي عند العامة والخاصة من طرق شتى وطرائق مختلفات، والقدر المشترك بينهما متواتر بالاتفاق لدى الجميع. قوله عليه السلام: وهو معتم بعمامة سوداء الاعتمام افتعال من العمامة، بمعنى اتخاذها ولفها على الرأس، وهي بكسر العين وتخفيف الميم واحدة العمائم، وفي الكافي معتجر (1) مقام معتم، والاعتجار أيضا لف العمامة على الرأس قال قي المغرب: الاعتجار الاختمار والاعتمام أيضا، وأما الاعتجار المنهي عنه في الصلاة، وهولي العمامة على الرأس من غير ادارة تحت الحنك كالاقتعاط عن الغوري والازهري، وتفسير من قال هو أن يلف العمامة على رأسه ويبدي الهامة أقرب لانه مأخوذة من معجر المرأة، وهو ثوب كالعصابة تلفها المرأة على استدارة رأسها، وفي الاجناس عن محمد المعتجر المنتقب بعمامته وقد غطى أنفه. قوله عليه السلام: كان ينادي يا باقر العلم قال الجوهري في الصحاح: بقرت الشئ بقرا فتحته ووسعته، ومنه قولهم أبقرها عن جنينها أي شق والتبقر التوسع في العلم والمال، وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام الباقر لتبقره في العلم (2). قوله عليه السلام: يقولون جابر يهجر قال في المغرب: الهجر بالفتح الهذيان ومنه قوله تعالى " سامرا تهجرون " الهجر
________________________________________
1) اصول الكافي: 1 / 390 2) الصحاح: 2 / 594 (*)
________________________________________
[ 219 ]
[... ] - بالضم الفحش اسم من أهجر في منطقه إذا أفحش، ومنه قول عمر للنبي صلى الله عليه وآله ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله، أو أهجر على اختلاف الرواية في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما (1). قال ابن الاثير في النهاية: يقال أهجر في منطقة يهجر اهجارا إذا أفحش، وكذلك إذا كثر الكلام فيما لا ينبغي، والاسم الهجر بالضم، وهجر يهجر هجرا بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذي. ومنه الحديث: إذا طفتم بالبيت فلا تلغوا ولا تهجروا، روي بالضم والفتح من الفحش والتخليط، ومنه حديث مرض النبي قالوا: ما شأنه أهجر ؟ أي اختلف كلامه بسبب المرض على سبب الاستفهام، أي هل تغير كلامه واختلط لاجل ما به من المرض، هذا أحسن ما يقال فيه ولا يجعل اخبارا، فيكون اما من الفحش أو الهذيان، والقائل كان عمر، ولا يظن به ذلك (2) انتهى قول النهاية. وقال صاحب الكشاف في الفائق: النبي صلى الله عليه وآله قال في مرضه ايتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده أبدا فقالوا: ما شأنه أهجرأي أهذي يقال: هجر يهجر إذا هذ ي وأهجر أفحش (3) انتهى كلامه. ونحن نقول: وايم الله ان الاستفهام والاخبار هناك من الكفر والنفاق لبمنزلة واحدة، فمن المستبين ان استناد الفحش أو الهذيان إلى سيد الانبياء والمرسلين اخبارا كان أو استفهاما والرد عليه عنادا كان أو اجتهادا لا يجامع الايمان أصلا. وأما ما تجشمه الكرماني في شرح صحيح البخاري ان عمر أراد بذلك الهجرة المهاجرة (4)، فمما لا يكاد يصح، وانما كان يكون له وجه بعيد في الاستقامة لو كان
________________________________________
1) مسلم في صحيحه: 3 / 1257 كتاب الوصية، والبخاري في صحيحه 5 / 127 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 246 3) الفائق: 4 / 93 4) شرح صحيح البخاري للكرماني: 16 / 235 (*)
________________________________________
[ 220 ]
يوم في بعض طرق المدينة: إذا هو بطريق في ذلك الطريق كتاب فيه محمد بن علي ابن الحسين عليه السلام، فلما نظر إليه قال يا غلام أقبل ! فاقبل ثم قال أدبر ! فأدبر، فقال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفس جابربيده، يا غلام ما اسمك ؟ فقال اسمي محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأقبل عليه يقبل رأسه، وقال: - قال: هاجر مكان هجر، كماقد فصلنا ه في الرواشح السماوية (1) فليعلم. قوله عليه السلام: في ذلك الطريق كتاب الكتاب بضم الكاف وتشديد التاء بمعنى المكتب، أي مكان الكتابة على فعال في معني مفعل. قال في القاموس: الا كتاب تعليم الكتابة، كالتكتيب والاملاء، والكتاب كرمان المكتبة (2). وقال في المغرب: وكتبه علمه الكتابة، ومنه وسلم علامة إلى مكتب أي إلى معلم الخط، روي بالتخفيف والتشديد. أما المكتب والكتاب فمكان التعليم، وقيل: الكتاب الصبيان. وليكن من المعلوم عندك أن الائمة الحجج المعصومين صلوات الله وتسليماته على نفوسهم المقدسة وأجسادهم المطهرة معلمهم الله ورسوله، وأنهم مستغنون بتأييد روح القدس باذن الله سبحانه عن الاساتذة والمعلمين الا عن آبائهم الطاهرين، وحضور أبي جعفر الباقر عليه السلام الكتاب لحكم ومصالح ليس يدافع ذلك، فلا تكونن من الممترين.
________________________________________
1) الرواشح السماوية ص 140 2) القاموس: 1 / 121 (*)
________________________________________
[ 221 ]
بأبي أنت وأمي رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك، ويقول لك، قال، فرجع محمد بن علي عليه السلام إلى أبيه علي بن الحسين وهو ذعر، فأخبره الخبر، فقال له: يا بني قد فعلها جابر ؟ قال: نعم. قال: يا بني ألزم بيتك - قوله عليه السلام: بأبي أنت وأمى رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول لك ويقول لك على التكرير يعني يقول لك كذا، وفي الكافي يقول لك (1). مرة واحدة من غير تكرير أي يقول لك كذا وكذا. و " يقرئك السلام " بضم حرف المضارعة من باب الافعال أي يبلغك سلامه، فيحملك ان تقرأ السلام وترده عليه. قال ابن الاثير في النهاية: وفي الحديث: ان الرب عزوجل يقرئك السلام. يقال: اقرأ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده، وإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول، أقرأني فلان أي حملني على أن أقرأ عليه، وقد تكرر في الحديث (2). وقال الجوهري: قرأ عليه السلام وأقرأ السلام بمعنى (3). وفي القاموس قرأ عليه السلام أبلغه كأقرأه، ولايقال اقرأه الا إذا كان السلام مكتوبا (4). فأما صاحب المغرب فقد قال: وأقرأ سلامي على فلان وأقرأه سلامي عامي. قلت عليه: كلا اقرأه سلامي ليس بعامي، بل عربي صميم، متكرر في الحديث وكذلك اقرأ عليه سلامي، وانما العامي المولد اقرأه مني السلام.
________________________________________
1) أصول الكافي: 1 / 391 وفيه يقرئك السلام ويقول ذلك 2) نهاية ابن الاثير: 4 / 31 3) الصحاح: 1 / 65 4) القاموس: 1 / 24 (*)
________________________________________
[ 222 ]
قال فكان جابر يأتيه طرفي النهار فكان أهل المدينة يقولون واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله، فلم يلبث أن مضي علي بن الحسين عليهما السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله قال، فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله، قال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدث عمن لم يره، قال: فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله فصدقوه، وكان جابر والله يأتيه يتعلم منه. - كما قال علامة زمخشر، وهو شيخ صاحب المغرب في أساس البلاغة: واقرأ سلامي على فلان، واقرأه سلامي، ويقال: اقرأه مني السلام (1). هذا قوله ولكن قد تكرر في الحديث اقرأه السلام ايضا فليتثبت. قوله عليه السلام م: فجلس يحدثهم عن الله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أجرأ من ذا بالهمزة على أفعل التفضيل من الجرئة، حسب أنه عليه السلام كان يحدث عن الله سبحانه فيقول: قال الله عزوجل، لانه كان قد أخذ عن آبائه الطاهرين عن رسول الله ورسول الله عن جبرئيل عن الله عزوجل. وفي الكافي قال: فجلس يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرء من هذا (2)، بزيادة " تبارك وتعالى " واسقاط " قط " وابدال " هذا " من " ذا ". ومن أغلاط القاصرين الناظرين في كتاب الكشي لم يهتدوا في المرام فسقموا على زعم الصحيح وصحفوا عن الله بعن أبيه (3)، أعاذنا الله من الجهل بعد العلم،
________________________________________
1) أساس البلاغة: 499 وفيه ولايقال أقرئه منى السلام انتهى. ولعل كلمة " لا " محذوفة من نسخة الاساس عند السيد. فلا يرد عليه ما أورده. 2) أصول الكافي: 1 / 391 3) كما في المطبوع من رجال الكشي بجامعة مشهد (*)
________________________________________
[ 223 ]
89 - حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، قال حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عاصم الحناط، عن محمد بن مسلم، قال قال لي أبي عبد الله عليه السلام: ان لابي مناقب ماهن لابائي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لجابر بن عبد الله الانصاري انك تدرك محمد بن علي فاقرأه مني السلام، قال: فأتي جابر منزل علي بن الحسين عليهما السلام فطلب محمد بن علي، فقال له علي عليه السلام هو في الكتاب أرسل لك إليه، قال: - ومن الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى. قوله رحمه الله: حدثنى أبو محمد جعفر بن معروف قد علمت فيما سبق أن أبا محمد جعفر بن معروف الذي يروي عنه أبو عمرو الكشي هو الذي من أهل كش، وكان وكيلا مكاتبا لا مطعن (1) فيه. فهذا الطريق من عاصم بن الحناط - بالنون المشددة بعد المهملة المفتوحة - عن محمد بن مسلم بن رباح بالباء الموحدة، وقيل: بالياء المثناة من تحت الثقفي صحيح. وفى نسخة: حدثني أبو محمد جعفر بن معروف، عن محمد بن مسلمة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام. وذلك من غلط الناسخ. " محمد بن مسلمة " بفتح الميم واسكان السين علي اسم المكان. قال أبو العباس النجاشي رحمه الله: كوفي ثقة، له كتاب يرويه علي بن الحسن الطاطري وغيره (2). ولم يذكر أحد أنه روى عن أبي عبد الله عليه السلام، وأيضا لقاء أبي محمد جعفر بن معروف اياه لا يخلو من بعد. قوله عليه السلام: فاقرأه منى السلام ما يقال: اقرأه مني السلام عامي مولد وليس بعربي صميم، لا تعويل عليه،
________________________________________
1) وفى " ن " لا يطعن فيه 2) رجال النجاشي: 286 (*)
________________________________________
[ 224 ]
لا ولكني أذهب إليه، فذهب في طلبه فقال للمعلم: أين محمد بن علي ؟ قال: هو في تلك الرفقة أرسل لك إليه ؟ قال: لا ولكني أذهب إليه، قال: فجائه فألتزمه وقبل رأسه وقال ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلني اليك برسالة أن اقرئك السلام ! قال: عليه وعليك السلام، ثم قال له جابر: بأبي أنت وأمي اضمن لي أنت الشفاعة يوم القيمة، قال: فقد فعلت ذلك يا جابر. 90 - أحمد بن علي القمي السلولي، قال حدثني ادريس بن أيوب القمي، عن الحسين بن سعيد، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جابر يعلم، وأثنى عليه خيرا، قال، فقلت له: وكان من أصحاب - لتكرره في الحديث. قوله عليه السلام: قال هو في تلك الرفقة الرفقة بضم الراء واسكان الفاء الجماعة المترافقون، والجمع رفاق بالكسر قاله في المغرب. وفي الصحاح: الرفقة بالضم الجماعة، ترافقهم في سفرك، والرفقة بالكسر مثله، والجمع رفاق، تقول منه: رافقته وترافقنا في السفر (1). قوله رحمه الله: أحمد بن علي القمى السلولى هو المعروف بشقران المقيم بكش، وقد تقدم غير مرة. قوله رحمه الله تعالى: عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدى يعني به الحسن بن محبوب. وعبد العزيز العبدي قال النجاشي كوفي روى عن أبي عبد الله عليه السلام ضعيف ذكره ابن نوح (2). وأما أن رواية الحسن بن محبوب عنه ضرب توثيق له، على ماقاله شيخنا
________________________________________
1) الصحاح: 4 / 1482 2) رجال النجاشي: 184 (*)
________________________________________
[ 225 ]
على عليه السلام قال: كان جابر يعلم قول الله عزوجل ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. - الشهيد قدس الله تعالى نفسه في شرح الارشاد في رواية الحسن بن محبوب عن أبي الربيع الشامي، فيكون الطريق صحيا للاجماع على تصحيح ما يصح عن الحسن ابن محبوب، فانما كان يستقيم لو لم يكن عبد العزيز العبدي محكوما عليه بالضعف، كما الامر في أبي الربيع الشامي، فليعرف. قوله عليه السلام: كان جابر يعلم قول الله عزوجل " ان الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " (1) الاية الكريمة منطوية في مطاوي بطونها الاشارة إلى سلسلتي البدو والعود في نظام الوجود ومراتب الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في الموجودات، والموازات العقلية بين المراتب في السلسلتين، وأن الله سبحانه هو المبدء في سلسلة البدو، والمعاد في سلسلة العود، فهو مبتدء الوجود ومنتهاه، ومبدء كل موجود ومعاده. والاشاره إلى برهان التناسب من السبيل اللمي على اثبات العقل في سلسلة البدو، والى برهان التوازي من السبيل اللمي على تجرد النفس الناطقة العاقلة الانسانية في سلسلة العود، وأن منزلة خاتم الانبياء في سلسلة العود منزلة العقل الاول في سلسلة البدو، وأن وصي خاتم النبوة يتلوه في منزلته في السلسلة العودية، كما العقل الاول يتلوه العقل الثاني في منزلته في السلسلة البدوية. فلنشر إلى هذه الاسرار اشارة اجمالية ثم نكر فنبين معنى الحديث ومغزاه
________________________________________
1) لا يخفى جواز أن يكون المراد بذلك المعاد هو الرجعة في أوان ظهور قائم أهل البيت عليهم السلام، وأنه صلى الله عليه وآله يعاد أيضا، كما نطق به الاخبار، فالباري الحق تعالى مجده قد وعده صلى الله عليه وآله بأن الذى يعنى الباري جل مجده فرض عليك القرآن يردك إلى معاد، وأن جابر كان يعلم تفسير ذلك فتدبر " سيد أحمد صهر المؤلف " (*)
________________________________________
[ 226 ]
[... ] - فنقول اذن: ان هناك مسائل: المسألة الاولى: قال المفسرون: الذي فرض عليك أحكامه وفرائضه، وأوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه، لرادك بعد الموت إلى معاد، وتنكيره لتعظيمه، كأنه قال إلى معاد وأي معاد، وهو المقام المحمود الذي وعدك أن يبعثك فيه ليس لاحد من البشر غيرك مثله. أو الذي فرض عليك التخلق بخلق القرآن، وأوجب لك في بداية الامر بحسب قضائه الاول، ولوح الاستعد التام الكامل المفطور الفطري الذي هو العقل القراني الفرقاني، الجامع لقوة استجماع جميع كمالات النظر والعمل، وجوامع الكلم والحكم في الفطرة الاولى، لرادك في نهاية استتمام عقلك المستفاد واستكمال كمالك الممكن المكسوب الموهوب الا لهي في الفطرة الثانية، إلى معاد عظيم بهي ما أعظمه وأبهاه، لا يبلغ كنهه ولا يقدر قدره، وهو الفناء المحض في الله في أحدية الذات والبقاء الحق به على التحقيق في جميع الاخلاق والصفات. وقيل: المعاد مكة زادها الله شرفا وتعظيما، والمراد رده صلى الله عليه وآله إليها يوم الفتح السمألة الثانية: من المنصرح لدى العقل الصراح أنه ما لم تكن بين ذات العلة التامة وخصوصية ذات معلولها المنبعث عن نفس ذاتها بذاتها، مناسبة ذاتية، لا تكون بينها وبين غيره من سائر الاشياء تلك المناسبة، لم يكن يتعين ذلك المعلول بخصوصه من بين جملة الاشياء بالترتب (1) عليها، والا نبعاث عنها دون غيره من الاشياء بالضرورة الفطرية. واذ الباري الاول جل سلطانه ذاته الاحدية الحقة الواجبة بالذات من كل جهة كمالية تامة وفوق التمام، في أعلى مراتب المجد والكمال والعز والجلال والقدس والبهاء والعلو والكبرياء، فيجب أن يكون مجعوله الاول الصادر عن نفس ذاته بذاته
________________________________________
1) في " س " بالترتيب (*)
________________________________________
[ 227 ]
[... ] - والمنبجس عن علمه وعنايته وارادته واختياره التي هي عين مرتبة ذاته قبل سائر المجعولات، قبلية بالذات بحسب المرتبة العقلية، أفضل ما يبلغه ادراك العقول والاذهان، وأشرف ما وسعه طباع عالم الامكان، وأن تكون أولى من مراتب مجعولاته ومعلولاته التي هي من جملة الموجودات في نظام الوجود، أشرف المراتب وأفضلها وأكملها وأجملها، فاذن وجب أن يكون أولى مراتب نظام الوجود عالم الانوار العقلية وأن يكون العقل الاول من بينها بخصوصية جوهر ذاته هو المجعول الاول لاغير. المسألة الثالثة: انما ملاك الشرف والكمال في مراتب الموجودات وجواهر الهويات القرب من جناب الباري الحق، وميزان الخسة والنقص البعد عن جنابه الاعلى تعالى عزة، فالوجود يبتدأ منه عزوجل متنازلا في المراتب المترتبة، من الشرف إلى الخسة، ومن الكمال إلى النقص، ومن المستحيل أن يتمادي إلى نهاية فيجب أن ينتهي التنازل إلى حد محدود هو منتهى الخسد والنقصان لا يتعداه وان هو الا مرتبة الهيولى الاولى الحاملة لطباع ما بالقوة، وهي لا محالة أخيرة مراتب البداءة، وهى مشتلمة على قوة قبول جميع الصور اشتمالا انفعاليا، كما الجواهر العقلية التي هي أولي المراتب مشتلمة عليها جمعيا اشتمالا فعليا. ثم يعود فيتدرج فيضان نظم الوجود من افاضة الباري الفعال على الانعكاس متصاعدا من الخسة إلى الشرف، ومن النقص إلى الكمال، واذ ايستحيل أن يتمادي إلى ما لا نهاية، فينتهي لا محالة إلى حد أخير لا يتعداه، وهو منتهى المراتب في الشرف والكمال. فهذه المرتبة في العود التي هي أخيرة مراتب نظام الوجود في ازاء المرتبة الاولى في البدو، والله سبحانه هو المبدأ والمعاد، ومنه البدو واليه العود، وهو ولي الامر في الاولى والاخرة، له الخلق والامر والملك والملكوت، منه البداءة
________________________________________
[ 228 ]
[... ] - واليه النهاية. المسألة الرابعة: أخيرة المراتب العودية في ازاء أولى المراتب البدوية، وهي مرتبة نوع الانسان، فوجوب التوازي بين مراتب البدو ومراتب العود برهان تجرد النفس الناطقة الانسانية من طريق اللم، وتقريره من سبيلين: الاول: أليس من المستبين أنه يجب أن يكون مبدأ المبادي تعالى كبريائه أولا في ترتيب البدو وآخرا في ترتيب العود ؟ فكما المرتبة الاولى في ترتيب البدو تبتدأ في جهة التنازل من الجناب الحق القيومي الوجوبي، ولا شئ فوقها في مرتبة الكمال الا ذاته الواجبة الا حدية الحقة، إذ كان من المستحيل انبجاس الناقص النذل من الكامل الحق المتعال في أقصى الكمال قريبا، وانبعاثه عن ابتداء ا لا بواسطة ما هو أكمل منه في المرتبة، الا فيما يكون ذاته تحت الكون ووجوده مرهونا بالامكان الاستعدادي بتة. فكذلك المرتبة الاخيرة في ترتيب العود الموازية للمرتبة المبتدءة في ترتيب البدو، تنتهى في جهة التصاعد إلى جنابه الا على الربوبي، ولا شئ ورائها في مرتبة الكمال لا ذاته التامة القيومية، إذ كان يستحيل الناقص الجراح (1)، وانتهاؤه في ترتيب الشرف والكمال إلى الكامل التام الحق من كل جهة، واتصاله بجنابه من دون توسط ما هو أشرف مرتبة وأتم كمالا في البين. فاذن وجب في الاصول البرهانية بالضرورة العقلية، ان يكون النفوس الانسانية التي هي آخر ترتيب في التصاعد جواهر مجردة عاقلة، صايرة في استكمال مرتبة العقل المستفاد على أعلى النصاب الممكن، عالما عقليا مطابقا لنظام الوجود كله من الصدر إلى الساقة مضاهيا وموازيا لعالم الانوار المفارقة العقلية التي هي أول ترتيب البدو في التنازل، فليتعرف. الثاني: مقتضى الحكمة البالغة التامة الربوبية، والعناية الاولى السابغة الكاملة
________________________________________
1) في " ن " الحذاح (*)
________________________________________
[ 229 ]
[... ] - الاليهة تنسيق المراتب واتساق النظام على الوجه الاكمل، ووجوب الموازاة من مراتب البدو ومراتب العود في السلسلتين على التعاكس بالتنازل والتصاعد، فذلك مبدأ استيجاب هذه المرتبة العقلية الاخيرة العودية في نظام الوجود علي أقصى النصاب الممكن في الكمال والشرف ازاءا لتلك المرتبة العقلية الاولى البدوية. فاذن يجب لا محالة وجود النفس الناطقة المجردة العاقلة الانسانية واستكمال قصوى الغاية واستتمام نصاب الشرف والكمال في مرتبة عقلها المستفاد في آخر ترتيب العود بازاء مرتبة العقول النورية المفارقة في أول ترتيب البدو، والا لا نتقصت تمامية الحكمة التامة وانتقصت كمالية العناية الكاملة فليثبت. المسألة الخامسة: مراتب سلسلة البدو في التنازل في البسائط وهي خمس والمتقدمة فيها أكمل وأشرف من المتأخرة، ومراتب سلسلة العود بالتصاعد في المركبات، وهي أيضا خمس والمتأخرة فيها أشرف وأكمل من المتقدمة. أما مراتب السلسلة الطولية البدوية فأولها: مرتبة عالم العقول النورية المفارقة ولها عرض عريض في الكمال (1) من العقل الاول إلى العقل الاخير، وهذا العالم أتم ضربي عالم الامر، وأفضل ضروب ملائكة الله المقربين، ولهذا العالم من الحروف حرف " ب ". وثانيتها: مرتبة عالم النفوس المجردة السماوية، ولها أيضا في الشرف والكمال عرض عريض من نفس الفلك الاقصى إلى نفس فلك القمر، وهذا العالم ضرب آخر من عالم الامر من الملائكة الفاضلة المجردة والانوار العاقلة المدبرة، وحرفا هذا العلم " ج - ز ". وثالثتها: مرتبة عالم النفوس المنطبعة السماوية على عرض عريض باختلاف درجات الكمال، وهذا العلم أتم ضروب الملائكة الجسمانية وأعلاها.
________________________________________
1) وفى " س " في اكمال (*)
________________________________________
[ 230 ]
[... ] - ورابعتها: مرتبة عالم الصورة الجرمية من صورة جرم الكرة الاقصى إلى صورة جرم كرة الارض. وخامستها: مرتبة عالم الهيوليات من هيولي الفلك الاقصى إلى هيولى عالم العناصر المشتركة الواحدة بالهوية الشخصية، وهي مركز النقصان والخسة ومحل الامكان الاستعدادي وحامل القوة الانفعالية، وحرف هذا العلم " ط ". وأما مراتب السلسلة الطولية العودية فالاولى منها: مرتبة الاجسام النوعية البسيطة من الفلك الاعلى إلى جرم الارض، وصورها المنوعة الجوهرية، وطبايعها المنطبعة الجسمانية. والثانية: مرتبة الصور الاولى الحادثة بعد التركيب المزاجي من البسائط التي هي الاسطقسات العنصرية، كالصور الجوهر المعدنية وغيرها على اختلاف مراتبها. والثالثة: مرتبة النفوس الجوهرية المنطبعة النباتية على اختلاف أنواعها بأسرها. والرابعة: مرتبة النفوس الجوهرية الحيوانية بأنواعها المختلفة بأسرها. والخامسة: مرتبة العالم الاصغر الذي هو نسخة العالم الاكبر المطابقة له الجامعة لما فيه من رطب نظام الوجود ويابسه، أي النفوس الناطقة الانسانية بأخيرة مراتبها في استتمام القسط واستكمال النصاب وهي مرتبة العقل المستفاد المشتمل على صور جميع الموجودات بالفعل اشتمالا انفعاليا، كما كانت العقول المفارقة في المرتبة الاولى البدوية مشتملة عليها اشتمالا فعليا بحرف هذا العالم العقلي، الذي هو آخر نظام الكل من الحروف الثمانية والعشرين " س "، كما بينه شريكنا السالف في النيروزية. ونحن حققناها في شرحها وفي الجذوات والمواقيت وفي نبراس الضياء

________________________________________
[ 231 ]
[... ] - ولقد قلنا في نبراس الضياء: أن من رموز القرآن الحكيم واسراره أن مبتدأه من الحروف " ب " حرف أول سلسلة البدو، ومختتمه " س " حرف آخر سلسلة العود، ليكون كتاب الله المبين الايجابي التدويني مطابقا لكتاب الله الا بداعي التكويني، فيكونا متطابقين في الفاتحة والخاتمة في البداية والنهاية. فاذن فليتدبر كيف استدار نظام الوجود فعاد في آخر سلسلة العود إلى عالم العقول المستفاد، كما كان ابتداءا في أول سلسلة البدو من عالم العقول الفعالة، فنظام الكل دائرة عقلية وجودية نصف قطرها الهبوطي من العق المحض بالفعل اليهولي الاولى، ونصف قطرها الصعودي من الجسم البسيط بالحقيقة النوعية إلى العقل المستفاد والمحيط في الاول والاخر هو الله سبحانه، والله بكل شئ محيط، ولجناب كبريائه المتعال بحسب اضافته إلى نظام الوجود بالابداع والافاضة والعناية والاحاطة والفيض والرحمة حرفا " 1 - 5 " وحق تحقيق هذه المعارف الربوبية على ذمة قبسات حق اليقين ونبراس الضياء. المسألة السادسة: كما أفضل هويات الجواهر العقلية في عرض المرتبة الاولى البدوية، أشرفها وأقربها إلى جنات المبدأ الفياض المحيط الحق تعالى سلطانه، هو العقل الاول الذي هو العقل العرش الاعظم، وأول مجعولات الباري الفعال، وأتم كلماته التامات وأجمعها. فكذلك أكمل مراتب العقول المستفادة لجواهر النفوس القدسية الانسانية في عرض المرتبة العودية، وأفضلها وأشرفها وأتمها على الاطلاق، وأقربها من المعاد الحق والمحيط المطلق علا كبريائه، مرتبة العقل المستفاد لجوهر نفس خاتم النبوة عليه وآله الطاهرين أفضل صلوات المصلين. فمنزلة خاتم النبوة في عرض المرتبة الاخيرة من مراتب طول السلسلة العودية
________________________________________
[ 232 ]
[... ] - منزلة العقل الاولى في عرض المرتبة الاولى من مراتب طول السلسلة البدوية، كما هناك ليس تتصور درجة رتبة كمالية نزولية تتوسط بين المبدأ الحق جل عزه وبين درجة العقل الاول، كذلك ها هنا لا يتصور درجة رتبة كمالية صعودية تتوسط بين درجة خاتم النبوة وبين معاد الحق علا كبريائه. ومن ثم كان العقل الاول نور نفس خاتم النبوة، لما بينهما من أتم المناسبة والموازاة، وأشد المشابهة والمضاهاة بحسب الدرجة. فقال صلى الله عليه وآله في حديث: أول ما خلق الله العقل، وفي حديث آخر: أول ما خلق الله نوري. المسألة السابعة: براهين وجوب بعث النبي وارسال الرسول والسنة الالهية والعناية الربوبية، ناهضة الحكم على وجوب اثبات وصي للرسول يقوم مقامه، وينوب عنه منابه، يكون خليفتة وبمنزلة نفسه، بواسطته يفيض الفيض، وينبث الدين ويقوم العدل، وينبسط النور، ويستوي الهدى، كما النفس خليفة العقل في ايصال الفيض إلى عوالم الوجود: والقلب خليفة النفس، والدماغ خليفة القلب في انبثاث القوى المدركة والقوى المحركة على جوانب البدن، والنخاع خليفة الدماغ على سائر الاعضاء. فكذلك النبي الرسول كالقلب في بدن العالم، ووصيه وخليفته كالدماغ والنخاع فاذن وصي خاتم الانبياء والمرسلين خليفته على جميع الخلق، وفي منزلة نفسه بحسب الدرجة، فيكون لا محالة مساهمة في رتبة درجته في عرض المرتبة الاخيرة في طول السلسلة العودية، فيشبه أن يكون درجته في عرض هذه المرتبة درجة العقل الثاني في عرض المرتبة الاولى البدوية. فالعقل الاول نور خاتم الانبياء، والعقل الثاني نور سيد الاوصياء، بل العقل الاول نورهما معا، لانهما كنفس واحدة. قال صلى الله عليه وآله: أنا وعلي من نور واحد (1).
________________________________________
1) رواه ابن الجوزى في تذكرة الخواص: 52 والقندوزى في ينابيع المودة 256 ط اسلامبول. (*)
________________________________________
[ 233 ]
[... ] - وقال عليه وآله الصلاة والتسليم: أنا وعلي من شجرة واحدة والناس من أشجار شتى (1). وقال صلى الله عليه وآله: ان الله جل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (2). وقال عليه وآله صلوات الله تسليماته: يا علي أنا وأنت أبوا هذه الامة ولعن الله من عق أباه. وإذا تحققت ما تلوناه عليك: فاعلمن أن قوله سبحانه " ان الذي فرض عليك القرآن " اشارة إلى المبدأ الباري الاول عز سلطانه، إذ كل حقيقة وكمال حقيقة وكل وجود وكمال وجود من صنعة وجوده، وكل علم وحكمة وحياة وبهاء من فيضه ونوره، والى ترتيب البدو النازل في نظام الوجود من لدنه ودرجة العقل في أول مراتب السلسلة البدوية. إذ العقل الفعال الذي هو واهب الصور باذن ربه واسطة افاضة الفيض، وتنزيل الوحي على النفس نسبة اشراقه إلى ادراك البصيرة العقلية نسبة اشراق الشمس إلى أبصار الباصرة الحسية، كما قال في القرآن الكريم " نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين (3) " وقال " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت اني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا قال انما أنا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا (4) "، وقوله تعالى " لرادك " اشارة إلى المعاد الحق لكل وجود موجود والى ترتيب العود الصاعد في انسياق النظام العائد إليه، ودرجة خاتم النبيين وسيد
________________________________________
1) رواه الحاكم في المستدرك 2 / 241 والخوارزمي في المناقب: 86 وابن حجر في الصواعق المحرقة 121 والذهبي في ميزان الاعتدال 1 / 462 2) رواه الهيثمى في مجمع الزوائد 9 / 172 3) سورة الشعراء: 194 4) سورة مريم: 17 (*)
________________________________________
[ 234 ]
91 - أحمد بن علي، قال حدثني ادريس، عن الحسين بن بشير، قال حدثني هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم وزرارة، قالا: سألنا أبا جعفر عليه السلام عن أحاديث فرواها عن جابر، فقلنا: مالنا ولجابر ؟ فقال: بلغ من ايمان جابر أنه كان يقرء هذه الاية - ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. - الوصيين في أخيرة مراتب السلسلة العودية. والى رجوع النفس الصايرة بكمالها عالما فعليا في آخر منازل سفر الاستكمال في درجات العرفان ومقامات خلع البدن بالارادة في هذه النشأة، ومصيرها في أول أطوار طعن الروح ورفض الجسد بالطبيعة في النشأة الاخرة إلى جنابه البهي الاحدي الحق. فاذن فقد استبان سبيل قول أبي جعفر الباقر عليه السلام في هذا الحديث وهو أن جابرا كيف لا يكون من أصحاب على عليه السلام وقد كان يقرأ قول الله عزوجل " ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد (1) " ويعرف معناه ومغزاه ويعرف تفسيره وتأويله. قوله رحمه الله: عن الحسين بن بشير ذكر الشيخ رحمه الله تعالى في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن الرضا عليه السلام الحسن بن بشير مكبرا وقال: مجهول (2). وقال العلامة في الخلاصة: انه من أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام (3). وأما الحسين بن بشير بالتصغير، ففي كتاب أبي عمرو الكشي رحمه الله تعالى في عامة النسخ. قوله عليه السلام: بلغ من ايمان جابر أنه يقرأ هذه الاية أي يقرأها ويتدبرها ويعرف سرها ويعلم باطنها.
________________________________________
1) سورة القصص: 85 2) رجال الشيخ: 374 3) الخلاصة: 212 (*)
________________________________________
[ 235 ]
92 - أحمد بن علي القمي شقران السلولي، قال حدثني ادريس، عن الحسين ابن سعيد، عن محمد بن اسماعيل، عن منصور بن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال ؟ قلت مالنا ولجابر تروي عن ؟ فقال: يا زرارة ان جابرا كان يعلم تأويل هذه الاية - ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد. 93 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الشقري، عن علي بن الحكم، - قوله رحمه الله تعالى: شقران السلولى الشقران بضم الشين المعجمة واسكان القاف لقب أحمد بن علي القمي. قال في القاموس: الشقران كعثمان وشقران مولى النبي صلى الله عليه وآله (1). يروي عن عبيدالله بن أبي رافع وكان حبشيا، يقال: شهد بدرا قاله الذهبي وغيره. و " سلول " باهمال السين وفتحها، وربما قيل: بالضم، فخذ من قيس، وهم بنو سمرة بن صعصعة، وسلول اسم أمهم منهم عبد الله بن همام الشاعر السلولي، وأم عبد الله بن أبي المنافق، قاله في القاموس (2). وفي الصحاح: سلول قبيلة من هوازن، وهم بنومرة بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن (3). قوله عليه السلام: ان جابرا كان يعلم تأويل هذ ه الاية قدتلونا عليك باذن الله سبحانه ظاهر هذه الاية وباطنها وتفسيرها وتأويلها، يعني عليه السلام: أن جابرا رضي الله تعالى عنه قد كان يعلم ويستيقن ذلك كله. قوله رحمه الله: قال حدثني محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن الشقرى في أكثر النسخ " الشقري " باعجام الشين قبل القاف محركة نسبة إلى قبيلة في
________________________________________
1) القاموس: 2 / 62 2) القاموس: 3 / 397 3) الصحاح: 5 / 1731 (*)
________________________________________
[ 236 ]
عن فضيل بن عثمان عن أبي الزبير، قال: رأيت جابرا متوكا على عصاه وهو يدور - بني ضبة. قال في القاموس: شقرة بن الحارث بن تميم، أبو قبيلة من ضبة، والنسبة شقري بالتحريك (1). وقال في جامع الاصول: الشقري بفتح الشين وفتح القاف وبالراء، منسوب إلى شقرة بكسر القاف وبالراء، منسوب إلى شقرة - بكسر القاف - ابن الحارث بن تميم بن مرة، وقيل: شقرة اسمه الحارث بن تميم، وقيل: هو معاوية بن الحارث ابن تميم، قلبت كسرة القاف في النسبة فتحة على القياس. وفي بعض النسخ " السفري " (2) بالسين المهملة والفاء، اما بالتحريك نسبة إلى عبد الله بن أبي السفر الهمداني من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أو باسكان نسبة إلى سفر ابن نسير بضم النون واهمال السين المفتوحة التابعي. قال في القاموس: الاسماء بالسكون والكنى بالحركة. وقال: أبو السفر محركة سعيد بن محمد كيعلم من التابعين، وعبد الله بن أبي السفر من أتباعهم (3). وفي نسخة عتيقة " محمد بن المنقري " بكسر الميم واسكان النون وفتح القاف نسبة إلى منقر بن عبيد، وهو أبو بطن من تميم، منهم سليمان بن داود المنقري. وبالجملة فحيث أن أبا جعفر محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله، لم يذكر محمدا هذا في عداد من استثناه من رجال نوادر الحكمة، فيكون رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه مما يركن إليه ويعتمد عيه، فليعلم. قوله رحمه الله: عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير وهو أبو الزبير المكي، وقد أسلفنا نقلا عن الذهبي أن معاوية بن عمار وفضيل
________________________________________
1) القاموس: 2 / 61 2) كما في المطبوع من الكشى في جامعة مشهد. 3) القاموس: 2 / 49 (*)
________________________________________
[ 237 ]
في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول: علي خير البشر فمن أبي فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي فمن أبي فلينظر في شأن أمه. - ابن عثمان يرويان عنه. قوله رضى الله تعالى عنه: على خير البشر فمن أبى فقد كفر وروى الصدوق أبو جعفر بن بابويه رضوان الله تعالى في أمالية بأسناده عن أبي الزبير المكي قال: رأيت جابرا متوكأ على عصاوه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول عن النبي صلى الله عليه وآله: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر، يا معشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب، فمن أبي فانظروا في شأن أمه (1). وروى بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجد برد حبنا أهل البيت على قلبه فليشكر أمه فانها لم تخن أباه (2). عن طريق العامة بأسانيدهم المعتبرة عن أبي الزبير المكي وعتبة العوفي، قال كل منهما: رأيت جابر بن عبد الله الانصاري يتوكأ على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وآله: علي خير البشر، من أبي فقد كفر، ومن رضي فقد شكر، ثم يقول: معاشر الانصار أدبوا أولادكم على حب علي بن أبي طالب فمن أبي فلينظر في شأنه أمه (3). وعن وكيع ويوسف القطان والاعمش بأسانيدهم أنه سئل جابر وحذيفة عن علي بن أبي طالب، فقالا: علي خير البشر لا يشك فيه الا كافر (4).
________________________________________
1) أمالى الصدوق: 68 ط نجف الاشرف 2) أمالى الصدوق: 546 3) رواه المتقى في كنز العمال 12 / 221 والعسقلاني في لسان الميزان 2 / 252 4) رواه محب الدين الطبري في ذخائر العقبى 96 والقندوزى في ينابيع المودة 246 (*)
________________________________________
[ 238 ]
[... ] - وعن عائشة مثله (1)، ورواه الطبري وسالم عن جابر من احدى عشرة طريقة. وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي يقول: جاء خير البرية (2). قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يقل علي خير البشر فقد كفر (3). وعنه صلى الله عليه وآله: من لم يقل علي خير الناس فقد كفر (4). وفي حديث آخر: وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية (5). وروى الدارمي باسناده عن عائشة، وكذلك الديلمي في الفردوس في الولاية وأحمد بن حنبل في الفضائل وفي المسند، والا عمش عن أبي وائل وعن عطيه العوفي عن عائشة، وعطاء أيضا عن عائشة جمعيا عن النبي صلى الله عليه وآله قال: علي خير البشر من أبى فقد كفر، ومن رضي فقد شكر (6). وأورده امامهم العلامة فخر الدين الرازي في نهاية العقول وفي كتاب الاربعين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر من أبي فقد كفر (7). وفي مسانيدهم بأسانيدهم المعول عليها عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: على خير البرية (8).
________________________________________
1) رواه ابن عساكر في ترجمة الامام على 2 / 448، وابن شهاب الدين الهمداني في مودة القربى 40 2) رواه الخوارزمي في المناقب: 66 3) رواه المتقى الحنفي في منتخب كنز العمال االمبطوع على هامش المسند 5 / 35 4) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 3 / 192 5) رواه العسقلاني في لسان الميزان: 1 / 175 6) راجع في جميع ذلشك احقاق الحق 4 / 249 7) أورده عنه في احقاق الحق 4 / 255 8) رواه الخوارزمي في المناقب: 66 والعسقلاني ى لسان الميزان 1 / 175 (*)
________________________________________
[ 239 ]
[... ] - ومن المتفق عليه لدى الجميع أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في المخدج ذي الثدية يقتله خير الخلق والخليفة، وفي رواية يقتله خير هذه الامة (1). وفي روايات جمة عن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: هم - أي المخدج وأصحابه - شر الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة، وأقربهم إلى الله وسيلة (2). ومن طرق عديدة عنها عنه صلى الله عليه وآله، هم شر الخلق والخليفة يقتلهم سيد الخلق والخليقة، وفي أخبار كثيرة أنه صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: وانكك أنت قاتله يا علي (3). ثم قد أطبقت الامة على أن عليا عليه السلام قد قتله يوم النهروان وأخبر الناس بذلك وقد كان عليه السلام يخبر به وبصفته من قبل، ثم استخرجه من تحت القتلى فوجدوه على ماكان يذكر فيه من صفته، فكبر الله وقال: صدق الله ورسوله وبلغ رسوله. وفي صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من صحاحهم (4) أن النبي صلى الله عليه وآله قال فيه: ان له أصحابا يحقرأ حدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤن الكتاب لا يجاوز طراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على خير فرقة من الناس. وكان أبو سعيد الخدري يقول، أشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وقتلهم وأنا معه، ثم من بعد القتال استخرجوا من بين القتلى من هذه صفته فجاؤا به إليه، فشاهدت فيه تلك الصفات
________________________________________
1) رواه القاضى عضد الدين الايجى في المواقف 2 / 615 2) رواه الحافظ نور الدين في مجمع الزوائد 6 / 239 3) راجع في ذلك احقاق الحق: 8 / 475 - 522 4) مسلم في صحيحه 3 / 112 ط محمد على وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 56 والبخاري في صحيحه 4 / 200 ط الاميرية. والنسائي في الخصائص: 43 ط مصر (*)
________________________________________
[ 240 ]
[... ] - التى قد كان يخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله. وروى أبو بكر بن مردويه في كتابه مرفوعا إلى حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر فمن أبي فقد كفر. ورواه أيضا مسندا عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: علي خير البشر ومن أبي فقد كفر (1). وروى أبو بكر البيهقي أن الانصار كانت تقول: انا كنا نعرف الرجل لغير أبيه ببغضه علي بن أبي طالب (2). وعن جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بوروا أولادكم بحب علي بن أبي طالب، فمن أحبه فاعلموا أنه لرشدة، ومن أبغضه فاعلموا أنه لغية (3). رشدة بكسر الراء وبفتحها أي نكاح صحيح، وغية أيضا بكسر الغين المعجمة وفتحها وتشديد الياء المثناة من تحت، أي لزنية وطي من غير نكاح صحيح. ولبعض المتوهمين القاصرين من المعاصرين في ضبط هذه اللفظة عثرة، تستعاذ بالله من خذيها وفضيحتها، أوردناها في الرواشح السماوية (4). وروى الهروي في الغريبين عن عبادة: كنانبور أولادنا بحب علي بن أبي طالب، فإذا رأينا أحدهم لايحبه علمنا أنه لغير رشدة (5). وقال ابن الاثير في النهاية: في الحديث أن داود سأل سليمان عليهما السلام وهو يتبار
________________________________________
1) المناقب لابن مردويه غير مطبوع 2) رواه الصفوري في نزهة المجالس 3 / 208 والحكم في المستدرك: 3 / 129 3) راجع احقاق الحق: 7 / 266 4) الرواشح السماوية: 81 5) روى احقاق الحق عنه: 7 / 266 (*)
________________________________________
[ 241 ]
البراء بن عازب - علمه أي يختبره ويمتحنه، ومنه الحديث " وكنا نبور أولادنا بحب علي بن ابي طالب " وحديث علقمه الثقفي حتى والله ما نحسب الا أن ذلك شئ يبتار به اسلامنا (1). وقال: وفي حديث جعفر الصادق " لايحبنا أهل البيت كذا وكذا ولا ولد الميافعة " أي ولد الزنا يقال: يافع الرجل جارية فالن إذا زنى بها (2). وقال فيه: وفي حديث أهل البيت " لايحبنا اللاكع ولا المحبوس " (3). لكع عليه الوسخ كفرح لصق به ولزمه، ولكع بضم اللام وفتح الكاف اللئيم الخسيس الوسخ الدنس، وأصل الخسيس الخلط، وذلك عن خبث الطينة واختلاط النطفة وعدم طيب الولادة. وفي النهاية الاثيرية أيضا: في حديث الصادق " لايحبنا أهل البيت ذو رحم منكوس " قيل: هو المأبون لانقلاب شهوته إلى دبره (4) انتهى كلام النهاية. البراء بن عاز ب هو أبو عامر أو أبو عمار، البراء - بالباء الموحدة والراء المخففة المفتوحتين وبالمد كسماء - بن عاز ب باهمال العين قبل الالف والزاء بعدها. في القاموس: أنا براء منه لا يثني ولايجمع ولا يؤنث، أي برئ والبراء أول ليلة، أو يوم من الشهر، أو آخرها، أو آخره، كابن البراء وأبراء دخل فيه واسم،
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير: 1 / 161 2) نهاية ابن الاثير: 5 / 299 3) نهاية ابن الاثير: 4 / 26 9 4) نهاية ابن الاثير: 5 / 115 (*)
________________________________________
[ 242 ]
94 - قال الكشي: روى جماعة من أصحابنا منهم أبو بكر الحضرمي، وأبان ابن تغلب، والحسين بن أبي العلاء، وصباح المزني، عن أبي جعفر وأبي عبد الله - وابن مالك وعازب وأوس والمعرور الصحابيون (1). قال الشيخ رحمه الله في باب الصحابة: البراء بن عازب الانصاري الخزرجي كنيته أبو عامر (2). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: البراء بن عازب الانصاري (3) وقال صاحب كتاب الصحابة: البراء بن عازب بن الحارث بن عدي بن خيثم بن مجذعة يكنى أبا عمارة، غزى مع رسول الله صلى الله عليه وآله خمس عشرة غزوة، واستصغره النبي يوم بدر فلم يشدها، واجازه يوم الخندق وهو ابن خمس عشر سنة، فنزل البراء الكوفة وتوفى بها في أيام مصعب بن الزبير (4). وفي مختصر الذهبي: عنه عدي بن ثابت، وأبو إسحاق، وخلق، وشهد أحدا، ومات بعد التسعين. قوله رحمه الله تعالى: روى جماعة من أصحابنا لم يذكر طريقته في الاسناد عن الجماعة، وعني أنه من الصحيح الثابت عنهم وكذلك كلما أرسل ارسالا جاريا مجرى التعليق، قال في صدر الطريق روي، وأسقط الاسناد من البين، كما سبق في ترجمة أبي الانصاري: روى الحارث بن حصيرة. قوله رحمه الله تعالى: منهم أبو بكر الحضرمي الخ أبو بكر عبد الله بن محمد الحضرمي، قد بينا في المعلقات على الاستبصار
________________________________________
1) القاموس: 1 / 8 2) رجال الشيخ: 8 3) رجال الشيخ: 35 4) الاستيعاب: 1 / 139 وفيه جشم بن مجدعة (*)
________________________________________
[ 243 ]
عليهما السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين ؟ قال كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك، تخف علينا العبادة، فلما اتبعناك ووقع حائق الايمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا. قال أمير المؤمنين عليه السلام: فمن ثم يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير وتحشرون فرادى فرادى يؤخذ بكم إلى الجنة، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: ما بدالكم ! مامن أحد يوم القيامة الا وهو يعوي عواء البهائم أن اشهدوا واستغفروا لنا، فنعرض عنهم فماهم بعدها بمفلحين. - توثيقه وصحة حديثه. وأبان بن تغلب ظاهر الجلالة في الفضل والثقة. والحسين بن أبي العلاء الحفاف الازدي وأخواه علي وعبد الحميد وجوه ثقاة أذكياء، قد أوضحنا حالهم وحال أبيهم في المعلقات على الاستبصار وعلى الفقيه وأبطلنا ما توهمه المتوهمون في أبي العلاء، وسيستبين الامر في ذلك كله حيث يحين حينه انشاء الله العزيز. وصباح بن يحيى - باهمال الصاد المفتوحة وتشديد الباء المفتوحة - أبو محمد المزني - بضم الميم وفتح الزاء قبل النون - كوفي ثقة. في القاموس: مزينة كجهينة قبيلة، وهو مزني (1). قوله عليه السلام: للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين ؟ قال له ذلك في زمن خلافته إذ كان عليه السلام بالكوفة، يعني كيف وجدت هذا الذين معي بعد ماكنت مع المتقمصين للخلافة قبلي ؟ قال كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك تخف علينا العبادة، أي كنا تائهين في الجهالة، مستخفين بالعبادة، مضيعين لحدودها وأركانها، غير خاشعين في مناسكها آدابها، فلما اتعبناك انبسط نور المعرفة في صدورنا، ووقع حقائق الايمان في قلوبنا، فتثاقلت العبادة في جوار حنا وأجسادنا، وألذت واحلولت مع ذلك في نفوسنا وأرواحنا.
________________________________________
1) القاموس: 4 / 271 (*)
________________________________________
[ 244 ]
قال أبو عمر والكشي: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنين عليه السلام فيما روي من جهة العامة. - روى البخاري في صحيحه بأسناده عن مطرف قال: صليت أنا وعمران خلف علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما سلم أخذ عمران بيدي، فقال: لقد صلى بنا هذا صلاة محمد (صلى الله عليه وآله) أوقال: لقد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وآله (1). وروى الصدوق عروة الاسلام أبو جعفر بن بابويه وغيره من أشياخنا وأصحابنا رضوان الله تعالى عليهم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله وتسليماته عليه تطويل القراءة في صلاة الكسوف بمثل الانبياء والكهف. قال في الفقيه: وانكسفت الشمس على عهد أمير المؤمنين عليه السلام، فصلى بهم حتى كان الرجل ينظر إلى الرجل قد ابتل قدمه من عرقه (2). قوله رحمه الله: هذا بعد أن أصابته دعوة أمير المؤمنين (ع) فيما روى من جهة العامة وقد غلط الحسن بن داود في شرح هذه العبارة، فظن أن معناتها أن اصابته دعوته عليه السلام اياه فيما روي من جهة العامة لامن طريق الخاصة. قال في كتابه: البراء بن عازب " ل - ى - جخ - كش " شهد عليه السلام له بالجنة بعد أن روت العامة أنه عليه السلام دعا عليه لكتمانه الشهادة بيوم غدير خم فعمي (3). فذلك ظن فاسد، فان دعائه عليه السلام عليه واضابته دعوته اياه من الثابت، بل من المتواتر من طريق الخاصة ومن طريق العامة جميعا، وروى الكشي ذلك من طريق الخاصة بعد هذا الكلام.
________________________________________
1) صحيح البخاري 1 / 191 ط عامرة استبول 2) من لا يحضره الفقيه: 1 / 341 3) رجال ابن داود: 64 (*)
________________________________________
[ 245 ]
95 - روى عبد الله بن ابراهيم، قال أخبرنا أبو مريم الانصاري، عن المنهال ابن عمرو، - بل معنى العبارة: أن ماقاله عليه السلام في هذا الحديث له، وشهد له بقوله: " فيؤخذ بكم إلى الجنة " روي من جهة العامة (1)، أنه كان بعد ان أصابته دعوته عليه السلام وعمي قوله رحمه الله: روى عبد الله بن ابراهيم (2) أرسل اسناده عن عبد الله بن ابراهيم هذا، وهو عبد الله بن ابراهيم أبي عمر أبو محمد الغفاري، حليف الانصار سكن المزينة بالمدينة، فتارة يقال له: الغفاري، وتارة الانصاري، وتاره المزني، ويقال له أيضا: المدني، يروي عن أبي مريم الانصاري عبد الغفار الجازي ومن في طبقته، وعند الحسن بن علي بن فضال، ومحمد ابن عيسى وذكر في الفهرست عبد الله بن ابراهيم الانصاري وأسند طريقه في رواية كتابه الى محمد بن عيسى عنه (3)، ثم ذكر عبد الله بن ابراهيم الغفاري وطريقه في رواية كتابه بالاسناد الاول عن محمد بن عيسى عنه، ويظهر من ذلك التعدد، والصحيح أنهما واحد. قوله رحمه الله تعالى: عن المنهال بن عمرو قال الشيخ رحمه الله - في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام: المنهال بن عمرو الاسدي. وكذلك قال في أصحاب أبي محمد علي بن الحسين عليهما السلام: المنهال بن عمرو الاسدي.
________________________________________
1) يعنى ان قوله فيما روى متعلق بقوله بعد ان أصابته، لا أنه متعلق بقوله أصابته دعوته 2) والعجب من المصحح لرجال الكشي المطبوع في جامعة مشهد حيث زعم أنه من العامة لانه رتب النسخة كذا: 95 - فيما روى من جهة العامة: روى عبد الله بن ابراهيم الخ 3) الفهرست: 127 (*)
________________________________________
[ 246 ]
عن زربن حبيش، قال: خرج علي بن أبي طالب عليه السلام من القصر، فاستقبله ركبان متقلدون بالسيوف عليهم العمائم، فقالوا: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا مولانا. فقال علي عليه السلام من هيهنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقام خالد بن زيد أبو أيوب، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبد الله بن بديل بن ورقاء، فشهدوا جمعيا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يوم غدير خم من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال علي عليه السلام لانس بن مالك، والبراء بن عازب: ما منعكما أن تقوما فتشهدا فقد سمعتما كما سمع القوم ؟ ثم قال: اللهم ان كانا كتماها معاندة فابتلهما. - وقال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام: منهال بن عمرو الاسدي مولاهم. وقال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام: منهال بن عمرو الاسدي مولاهم كوفي، روى عن علي بن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام (1). وفي مختصر الذهبي: المنهال بن عمرو الاسدي مولاهم، عن ابن الحنيفة وزر، وعنه الاعمش، وشعبة ورواية عنه في " س " ثم تركه بآخرة، وثقه ابن معين. قوله رحمه الله: عن زر بن حبيش زر بالزاء المكسورة والراء المشددة، وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة واسكان الياء المثناة من تحت واعجام الشين أخيرا، على ما في جامع الاصول والقاموس وغيرهما من الكتب المعتبرة. وقال العلامة في الخلاصة: بالسين المهملة (2). فاعترض عليه الحسن بن داود بالتصحيف والتوهم (3).
________________________________________
1) رجال الشيخ على الترتيب: 79، و 101، 138، 313 2) الخلاصة: 76 3) رجال ابن داود: 157 (*)
________________________________________
[ 247 ]
فعمي البراء بن عازب، وبرص قدما أنس بن مالك، فحلف أنس بن مالك أن لايكتم منقبة لعلي بن أبي طالب ولا فضلا أبدا، وأما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله ؟ فيقال: هو في موضع كذا وكذا، فيقول: كيف يرشد من أصابته الدعوة. - فبعض شهداء المتأخرين في حاشية الخلاصة (1) رجح كلام ابن داود، بأنه في نسخة معتبرة لكتاب الرجال للشيخ وجد ذلك مضبوطا بالشين المعجمة، ولم يتعرض للتصريح بذلك في الاصول المعول عليها في هذا الباب، كأنه لم يتبعها أصلا. وبالجملة زر بن حبيش من أفاضل رجال أمير المؤمنين عليه السلام. قال الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: زر بن حبيش وكان فاضلا (2). وفي مختصر الذهبي: زر بن حبيش أبو مريم الاسدي، عاش مائة وعشرين سنة، مات سنة 82. قوله عليه السلام: وأما البراء بن عازب فكان يسأل عن منزله أي بعد أن أصابته ودعوة أمير المؤمنين عليه السلام وعمي، فيقال: هو في موضع كذا وكذا، فيقول: كيف يرشد من أصابته الدعوة، ولعل قوله هذا قبل ما قد سبق من حديث شهادة أمير المؤمنين عليه السلام له بالجنة.
________________________________________
1) التعليقة على الخلاصة للشهيد الثاني غير مطبوع. 2) رجال الشيخ: 42 (*)
________________________________________
[ 248 ]
عمرو بن الحمق 96 - جبريل بن أحمد الفاريابي، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن الحسن بن محبوب، عن أبي القاسم وهو معاوية بن عمار (ان شاء الله) رفعه، قال: - عمرو بن الحمق - باهمال الحاء وفتحها وكسر الميم - صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله كان قتلة عثمان، وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلام مشاهده كلها، وروى أبو عمرو الكشي - رحمه الله تعالى: أنه من حواري أمير المؤمنين عليه السلام. قال الشيخ - رحمه الله - في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: عمرو بن الحمق الخزاعي (1). وكذلك قال في أصحاب أبي محمد الحسين بن علي عليهما السلام: عمرو بن الحمق الخزاعي (2). وفي مختصر الذهبي: عمرو بن الحمق الخزاعي صحابي، عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد، وجماعة، قتل بالموصل سنة 51 بعثمان. قوله رحمه الله تعالى: جبريل بن أحمد الفاياربى قد تقدم تحقيق حاله، والطريق هذا ضعيف بمحمد بن عبد الله بن مهران وهو غال كذاب. وفي القاموس: فراب كسحاب قرية قرب سمرقند، ذكر تارة باصفهان، وكحربال بلد ببلخ، أو هو فيرياب ككيمياء، أو فاريات كقاصعاء وكساباط ناحية وراء نهر سيحون (3).
________________________________________
1) رجال الشيخ: 47 2) رجال الشيخ: 69 3) القاموس: 1 / 112 (*)
________________________________________
[ 249 ]
أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله سرية، فقال لهم: انكم تضلون ساعة كذا من الليل فخذوا ذات اليسار، فانكم تمرون برجل في شأنه فتستر شدونه، فيأبي أن يرشدكم حتى تصيبوا من طعامه فيذبح لكم كبشا فيطعمكم ثم يقوم فيرشد كم، فاقرأوه مني السلام واعلموه أني قد ظهرت بالمدينة. فمضوا فضلوا الطريق، فقال قائل منهم: ألم يقل لكم رسو ل الله صلى الله عليه وآله تياسروا ففعلوا فمروا بالرجل الذي قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فاسترشدوه ؟ فقال لهم الرجل لا أفعل حتى تصيبوا من طعامي، ففعلوا، فأرشدهم الطريق. ونسوا ان يقرأوه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله. قال، فقال لهم وهو عمرو بن الحمق (رضي الله عنه) أظهر النبي عليه السلام بالمدينة فقالوا: نعم. فلحق به ولبث معه ما شاء الله. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ارجع إلى الموضع الذي منه هاجرت فإذا تولى أمير المؤمنين عليه السلام فاته. فانصرف الرجل حتى إذا تولى أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة، أتاه وأقام معه بالكوفة، ثم ان أمير المؤمنين عليه السلام قال له ألك دار ؟ قال: نعم. قال: بعها واجعلها في الازد، فاني غدا لو غبت لطلبك، فمنعك الازد حتى تخرج من الكوفة متوجها إلى حصن الموصل، فتمر برجل مقعد فتقعد عنده، ثم تستقيه فيسقيك، ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلى الاسلام فانه يسلم، وأمسح بيدك على وركيه فان الله يمسح ما به وينهض قائما فيتعبك. وتمر برجل أعمى على ظهر الطريق، فتستسقيه فيسقيك، ويسألك عن شأنك فأخبره وادعه إلى السلام فانه يسلم، وأمسح يدك على عينيه فان الله عزوجل يعيده بصيرا فيتبعك، وهما يواريان بدنك بدنك في التراب، ثم تتبعك الخيل فإذا صرت قريبا من الحصن في موضع كذا وكذا رهقتك الخيل، فأنزل عن فرسك ومر إلى الغار، فانه يشترك في دمك فسقة من الجن والانس.
________________________________________
[ 250 ]
ففعل ما قال أمير المؤمنين عليه السلام قال، فلما انتهى إلى الحصن قال للرجلين: اصعدا فانظرا هل تريان شيئا ؟ قالا نرى خيلا مقبلة، فنزل عن فرسه ودخل الغار وعار فرسه فلما دخل الغار ضربه أسود سالخ فيه، وجاءت الخيل فلما رأو ا فرسه عايرا قالوا هذا فرسه وهو قريب، فطلبه الرجال فأصابوه في الغار فكلما ضربوا ايديهم إلى شئ من جسمه تبعهم اللحم، فأخذوا رأسه، فأتوا به معاوية، فنصبه على رمح، وهو أول رأس نصب في الاسلام. 97 - قال الكشي: روى أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة: أما بعد. فان عمرو بن عثمان ذكر أن رجلا من أهل العراق ووجوه أهل - قوله: وعار فرسه باهمال العين قبل الالف والراء بعدها. قال في المغرب: عار الفرس يعير ذهب هنا وهنا من نشاطه: أوهام على وجهه لا يثنيه شئ، ومنه قوله فيما لا يجوز بيعه كذا وكذا. والفرس العاير والعاند من العناد تصحيف، ويقال: سهم عاير لا يدري من رماه. قوله: ضربه أسود سالخ باهمال السين قبل الالف واللام بعدها واعجام الخاء أخيرا. قال في القاموس: والسالخ اسم الاسود من الحيات والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة وأسود وأسودان سالخ، وأساود سالخة وسوالخ (1). قوله أن رجلا من أهل العراق بفتح الراء واسكان الجيم على جمع راجل، أو بالزاء المضمومة والجيم المفتوحة، أي جماعات على جمع الزجلة بالضم وهي الجماعة، أو بالزاء المفتوحة
________________________________________
1) القاموس: 1 / 261 (*)
________________________________________
[ 251 ]
الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي، وذكر أنه لا يأمن وثوبه، وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده، فاكتب الي برأيك في هذا، والسلام. فكتب إليه معاوية: أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فاياك أن تعرض للحسين في شئ واترك حسينا ما تركك، فانا لا نريد أن تعرض له في شئ ما وفي ببيعتنا ولم ينز على سلطاننا، فاكمن عنه ما لم يبد لك صفحته، والسلام. والجيم الساكنة، بمعنى ارسال الحمام للختبار والاستخبار. قوله عليه وعلى شجرته الملعونة الخبيثة أصلا وفصلا أشد اللعن والعذاب: ما لم ينز على سلطاننا بفتح حرف المضارعة واسكان النون وضم الزاء، من نزا على الشئ ينزو نزوا ونزوانا: أي وثب وثوبا وثبانا، وقلب فلان ينزو إلى كذا ينازع ويتوق إليه، والتنزي التوثب والتسرع. وفي مجمل اللغة: التنزي تسرع الانسان إلى الشر، وما نزاك على كذا أي ما حملك عليه، يقال: بالتشديد وبالتخفيف، ورجل منزو بكذا مولع به. قوله: فاكمن عنه ما لم يبدلك صفحته من كمن له كمونا، بمعنى تواري واستخفي. قال في المغرب: ومنه الكمين من حيل الحرب، وهو أن يستخفوا في مكمن لا يفطن لهم، وكمن عنه كمونا أي اختفي. وفي القاموس: ان الفعل منه من بابي نصر وسمع، ويقال: في المشهور من بابي ضرب ونصر (1).
________________________________________
1) القاموس: 4 / 263 (*)
________________________________________
[ 252 ]
98 - وكتب معاوية إلى الحسين بن علي عليه السلام بن علي عليه السلام أما بعد - فقد انتهيت الي أمور عنك. ان كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، ولعمر الله ان من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء وان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعذل الناس لذلك وعظ نفسك فاذكره ولعهد الله أوف، فانك متى ما أنكرك تنكرني ومتى أكدك تكدني فاتق شقك عصا هذه الامة وان يردهم الله على يديك في فتنة، وقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد صلى الله عليه وآله ولا يسخفنك السفهاء والذين لا يعلمون. 99 - فلما وصل الكتاب إلى الحسين عليه السلام كتب إليه: أما بعد - فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغك عنى أمور أنت لي عنها راغب وأنا لغيرها عندك جدير فان الحسنات لا يهدي لها ولا يرد إليها الا الله، وأما ما ذكرت أنه انتهى اليك عني فانه انما رقاه اليك الملاقون المشاؤن بالنميم، وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا، وايم الله اني لخائف لله في ترك ذلك، وما أظن الله راضيا بترك ذلك، ولا عاذرا بدون الاعذار فيه اليك وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين. ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة، والمصلين العابدين الذين كانوا - و " يبد " بضم حرف المضارعة من باب الافعال. و " صفحة الشئ " وجهه وجانبه، أي ما لم يظهر لك وجهه وجانبه، ولم يتكافح ولم يتظاهر لك بالمعاندة والمعاداة. قوله: فانك أنت أعذل الناس لذلك باعجام الذال بعد العين المهملة، من العذل بمعنى الملامة، يقال: عذلت الرجل إذ ا لمته، وعذلنا فلان فاعتذل أي لام نفسه وأعتب، يعني أنت أحق الناس بأن تكون عاذ لا لمثل ذلك لائما عليه مستنكرا اياه، فخليق بك أن لا ترتكبه أبدا. قوله عليه وعلى شجرته الطيبة المقدسة المبارك أصلها وفرعها صلوات الله التامات وتسليماته الناميات: ألست القاتل حجر بن عدى أخا كنده حجر بن عدي الكندي من خواص أمير المؤمنين عليه السلام وأصفياء أصحابه.
________________________________________
[ 253 ]
ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لاثم ؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ماكنت اعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة لاتأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولابأحنة تجدها في نفسك. أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه ؟ بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه مالوأ عطيته طائرا لنزل اليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك واستخفافا - وأولياءه، وذكره بعضهم في عداد الصحابة. وفي القاموس: حجر - بالضم - والد امرء القيس وجده الاعلى، وابن عدي وابن ربيعة وابن يزيد صحابيون، وابن العنبس تابعي (1). وقال يوسف بن عبد البر والحافظ أبو نعيم: حجر بن عنبس وقيل: ابن قيس الكندي وحجر بن عدي الادبر، ذكرا فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وآله، ولا تثبت لاحدهما صحبته (2). والشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال قال في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حجر بن عدي الكندي وكان من الابدال (3) ثم ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام وقال: حجر بن عدي الكندي الكوفي (4). قلت: وايراده في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام كان خطأ لقول سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام لمعاوية في هذه الرواية: ألست القاتل حجر بن عدي أخا كنده. وقال أبو الحسن المسعودي - رحمه الله تعالى - في مروج الذهب: وفي
________________________________________
1) القاموس: 2 / 5 2) الاستيعاب: 1 / 359 3) رجال الشيخ: 38 4) رجال الشيخ: 67 (*)
________________________________________
[ 254 ]
[... ] - سنة ثلاث وخمسين قتل معاوية حجر بن عدي الكندي، وهو أول من قتل صبرا في الاسلام، حمله زياد من الكوفة ومعه تسعة عشر نفرا من أهل الكوفة وأربعة من غيرها. فلما صار إلى مرج عذراء على اثنى عشر ميلا من دمشق تقدم البريد بأخبارهم إلى معاوية، فبعث إليهم برجل أعور، فلما أشرف على حجر وأصحابه، قال رجل منهم: ان صدق الرجل (1) فانه سيقتل منا النصف وينجو الباقون فقيل له: وكيف ذلك ؟ قال: أما ترون الرجل المقبل مصابا في أحدي عينيه. فلما وصل إليهم قال لحجر: ان أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي لابي تراب، الا ان ترجعوا عن كفركم وتلعنوا أصحابكم وتتبرؤا منه. فقال حجر وجماعته ممن كان معه: ان الصبر على مر (2) السيف لا يسر علينا مما تدعونا إليه، ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب الينا من دخول النار وأجاب نصف من كان معه إلى البراءة من علي. فلما قدم حجر ليقتل قال: دعوني أصلي ركعتين فطول في صلاته، فقيل له: أجز عا من الموت ؟ قال لا، ولكني ما تطهرت للصلاة قط الا صليت، وما صليت قط أخف من هذه، وكيف أجزع وأنى لارى قبرا مفتوحا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا ثم قدم فنحر: والحق به من وافقه على قوله من أصحابه. وقيل: ان قتلهم كان في سنة خمسين، وذكر أن عدي بن حاتم الطائي دخل على معاوية: فقال له معاوية: أما أنه قد بقيت قطرة من دم عثمان لا يمحوها الا دم شريف من أشراف اليمن.
________________________________________
1) وفى المصدر: الزجر 2) وفى المصدر: حد (*)
________________________________________
[ 255 ]
بذلك العهد، أو لست المدعى زياد بن سيمة المولود على فراش عبيد ثقيف ؟ فزعمت انه ابن أبيك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الولد للفراش وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله صلى الله عليه وآله تعمدا وتبعت هواك بغير هدى من الله. - فقال عدي: والله ان قلوبنا التي أبغضاك فيها لفي صدورنا وان سيوفنا التى قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن أدنيت الينا شبرا لندلي اليك من الشر شبرا، وان حرجمة (1) الحلقوم وحشرجة الحيزوم لاهون علينا من أن نسمع المساءة في علي عليه السلام فسل السيف يا معاوية يبعث السيف. فقال معاوية: هذه كلمات حكم فاكتبوها، وأقبل على عدي محادثا كأنه ما خاطبه بشئ انتهى كلام مروج الذهب (2). وسيأتي في أصل الكتاب تمام القول في ترجمة حجر بن عدي انشاء الله العزيز العليم سبحانه. قوله عليه السلام أو لست المدعى زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت أنه ابن أبيك. قال المسعودي في مروج الذهب: أن معاوية ادعى ذلك وأدخله في نسبه بشهادة أبي مريم السلولي، وكان أخبر الناس ببدو الامر، وذلك أنه جمع بين أبي سفيان وسمية أم زياد في الجاهلية على زنا، وكانت سمية من ذوات الرايات بالطائف تؤد الضريبة إلى الحارث بن كلدة سمية، فقال: ايتني بها على ذفرها وقذرها فقال له زياد: مهلا يا أبا مريم ! انما بعثت شاهدا ولم تبعث شاتما، فقال أبو مريم: نعم لو كنت أعفيتموني لكان أحب الي وانما شهدت بما عاينت ورأيت، والله لقد أخذ بكور (3) درعها وأغلقت الباب عليهما وقعدت دهشانا، فلم ألبث أن خرج
________________________________________
1) وفى المصد ر: حز 2) مروج الذهب: 3 / 3 - 5 3) كار الشئ يكور كورا دار وكورل العمامة دورها (منه) وفى المصدر: بكم درعها (*)
________________________________________
[ 256 ]
ثم سلطته على العراقين، يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم، ويصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الامة وليسوا منك. أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية انهم كانوا على دين علي عليه السلام ؟ فكتب إليه ان اقتل كل من كان على دين علي فقتلهم ومثلهم ودين علي عليه السلام سر الله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلست مجلسك الذى جلست، ولو لا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين. - على يمسح جبينه فقلت: مه يا أبا سفيان فقال: ما أصبت مثلها يا أبا مريم لو لا استرخاء من ثديها وذفر من مرفقيها. فقام زياد فقال: أيها الناس هذا الشاهد قد ذكر ما سمعتم ولست أدري حق ذلك من باطله، وانما كان عبيد ابا مبرورا ووليا مشكورا، والشهود أعلم بما قالوا. فقام يونس بن عبيد أخو صفية بنت عبيد بن أسد بن علاج الثقفي، وكانت صفية مولاة سمية، فقال: يا معاوية قضى رسول الله صلى الله عليه وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر وقضيت أنت الولد للعاهر وأن الحجر للفراش، مخالفة لكتاب الله وانصرافا عن سنة رسول الله بشهادة أبي مريم علي زنا أبي سفيان. فقال معاوية: والله لتنتهين يا يونس أو لاطيرن بك طيرة بطيئا وقوعها، فقال يونس: هل الا إلى الله ثم أقع ؟ فقال عبد الرحمن بن أم الحكم في ذلك: ألا أبلغ معاوية بن حرب * مغلغلة عن الرجل اليماني أتغضب أن يقال أبوك عف * وترضى أن يقال أبوك زان فاشهد أن رحمك من زياد * كرحم الفيل من ولد الاتان (1) قوله عليه السلام: لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين الرحلة - بالكسر - الارتحال، الرحلة - بالضم الوجهة التي يقصدها المرتحل
________________________________________
1) مروج الذهب: 3 / 806 (*)
________________________________________
[ 257 ]
وقلت فيما قلت " انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد واتق شق عصا هذه الامة وان تردهم إلى فتنة " وانى لا أعلم فتنة أعظم على هذه الامة من ولايتك عليها ولا أعظم نظرا لنفسي ولديني ولامة محمد صلى الله عليه وآله وعلينا أفضل من أن أجاهدك، فان فعلت فانه قربة إلى الله، وان تركته فاني أستغفر الله لديني وأسأله توفيقه لارشاد أمري. وقلت فيما قلت " أني ان أنكرتك تنكرني وان أكدك تكدني " فكدني ما بدالك فاني أرجو أن لا يضرني كيدك في، وأن لا يكون علي أحد أضرمنه على نفسك، على أنك قد ركبت بجهلك تحرصت علي نقض عهدك، ولعمري ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والايمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا، ولم تفعل ذلك بهم الا لذكر هم فضلنا وتعظيهم حقنا، فقتلتهم مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا أو ماتوا قبل أن يدركوا. فأبشر يا معاوية بالقصاص وأستيقن بالحساب واعلم أن الله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ا لا أحصاها، وليس الله بناس لا خذ ك بالظنة وقتلك أوليائه على - في مسيره. ويعني عليه السلام بالرحلتين: رحلتي قريش بالشتاء والصيف، للامتيار والاتجار، كان لاشرافهم الرحلة في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام، فيمتارون ويتجرون وذلك قصارى جاههم وشرفهم. فدين الاسلام وهو دين رسول الله صلى الله عليه وآله ودين علي بن أبي طالب عليه السلام علاهم وشرفهم ورفع قدرهم وأعلا منزلتهم، وجعل الله سبحانه استقرار ذلك منوطا بسيف علي عليه السلام، ولذلك كان ضربة علي عليه السلام يوم الخندق توازي عمل الثقلين وأفضل من عبادة الجن والانس وأفضل من عمل الثقلين على اختلاف الروايات.
________________________________________
[ 258 ]
التهم ونقل أوليائه من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب، - قوله عليه السلام: ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب قال في مروج: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وقرود وفهود، ومنادمة على الشراب، وعن يمينه ابن زياد وغلب على أصحاب يزيد وعماله ماكان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب. وكان له قرد يكني بأبي قيس يحضره مجلس منادمته، ويطرح له متكأ، وكان قردا خبيثا، فكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة. فجاء في بعض الايام سابقا فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل، وعلى أبي قيس قباء من الحرير الاحمر والاصفر مشمر وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان بشقائق، وعلى الاتان سرج من الحرير الاحمر منقوش ملون بأنواع من الالوان. وعامله الذي استعمله على جيشه المبعوث من الشام إلى المدينة قاتل في الموضع المعروف بالحرة خلقا من بني هاشم، وسائر قريش وأنصار، وغيرهم من خيار الناس وأفاضلهم وقتلهم. وأخاف المدينة وألهبها وقتل أهلها وبايعهم على أنهم عبيدا ليزيد، وسماها " نتنة " وقد سماها رسول الله " طيبة " وقال: من أخاف المدينة أخافه الله. وليزيد وغيره من بني أمية أخبار عجيبة ومثالب كثيرة: من شرب الخمور، وقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ولعن الوصي، وهدم البيت واحراقه وسفك الدماء المحقونة، والفسق والفجور، وغير ذلك مما قد ورد فيه الوعيد باليأس من غفرانه، كوروده فيمن جحد توحيده وخالف رسله انتهى ما في مروج الذهب (1).
________________________________________
1) مروج الذهب 3 / 67 - 72 (*)
________________________________________
[ 259 ]
لا أعلمك الا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك وأخرجت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل وأخفت الورع التقي لاجلهم - والسلام. فلما قرأ معاوية الكتاب، قال: لقد كان في نفسه ضب ما اشعر به. فقال يزيد يا أمير المؤمنين أجبه جوابا تصغر إليه نفسه، وتذكر فيه أباه بشئ فعله قال: ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال له معاوية: أما رأيت ماكتب به الحسين ؟ قال وما هو ؟ قال: فاقرأه الكتاب، فقال وما يمنعك أن تجيبه بما يصغر إليه نفسه ؟ وانما قال ذلك في هوى معاوية، فقال يزيد كيف رأيت يا أمير المؤمنين رأي ؟ فضحك معاوية فقال: أما يزيد فقد أشار علي بمثل رأيك، قال عبد الله: فقد أصاب يزيد. فقال معاوية أخطأتما أرأيتما لو أني ذهبت لعيب علي محقا ما عسيت أن أقول فيه، ومثلي لا يحسن أن يعيب بالباطل ومالايعرف، ومتى ماعبت به رجلا بما لا يعرفه الناس لم يخول به صاحبه ولا يراه الناس شيئا وكذبوه، وماعيست أن أعيب حسينا، والله ما أرى للعيب فيه موضعا وقد رأيت أن أكتب إليه أتوعده وأتهدده ثم رأيت ألا أفعل ولا أفحله. - قوله عليه السلام: لا أعلمك الا وقد خسرت نفسك وتبرت دينك وغششت رعيتك " خسرت " باهمال السين المشددة بعد الخاء المعجمة، أي أهلكتها من التخسير بمعنى الاهلاك. و " تبرت " بتشديد الباء الموحدة بعد التاء المثناة من فوق، من التتبير تفعيلا من التبر - بفتح التاء المثناة من فوق واسكان الباء الموحدة - بمعنى الكسر والاهلاك، والتبار - بالفتح أيضا - الهلاك. وايم الله لقد بلغ معاوية من خسارة نفسه وتبار دينه وغشه رعيته إلى خيانته اياهم في الدين أمد الاحد فوقه.
________________________________________
[ 260 ]
خزيمة بن ثابت - قال المسعودي في مروج الذهب: ولقد بلغ من أمرهم في طاعتهم له أن صلي بهم في مسيرهم إلى صفين الجمعة يوم الاربعاء. وسبط ابن الجوزى في الخصائص والمناقب قال: قال المسعودي: لقد بلغ من طاعة أهل الشام لمعاوية أنه صلى بهم الجمعة يوم الاربعاء، وغيره يقول: يوم السبت وقال: كان لنا بالامس عذر. وكذلك قال جده أبو الفرج بن الجوزى في المنتظم. خزيمة بن ثابت هو أبو عمارة الانصاري ذو الشهادتين، خزيمة - بالخاء المعجمة المضمومة والزاء المفتوحة والياء الساكنة والميم والهاء أخيرا - ابن ثابت بن الفاكة، من عظماء أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) شهد معه بدرا وما بعدها، ومن أصفياء أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، شهد معه جمل والصفين، وقتل بصفين شهيدا. ذكره الشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال في باب الصحابة قال: خزيمة بن ثابت (1). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: خزيمة بن ثابت (1) ذو الشهادتين (2). ولقد أطبقت العامة والخاصة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله سماه ذو الشهادتين وأقامه وحده في باب الشهادة مقام شاهدين. والسيد المرتضى علم الهدى ذو المجدين - رضي الله تعالى عنه - في كتاب الانتصار في مسألة قضاء القاضي بعلمه: وأن قول أبي علي بن الجنيد بخلاف ذلك خرق الاجماع الامامية، ومسبوق وملحوق بانعقاده سابقا ولاحقا قبل ابن الجنيد وبعده، أورد قضية رسول الله صلى الله عليه وآله في ابتياعه الناقة من الاعرابي من طريقين.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 19 2) رجال الشيخ: 40 (*)
________________________________________
[ 261 ]
[... ] - ونقل عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي - رضي الله تعالى عنه في كتابه المعروف بمن لا يحضره الفقيه قوله: هذان الخبران غير مختلفين لانهما في قضيتين. ثم قال: ورووا أيضا - يعني العامة والخاصة - حديث خزيمة بن ثابت ذي الشهادتين لما شهد للنبي عليه السلام على الاعرابي فقال النبي صلى الله عليه وآله: كيف شهدت بذلك وعلمته ؟ قال: من حيث علمت أنك رسول الله (1). قلت: حديث خزيمة بن ثابت كان ابتياع الفرس الفي ابتياع الناقة، والصدوق - رضوان الله تعالى عليه - في الفقيه روى القضايا الثلاث جميعا، الاولى منهن بالارسال والاخيرتين بالاسناد. قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فادعى عليه سبعين درهما ثمن ناقة باعها منه فقال: قد أوفيتك، فقال: اجعل بيني وبينك رجلا يحكم بيننا. فأقبل رجل من قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحكم بيننا فقال للاعرابي: ما تدعي على رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه، فقال: ما تقول يارسول الله ؟ قال: قد أوفيته، فقال للاعرابي: ما تقول: قال: لم يوفني، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: ألك بينة على انك أوفيته ؟ قال: لا، قال للاعرابي: أتحلف أنك لم تستوف حقك وتأخذه ؟ فقال نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاتحاكمن مع هذا إلى رجل يحكم بيننا بحكم الله عزوجل. فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام ومعه الاعرابي، فقال علي عليه السلام مالك يارسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: احكم بيني وبين هذا الاعرابي فقال علي عليه السلام: يا أعرابي ما تدعي على رسول الله ؟ قال: سبعين درهما ثمن ناقة بعتها منه فقال ما تقول يا رسول الله ؟ قال قد أوفيته، ثمنها، فقال: يا أعرابي أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله
________________________________________
1) الانتصار: 240 ط النجف (*)
________________________________________
[ 262 ]
[... ] - فيما قال ؟ قال: لا، ما أوفاني شيئا. فأخرج علي عليه السلام سيفه فضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم فعلت يا علي ذلك ؟ فقال: يارسول الله نحن نصدقك على أمر الله ونهيه وعلى أمر الجنة والنار والثواب والعقاب ووحي الله عزوجل ولا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابي. وأني قتلة لانه كذبك لما قلت له أصدق رسول الله فيما قال: فقال لا ما أوفاني شيئا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أصبت يا علي فلا تعد إلى مثلها، ثم التفت إلى القرشي وكان قد تبعه فقال: هذا حكم الله لا ما حكمت به. ثم قال الصدوق: وفي رواية محمد بن بحر (يحيى) الشيباني وعنعن الاسناد المتصل، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من منزل عائشة فاستقبله أعرابي ومعه ناقة، فقال: يا محمد تشتري هذه الناقة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: نعم، بكم تبيعها يا أعرابي ؟ قال: بمأتي درهم فقال النبي صلى الله عليه وآله بل ناقتك خير من هذا قال فما زال النبي صلى الله عليه وآله يزيد حتى اشترى الناقة بأربعمائة درهم. قال فلما دفع النبي صلى الله عليه وآله إلى الاعرابي الدارهم ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة، فقال: الناقة والدراهم دراهمي، فان كان لمحمد شئ فليقم البينة. قال: فأقبل رجل فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشيخ المقبل ؟ قال: نعم يا محمد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: تقضي بيني وبين هذا الاعرابي ؟ فقال: تكلم يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: بل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة فقال الرجل: القضية واضحة يارسول الله، وذلك أن الاعرابي طلب البينة. فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أجلس فجلس، ثم أقبل رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى يا أعرابي بالشيخ المقبل ؟ قال: نعم يا محمد، فلما دنا قال النبي صلى الله عليه وآله اقض فيما بيني وبين هذا الاعرابي قال: تكلم يار سول الله قال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم
________________________________________
[ 263 ]
[... ] - دراهم الاعرابي، فقال الاعرابي: لابل الدراهم دراهمي والناقة ناقتي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة فقال الرجل: القضية فيها واضحة يارسول الله لان الاعرابي طلب البينة. فقال النبي صلى الله عليه وآله: اجلس حتى يأتي الله عزوجل بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق، فأقبل علي عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله: أترضى بالشاب المقبل ؟ قال: نعم، فلما دنا قال النبي: يا أبا الحسن اقض فيما بيني وبين الاعرابي. فقال: تكلم يارسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله: الناقة ناقتي والدراهم دراهم الاعرابي فقال الاعرابي: لابل الناقة ناقتي والدراهم دراهمي ان كان لمحمد شئ فليقم البينة قال: فدخل علي عليه السلام منزله فاشتمل على قائم سيفه، ثم أتى. فقال: خل بين الناقة وبين رسول الله فقال الاعرابي: ماكنت بالذي أفعل أو يقيم البينة قال، فضربه علي عليه السلام ضربة فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه وقال بعض أهل العراق: بل قطع منه عضوا قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما حملك على هذا يا علي ؟ فقال: يارسول الله نصدقك على الوحي من السماء ولا نصدقك على أربعمائة درهم. ثم قال الصدوق - رضي الله تعالى عنه - قال مصنف هذا الكتاب: هذان الحديثان غير مختلفين لانهما في قضيتين، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها. ثم قال: وروى محمد بن بحر الشيباني عن عبد الرحمن بن أحمد الذهلي، وعنعن الاسناد والمسلسل بلفظة التحديث متصلا، عن الزهري، عن عبد الله بن أحمد الذهلي، قال: حدثنا عمارة بن خزيمة بن ثابت أن عمه حدثه، وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله. أن النبي صلى الله عليه وآله ابتاع فرسا من أعرابي فأسرع النبي صلى الله عليه وآله ليقبضه ثمن فرسه، فأبطأ الاعرابي، فطفق رجال يعترضون الاعرابي فيسو مونه بالفرس، وهم لا يشعرون أن
________________________________________
[ 264 ]
[... ] - النبي صلى الله عليه وآله ابتاعه، حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على الثمن، فنادى الاعرابي فقال: ان كنت مبتاعا لهذا الفرس فابتعه والا بعته. فقام النبي صلى الله عليه وآله حين سمع الاعرابي قال: أو ليس قد ابتعته منك، فطفت الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وآله وبالاعرابي وهما يتشاجران، فقال الاعرابي: شهيدا يشهد اني قد بايعتك، ومن جاء من المسلمين قال للاعرابي: ان النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يقول الا حقا. حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وآله والاعرابي فقال خزيمة: اني أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي صلى الله عليه وآله على خزيمة فقال: بم تشهد ؟ قال: بتصديقك يارسول الله، فجعل النبي صلى الله عليه وآله شهادة خزيمة بن ثابت بشهادتين، فسماه ذا الشهادتين. ثم ذكر رواية محمد بن بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قضية درع طلحة وقضاء شريح فيها، وأن أمير المؤمنين عليا عليه السلام قال: ان هذا قد قضى بجور ثلاث مرات، فتحول شريح عن مجلسه وقال: لاأقضى بين اثنين حتى تخبرني من أين قضيت بجور ثلاث مرات. فقال له على عليه السلام: انى لما قلت لك انها درع طلحة أخذت غلولا يوم البصرة، فقلت: هات على ما تقول بينة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حيث ما وجد غلولا أخذ بغير بينة، فقلت: رجل لم يسمع الحديث فهذه واحدة. ثم أتيتك بالحسن فشهد، فقلت: هذا شاهد واحد ولا أقضى بشاهد حتى يكون معه آخر، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بشاهد ويمين فهاتان اثنتان. ثم أتيتك بقنبر فشهد فقلت هذا مملوك، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلا فهذه الثالثة. ثم قال على عليه السلام: يا شريح ان امام المسلمين يؤتمن في أمورهم على ما هو
________________________________________
[ 265 ]
[... ] - أعظم من هذا. ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فأول من رد شهادة المملوك رمع انتهى كلام من لا يحضره الفقيه (1). قلت: رمع قلب عمر، ويعني أبو جعفر عليه السلام عمر بن الخطاب. وهذا كما في الحديث عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ولد سابع. كناية عن بني العباس مقلوبا، اما للتقية، أو للاستحقار، أو لان الكناية أبلغ، وربما يقال: ان عباس كان سابع أولاد عبد المطلب. ثم ان قول أمير المؤمنين عليه السلام يا شريح ان امام المسلمين يؤتمن، معناه أن الجور من هذه الوجوه الثلاثة فيما لا يكون المدعي ولا الشاهد معصوما. ولسماع قول المدعي من غير بينة صور معدودة في الفقه، قد أحصى طائفة منها شيخنا الشهيد في غاية المراد في شرح الارشاد. فاما إذا كان المدعي معصوما فلا يجوز طلبه البينة منه على دعواه ولا احلافه ولا استحلافه فيما ادعاه، وكذلك إذا كان الشاهد الواحد معصوما، فلا يسوغ طلب شاهد آخر معه، وذلك لان البينة العادلة معه لا تفيد الا ظنا، وقول المعصوم يعطي علما قطعيا. واذن فقد استبان أن شريحا في تلك القضية قد قضى بجور من جهة الجهل بخمس مرات، ولقد وقع مثل هذا الجور والجهل من أبي بكر أيضا فوق مرة واحدة. قال السيد المرتضى في الانتصار: وكيف يخفى اطباق الامامية على وجوب الحكم بالعلم، وهو ينكرون توقف أبي بكر بن عن الحكم لفاطمة عليها السلام بنت رسول صلى الله عليه وآله بفدك لما ادعت انه عليه السلام نحلها أبوها، ويقولون: إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وأنها لا تدعي الا حقا، فلاوجه لمطالبتها باقامة البينة، لان البينة لا وجه لها مع القطع
________________________________________
1) من لا يحضره الفقيه: 3 / 60 - 64 (*)
________________________________________
[ 266 ]
100 - روى عن الفضل بن دكين، قال حدثنا عبد الجبار بن العباس الشامي، - بالصدق. فكيف خفي على ابن الجنيد هذا الذي لا يخفى على أحد (1). قوله رحمه الله تعالى: روى عن الفضل بن دكين يقال له الحافظ أبو نعيم الملابي، والحافظ أبو نعيم المشهور ليس هواياه بل هو أحمد بن عبد الله الاصفهاني صاحب حلية الاولياء واحصاء الصحابة وغيرهما. قال في جامع الاصول: هو أبو نعيم الفضل بن دكين، ودكين لقب واسمه عمرو بن حماد بن زهير بن درهم مولى آل طلحة بن عبيدالله التيمي من أهل الكوفة وسمع سليمان الاعمش، ومشعر بن كدام، وابن أب ي ليلى، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، وشبعة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، وحماد بن كثير (2). سمع منه عبد الله بن المبارك، وروى عنه أحمد بن حنبل، واسحاق بن راهويه وزهير بن حرب، ومحمد بن اسماعيل البخاري، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان وخلق كثير من الائمة. قدم بغداد وحدث بها، وكان مزاحا ذا دعابة مع فقهه ودينه وامانته، وكان غاية في الاتقان والحفظ وهو حجة. ولد سنة تسع وعشرين ومائة وقيل: سنة ثلاثين. ومات سنة ثماني عشرة ومأتين في آخرها، وقيل: سنة تسع عشرة في أيام المعتصم بن الرشيد. " دكين " بضم الدال المهملة وفتح الكاف وسكون الياء وبالنون، و " كدام " بكسر الكاف وتخفيف الدال المهملة، و " راهويه " بالراء وفتح الهاء وفتح الواو وسكون الياء تحتها نقطتان وكسر الهاء الاخرة.
________________________________________
1) الانتصار: 238 2) في " س " وجماعة كثيرة (*)
________________________________________
[ 267 ]
عن أبي اسحاق قال: لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت فسطاطه وطرح عنه سلاحه ثم شن عليه الماء فاغتسل، ثم قاتل حتى قتل. - وفي مختصر الذهبي: الفضيل بن دكين الحافظ أبو نعيم الملابي مولى آل طلحة، عن الاعمش، وزكريا بن أبي زايدة، وأمم، وعنه " خ " وأبو زرعة. مات 219 في سلخ شعبان بالكوفة. قلت: وأما الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصبهاني، فمتأخر الطبقة عن الحافظ أبو نعيم هذا أمدا بعيدا، ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة باصفهان. قاله صاحب المشكاة أبو محمد الحسين بن عبد الله الطبي في خلاصته في فن دراية الحديث. قوله رحمه الله: عن أبي اسحاق يعني السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة، وقد تقدم ذكره فيما تقدم. قوله: وطرح عنه سلاحه وذلك لما قد تاقت نفسه تشوقا إلى الشهادة، واشتدت لو عته شوقا إلى نعيم النشأة الخالدة، حيث إذ شاهد أن عمارا - رضي الله تعالى عنه - قد فاز بذلك بقتل الفئة الباغية اياه بين يدي امامه الوصي الصفي المضطهد المبغي عليه في مسنده المغصوب منه حقه صلوات الله وتسليماته على روحه وجسده، لا أنه متشككا في أمره فلما شاهد قتل عمار استتم بصره، واستقامت بصيرته، فان حال خزيمة في الاستقامة والاستيقان أجل. قوله ثم شن عليه الماء فاغتسل " شن " باهمال السين أو باعجام الشين قبل النون المشددة، فانهما كليهما بمعنى واحد، يقال: سن الماء على وجهه يسن - بالضم في المضارع - سنا بالسين
________________________________________
[ 268 ]
101 - وروى أبو معشر، عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت، قال: ما زال جدي بسلاحه يوم الجمل ويوم الصفين حتى قتل عمار، فلما قتل عمار سل سيفه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: عمار تقتله الفئة الباغية فقاتل حتى قتل رحمة الله عليهما. - المهملة من باب طلب، أي صبه صبا سهلا قاله في المغرب. ويقال: شن الماء يشنه شنا باعجام الشين من باب طلب أيضا إذا صبه متفرقا قاله في المغرب. قوله رحمه الله تعالى: أبو معشر هو أبو معشر المدني قال النجاشي في باب الكني: أبو معشر المدني أحمد ابن كامل قال: حدثنا داود بن محمد بن أبي معشر المدني، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو معشر بكتابه. (1) قوله رضى الله تعالى عنه: حتى قتل فسل سيفه (2) يعني فاذن اشتد شوقه إلى لقاء الله سبحانه والاتصال بالنفوس الطاهرة و العقول الماحضة، كما قال عمار - رضي الله تعالى عنه اليوم ألقى الاحبة محمدا وحزبه، فسل سيفه ونزع سلاحه وقاتل حتى قتل، ولحق بنبيه وأحبته، فليعلم.
________________________________________
1) رجال النجاشي: 355 2) وفي النسخ كلها: فلما قتل عمار سل سيفه (*)
________________________________________
[ 269 ]
ابنا فلان 102 - روى محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن سنان، ابنا فلان - يعنى به العباس بن عبد المطلب، وبابنيه عبد الله وعبيد الله، وسيأتي في أصل الكتاب حيث يحين حينه انشاء الله العزيز أن مولانا أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام بعد أبيه عليه السلام جعل ابن عمه عبيدالله بن العباس على مقدمة الجيش. فبعث إليه معاوية بمائة الف درهم ؟ فمر بالراية، ولحق بمعاوية، وبقى العسكر بلا قائد ورئيس، فقام قيس بن سعد بن عبادة فخطب الناس. وقال: أيها الناس لا يهولنكم ذهاب عبيدالله هذا لكذا وكذا، فان هذا وأباه لم يأتيا قط بخير، ثم قام بأمر العسكر. والشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال ذكره في أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قال: عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، لحق بمعاوية. (1) فأما عبد الله بن العباس أمره في الجلالة والاستقامة مستبين فستطلع انشاء الله تعالى. قوله رحمه الله تعالى: روى محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن سنان قال السيد المكرم جمال الدين أحمد بن طاوس - قدس الله نفسه الزكية -: طريق هذا الحديث ضعيف بمحمد بن عيسى العبيدي، وبمحمد بن سنان. وتبعه على ذلك بعض شهداء المتأخرين. والاصح عندي أن محمد بن عيسى العبيدي اليقطيني ثقة صحيح الحديث، فقد وثقه أبو عمرو الكشي، وأبو العباس النجاشي وغيرهما، ولذلك كثيرا ما يستصح
________________________________________
(1) رجال الشيخ: 69 (*).
________________________________________
[ 270 ]
عن موسى بن بكر الواسطي، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال، سمعته يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم العن ابني فلان، وأعمم أبصارهما، كما عميت قلوبهما الاجلين في رقبتي واجعل عمى أبصارهما دليلا على عمى قلوبهما. - العلامة في المنتهى والمختلف روايته وان كانت عن يونس، واستثناء محمد بن الحسن بن الوليد اياه من رجال نوادر الحكمة ومن أصحاب يونس بن عبد الرحمن، لا يدل على ضعفه، وقد أوضحنا الحال في المعلقات على الاستبصار بما لا مزيد عليه. نعم محمد بن سنان ضعيف على الاصح، وان كان قد وثقه الشيخ المفيد والشيخ الاعظم في بعض مواضعه، وحديثه عند العلامة معدود من الصحاح، وسيتضح الامر ي جملة ذلك من ذي قبل انشاء الله العزيز العليم. قوله رحمة الله تعالى: عن موسى بن بكر الواسطي قيل: انه واقفي، ولم يثبت كما قلناه في كتاب ضوابط الرضاع، وان كان الشيخ قد حكم به في كتاب الرجال (1)، فان أبا عمرو الكشي وأبا العباس النجاشي لم يرويا ذلك أصلا، والاصح انه ممدوح وحديثه حسن. قوله عليه السلام: الاجلين في رقبتي بالالف الممدودة قبل الجيم واللام المفتوحة قبل الياء المثناة من تحت الساكنة والنون أخيرا على صيغته التثنية، المثيرين الشر والمهيجين الفتنة علي، والجانبين الساعين باثارة الشر تهييج الفتنة في رقبتي، والفعل منه من بابى نصر وضرب. قال في القاموس: أجل الشر عليهم يأجله ويأجله جناه، أو أثاره وهيجه (2). وفي الصحاح: أجل عليهم شرا يأجله أي جناه وهيجه (3).
________________________________________
1) رجال الشيخ ص 359. 2) القاموس: 3 / 327. 3) الصحاح: 4 / 1621 (*).
________________________________________
[ 271 ]
عبد الله بن عباس وفي مجمل اللغة: أجل الرجل شرا على أهله يأجل أجلا إذا جناه. وسيعاد هذا الحديث بعينه سندا ومتنا في الجزء الثاني في ترجمة عبيدالله بن العباس. وهناك الكاف مكان الجيم في هذه اللفظة (1). اما بالمد على تثنية اسم الفاعل من أكل يأكل أكلا، أي الاكل بمعنى المستأكل، أو بفتح الهمزة وتشديد اللام على تثنية أفعلة الصفة من الكل بمعنى الثقل. وكون الرجل محارفا بفتح الراء أي منقوص الحظ منجوس البخت، حيث ما توجه لا يرجع بسعادة وخير، وهو ضد المبارك، أو من الكلال خلاف الحدة والشحاذة أي الاعياء عن الامر والطلبة والحرمان عن الخير والبغية، وسنفصل هناك القول في تحقيق معناه انشاء الله العزيز العليم. عبد الله بن العباس ذكره الشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال في باب الصحابة (2). ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وعد أيضا أبوه العباس من أصحابه (3). وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو العباس عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وأمه لبابة بنت الحارث من بني عامر بن صعصعة، أخت ميمونة بنت الحارث زوجة النبي صلى الله عليه وآله. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وآله وله ثلاث عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة، وقيل عشر. وذلك قبل خروج بني هاشم من الشعب، وهم
________________________________________
1) رجال الكشى: 113 ط جامعة مشهد 2) رجال الشيخ: 22 3) رجال الشيخ: 46 (*).
________________________________________
[ 272 ]
[... ] - محصورون فيه: وقيل: ولد قبل الهجرة بسنتين. كان حبر هذه الامة وعالمها، دعا له النبي صلى الله عليه وآله بالحكمة والفقه والتأويل ورأى جبرئيل عليه السلام مرتين، قال مسروق: كنت إذا رأيت عبد الله بن عباس قلت: أجمل الناس، فإذا تكلم قلت: أفصح الناس، فإذا تحدث قلت: أعلم الناس، وكان عمر ابن الخطاب يقربه ويدنيه ويشاوره مع جلة الصحابة، وكف بصره في آخر عمره. ومات بالطائف سنة ثمان وستين في أيام ابن الزبير، وهو ابن سبعين سنة، أو احدى وسبعين، وصلى عليه محمد بن الحنفية، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين. وكان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه، له وقرة يخضب بالحناء، وكان قدم مصر وغزى أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبي سرح في سنة سبع وعشرين. " لبابة " بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة الاولى. وفي مختصر الذهبي: انه كان يقال له ترجمان القرآن، عنه سعيد بن جبير ومجاهد. وقال المسعودي في مروج الذهب: وفي سلطنة عبد الملك مات عبد الله بن العباس بن عبد المطلب في سنة ثمانى وستين، وقيل: في سنة تسع وستين بالطائف وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن من ولد عامر بن صعصعة، وله احدى وسبعون سنة. وقد قيل: انه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد ذكر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا ابن عشر سنين وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقد كان ذهب بصره لبكائه على علي والحسن والحسين، وكانت له وفرة طويله يخضب شيبه بالحناء، وهو الذى يقول:
________________________________________
[ 273 ]
103 - جعفر بن معروف، قال حدثنا يعقوب بن يزيد الانباري، عن حماد ابن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أتى رجل أبي عليه السلام فقال: ان فلانا يعنى عبد الله بن العباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في القرآن في أي يوم نزلت وفيم نزلت. ان يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور قلبى ذكي وعقلي غير مدخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور وقد كان النبي صلى الله عليه وآله دعا له حين وضع له الماء الطهور في بيت خالته ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله، فقال: اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل (1). قوله رحمه الله تعالى: جعفر بن معروف، عن يعقوب بن يزيد الانباري، عن حمادبن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني قال السيد جمال الدين أحمد بن طاوس: في الطريق ضعف من جهة ابراهيم ابن عمر اليماني، فان ابن الغضائري قال: انه ضعيف. وبعض شهداء المتأخرين قد تبعه على ذلك، واستضعف كثيرا من الاخبار، وكثيرا بأسانيد المتفق على صحتها عندأفاخم الاصحاب، لكون ابراهيم بن اليماني في الطريق. ونحن نقول: ابراهيم بن عمر اليماني قد وثقه وشيخه النجاشي على البت، ثم نقل اتفاق ابن نوح وغيره على ذلك. قال: ابراهيم بن عمر اليماني الصنعاني شيخ من أصحابنا ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، ذكر ذلك أبو العباس وغيره له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره (2). والشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: ابراهيم بن
________________________________________
1) مروج الذهب: 3 / 101. 2) رجال النجاشي: 16 (*)
________________________________________
[ 274 ]
قال: فسله فيمن نزلت " ومن كان في هذه أعمى فهو في الاخرة أعمى وأضل سبيلا " (1) وفيم نزلت " ولا ينفعكم نصحي ان أردت أنصح لكم " (2) وفيم نزلت " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا " (3). فأتاه الرجل وقال: وددت الذي أمرك بهذا واجهني به فأسائله، ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو ؟ فانصرف الرجل إلى أبي فقال له ما قال، فقال: وهل أجابك في الايات ؟ قال: لا. - عمر الصنعاني اليماني له أصول رواها عنه حماد بن عيسى (4). وفي الفهرست: له أصل رواه عنه حماد بن عيسى، وابن نهيك، والقاسم بن اسماعيل القرشي جميعا (5) فاذن تضعيف ابن الغضائري - وهو أبو الحسن أحمد بن الحسين لا أبوه أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله - اياه لا يوجب ضعفه. ولذلك قال العلامة: الاقوى قبول روايته (6). ويعنى بذلك صحته حديثه. وما يقال: ان الجرح مقدم على التعديل لكونه شهادة بأمر وجودي، بخلاف التعديل، فقد أبطلناه في الرواشح السماوية (7) بأن التعديل أيضا شهادة بأمر وجودي بناءا على أن العدالة على التحقيق هي ملكة اجتناب الكبائر لا مجرد عدم ارتكابها. وبالجملة هذا الحديث الشريف طريقه صحيح على الاصح، ومسائل الغامضة من الحكمة منطوية في متنه.
________________________________________
1) سورة الاسراء: 72 2) سورة هود: 34 3) سورة آل عمران: 200 4) رجال الشيخ: 103 5) الفهرست: 32 6) الخلاصة: 6 7) الرواشح السماوية: 104 (*)
________________________________________
[ 275 ]
قال: ولكني أجيبك فيها بنور وعلم غير المدعى والمنتحل، أما الاوليان فنزلتا في أبيه، وأما الاخيرة فنزلت في أبي وفينا، وذكر الرباط الذي أمرنا به بعد وسيكون ذلك من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط. فأما ما سألت عنه: فما العرش: فان الله عزوجل جعله أرباعا لم يخلق قبله شيئا الا ثلاثة أشياء الهواء والقلم والنور، ثم خلقه من ألوان مختلفة من ذلك، النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة، ومن نور أصفر خلقت منه الصفرة، ونور أحمر احمرت منه الحمرة، ونور أبيض وهو نور الانوار ومنه ضوء النهار. ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين، وليس من ذلك طبق الا يسبح بحمده ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة ولو سمع واحدا منها شئ بما تحته لانهدم الجبال والمدائن والحصون ولخسف البحار وأهلك وما دونه. له ثمانية أركان يحمل كل ركن منها من الملائكة مالا يحصى عدتهم الا الله يسبحون الليل والنهار ولا يفترون، ولو حس حس شئ مما فوقه أقام لذلك طرفة عين، بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم، وليس وراء هذا مقال لقد طمع الخائن في غير مطمع. أما أن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم سيخرجون أقوام من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه، وستصبغ الارض بدماء الفراخ من فراخ آل محمد، تنهض تلك الفراخ في غير وقت وتطلب غير ما تدرك، ويرابط الذين آمنوا ويصبرون لما يرون حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. 104 - حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة، قال حدثنا الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، عن أحمد بن محمد بن زياد قال: جاء رجل إلى على بن الحسين عليهما السلام وذكر نحوه. 105 - محمد بن مسعود، قال حدثنى جعفر بن أحمد بن أيوب: قال حدثني
________________________________________
[ 276 ]
حمدان بن سيلمان أبو الخير، قال حدثني أبو محمد بن عبد الله بن محمد اليماني، قال حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي، عن أبيه الحسين، عن طاووس قال: كنا على مائدة ابن عباس، ومحمد بن الحنفية حاضر، فوقعت جرادة فأخذها محمد، ثم قال هل تعرفون ما هذه النقط السود في جناحها ؟ قالوا الله أعلم. فقال: أخبرني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام أنه كان مع النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: هل تعرف يا على هذا النقط السود في جناح هذه الجرادة ؟ قال: قلت الله ورسوله أعلم. فقال عليه السلام: مكتوب في جناحها أنا الله رب العالمين، خلقت الجراد جندا من جنودي أصيب به من أشاء من عبادي، فقال ابن عباس: فما بال هؤلاء القوم يفتخرون علينا يقولون أنهم أعلم منا، فقال محمد: ما ولدهم الا من ولدني. قال: فسمع ذلك الحسن بن علي عليه السلام فبعث اليهما وهما في المسجد الحرام، فقال لهما: أما أنه قد بلغني ما قلتما إذ وجدتما جرادة، فأما أنت يا ابن عباس ففيمن نزلت هذه الاية " فلبئس المولى ولبئس العشير " (1) في أبي أوفي أبيك ؟ وتلى عليه أيات من كتاب الله كثيرا. ثم قال: أما والله لولا ما نعلم لا علمتك عاقبة أمرك ما هو وستعلمه، ثم انك بقولك هذا مستنقص في بدنك، ويكون الجرموز من ولدك، ولو أذن لي في القول لقلت مالو سمع عامة هذا الخلق لجحدوه وأنكروه. 106 - حمدويه وابراهيم، قالا حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد، عن سلام بن سعيد، عن عبد الله بن عبد ياليل رجل من أهل الطائف، قال أتينا ابن عباس (رحمة الله عليهما) نعوده في مرضه الذي مات فيه قال، فأغمي عليه في البيت فاخرج إلى صحن الدار، قال، فأفاق. فقال: ان خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اني سأهجر هجرتين وأني سأخرج من هجرتي: فهاجرت هجرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهجرة مع علي عليه السلام، وأني سأعمي: فعميت، وأني سأغرق: فأصابني حكة فطرحني أهلى في البحر فغفلوا عني
________________________________________
1) سورة الحج: 13 (*).
________________________________________
[ 277 ]
فغرفت ثم استخرجوني بعد. وأمرني أن أبرأ من خمسة: من الناكثين وهم أصحاب الجمل، ومن القاسطين وهم أصحاب الشام، ومن الخوارج وهم أهل النهروان، ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لاقدر، ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله أعلم. قال ثم قال: اللهم اني أحيى على ما حيى عليه علي بن أبي طالب وأموات على ما مات عليه علي بن أبي طالب، قال: ثم مات فغسل وكفن ثم صلى على سريره، قال: فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأى الناس، انما هو فقهه فدفن. 107 - جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن جريح، عن أبي عبد الله عليه السلام ان ابن عباس لما مات واخرج: خرج من كفنه طير أبيض يطير ينظرون إليه يطير نحو السماء حتى غاب عنهم. فقال: وكان أبي يحبه حبا شديدا، وكانت أمه تلبسه ثيابه وهو غلام، فينطلق إليه في غلمان بني عبد المطلب، قال فأتاه بعدما أصاب بصره فقال: من أنت، قال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فقال: حسبك من لم يعرفك فلا عرفك. 108 - جعفر بن معروف، قال حدثني الحسين بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن معاذ بن مطر، قال سمعت اسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال حدثني بعض أشياخي، قال: لما هزم علي بن أبي طالب عليه السلام أصحاب الجمل، بعث أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن عباس (رحمة الله عليهما) إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة. قال ابن عباس: فأتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة قال: فطلبت الاذن عليها، فلم تأذن، قد خلت عليها من غير اذنها، فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس فإذا هي من وراء سترين. قال: فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسه، قال: فمددت
________________________________________
[ 278 ]
الطنفسة فجلست عليها، فقالت من وراء الستر: يا ابن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير اذننا، وجلست على متاعنا بغير اذننا، فقال لها ابن عباس (رحمه الله عليهما): نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة، وانما بيتك الذي خفك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشية لدينك عاتية على ربك عاصية لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله الا باذنك ولم نجلس على متاعك الا بأمرك، ان امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعث اليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة. فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمربن الخطاب، فقال ابن عباس: هذا والله امير المؤمنين وان تزبدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس، أما والله لهو امير المؤمنين، وأمس برسول الله رحما، وأقرب قرابة، وأقدم سبقا، وأكثر علما، وأعلى منارا، وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر، فقالت: أبيت ذلك. فقال: اما والله ان كان اباؤك فيه لقصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشؤم بين النكل، وما كان اباؤك فيه الا حلب شاة حتى صرت لا تأمرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين، وما كان مثلك الاكمثل ابن الحضرمي بن نجمان أخي بني أسد، حيث يقول: ما زال اهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الالقاب حتى تركتهم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعتها، وأبدت عويلها، وتبدى نشيجها، ثم قالت: أخرج والله عنكم فما في الارض بلد أبغض إلى من بلد تكونون فيه، فقال ابن عباس رحمة الله: فوالله ماذا بلاءنا عندك ولا بضيعتنا اليك، انا جعلناك للمؤمنين أما وانت بنت أم رومان، وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة. فقالت: يا ابن عباس تمنون علي برسول الله، فقال: ولم نمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننتنا به، ونحن لحمه ودمه ومنه واليه، وما أنت الا حشية من تسع حشايا خلفهن بعده لست بأبيضهن لونا، ولا بأحسنهن وجها، ولا بأرشحهن
________________________________________
[ 279 ]
عرقا، ولا بأنضرهن ورقا، ولا بأطرأهن أصلا، فصرت تأمرين فتطاعين، وتدعين فتجابين، وما مثلك الاكما قال أخو بني فهر: مننت على قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم كفوا العداوة والشكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحج بكم أن تجموا البغي والكفرا قال: ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها، فقال: أنا كنت أعلم بك حيث بعثتك. 109 - قال الكشي: روى علي بن يزداد الصائغ الجرجاني، عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الاعلى الجزري، عن خلف المحرومي البغدادي عن سفيان بن سعيد، عن الزهري، قال: سمعت الحارث يقول: استعمل علي عليه السلام على البصرة عبد الله بن عباس، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا عليه السلام، وكان مبلغه ألفي ألف درهم. فصعد علي عليه السلام المنبر حين بلغه ذلك فبكي، فقال: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله في علمه وقدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه، اللهم اني قد مللتهم فأرحني منهم، واقبضني اليك غير عاجز ولا ملول. 110 - قال الكشي: قال شيخ من أهل اليمامة، يذكر عن معلى بن هلال، عن الشعبي، قال: لما احتمل عبد الله بن عباس بيت مال البصرة وذهب به إلى الحجاز. كتب إليه علي بن أبيطالب: من عبد الله علي بن أبيطالب إلى عبد الله بن عباس أما بعد: فاني قد كنت أشركتك في أمانتي، ولم يكن أحد من أهل بيتي في نفسي أوثق منك لمواساتي وموازرتي وأداء الامانة الي فلما رأيت الزمان على ابن عمك قد كلب، والعدو عليه قد حرب، وأمانة الناس قد خربت، وهذه الامور قد قست، قلبت لابن عمك ظهر المجن، وفارقته مع المفارقين، وخذلته أسوء خذلان الخاذلين. فكأنك لم تكن تريد الله بجهادك، وكأنك لم تكن على بينة من ربك، وكأنك انما كنت تكيد أمة محمد صلى الله عليه وآله على دنياهم، وتنوي غرتهم، فلما أمكنتك الشدة في
________________________________________
[ 280 ]
خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة، فأختطفت ما قدرت عليه اختطاف الذئب الازل رمية المعزى الكسير. كأنك لا أبالك، انما جررت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، سبحان الله، أما تؤمن بالمعاد ؟ أو ما تخاف من سوء الحساب ؟ أو ما يكبر عليك أن تشترى الاماء وتنكح النساء بأموال الارامل والمهاجرين الذين أفاء الله عليهم هذه البلاد ؟ اردد إلى القوم أموالهم فوالله لئن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لاعذرن الله فيك، فوالله لو أن حسنا وحسينا فعلا مثل ما فعلت لما كان لهما عندي في ذلك هوادة، ولا لواحد منهما عندي فيه رخصة حتى آخذ الحق وازيح الجور عن مظلومها، والسلام. قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس، أما بعد - فقد أتاني كتابك، تعظم علي اصابة المال الذي أخذته من بيت مال البصرة: ولعمري أن لي في بيت مال الله اكثر مما أخذت، والسلام. قال: فكتب إليه علي بن أبي طالب عليه السلام اما بعد - فالعجب كل العجب من تزيين نفسك، أن لك في بيت مال الله أكثر مما أخذت وأكثر مما لرجل من المسلمين: فقد أفلحت ان كان تمنيك الباطل، وادعاؤك مالا يكون ينجيك من الاثم، ويحل لك ما حرم الله عليك، عمرك الله أنك لانت العبد المهتدي إذا. فقد بلغني أنك اتخذت مكة وطنا وضربت بها عطنا تشتري مولدات مكة والطائف، تختارهن على عينك، وتعطي فيهن مال غيرك، وأني لاقسم بالله ربي وربك رب العزة: ما يسرني أن ما أخذت من أموالهم لي حلال أدعة لعقبي ميراثا، فلا غرو وأشد باغتباطك تأكله رويدا رويدا، فكأن قد بلغت المدا وعرضت على ربك والمحل الذي يتمنى الرجعة والمضيع للتوبة كذلك وما ذلك ولات حين مناص - والسلام. قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس، اما بعد - فقد اكثرت علي فوالله لان ألقي الله بجميع ما في الارض من ذهبها وعقيانها أحب الي أن القي الله بدم رجل مسلم.
________________________________________
[ 281 ]
محمد بن ابى بكر 111 - حدثني محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار القميان، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثني الحسن بن موسى الخشاب، ومحمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان مع أمير المؤمنين عليه السلام من قريش خمسة نفر، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية. فاما الخمسة: فمحمد بن أبي بكر رحمة الله عليه أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس، وكان معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال. وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي، وكان أمير المؤمنين عليه السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أي سفيان انما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك، ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، و الخامس سلف أمير المؤمنين ابن أبي العاص بن ربيعة، وهو صهر النبي صلى الله عليه وآله أبو الربيع. 112 - حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا أيوب، عن صفوان، عن معاوية بن عمار وغير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان عمار بن ياسر ومحمد ابن ابي بكر لا يرضيان أن يعصى الله عزوجل. 113 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد القمي، قال حدثنى أحمد بن محمد بن عيسى، عن زحل عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن - محمد بن أبي بكر قوله رحمه الله تعالى: عن زحل عمر بن عبد العزيز عمر بن عبد العزيز لقبه " زحل " بالزاء المضمومة والحاء المهملة المفتوحة واللام أخيرا، وكنيته أبو حفص، يروي عنه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى،
________________________________________
[ 282 ]
حمزة بن محمد الطيار، قال: ذكرنا محمد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام رحمه الله وصلى عليه. قال لامير المؤمنين عليه السلام يوما من الايام: أبسط يدك أبايعك، فقال: أو ما فعلت ؟ قال: بلي، فبسط يده، فقال: أشهد أنك امام مفترض طاعتك، وأن أبي في النار. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان انجابه من قبل أمه أسماء بنت عميس رحمة الله عليها لامن قبل أبيه. 114 - حمدويه بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام أن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البرائة من أبيه. 115 - حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا محمد بن عبد الحميد، قال: حدثنى أبو جميلة، عن ميسر بن عبد العزيز، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بايع محمد بن أبي بكر على البرائة من الثاني. 116 - حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن - وأبو عبد الله محمد بن خالد البرقي، وهو متكرر الذكر في هذا الكتاب في الاسانيد وسيجئ في الجزء الخامس ذكره في أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام وسلامته عن الغلو وفساد المذهب وان كان فيه غمز بأنه يروي المناكير. وذكره النجاشي رحمه الله تعال ورماه بالتخليط (1). والشيخ - رحمه الله تعالى - أورده في الفهرست (2) وفي كتاب الرجال أيضا في باب " لم " (3). ولم يطعن فيه أصلا. وفي طائفة سقيمة من النسخ: عن رجل، عن عمر بن عبد العزيز وذلك من أغلاط الناسخين وتحريفاتهم.
________________________________________
1) رجال النجاشي: 218 2) الفهرست: 141 3) رجال الشيخ: 486 (*)
________________________________________
[ 283 ]
موسى بن مصعب، عن شعيب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت يقول: ما من أهل بيت الا ومنهم نجيب من أنفسهم، وأنجب النجباء من أهل بيت سوء، منهم محمد ابن أبي بكر. مالك الاشتر 117 - حدثني عبيد بن محمد النخعي الشافعي السمرقندي، عن أبي أحمد الطرسوسي، قال حدثني خالد بن طفيل الغفاري، عن أبيه، عن حلام بن أبي ذر الغفاري وكانت له صحبة، قال مكث أبو ذر رحمه الله بالربذة حتى مات. فلما حضرته الوفاة قال لا مرأته: إذ بحي شاة من غنمك واصنعيها، فإذا نضجت فاقعدي على قارعة الطريق، فأول ركب ترينهم قولي يا عباد الله المسلسين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى نحبه ولقى ربه فأعينوني عليه وأجيبوه، فان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني اموت في أرض غربة، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة علي رجال من أمتي صالحون. 118 - محمد بن علقمة بن الاسود النخعي، قال: خرجت في رهط أريد الحج منهم مالك بن الحارث الاشتر، وعبد الله بن الفضل التيمي، ورفاعة بن شداد البجلي حتى قدمنا الربذة، فإذا امرأة على قارعة الطريق، تقول: يا عباد الله المسلمين هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد هلك غريبا ليس لي أحد يعينني عليه. قال: فنظر بعضنا إلى بعض وحمدنا الله على ما ساق الينا، واسترجعنا على عظيم المصيبة، ثم أقبلنا معها فجهزناه وتنافسنا في كفنه حتى خرج من بيننا بالسواء ثم تعاونا على غسله حتى فرغنا منه، ثم قدمنا مالكا الاشتر فصلى بنا عليه ثم دفناه. فقام الاشتر على قبره ثم قال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك في العابدين، وجاهد فيك المشركين، لم يغير ولم يبدل، لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه، حتى جفي ونفي وحرم واحتقر، ثم مات وحيدا غريبا، اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجره وحرم رسولك صلى الله عليه وآله قال، فرفعنا أيدينا جميعا وقلنا آمين ثم قدمت الشاة التي صنعت، فقالت: انها قد أقسم الا تبرحوا حتى تتغدوا، فتغدينا وارتحلنا. قال الكشي: ذكر أنه لما نعي الاشتر مالك بن الحارث النخعي إلى أمير المؤمنين عليه السلام تأوه حزنا، وقال: رحم الله مالكا، وما مالك عز علي به هالكا، لو كان
________________________________________
[ 284 ]
صخرا لكان صلدا، ولو كان حبلا لكان قيدا. وكأنه قد منى قدا. زيد بن صوحان 119 - جبريل بن أحمد، قال: حدثني موسى بن معاوية بن وهب، قال: وحدثني علي بن سعد، عن عبد الله بن عبد الله الواسطي، عن واصل بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما صرع زيد بن صوحان رحمة الله عليه يوم الجمل، جاء أمير المؤمنين عليه السلام حتى جلس عند رأسه، فقال رحمك الله يا زيد قد كنت خفيف المؤنة عضيم المعونة. قال: فرفع زيد رأسه إليه وقال: وأنت فجزاك الله خيرا يا أمير المؤمنين، فوالله ما علمتك الا بالله عليما، وفي أم الكتاب عليا حكيما، وأن الله في صدرك لعظيم، والله ما قاتلت معك على جهالة، ولكني سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فكرهت والله أن اخذ لك فيخذلني الله. 120 - على بن محمد القتيبي، قال، قال الفضل بن شاذان: ثم عرف الناس بعده فمن التابعين ورؤسائهم وزهادهم زيد بن صوحان. وروي أن عائشة كتبت من البصرة إلى زيد بن صوحان إلى الكوفة: من عائشة زوج النبي إلى ابنها زيد بن صوحان الخالص، أما بعد: فإذا أتاك كتابي هذا فاجلس في بيتك، واخذل الناس عن علي بن ابي طالب حتى يأتيك أمري. فلما قرأ كتابها، قال: أمرت بأمر وأمرنا بغيره، فركبت ما أمرنا به، وأمرتنا أن نركب ما أمرت هي به، أمرت أن تقر في بيتها، وأمرنا أن نقاتل حتى لا تكون فتنة، والسلام. صعصعة بن صوحان 121 - محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو جعفر حمدان بن أحمد، قال: حدثني معاوية بن حكيم، عن أحمد بن النصر، قال: كنت عند أبي الحسن الثاني عليه السلام قال: ولا أعلم الا قام ونفض الفراش بيده، ثم قال لي يا أحمد ان أمير المؤمنين عليه السلام عاد صعصعة بن صوحان في مرضه، فقال، يا صعصعة ولا تتخذ عيادتي لك أبهة على قومك.
________________________________________
[ 285 ]
قال: فلما قال أمير المؤمنين لصعصعة هذه المقالة، قال صعصعة: بلي والله أعدها منة من الله علي وفضلا، قال: فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ان كنت ما علمتك لخفيف المؤنة حسن المعونة، قال، فقال، صعصعة: وأنت والله يا أمير المؤمنين ما علمتك الا بالله عليما وبالمؤمنين رؤفا رحيما. 122 - محمد بن مسعود: قال: حدثني علي بن محمد قال: حدثني محمد ابن احمد بن يحيى، عن العباس بن معروف، عن أبي محمد الحجال، عن داود ابن أبي يزيد، قال قال أبو عبد الله عليه السلام: ماكان مع أمير المؤمنين عليه السلام من يعرف حقه الاصعصعة وأصحابه. 123 - محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو الحسن علي بن علي الخزاعي، قال: حدثنا محمد بن علي بن خالد العطار، قال: حدثني عمرو بن عبد الغفار، عن أبي بكر بن أبي عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عمن شهد ذلك، أن معاوية حين قدم الكوفة دخل عليه رجال من أصحاب علي عليه السلام وكان الحسن عليه السلام قد أخذ الامان لرجال منهم مسمين بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وكان فيهم صعصعة. فلما دخل عليه صعصعة، قال معاوية لصعصعة: أما والله أني كنت لابغض أن تدخل في أماني، قال: وأنا والله أبغض أن أسميك بهذا الاسم، ثم سلم عليه بالخلافة. قال فقال معاوية: ان كنت صادقا فاصعد المنبر فالعن علينا ! قال: فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس أتيتكم من عند رجل قدم شره وأخر خيره وأنه أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله فضج أهل المسجد بآمين. فلما رجع إليه فأخبره بما قال ثم قال: لا والله ما عنيت غيري ارجع حتى تسمية باسمه، فرجع وصعد المنبر، ثم قال: أيها الناس أن أمير المؤينين أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوا من لعن علي بن أبي طالب قال: فضجوا بآمين، قال، فلما خبر معاوية قال: لا والله ماعني غيري، أخرجوه لا يساكنني في بلد، فأخرجوه.
________________________________________
[ 286 ]
جندب بن زهير وعبد الله بن بديل وغيرهما 124 - قال الفضل بن شاذان: فمن التابعين الكبارو روسائهم وزهادهم جندب ابن زهير قاتل الساحر، وعبد الله بن بديل، وحجر بن عدي، وسليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، وعلقمة والاشتر، وسعيد بن قيس، واشباههم كثير، أفناهم الحرب ثم كثروا بعد، حتى قتلوا مع الحسين عليه السلام وبعده. محمد بن ابى حذيفة 125 - حدثني نصربن صباح، قال حدثني أبو يعقوب اسحاق بن محمد البصري، قال: حدثني أمير بن علي، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال، كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول، ان المحامدة تأبي أن يعصى الله عزوجل. قلت: ومن المحامدة ؟ قال محمد بن جعفر، ومحمد بن أبي بكر، ومحمد ابن أبي حذيفة، ومحمد بن أمير المؤمنين عليه السلام، أما محمد بن أبي حذيفة هو ابن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية. 126 - وأخبرني بعض رواة العامة، عن محمد بن اسحاق، قال: حدثني رجل من أهل الشام، قال: كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ومن أنصاره واشياعه، وكان ابن خال معاوية، وكان رجل من خيار المسلمين، فما توفى علي عليه السلام أخذه معاوية وأراد قتله فحبسه في السجن دهرا، ثم قال معاوية ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السفيه محمد بن أبي حذيفة فنبكته، ونخبره بضلاله، ونأمره أن يقوم فيسب عليا ؟ قالوا: نعم. فبعث إليه معاوية فأخرجه من السجن، فقاله له معاوية يا محمد بن أبي حذيفة ألم يأن لك أن تبصر ماكنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن أبي طالب الكذاب ألم تعلم أن عثمان قتل مظلوما، وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه وأن عليا هو الذي دس في قتله ونحن اليوم نطلب بدمه ؟
________________________________________
[ 287 ]
رجل من أهل الشام، قال: كان محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مع علي بن أبي طالب عليه السلام ومن أنصاره وأشياعه، وكان ابن خال معاوية، وكان رجلا من خيار المسلمين، فلما توفي على عليه السلام أخذه معاوية وأراد قتله فحبسه في السجن دهرا، ثم قال معاوية ذات يوم: ألا نرسل إلى هذا السفيه محمد بن أبي حذيفة فنكبته، ونخبره بضلاله، ونأمره أن يقوم فيسب عليا ؟ قالوا: نعم. فبعث إليه معاوية فأخرجه من السجن، فقال له معاوية يا محمد بن أبي حذيفة ألم يأن لك أن تبصر ماكنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن أبي طالب الكذاب ألم تعلم أن عثمان قتل مظلوما، وأن عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه، وأن عليا هو الذي دس في قتله، ونحن اليوم نطلب بدمه ؟ قال محمد بن أبي حذيفة: انك لتعلم اني أمس القوم بك رحما وأعرفهم بك، قال: أجل. قال: فوالله الذي لا اله غيره ما أعلم أحدا شرك في دم عثمان وألب عليه غيرك لما استعملك ومن كان مثلك، فسأله المهاجرون والانصار ان يعزلك فأبي، ففعلوا به ما بلغك، ووالله ما أحد أشرك في قتله بدئيا ولا أخيرا الا طلحة والزبير وعائشة، فهم الذين شهدوا عليه بالعظيمة وألبوا عليه الناس، وشركهم في ذلك عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وعمار والانصار جميعا، قال: قد كان ذاك. قال: والله اني لاشهد أنك منذ عرفتك في الجاهلية والاسلام لعلى خلق واحد ما زاد الاسلام فيك قليلا ولا كثيرا، وان علامة ذلك فيك لبينة تلومني علي حبي عليا كما خرج مع علي كل صوام قوام مهاجري وأنصاري، وخرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء، خدعتهم عن دينهم، وخدعوك عن دنياك، والله يا معاوية ما خفي عليك ما صنعت، وما خفي عليهم ما صنعوا، إذا حلوا أنفسهم بسخط الله في طاعتك، والله لا أزال أحب عليا لله، وأبغضك في الله وفي رسوله ابدا ما بقيت. قال معاوية، وانى أراك على ضلالك بعد، ردوه، فردوه وهو يقرء في السجن
________________________________________
[ 288 ]
" رب السجن أحب الي مما يدعونني إليه " (1) فمات في السجن. قنبر 127 - محمد بن مسعود قال: أخبرنا محمد بن يزداد الرازي، قال: حدثنا محمد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عليا عليه السلام قال: لما رأيت أمرا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا 128 - محمد بن الحسن وعثمان بن حامد الكشيان، قالا: حدثنا محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن يسار، عن عبد الله بن شريك، عن أبيه، قال: بينما علي عليه السلام عند امرأة له من عنزة وهي أم عمر إذ أتاه قنبر فقال له: ان عشرة نفر بالباب يزعمون أنك ربهم قال: أدخلهم، قال: فدخلوا عليه. فقال لهم: ما تقولون ؟ فقالوا: نقول: انك ربنا وأنت الذي خلقتنا، وأنت الذي ترزقنا، فقال لهم: ويلكم لا تفعلوا انما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا وأعادوا عليه ثم ساق الحديث إلى أن قذفهم في النار ثم قال علي عليه السلام: اني إذا أبصرت شيئا منكرا * أوقدت ناري ودعوت قنبرا 129 - ابراهيم بن الحسين الحسيني العقيقي، رفعه، قال: سئل قنبر مولى من أنت ؟ فقال: أنا مولى من ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا مولى صالح المؤمنين، وورارث النبيين، وخير الوصيين، وأكبر المسلمين. ويعسوب المؤمنين، ونور المجاهدين، ورئيس البكائين، وزين العابدين، وسراج الماضين، وضوء القائمين، وأفضل القانتين، ولسان رسول رب العالمين،
________________________________________
1) سورة يوسف: 33 (*)
________________________________________
[ 289 ]
وأول المؤمنين من آل ياسين، المؤيد بجبريل الامين، والمنصور بميكائيل المتين، والمحمود عند أهل السماوات أجمعين، سيد المسلمين والسابقين، وقاتل الناكثين والقاسطين. والمحامي عن حرم المسلمين، والمجاهد أعدائه الناصبين، ومطفي نيران الموقدين، وأفخر من مشي من قريش أجمعين، وأول من حارب واستجاب الله أمير المؤمنين، ووصي نبيه في العالمين، وأمينه على المخلوقين، وخليفة من بعث إليهم أجمعين. سيد المسلمين والسابقين، وقاتل الناكثين والقاسطين ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله علي المنافقين، ولسان كلمة العابدين، ناصر دين الله، وولي الله، ولسان كلمة الله، وناصره في أرضه، وعيبة علمه، وكهف دينه، امام الابرار، من رضي عنه العلي الجبار. سمح، سخي، حي، بهلول، سنحنحي، زكي، مطهر، أبطحي، باذل، جري، همام الصابر، صوام، مهدي، مقدام، قاطع الاصلاب، مفرق الاحزاب، عالي الرقاب أربطهم عنانا، وأثبتهم جنانا، وأشدهم شكيمة، بازل، باسل، صنديد، هزبر، ضرغام حازم، عزام، حصيف، خطيب، محجاج، كريم الاصل، شريف الفضل، فاضل القبيلة، نفي العشيرة زكي الركانة، مؤدي الامانة، من بني هاشم. وابن عم النبي صلى الله عليه وآله والامام مهدي الرشاد، مجانب الفساد، الاشعث الحاتم، البطل الجماجم، والليث المزاحم، وبدري، مكي، حنفي، روحاني، شعشعاني، من الجبال شواهقها، ومن الهضاب رؤوسها، ومن العرب سيدها، ومن الوغاء ليثها، البطل الهمام، والليث المقدام، والبدر التمام، محك المؤمنين، ووارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، والله أمير المؤمنين حقا حقا علي بن أبي طالب عليه من الله صلوات الزكية والبركات السنية. 130 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني على بن قيس القوميني،
________________________________________
[ 290 ]
قال: حدثني أحكم بن يسار، عن ابي الحسن صاحب العسكر عليه السلام ان قنبرا مولى أمير المؤمنين عليه السلام دخل على الحجاج بن يوسف، فقال له: ما الذي كنت تلي من على بن ابي طالب ؟ فقال: كنت أو ضئه، فقال له: ماكان يقول إذا فرغ من وضوئه ؟ فقال: كان يتلو هذه الاية " فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد الله رب العالمين " (1) فقال الحجاج: أظنه كان يتأولها علينا، قال: نعم، فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك ؟ قال: إذا أسعد وتشقي، فأمر به. رشيد الهجرى 131 - حدثني أبو أحمد ونسخت من خطة، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران ؟ عن وهب بن مهران، قال: حدثنى محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد بن عبد الله الحناط، عن وهيب بن حفص الجريري، عن أبي حيان البجلي، عن قنواء بنت رشيد الهجري، قال: قلت لها: أخبريني ما سمعت من أبيك ؟ قالت: سمعت أبي يقول: أخبرني أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل اليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك، قلت: يا أمير المؤمنين آخر ذلك إلى الجنة ؟ فقال: يا رشيد أنت معي في الدنيا والاخرة. قالت: فوالله ما ذهبت الايام حتى أرسل إليه عبيدالله بن زياد الدعي، فدعاه إلى البرائة من أمير المؤمنين عليه السلام فأبي ان يبرأ منه، فقال له الداعي: فبأي ميتة قال لك تموت ؟ فقال له: أخبرني خليلي انك تدعوني إلى البرائة مه فلا أبرء فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال والله ح لاكذبن قوله فيك.
________________________________________
1) سورة الانعام: 45 (*)
________________________________________
[ 291 ]
قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملت أطراف يديه ورجليه فقلت: يا أبت هل تجد ألما لما أصابك ؟ فقال: لايا بنية الا كالزحام بين الناس، فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله، فقال: أيتوني بصحيفة ودوات أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة، فأرسل إليه الحجام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليلته. قال: وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا، وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا، وكان حياته إذا لقى الرجل قال له: فلان أنت تموت بميتة كذا، وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا، فيكون كما يقول رشيد. وكان أمير المومنين عليه السلام يقول: أنت رشيد البلايا، أي تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أمير المومنين عليه السلام. 132 - جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النضر، عن عبد الله بن يزيد الاسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام يوما إلى بستان البرني، ومعه أصحابه، فجلس تحت نخلة ثم أمر بنخلة، فلقطت فأنزل منها رطب فوضع بين أيديهم، قالوا فقال رشيد الهجري: يا أمير المؤمنين ما أطيب هذا الرطب ؟ فقال: يا رشيد أما أنك تصلب على جذعها، فقال: رشيد: فكنت أختلف إليها طرفي النهار أسقيها. ومضى أمير المؤمنين عليه السلام قال: فجئتها يوما وقد قطع سعفها: قلت اقترب أجلي ثم جئت يوما فجاء العريف فقال أجب الامير: فأتيته فلما دخلت القصر فإذا الخشب ملقى، ثم جئت يوما آخر فإذا النصف الاخر قد جعل زرنوقا يستقى عليه الماء، فقلت ما كذبني خليلي فأتاني العريف فقال: أجب الامير فأتيته. فلما دخلت القصر إذا الخشب ملقى فإذا فيه الزرنوق، فجئت حتى ضربت الزرنوق برجلي ثم قلت: لك غذيت ولي انبت ثم أدخلت على عبيدالله بن زياد، فقال: هات من كذب صاحبك: فقلت: والله ما أنا بكذاب ولاهو، ولقد أخبرني
________________________________________
[ 292 ]
أنك تقطع يدي ورجلي ولساني، قال: إذا والله نكذبه اقعطوا يده ورجله وأخرجوه. فلما حمل إلى أهله أقبل يحدث الناس بالعظايم، وهو يقول: ايها الناس سلوني فان للقوم عندي طلبة لم يقضوها، فدخل رجل على ابن زياد فقال له: ما صنعت قطعت يده ورجله وهو يحدث الناس بالعظايم ؟ قال: ردوه وقد انتهى إلى بابه، فردوه فأمر بقطع يديه ورجليه ولسانه وأمر بصلبه. حبيب بن مظاهر 133 - جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني أحمد بن النصر، عن عبد الله بن يزيد الاسدي، عن فضيل بن الزبير، قال: مر ميثم التمار على فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلف أعناق فرسيهما. ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلح ضخم البطن يبيع البطيخ عند دارالزرق، قد صلب في حب أهل بيت نبيه عليه السلام، ويبقر بطنه على الخشب. فقال ميثم: واني لاعرف رجلا أحمر له صفيدتان يخرج لينصر ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة. ثم افترقا، فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين، قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري، فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما ؟ فقالوا: افترقا وسمعناهما يقولان كذا وكذا. فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجئ بالرأس مائة درهم، ثم أدبر فقال القوم: هذا والله أكذبهم. فقال القوم: والله ما ذهبت الايام والليالي حتى رأيناه مصلوبا على باب دار عمرو بن حريث، وجئ برأس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين عليه السلام ورأينا كل ما قالوا.
________________________________________
[ 293 ]
وكان حبيب من السبعين الرجال الذين نصروا الحسين عليه السلام ولقوا جبال الحديد، واستقبلوا الرماح بصدورهم تم، والسيوف بوجوهم، وهم يعرض عليهم الامان والاموال فيأبون، ويقولون: لا عذر لنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله ان قتل الحسين ومنا عين تطرف حتى قتلوا حوله. ولقد مزح حبيب بن مظاهر الاسدي، فقال له يزيد بن خضير الهمداني وكان يقال له سيد القراء يا أخي ليس هذه بساعة ضحك، قال فأي موضع أحق من هذا بالسرور، والله ما هو الا أن تميل علينا هذه الطغام بسيوفهم فنعانق الحور العين. قال الكشي. هذه الكلمة مستخرجة من كتاب مفاخر الكوفة والبصرة. ميثم التمار 134 - حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم ابن حميد، عن ثابت الثقفي، قال: لما مر بميثم ليصلب، قال رجل: يا ميثم لقد كنت عن هذا غنيا، قال: فالتفت إليه ميثم، ثم قال: والله ما نبتت هذه النخلة الا لي ولا اغتذيت الا لها. 135 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن محمد، عن محمد بن أحمد الهندي، عن العباس بن معروف، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح ابن ميثم، قال: أخبرني أبو خالد التمار، قال: كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة فهبت ريح وهو في سفينة من سفن الرمان. قال: فخرج فنظر إلى الريح فقال: شدوا برأس سفينتكم ان هذه ريح عاصف مات معاوية الساعة، قال: فلما كانت الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام فلقيته فاستخبرته، فقلت له: يا عبد الله ما الخبر ؟ قال: الناس على أحسن حال توفى أمير المؤمنين وبايع الناس يزيد، قال: قلت أي يوم توفى ؟ قال: يوم الجمعة. 136 - محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، قال حدثني الحسن بن علي ابن بنت الياس الوشاء، عن عبد الله بن
________________________________________
[ 294 ]
خراش المغربي، عن علي بن اسماعيل، عن فضيل الرسان، عن حمزة بن ميثم، قال خرج أبي إلى العمرة، فحدثني قال: استأذنت على أم سلمة (رحمة الله عليها) فضربت بيني وبينها خدرا، فقالت لي: أنت ميثم ؟ فقلت: أنا ميثم. فقالت: كثيرا ما رأيت الحسين بن علي ابن فاطمة (صلوات الله عليهم) يذكرك، قلت: فأين هو ؟ قالت خرج في غنم له آنفا، قلت: أنا والله أكثر ذكره فاقرأيه السلام فاني مبادر. فقالت: يا جارية اخرجي فادهنيه، فخرجت فدهنت لحيتي ببان، فقلت: أما والله لئن دهنتها لتخضبن فيكم بالدماء، فخرجنا فإذا ابن عباس (رحمة الله عليهما) جالس، فقلت يا ابن عباس سلني ما شئت من تفسير القرآن، فاني قرأت تنزيله على أمير المؤمنين عليه السلام وعلمني تأويله، فقال: يا جارية الدواة وقرطاسا، فأقبل يكتب. فقلت: يا ابن عباس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم بالمطهرة، فقال لي: وتكهن أيضا خرق الكتاب، فقلت: مه احتفظ بما سمعت مني، فان يك ما أقول لك حقا أمسكته، وان يك باطلا خرقته قال: هو ذاك. فقدم أبي علينا فما ليث يومين حتى أرسل عبيدالله بن زياد، فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبة وأقربهم إلى المطهرة، فرأيت الرجل الذي جاء إليه ليقتله وقد أشار إليه بالحربة، وهو يقول: أما والله لقد كنت ما علمتك الا قواما، ثم طعنه في خاصرته فأجافه فاحتقن الدم فمكث يومين، ثم انه في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دما، فخضبت ليحته بالدماء. 137 - قال أبو النصر محمد بن مسعود: وحدثني أيضا بهذا الحديث علي ابن الحسن بن فضال، عن أحمد بن محمد الاقرع. عن داود بن مهزيار، عن علي بن اسماعيل، عن فضيل، عن عمران بن ميثم. قال علي بن الحسن: هو حمزة بن ميثم خطأ وقال علي: اخبرني به الوشاء بأسناده مثله سواء غير أنه ذكر عمران بن ميثم. 138 - حمدويه وابراهيم، قالا: حدثنا أيوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه عن جده، قال لي ميثم التمار ذات يوم: يا أبا حكيم اني أخبرك بحديث وهو
________________________________________
[ 295 ]
حق، قال: فقلت يا أبا صالح بأي شئ تحدثني ؟ قال: اني أخرج العام إلى مكة فإذا قدمت القادسية راجعا أرسل الي هذا الدعي ابن زياد رجلا في مائة فارس حتى يجئ بي إليه، فيقول لي: أنت من هذه السبائية الخبيثة المحترقة التي قد يبست عليها جلودها، وأيم الله لا قطعن يدك ورجلك. فأقول: لارحمك الله فوالله لعلي كان أعرف بك من حسن حين ضرب رأسك بالدرة، فقال له الحسن: يا أبه لا تضربه فانه يحبنا ويبغض عدونا، فقال له علي عليه السلام مجيبا له اسكت يا بني فوالله لانا أعلم به منك، فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة انه لولي لعدوك وعدو لوليك. قال: فيأمر بي عند ذلك فأصلب فأكون أول هذا الامة ألجم بالشريط في الاسلام فإذا كان يوم الثالث فقلت غابت الشمس أو لم تغب ابتدر منخر اي دما علي صدري ولحيتي. قال: فرصدناه فلما كان يوم الثالث فقلت: غابت الشمس أولم تغب ابتدر منخراه على صدره ولحيته دما. قال: فاجتمعنا سبعة من التمارين فاتعدنا لحمله فجئنا إليه ليلا والحراس يحرسونه، وقد أوقدوا النار فحالت بيننا وبينهم، فاحتملناه بخشبته حتى انتهينا به إلى فيض من ماء في مراد فدفناه فيه، ورمينا بخشبته في مراد في الخراب، وأصبح فبعث الخيل فلم يجد شيئا. قال، وقال يوما: يا أبا حكيم ترى هذا المكان ليس يودي فيه طسق. والطسق أداء الاجر، ولئن طالت بك الحياة لتؤدين طسق هذا المكان إلى رجل في دار الوليد بن عقبة اسمه زرارة. قال سدير: فأديته على خزي إلى رجل في دار الوليد ابن عقبة يقال ه: زرارة. 139 - جبريل بن أحمد، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، قال: حدثني محمد بن علي الصيرفي، عن علي بن محمد، عن يوسف بن عمران الميثمي، قال سمعت ميثم النهرواني يقول: دعاني أمير المؤمنين عليه السلام وقال: كيف أنت يا ميثم إذا
________________________________________
[ 296 ]
دعاك دعي بني أمية ابن دعيها عبيدالله بن زياد إلى البرائة مني ؟ فقال يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذا والله يقتلك ويصلبك، قلت، أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم إذا تكون معي في درجتي. قال، وكان ميثم يمر بعريف قومه، ويقول: يا فلان كأني بك وقد دعاك دعي بني أمية ابن دعيها فيطلبني منك أياما، فإذا قدمت عليك ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب دار عمرو بن حريث، فإذا كان يوم الرابع التدر منخراي دما عبيطا، وكان ميثم يمر بنخلة في سبعة فيضرب بيده عليها، ويقول: يا نخلة ما غذيت الا لي وما غذيت الا لك، وكان يمر بعمرو بن حريث ويقول: يا عمرو إذا جاورتك فأحسن جواري، فكان عمرو يرى أنه يشتري دارا أو ضيعة لزيق ضيعته، فكان يقول له عمرو: ليتك قد فعلت. ثم خرج ميثم النهرواني إلى مكة فأرسل الطاغية عدوالله بن زياد إلى عريف ميثم فطلبه منه، فأخبره أنه بمكة، فقال له: لئن لم تأتني به لا قتلنك، فأجله أجلا، وخرج العريف إلى القادسية ينتظر ميثما، فلما قدم ميثم قال: أنت ميثم ؟ قال: نعم أنا ميثم قال: تبرأ من أبي تراب، قال: لا أعرف أبا التراب، قال: تبرأ من علي بن أبي طالب، فقال له: فان أنا لم أفعل ؟ قال: إذا والله لا قتلك. قال: أما لقد كان يقول لي انك ستقتلني وتصلبني على باب عمرو بن حريث فإذ ا كان يوم الرابع ابتدر منخراي دما عبيطا، فأمر به فصلب على باب عمرو بن حريث. فقال للناس: سلوني (وهو مصلوب) قبل أن أقتل فوالله لا خبرنكم بعلم ما يكون إلى أن تقوم الساعة وما يكون من الفتن، فلما سأله الناس حدثهم حديثا واحدا، إذ أتاه رسول من قبل ابن زياد فألجمه بلجام من شريط، وهو أول من ألجم بلجام وهو مصلوب. 140 - وروي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن أبيه، عن آبائه (صلوات الله عليهم) قال أتي ميثم التمار دار أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له انه نائم فنادي بأعلي صوته
________________________________________
[ 297 ]
انتبه أيها النائم فوالله لتخضين لحيتك من رأسك، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ادخلوا ميثما، فقال له: أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك. فقال: صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع، فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدي على ربعها، ومحمد ابن أكثم علي ربعها، وخالد بن مسعود على ربعها. قال ميثم: فشككت في نفسي وقلت: ان عليا ليخبرنا بالغيب، فقلت له، أو كائن ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال: أي ورب الكعبة كذا عهده الي النبي صلى الله عليه وآله، قال، فقلت: لم يفعل ذلك بي يا أمير المؤمنين ؟ فقال: ليأخذنك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد. قال: وكان عليه السلام يخرج إلى الجبانة وأنا معه فيمر بالنخلة فيقول لي: يا ميثم ان لك ولها شانا من الشأن، قال: فلما ولي عبيدالله بن زياد الكوفة ودخلها تعلق علمه بالنخلة التي بالكناسة فتخرق، فتطير من ذلك فأمر بقطعها، فاشتراها رجل من النجارين فشقها أربع قطع. قال ميثم: فقلت لصالح ابني فخذ مسمارا من حديد فانقش عليه اسمي واسم أبي ودقه في بعض تلك الاجذاع، قال: فلما مضى بعد ذلك أيام أتاني قوم من أهل السوق فقالوا: يا ميثم انهض معنا إلى الامير نشكو إليه عامل السوق، ونسأله أن يعزله عنا ويولي علينا غيره. قال: وكنت خطيب القوم فنصت لي وأعجبه منطقي، فقال له عمرو بن حريث أصلح الله الامير تعرف هذا المتكلم ؟ قال: من هو ؟ قال ميثم التمار الكذاب مولى الكذاب علي بن أبي طالب، قال: فاستوى جالسا فقال لي ما تقول ؟ فقلت: كذب أصلح الله الامير، بل أنا الصادق مولى الصادق علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا فقال لي: لتبرأن من علي، ولتذكرن مساويه، وتتولى عثمان، وتذكر محاسنه، أو لا قطعن يديك ورجليك ولا صلبنك، فبكيت، فقال لي، بكيت من القول دون الفعل،
________________________________________
[ 298 ]
فقلت: والله ما بكيت من القول ولا من الفعل، ولكن بكيت من شك كان دخلني يوم خبرني سيدي ومولاي، فقال لي: وما قال لك ؟ قال، فقلت: أتيت الباب فقيل لي: أنه نائم، فناديت انتبه أيها النائم، فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك فقال: صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتصلبن، فقلت: ومن يفعل ذلك بي ؟ يا أمير المؤمنين فقال: يأخذك العتل الزنيم ابن الامة الفاجرة عبيدالله بن زياد. قال: فامتلا غيظا ثم قال لي،: والله لاقطعن يديك ورجليك ولادعن لسانك حتى أكذبك وأكذب مولاك، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه، ثم أخرج فأمر به أن يصلب فنادي بأعلي صوته أيها الناس من أراد أن يسمع الحديث المكنون عن علي بن أبي طالب عليه السلام ؟ قال: فاجتمع الناس وأقبل يحدثهم بالعجائب. قال: وخرج عمرو بن حريث وهو يريد منزله فقال: ما هذه الجماعة ؟ قالوا: ميثم التمار يحدث الناس عن علي بن أبي طالب، تقال: فانصرف مسرعا فقال: أصلح الله الامير بادر فابعث إلى هذا من يقطع لسانه، فاني لست آمن أن يغير قلوب أهل الكوفة فيخرجوا عليك، قال: فالتفت إلى حرسي فوق رأسه فقال: اذهب فاقطع لسانه. قال، فأتاه الحرسي فقال له: يا ميثم ! قال: ما تشاء ؟ قال: أخرج لسانك فقد أمرني الامير بقطعه، قال ميثم: ألا زعم ابن الامة الفاجرة أنه يكذبني ويكذب مولاي هاك لساني، قال: فقطع لسانه وتشحط ساعة في دمه ثم مات، وأمر به فصلب، قال صالح فمضيت بعد ذلك بأيام، فإذا هو قد صلب على الربع الذي كنت دققت فيه المسمار. عبد الله بن شداد الهاد 141 - وجدت في كتاب محمد بن شاذان بن نعيم بخطه، روى عن حمران بن
________________________________________
[ 299 ]
أعين، أنه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يحدث عن آبائه (عليهم السلام) أن رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام مريضا شديد الحمى، فعاده الحسين بن علي عليه السلام فلما دخل باب الدار طارت الحمى عن الرجل، فقال له قد رضيت بما أوتيتم به حقا حقا والحمى تهرب منكم. فقال: والله ما خلق الله شيئا الا وقد أمره بالطاعة لنا يا كناسة قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول: لبيك، قال: أليس أمير المؤمنين أمرك ألا تقربي الا عدوا أو مذنبا لكي تكون كفارة لذنوبه، فما بال هذا ؟ وكان الرجل المريض عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي. الحارث الاعور 142 - حمدويه وابراهيم، قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم بن حميد، عن فضيل الرسان، عن أبي عمر البزاز، قال: سمعت الشعبي، وهو يقول: وكان إذا غدا إلى القضاء جلس في مكاني فإذا رجع جلس في مكاني، فقال لي ذات يوم: يا أبا عمر أن لك عندي حديثا أحدثك به ؟ قال قلت له: يا أبا عمرو ما زال لي ضالة عندك، قال، قال لي: لا أم لك فأي ضالة تقع لك عندي، قال، فأبي أن يحدثني يومئذ. قال: ثم سألته بعد فقلت: يا أبا عمرو حدثني بالحديث الذي قلت لي ؟ قال: سمعت الحارث الاعور وهو يقول: أتيت أمير المؤمنين عليا عليه السلام ذات ليلة فقال: يا أعور ما جائك ؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين جاء بي والله حبك، قال، فقال: أما اني سأحدثك لشكرها، اما أنه لا يموت عبد يحبني فتخرج نفسه حتى يراني حيث يحب ولا يموت عبد يبغضني فتخرج نفسه حتى يراني حيث يكره. قال، ثم قال لي الشعبي بعد: أما أن حبه لا ينفعك وبغضه لا يضرك. 143 - جعفر بن معروف، قال حدثني محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير،
________________________________________
[ 300 ]
عن أبان بن عثمان، عن محمد بن زياد، عن ميمون بن مهرام، عن علي عليه السلام قال قال لي الحارث: تدخل منزلي يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلام: على شرط أن لا تدخرني شيئا مما في بيتك ولاتكلف لي شيئا مما وراء بابك، قال: نعم. فدخل يتحرق ويحب أن يشترى له وهو يظن أنه لا يجوز له، حتى قال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا حارث، قال: هذه دراهم معي ولست أقدر على أن أشتري لك ما أريد، قال: أو ليس قلت لك: لا تكلف ما وراء بابك فهذه مما في بيتك. تم الجزء الاول، ويتلوه حديث نعيم بن دجاجة الاسدي، والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الطيبين.
________________________________________
[ 301 ]
اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشى لشيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي (قده) تصحيح وتعليق المعلم الثالث ميرداماد الاسترابادي تحقيق السيد مهدى الرجائى مؤسسه آل البيت عليهم السلام
________________________________________
[ 303 ]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطيبن الطاهرين وسلم تسليما نعيم بن دجاجة الاسدي 144 - حدثنا حمدويه بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب: عن رجل: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث علي بن أبي طالب عليه السلام إلى بشر ابن عطارد التميمي في كلام بلغه عنه، فمر به رسول علي إلى بني أسد، فقام إليه نعيم ابن دجاجة الاسدي فأفلته، فبعث إليه علي بن أبي طالب عليه السلام فأتوا به فأمر به أن يضرب - نعيم بن دجاجة الاسدي قوله عليه السلام: فمر به رسول على (عليه السلام) الضمير المجرور لبشر، والباء بمعنى " مع " فقام إليه أي إلى رسول علي عليه السلام نعيم فافلته أي بشرا من الرسول، فبعث إليه علي عليه السلام أي إلى نعيم بن دجاجة ليؤتى به، فأتوه به الفاعل بنو أسد. والضمير المنصوب لعلي عليه السلام، والباء في " به " للتعدية، أو بمعني " مع " والضمير المجرور " بها " لنعيم. أي فأتوا بنو أسد عليا عليه السلام بنعيم بن دجاجة فأمر علي نعيم بأن يضرب فقال نعيم لعلي عليه السلام.
________________________________________
[ 304 ]
فقال له نعيم: أما والله أن المقام معك لذل وان فراقك لكفر. قال: فلما سمع ذلك علي عليه السلام قال له قد عفوت عنك ان الله تعالى يقول " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " (1) أما قولك ان المقام معك لذل فسيئة اكتسبتها، وأما قولك ان فراقك لكفر حسنة اكتسبتها، فهذه بهذه. الاحنف بن قيس 145 - قيل: للاحنف انك تطيل الصوم ؟ قال: أعده لشر يوم عظيم، ثم قرأ " ويخافون يوما كان شره مستطيرا " (2). وروي أن الاحنف بن قيس وفد إلى معاوية وجارية بن قدامة والحباب بن يزيد فقال معاوية للاحنف: أنت الساعي علي أمير المؤمنين عثمان، وخاذل أم المؤمنين عائشة، والوارد الماء على علي بصفين ؟ فقال: يا أمير المؤمنين من ذاك ما أعرف، ومنه ما أنكر. أما أمير المؤمنين عثمان: فأنتم معشر قريش حصرتموه بالمدينة والدار منا عنه نازحة، وقد حصره المهاجرون، والانصار عنه بمعزل، وكنتم بين خاذل وقاتل. وأما عائشة: فاني خذلتها في طول باع ورحب سرب، وذلك أني لم أجد في - الاحنف بن قيس قوله: طول باع ورحب سرب الباع قدر مد اليدين وما بينهما من البدن وبسط اليد بالمال، وكذلك البوع وطول الباع كناية عن المقدرة والميسرة والاقتدار والشوكة قاله صاحب الفائق والاساس والقاموس والنهاية (3).
________________________________________
1) سورة المؤمنين: 96 2) سورة الانسان: 7 3) أساس البلاغة ص 54 والقاموس 3 / 7 والنهاية 1 / 174 (*)
________________________________________
[ 305 ]
كتاب الله الا أن تقر في بيتها. وأما ورودي الماء بصفين: فاني وردت حين أردت أن تقطع رقابنا عطشا، فقام معاوية وتفرق الناس. ثم أمر معاوية للاحنف بخمسين ألف درهم ولا صحابه بصلة، وقال للاحنف حين ودعه: حاجتك ؟ قال: تدر على الناس عطياتهم وارزاقهم، فان سألت المدد أتاك منا رجال سليمة الطاعة شديدة النكاية. وقيل: انه كان يرى رأي العلوية. ووصل الحباب بثلاثين ألف درهم وكان يرى رأي الاموية، فصار الحباب إلى معاوية وقال يا أمير المؤمنين تعطي الاحنف ورأية رأيه خمسين ألف درهم وتطعيني ورأيي رأيي ثلاثين ألف درهم ؟ فقال يا حباب اني اشتريت بها دينه، فقال الحباب: يا امير المؤمنين تشتري مني ايضا ديني ! فأتمها له والحقه بالاحنف، فلم يأت على الحباب اسبوع حتى مات ورد المال بعينه إلى معاوية، فقال الفرزدق يرثي الحباب: - وقال في الصحاح: الرحب بالضم السعة، تقول منه: فلان رحب الصدر، والرحب بالفتح الواسع تقول منه: بلد رحب وأرض رحبة (1). وقال: السرب بالفتح الابل، والسرب أيضا الطريق وفلان آمن في سربه بالكسر أي في نفسه، وفلان واسع السرب أي رخي البال (2). وفي المغرب: السرب بالفتح في قولهم خل سربه أي طريقه، ومنه قوله إذا كان مخلي السرب، أي موسعا عليه غير مضيق عليه لا يعني: اني لم أخذلها وهي محتاجة إلى الانتصار، بل خذلتها وهي في طول باع ورحب سرب، أي في مندوحة فسيحة عن القتال وتجهيز الجيش، بأن تقرفي
________________________________________
1) الصحاح: 1 / 134 2) الصحاح: 1 / 146 (*)
________________________________________
[ 306 ]
أتأكل ميراث الحاب طلامة * وميراث حرب جامد لك ذايبه أبوك وعمي يا معاوي أورثا * تراثا فيختار التراث أقاربه ولو كان هذا الدين في جاهلية * عرفت من المولى القليل حلايبه ولو كان هذا الامر في غير ملككم * لاديته أو غص بالماء شاربه فكم من أب لي يا معاوي لم يكن * أبوك الذي من عبد شمس يقاربه 146 - وروت بعض العامة، عن الحسن البصري، قا ل حدثني الاحنف، ان عليا عليه السلام كان يأذن لبني هاشم وكان يأذن لي معهم، قال، فلما كتب إليه معاوية ان كنت تريد الصلح فامح عنك اسم الخلافة، فاستشار بني هاشم. فقال له رجل منهم: انزح هذا الاسم نزحه الله، قالوا: فان كفار قريش لما كان بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبينهم ماكان، كتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله أهل مكة كرهوا ذلك وقالوا لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك أن تطوف بالبيت، قال: فيكف إذا ؟ - بيتها، موقرة مكرمة، رحبة الصدر، رخية البال، واسع السرب. لانها لم تكن مأمورة بالمسير إلى البصرة وتجهيز الجيش والمطالبة بدم عثمان ومقاتلة علي بن أبي طالب عليه السلام علي ذلك، ولا مضطرة الي شئ من ذلك، بل كانت في سعة عن ذلك كله. ومع ذلك فانها كانت في طول باع من الشوكة والمقدرة، واجتماع الجيوش وكثرة الاعوان والانصار والعددو العدد. وأيضا خذلتها لاني لم أجد في كتاب الله الا أن تقر في بيتها إذ قال عز من قائل " وقرن في بيوتكن " (1). قوله أو غص بالماء شاربه غصن بفتح الغين المعجمة واهمال الصاد المشددة، وشاربه بالرفع على الفاعلية
________________________________________
1) سورة الاحزاب: 33 (*)
________________________________________
[ 307 ]
قالوا: أكتب هذا ما قضى عليه محمد بن عبد الله أهل مكة فرضي. فقلت لذلك الرجل كلمة فيها غلظة وقلت لعلي أيها الرجل والله مالك ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا ما حا بيناك في بيعتنا، ولو نعلم أحدا في الارض اليوم أحق بهذا الامر منك لبايعناه ولقاتلناك معه، أقسم بالله ان محوت عنك هذا الاسم الذي دعوت الناس إليه وبايعتم عليه لا يرجع اليك أبدا. أبو عبد الله الجدلي وأبو داود 147 - حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن السحن بن علي بن فضال قال: حدثني العباس بن عامر، وجعفر بن محمد بن حكيم، عن أبان بن عثمان الاحمر عن عبد الرحمن بن سيابة، عن أبي داود، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام قال: أحدثك بسبعة أحاديث قبل أن يدخل علينا داخل، قال فقلت افعل جعلت فداك. قال، فقال: ما أنف الهدى وعيناه ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين قال: وحاجبا الضلالة ومنخرها تبدو مخازيهما في آخر الزمان، قال، قلت: أظن والله يا أمير المؤمنين قال: والدابة وما الدابة عدلها وموضع صدقها، والحق بينها والله يهلك ظالمها. والرابعة: يقتل هذا وانت حي لا تنصره، قال، فضرب بيده على كتف الحسين عليه السلام قال، قلت والله ان هذه لحياة خبيثة، ودخل داخل. - وباء بالماء للتعدية. في النهاية الاثيرية: يقال: غصصت بالماء أغص غصصا، فأنا غاص وغصان إذا شرقت به، أو وقف في حلقك فلم تقدر تسيغه (1). قوله: فرضى أي فرضي علي عليه السلام بما قال ذلك الرجل الهاشمي.
________________________________________
1) نهاية ابن الاثير: 3 / 370 (*)
________________________________________
[ 308 ]
148 - وبهذا الاسناد: عن أبان، عن فضيل الرسان، عن أبي داود، قال: حضرته عند الموت وجابر الجعفي عند رأسه، قال، فهم أن يحدث فلم يقدر، قال، ومحمد بن جابر أرسله، قال، فقلت يا أبا داود حدثنا الحديث الذي أردت ؟. قال: حدثني عمران بن حصين الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر فلانا وفلانا أن يسلما على علي عليه السلام بأمره المؤمنين، فقالا: من الله ومن رسوله ؟ ثم أمر حذيفة وسلمان فسلما، ثم أمر المقداد فسلم، وأمر بريدة أخي وكان أخاه لامه. فقال: انكم قد سألتموني من وليكم بعدي، وقد أخبرتكم به وقد أخذت عليكم الميثاق، كما أخذ الله تعالى علي بني آدم: ألست بربكم ؟ قالوا بلي، وأيم الله لئن نقضتموها لتكفرن. عامر بن واثلة 149 - حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن علي بن فضال قال حدثني عباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف أصبحت جعلت فداك ؟ قال: أصبحت أقول، كما قال أبو الطفيل عامر بن واثلة: وان لاهل الحق لاشك دولة * على الناس اياها أرجي وأرقب - عامر بن واثلة ذكره الشيخ في كتاب الرجال في باب الصحابة وقال: عامر بن واثلة أبو الطفيل (1)، ثم ذكره في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: عامر بن واثلة يكنى أبا الطفيل أدرك ثماني سنين من حياة النبي صلى الله عليه وآله ولد عام أحد (2). وقال ابن الاثير في جامع الاصول: هو أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله
________________________________________
1) رجال الشيخ: 25 2) رجال الشيخ: 47 (*)
________________________________________
[ 309 ]
قال: أنا والله ممن يرجي وسيرقب، وكان عامر بن واثلة كيسانيا ممن يقول بحياة محمد بن الحنفية، وله في ذلك شعر، وخرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة وكان يقول: ما بقي من السبعين غيري، ويقول عامر بن واثلة: وبقيت سهما في الكنانة واحدا * سترمي به أو يكسر السهم كاسره وكان أبو الطفيل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخر من رآه موتا، وهو القائل: ويدعونني شيخا وقد عشت حقبة * وهن من الازواج نحوي نوازع وما شاب رأسي من سنين تتابعت * علي ولكن شيبتني الوقايع بنو ذودان 150 - حدثنا محمد بن مسعود قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن بني ذو دان الذين في الحديث ؟ قال: هم قوم من الفرس بزازون. قيس 151 - حدثني محمد بن مسعود، قال أخبرنا علي بن الحسين، قال حدثني معمر ابن خلاد قال، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: ان رجلا من أصحاب علي عليه السلام يقال له: قيس كان يصلي فلما صلى ركعة أقبل أسود سالخ فصار في موضع السجود، فلما نحى - ابن عمير بن جابر، من بني سعد بن ليث الليثي الكناني، ويقال: اسمه عمرو غلبت عليه كنيته، أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وآله ثماني سنين: ومات سنة مائة واثنتين بمكة. وهو آخر من مات من الصحابة في جميع الارض، روى عنه الزهري وأبو الزبير وجابر بن يزيد، واثلة بكسر الثاء المثلثة. قيس قوله عليه السلام: أسود سالخ قال في الصحاح: السالخ: الاسود من الحيات يقال: أسود سالخ غير
________________________________________
[ 310 ]
جبينه عن موضعه تطوق الاسود في عنقه، ثم أنساب في قميصه. وأني أقبلت يوما من الفرع، فحضرت الصلاة فنزلت فصرت إلى ثمامة، فلما صليت ركعة أقبل أفعى نحوي، فأقبلت على صلاتي لم أخففها ولم ينتقص منها شئ - مضاف، لانه يسلخ جلده كل عام، والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة (1). وفي القاموس: والانثى أسودة، ولا توصف بسالخة، وأسود وأسودان سالخ، وأساود سالخة وسوالخ وسلخ وسلخة (2). قوله عليه السلام: ثم أنساب السيوب مجرى الماء، وأنسابت الحية انسيابا خرجت قاله في مجمل اللغة. وفي الصحاح: ساب الماء يسيب أي جرى، والسيب بالكسر مجرى الماء، وأنساب فلان نحو كم رجع، وأنسابت الحية جرت (3). ويكون أيضا بمعنى الاسراع في المشي. وهو المراد هاهنا. قوله عليه السلام: من الفرع الفرع بالتحريك اسم موضع بين البصرة والكوفة على ما في الصحاح والقاموس (4). والفرع - بالضم والاسكان - اسم موضع بين الحرمين الشريفين. قال ابن الاثير في النهاية: في الحديث ذكر الفرع وهو بضم الفاء وسكون الراء موضع معروف بين مكة والمدينة (5).
________________________________________
1) الصحاح: 1 / 423 2) القاموس: 1 / 261 3) الصحاح: 1 / 150 4) القاموس: 3 / 62 والصحاح: 3 / 1258 5) نهاية ابن الاثير: 3 / 437 (*)
________________________________________
[ 311 ]
فدنا مني ثم رجع إلى ثمامة، فلما فرغت من صلاتي ولم أخفف دعائي: دعوت بعضهم معي فقلت: دونك الافعى تحت الثمامة، ومن لم يخف الا الله كفاه. قال أبو عمرو محمد بن عمر الكشي: في أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أربعة نفرو أكثر يقال لكل واحد قيس فلا أعلم أيهم هذا، أول الاربعة قيس بن سعد بن عبادة وهو أمير هم وأفضلهم، وقيس بن عباد البكري وهو خليق أيضا بهذا ان كان، وقيس بن قرة بن حبيب غير خليق به، لانه هرب إلى معاوية، وقيس بن مهران أيضا خليق ذلك له، فكل هؤلاء صحبوا أمير المؤمنين عليه السلام ولا أدري أيهم أراد أبو الحسن الرضا عليه السلام. المرقع بن قمامة الاسدي 152 - حدثنا حمدويه بن نصير، قال: حدثنا الحسين بن موسى قال حدثنا عمرو بن عثمان، عن اسماعيل بن أبان الازدي، قال: حدثني مطهر، عن عبد الله ابن شريك العامري، عن المرقع بن قمامة الاسدي، قال: إذا هز محمد بن علي الراية المعلية بين الركن والمقام لو ددت أني في ظلها مجزوم الانف والاذنين ذاهب البصر لا شئ يسددني، قال قلت: ان هذا الخطر عظيم ! قال، فقال مرقع: اني سمعت عليا عليه السلام يقول: ان تلك العصابة نظراء لاهل بدر. هذا الخبر يدل على أنه كان كيسانيا. عوف العقيلى 153 - حدثني طاهر بن عيسى، ذكره عن جعفر بن أحمد بن سعد، أو غيره، عن صالح بن سلمة أبي الخير الرازي، عن ابن أبي نجران، عن أبي عمران، عن - عوف العقيلى قال الشيخ - رحمه الله تعالى - في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام: عوف العقيلي (1).
________________________________________
1) رجال الشيخ: 54 (*)
________________________________________
[ 312 ]
فرات بن أحنف، قال: العقيلي كان من أصحاب علي عليه السلام وكان حمارا، ولكنه يؤدي الحديث كما سمع. - وفي جامع الاصول: العقيلي بضم العين المهملة وفتح القاف، منسوب إلى عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن. قوله: وكان حمارا باهمال الحاء وتشديد الميم، والحمار في رجال الحديث وأسانيد الاخبار متكرر الذكر غير محصور في رجل واحد، ومن أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام داود بن سليمان أبو سليمان الحمار الكوفي الثقة. ذكره أبو العباس النجاشي - رحمه الله تعالى - في كتابه (1)، والشيخ - رحمه الله تعالى - في الفهرست (2) وفي كتاب الرجال (3). وضبطه العلامة - رحمه الله في الايضاح فقال: الحمار بالحاء المهملة والميم والمشددة والراء أخيرا. وكذلك الحسن بن داود قال في كتابه: الحمار بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم (4). وفي الصحاح: الحمارة أصحاب الحمير في السفر الواحد حمار مثل جماز وجمال وبغال (5). ومن العجائب أن القاصرين من أهل هذا العصر يصحفون الحاء المهملة بالخاء المعجمة (6)، ويتوهمون أن العقيلي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام كان يشرب
________________________________________
1) رجال النجاشي: 122 2) الفهرست: 94 3) رجال الشيخ: 190 4) رجال ابن داود: 144 5) الصحاح: 2 / 637 6) كما في المطبوع من رجال الكشي بجامعة مشهد (*)
________________________________________
[ 313 ]
الزهاد الثمانية 154 - علي بن محمد بن قتيبة، قال: سئل أبو محمد الفضل بن شاذان، عن الزهاد الثمانية ؟ فقال: الربيع بن خثيم، وهرم بن حيان، - الخمر، والخمار في اللغة بياع الخمر، نعوذ بالله من هذه الاوهام الفاسدة والجهالات المضلة. ثم ان الحسن بن داود رحمه الله قال في كتابه: العقيلى (ي - جش) جماز الحديث يرويه كما سمعه (1). بفتح الجيم وتشديد الميم والزاي أخيرا. والجماز من الانسان والبعير السريع الشديد، المسرع في السير والعدو والكلام والحديث والنقل وغير ذلك، فذلك غير بعيد من مسلك الاستقامة. وفي بعض النسخ (2) ترجمان الحديث وهو أيضا. مستقيم. ولكن الصحيح في كتاب الكشي علي ما في عامة النسخ " وكان حمارا " باهمال الحاء المهملة وتشديد الميم والراء أخيرا على ما قد ضبطناه فليتثبت. الزهاد الثمانية قوله رحمه الله: وهرم بن حيان هرم - ككتف - ابن حيان قاله في القاموس (3)، وعده صحابيا في آخرين. وقال في المغرب: الهرم كبر السن من باب لبس وباسم الفاعل منه سمي هرم ابن حيان قال القتيبي: وانما سمي هرما لانه بقي في بطن أمه أربع سنين. وفي جامع الاصول: هرم بفتح الهاء وكسر الراء، وحيان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء تحتها نقطتان وبالنون
________________________________________
1) رجال ابن داود: 235 وفيه العقيلى ى جخ ترجمان الحديث يرويه كما سمع. 2) أي نسخ رجال ابن داود وهو كما في المطبوع منه بجامعة طهران. 3) القاموس: 4 / 189 (*)
________________________________________
[ 314 ]
وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع علي عليه السلام ومن أصحابه وكانوا زهادا أتقياء. وأما أبو مسلم فانه كان فاجرا مرائيا، وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي عليه السلام، وقال لعلي عليه السلام: ادفع الينا الانصار والمهاجرين حتى نقتلهم بعثمان، فأبي علي عليه السلام ذلك، فقال أبو مسلم: الان طاب الضراب، انما كان وضع فخا ومصيدة. قوله رحمه الله: وأويس القرنى القرن بفتحتين حي من اليمن إليهم ينسب أويس القرني. قال ابن الاثير في جامع الاصول: القرني - بفتح القاف وفتح الراء وبالنون - منسوب إلى قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد. ردمان بفتح الراء وسكون الدال المهملة، وناجية بالنون والجيم والياء تحتها نقطتان. قلت: وأما ميقات أهل نجد فهو القرن بالتسكين، يقال له: قرن المنازل، وهو جبل مشرف على عرفات. ولقد وقع الجوهرى في الصحاح هنالك في الغلط مرتين إذ قال: القرن بالتحريك موضع وهو ميقات أهل نجد ومنه أويس القرني (1). فلا تكن من الغافلين. قوله رحمه الله: وأما أبو مسلم فانه كان فاجرا أبو مسلم الفاجر المرآتي هذا اسمه أهبان، أورده الشيخ - رحمه الله - في باب الصحابة وقال: أهبان بن صيفي أبو مسلم سيبي الرأي في علي عليه السلام (2). وفي القاموس: أهبان كعثمان صحابي (3).
________________________________________
1) الصحاح: 6 / 2181 2) رجال الشيخ: 5 3) القاموس: 1 / 37 (*)
________________________________________
[ 315 ]
وأما مسروق فانه كان عشارا لمعاوية، ومات في علمه ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال: الرصافة وقبره هناك. والحسن كان يلقي أهل كل فرقة بما يهوون ويتصعنع للرياسة، وكان رئيس القدرية وأويس القرني مفضلا عليهم كلهم، قال أبو محمد: ثم عرف الناس بعد. أويس القرنى 155 - روى يحيى بن آدم، عن شريك، عن ابن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى عبد الرحمن، قال: خرج رجل بصفين من أهل الشام، فقال: فيكم أويس القرني ؟ قلنا نعم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: خير التابعين، أو من خير التابعين أويس القرني، ثم تحول الينا. 156 - وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قا ل كنا مع علي عليه السلام بصفين، فبايعة تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: أين تمام المائة لقد عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلدا بسيفين، فقال: أبسط يدك أبايعك قال علي عليه السلام: معلى ما تبايعني ؟ قال: علي بذل مهجة نفسي دونك، قال: من أنت ؟ قال: أنا أويس القرني، قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل فوجد في الرجالة. وفي رواية أخري، قال له أمير المؤمنين عليه السلام: كن أويسا، قال: أنا أويس، قال: كن قرنيا قال: أنا أويس القرني، وأياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها علي نزار، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها: الا حييت عنا يا مدينا * أويس ذو الشفاعة كان منا فيوم البعث نحن الشافعونا أويس ذو الشفاعة كان منا * فيوم البعث نحن الشافعونا
________________________________________
[ 316 ]
وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبي صلى الله عليه وآله ولم يصحبه، فقال النبي صلى الله عليه وآله عليه السلام ذات يوم لاصحابة: أبشروا برجل من أمتي يقال له: أويس القرني فانه يشفع لمثل ربيعة ومضر. ثم قال لعمر: يا عمران أنت أدركته فاقرأه منى السلام، فبلغ عمر مكانه بالكوفة فجعل يطلبه في الموسم لعله أن يحج، حتى وقع إليه هو وأصحاب له وهو من أحسنهم هيئة وأرثهم حالا، فلما سأل عنه أنكروا ذلك، وقالوا: يا أمير المؤمنين تسأل عن رجل لا يسأل عنه مثلك، قال: فلم ؟ قالوا: لانه عندنا مغموز عليه في عقله، وربما عبث به الصبيان، قال عمر: ذاك أحب إلى. ثم وقف عليه فقال: يا أويس ان رسول صلى الله عليه وآله أودعتي اليك رسالة وهو يقرأ عليك السلام، وقد أخبرني أنك تشفع لمثل ربيعة ومضر، فخر أويس ساجدا ومكث طويلا ما ترقى، له دمعة حتى ظنوا أنه قد مات، فنادوه يا أويس هذا أمير المؤمنين، فرفع رأسه. ثم قال: يا أمير المؤمنين أفاعل ذلك ؟ قال: نعم يا أويس فادخلني في شفاعتك فأخذ الناس في طلبه والتمسح به، فقال: يا أمير المؤمنين شهرتني وأهلكتني، وكان يقول كثيرا ما لقيت من عمر، ثم قتل بصفين في الرجالة مع علي بن أبي طالب عليه السلام 157 - وروي من جهة العامة: عن يعقوب بن شيبة، قال حدثنا علي بن الحيكم الاودي، قال حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يوم صفين خرج رجل من الشام على دابته، قال: أفيكم أويس ؟ قلنا: نعم - أويس القرني قوله: أفاعل ذلك ؟ يعني أربي عزوجل فاعل ذلك بي ؟ أيجعلني من أهل الشافعة ؟ ويشفعني في مثل ربيعة ومضر ؟
________________________________________
[ 317 ]
ما تريد منه ؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أويس القرني خير التابعين بأحسان، قال: فعطت دابته فدخل مع علي عليه السلام. قال شريك: وقتل أويس في الرجالة مع علي عليه السلام. 158 - وقال يعقوب بن شيبة، حدثنا يزيد بن سعيد، قال: حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى، قال: سئل أشهد أويس صفين ؟ قال: نعم. علقمة وأبى والحارث بنو قيس 159 - روى يحيى الحماني، قال حدثنا شريك، عن منصور، قال قلت لابراهيم: أشهد علقمة صفين ؟ قال: نعم وخضب سيفه دما، وقتل أخوه أبي بن قيس يوم صفين، قال: وكان لابي بن قيس خص من قصب ولفرسه، فإذا غزى أهدمه وإذا رجع بناه. وكان علقمة فقيها في دينه قاريا لكتاب الله، عالما بالفرائض شهد صفين وأصيبت احدى رجليه فعرج منها، وأما أخوه أبي فقد قتل بصفين، وكان الحارث جليلا فقيها وكان أعور. - علقمة وأبي والحارث بنو قيس قوله رحمه الله: روى يحيى الحمانى هو يحيى بن عبد الحميد الحماني باهمال الحاء المفتوحة وتشديد الميم والنون بعد الالف، له كتاب المناقب ذكره النجاشي (1) والشيخ في الفهرست (2) وفي باب لم من كتاب الرجال (3). وسيأتي في أصل الكتاب في ترجمة المفضل بن عمر أنه قال أبو عمرو
________________________________________
1) رجال النجاشي: 347 2) الفهرست: 206 3) رجال الشيخ: 517 (*)
________________________________________
[ 318 ]
عبد الرحمن بن ابى ليلى 160 - روى يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا خالد بن أبي يزيد العرني، قال حدثنا ابن شهاب، عن الاعمش، قال رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلي، وقد ضربة الحجاج حتى أسود كتفاه، ثم أقامه للناس على سب علي عليه السلام والجلاوزة معه يقولون سب الكذابين، فجعل يقول: العن الكذابين علي وابن الزبير والمختار. قال ابن شهاب: يقول أصحاب العربية سمعك - الكشي: قال يحيى بن عبد الحميد الحماني في كتاب المؤلف في اثبات امامة أمير المؤمنين عليه السلام قلت لشريك إلى آخر ماقاله (1). فقد ظهر أن يحيي بن عبد الحميد الحماني هو الذي يروي عن شريك، والحماني نسبة إلى حمان بالتشديد. قال في الصحاح: وحمان - بالفتح - اسم رجل. وفي القاموس: وحمان بالكسر - حي من تميم. (2) عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله: والجلاوزة معه الجلواز - بكسر الجيم واسكان اللام - الشرطي والجمع الجلاوز بالفتح قاله صاحب الصحاح والقاموس. (3) قوله: سمعك بالنصب على تقدير العامل المحذوف عن اللفظ، لاعن النية، أي ألق سمعك.
________________________________________
1) رجال الكشى: 324 ط مشهد تحت رقم 588. 2) القاموس: 4 / 101 3) القاموس: 2 / 169 والصحاح: 2 / 866. (*)
________________________________________
[ 319 ]
تعلم ما يقول، لقوله علي أي هو ابتداء الكلام. حجر بن عدى الكندى 161 - يعقوب، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا طاوس، عن أبيه، قال أنبأنا حجربن عدي، قال، قال لي علي عليه السلام: كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعنتي ؟ قلت له: كيف أصنع ؟ قال العني ولا تبرأ مني فاني علي دين الله. قال ولقد ضربه به محمد بن يوسف، وأمره أن يلعن عليا، وأقامه على باب مسجد صنعاء، قال فقال: ان الامير أمرني أن العن عليا فالعنوه لعنة الله، فرأيت مجواذا من الناس الا رجلا فهمهما، وسلم. رميلة 162 - جعفر بن معروف، قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان، عن ابيه - قوله: تعلم بالجزم على جواب الامر المقدر المنوي والتاء اما للخطاب أو لتأنيت السمع بمعنى الاذن. حجر بن عدى الكندى قوله: فرأيت مجواذا من الناس. النسخ مختلفة في هذه اللفظة ففي عضة منها " فرأيت محوذا " بضم الميم وتسكين الحاء المهملة والذال المجمعة أخيرا على اسم الفاعل من الباب الافعال. وفي طائفة منها " محواذا " بكسر الميم، على مفعال من ابنية المبالغة، والحوذ والاحواذ السوق السريع والمحافظة على الشئ، والحواذ - بالكسر - البعد والتباعد وأحوذ ثوبه جمعه للتنحي والتباعد. وفي نسخة اعجام الخاء من المخاوذة بعمنى المخالفة.
________________________________________
[ 320 ]
قال حدثني الشامي أحور بن الحسين، عن أبي داود السبيعي، عن أبي سعيد الخدري عن رميلة، قال: وعكت وعكا شديدا في زمان امير المؤمنين عليه السلام فوجدت من نفسي خفة يوم الجمعة، فقلت: لا أصيب شيئا أفضل من أن أفيض علي من الماء وأصلي خلف أمير المؤمنين عليه السلام ففعلت، ثم جئت المسجد فلما صعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر عاد علي ذلك الوعك. فلما انصرف أمير المؤمنين عليه السلام دخل القصر ودخلت معه، فالتفت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا رميلة مالي رأيتك وأنت منشبك بعضك في بعض ؟ فقصصت عليه القصة التي كنت فيها والذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه. فقال لي: يا رميلة ليس من مؤمن يمرض الامرضنا لمرضه، ولا يحزن الا حزنا لحزنه، ولا يدعو الا آمناله، ولا يسكت الادعونا له، فقلت: يا أمير المؤمنين جعلت فداك هذا لمن معك في المصر، أرأيت من كان في أطراف الارض ؟ قال: يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الارض ولاغربها. 163 - جبريل بن أحمد الفاريابي، قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران عن علي بن قيس، عن علي بن النعمان، عن بعض أصحابنا، عن رميلة، وكان رجلا من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وذكر مثله. الاصبغ بن نباتة 164 - طاهر بن عيسى الوراق، قال: حدثنا جعفر بن أحمد التاجر، قال: حدثني أبو الخير صالح بن أبي حماد، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة، قال: قلت للاصبغ ماكان منزلة هذا الرجل فيكم ؟ فقال: ما أدري ما تقول الا أن سيوفنا على عواتقنا فمن أومي إليه ضربناه بها. - وقوله رجلا فهمها وسلم أي فهم أن ضمير المفعول في فالعنوه ولعنه الله للامير الفاجر، فتنطق بلعنه وقال: لعنه الله وسلم من الشر والاذي.
________________________________________
[ 321 ]
165 - محمد بن مسعود، قال حدثني علي بن الحسن، عن مروك بن عبيد قال: حدثني ابراهيم بن أبي البلاد، عن رجل، عن الاصبغ، قال: قلت له كيف سميتم شرطة الخميس يا أصبغ ؟ قال: انا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح، يعنى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه). المهدى مولى عثمان 166 - محمد بن مسعود، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عباس ابن عامر، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أن المهدي مولى عثمان، أتي فيايع أمير المؤمنين، ومحمد بن أبي بكر جالس، قال: أبايعك على أن الامر كان لك أولا وأبرأ من فلان وفلان وفلان، فبايعه. سليم بن قيس الهلالي 167 - حدثنى محمد بن الحسن البراثى قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان، عن اسحاق بن ابراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينه، عن أبان بن أبي عياش، قال: هذا نسخة كتاب سليم بن قيس العامري ثم الهلالي، دفعه إلى ابان ابن ابي عياش وقراه، وزعم ابان انه قرأه على علي بن الحسين عليهما السلام قال: صدق سليم رحمة الله عليه هذا حديث نعرفه. محمد بن الحسن، قال: حدثنا الحسن بن علي بن كيسان، عن اسحاق بن ابراهيم، عن ابن اذينة عن أبان بن ابي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال قلت لامير المؤمنين عليه السلام اني سمعت من سلمان ومن مقداد ومن ابي ذر اشياء في تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورايت في ايدي الناس اشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الاحاديث عن نبي الله عليه السلام انتم تخالفونهم وذكر الحديث بطوله. قال ابان: فقدر لي بعد موت علي بن الحسين عليهما السلام اني حججت فلقيت ابا
________________________________________
[ 322 ]
جعفر محمد بن علي عليهما السلام فحدثت بهذا الحديث كله لم اخط منه حرفا فاغر ورقت عيناه. ثم قال: صدق سليم قد أتي أبي بعد قتل جدي الحسين عليه السلام وانا قاعد عنده فحدثه بهذا الحديث بعينه، فقال له ابي صدقت قد حدثني أبي وعمي الحسن عليه السلام بهذا الحديث، عن امير المؤمنين عليه السلام فقالا لك: صدقت قد حدثك بذلك ونحن شهود، ثم حدثاه انهما سمعا ذلك من رسول الله، ثم ذكر الحديث بتمامه. جون بن قتادة وجارية بن قدامة السعدى 168 - طاهر بن عيسى الوراق وغيره، قالو حدثنا أبو سعيد جعفر بن احمد ابن ايوب التاجر السمرقندي، ونسخت من خط جعفر، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن يحيى بن الحسن، قال جعفر: ورايته خيرا فاضلا، قال: اخبرني أبو بكر محمد بن علي بن وهب، قا ل: حدثني عدي بن حجر، قال قال الجون بن قتادة العبسي، في جارية بن قدامة السعدي حين وجهه امير المؤمينين عليه السلام إلى اهل نجران عند ارتداهم عن السلام: تهود أقوام بنجران بعد ما * أقروا بآيات الكتاب وأسلموا قصدنا إليهم في الحديد يقودنا * أخو ثقة ماضي الجنان مصمم خددنا لهم في الارض من سوء فعلهم أخا ديد فيها للمسيئين منقم جويرية بن مسهر العبدي 169 - حدثنا معروف، قال أخبرني الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني علي بن النعمان، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن جويرية بن سليم بن قيس الهلالي قوله: لم أخط (1) منه حرفا اما بضم الهمزة وكسر الطاء بعد الخاء الساكنة افعالا من الخطأ على حذف
________________________________________
1) وفى المطبوع من الرجال: " لم أحط " بالحاء المهملة (*)
________________________________________
[ 323 ]
مسهر العبدي، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أحب محب آل محمد ما أحبهم فإذا أبغضهم فأبغضه، وأبغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، فإذا أحبهم فأحبه، وأنا أبشرك وأنا أبشرك وأنا أبشرك ثلاث مرات. عبد الله بن سبأ 170 - حدثني محمد بن قولويه القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثني بن عثمان العبدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، قال: حدثني أبي، عن أبي جعفر عليه السلام ان عبد الله بن سبأ كان يدعى النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين عليه السلام هو الله (تعالى عن ذلك). فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فدعاه وسأله ؟ فأقر بذلك وقال نعم أنت هو، وقد كان ألقي في روعي أنك أنت الله وأني نبي. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك أمك وتب، فابى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب، فأحرقه بالنار وقال: ان الشيطان استهواه، فكان ياتيه ويلقى في روعه ذلك. 171 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثنى سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقال: انه لما ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين عليه السلام فأبي أن يتوب فأحرقه بالنار. - الهمزة الاخيرة بعد الطاء للتخفيف، من قولهم أخطأ السهم الرمية إذا عدل عنها ولم يصبها. واما بفتح الهمزة وضم الطاء من الخطوة، أي لم أتجاوز حرفا على خطوته بعنى أخطيته وتخطيته، أي وتعديته وتجاوزته، استعمالا للافتعال في معنى التفعل
________________________________________
[ 324 ]
172 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد ومحمد بن عيسى، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب الازدي عن أبان بن عثمان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله عبد الله بن سبأ أنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام وكان والله أمير المؤمنين عليه السلام عبدا لله طائعا، الويل لمن كذب علينا وأن قوما يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا، نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم. 173 - وبهذا الاسناد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير. وأحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه والحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة الثمالي، قال، قال علي بن الحسين عليهما السلام لعن الله من كذب عيلنا، اني ذكرت عبد الله بن سبا فقامت كل شعرة في جسدي، لقد ادعى أمرا عظيما ماله لعنه الله، كان علي عليه السلام والله عبدا لله صالحا، أخو رسول الله، ما نال الكرامة من الله الا بطاعته لله ولرسوله، وما نال رسول الله (ص) الكرامة من الله الا بطاعته لله. 174 - وبهذا الاسناد عن محمد بن خالد الطيالسي، عن ابن أبي نجران عن عبد الله، قال، قال أبو عبد الله عليه السلام انا أهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وآله أصدق الناس لهجة وأصدق البرية، وكان مسيلمة يكذب عليه. وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله بعد رسول الله، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفترى على الله الكذب عبد الله بن سبأ. الكشي وذكر بعضى أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا عليه السلام، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو، فقال في اسلامه بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام مثل ذلك. وكان أول من شهر بالقول بفرض امامة علي وأظهر البرائة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن هيهنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية.
________________________________________
[ 325 ]
في السبعين رجلا من الزط الذين ادعوا الربوبية في أمير المؤمنين (عليه السلام) 175 - حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، وعبد الله بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبو ب، عن صالح بن سهل، عن مسمع بن عبد الملك أبي سيار، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان عليا عليه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة: أتاه سبعون رجلا من الزط فسلموا عليه وكلموه بلسانهم فرد عليهم بلسانهم. وقال لهم: اني لست كما قلتم أنا عبد الله مخلوق، قال، فأبوا عليه وقالوا له أنت أنت هو، فقال لهم: لئن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله تعالى لاقتلنكم. قال: فأبوا أن يرجعوا ويتوبوا، فأمر أن تحفر لهم آبار فحفرت، ثم خرق بعضها إلى بعض ثم فرقهم فيها ثم طم رؤسها ثم ألهب النار في بئر منها ليس فيها أحد فدخل الدخان عليهم فماتوا. قيس بن سعد بن عبادة 176 - جبريل بن أحمد وأبو إسحاق حمدويه وابراهيم ابنا نصير، قالوا: حدثنا محمد بن عبد الحميد العطار الكوفي، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمد بن راشد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام: يقول: ان معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات الله عليهما) ان أقدم أنت والحسين وأصحاب علي. فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء، فقال يا حسن قم فبايع فقام فبايع، ثم قال للحسين عليه السلام قم فبايع فقام فبايع، ثم قال قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين عليه السلام ينظر ما يأمره، فقال يا قيس انه امامي يعني الحسن عليه السلام.
________________________________________
[ 326 ]
177 - حدثني جعفر بن معروف، قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن ذريح، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: دخل قيس بن سعد بن عبادة الانصاري صاحب شرطة الخميس على معاوية، فقال له معاوية بايع ! فنظر قيس إلى الحسن عليه السلام، فقال: ابا محمد بايعت ؟ فقال له معاوية: أما تنتهي أما والله أني، فقال له قيس: ما شئت أما والله لان شئت لتناقصن، فقال، وكان مثل البعير جسيما، وكان خفيف اللحية، قال، فقام إليه الحسن فقال له: بايع يا قيس فبايع. - قيس بن سعد بن عبادة قوله: وكان مثل البعير جسيما قال ابن الاثير في جامع الاصول: قيس بن سعد بن عبادة الانصاري الخزرجي وقد تقدم تمام نسبه عند اسم أبيه في حرف السين، كان من كرام أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وكان أحد الفضلاء الجلة، وأحد دهاة العرب، وأهل الرأي والمكيدة في الحرب مع النجدة والبسالة. وكان شريف قومه غير مدافع هو وأبوه وجده، وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم مكة مكان صاحب الشرطة من الامراء وأعطاه الراية يومئذ لما النتزعها من أبيه. وكان واليا لعلي بن أبي طالب على مصر، ولم يفارق عليا إلى أن قتل، ومات هو بالمدينة سنة ستين وقيل: سنة تسع وخمسين. روى عنه أنس بن مالك، وثعلبة بن مالك، والشعبي، وأبو نجيح، وميمون ابن أبي شبيب، وكان قيس وعبد الله بن الزبير وشريح القاضي والاحنف ليس في وجوههم شعر، ولا لا حدهم لحية، وكانت الانصار تقول: لوددنا أن نشتري لقيس ابن سعد لحية بأموالنا وكان مع ذلك جميلا. نجيح بفتح النون وكسر الجيم وبالحاء المهملة. وشبيب بفتح الشين المعجمة
________________________________________
[ 327 ]
ذكر يونس بن عبد الرحمن في بعض كتبه: أنه كان لسعد بن عبادة ستة أولاد كلهم قد نصر رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهم قيس بن سعد بن عبادة، وكان قيس أحد العشرة الذين لحقهم النبي صلى الله عليه وآله من العصر الاول ممن كان طولهم عشرة أشبار بأشبار أنفسهم، وكان شبر الرجل منهم يقال: أنه ذراع أحدنا، وكان قيس وسعد أبوه طولهما عشرة أشبار بأشبارهما. ويقال: انه كان من العشرة خمسة من الانصار، وأربعة من الخزرج كلها، ورجل من الاوس. وسعد لم يزل سيدا في الجاهلية والاسلام، وأبوه وجده وجد جده لم يزل فيهم الشرف، وكان سعد يجير فيجار ذلك له السوددة، ولم يزل هو وأبوه أصحاب اطعام في الجاهلية والاسلام، وقيس ابنه بعد على مثل ذلك. سفيان بن ليلى الهمداني 178 - روى عن علي بن الحسين الطويل: عن علي بن النعمان، عن عبد الله ابن مسكان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: جاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام يقال له: سفيان بن ليلى وهو على راحلة له، فدخل على الحسن عليه السلام وهو محتب في فناء داره، قال: فقال له السلام عليك يا مذل المؤمنين. - وكسر الباء الموحدة الاولى انتهى كلام جامع الاصول. وقد كنا ذكرنا من قبل أن قيس بن سعد بن عبادة كان ممن لم يبايع أبا بكر وكان في بيعة علي عليه السلام أولا وآخرا رضي الله تعالى عنه. سفيان بن ليلى الهمداني قوله عليه السلام: وهو محتب بضم الميم واسكان الحاء المهملة والتاء المثناة من فوق المفتوحة والباء الموحدة من الاحتباء افتعالا من الحباء.
________________________________________
[ 328 ]
فقال له الحسن عليه السلام، انزل ولا تعجل، فنزل فعقل راحلته في الدار، وأقبل يمشي حتى انتهى إليه، قال، فقال له الحسن عليه السلام: ما قلت ؟ قال: قلت السلام عليك يا مذل المؤمنين، قال: وما علمك بذلك ؟ قال: عمدت إلى أمر الامة فخلعته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله. قال، فقال له الحسن عليه السلام: ما خبرك لم فعلت ذلك قال: سمعت أبي يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله لن تذهب الايام والليالي حتى يلي أمر هذه الامة رجل واسع البلعوم رحب الصدر يأكل ولا يشبع وهو معاوية، فلذلك فعلت. - والفناء - بكسر الفاء والنون والالف الممدودة - متسع أمام الدار والاحتباء والحبوة في القعود معروف، وقد ورد النهي عن ذلك في المسجد يوم الجمعة والامام يخطب. قال في القاموس: هو أن يجمع بين ظهره وساقيه بعمامته أو يديه (1). وفي المغرب: الاحتباء أن يجمع بين ظهره وساقيه بثوب أو غيره، ومنه يقعد كيف شاء محتويا أو متربعا. وفي النهاية الاثيرية: الاحتباء هو أن يضم الانسان رجليه إلى بطنه يجمعها به مع ظهره ويشد عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب (2). قوله عليه السلام: ما خبرك لما فعلت ذلك بضم المعجمة وسكون الموحدة بمعنى العلم، أي ما علمك ومعرفتك لم فعلت ذلك، انما فعلته لاني سمعت أبي عليه السلام يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبر بأن ذلك مما قد جرى به قلم القضاء والقدر. وفي عضة من الروايات أنه عليه السلام ذكر 7 لسفيان بن ليلى حديث نعسة النبي صلى الله عليه وآله على المنبر.
________________________________________
1) القاموس: 4 / 315 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 335 (*)
________________________________________
[ 329 ]
ما جاء بك ؟ قال: حبك قال الله قال الله قال، فقال الحسن عليه السلام: والله لايحبنا عبد أبدا ولو كان أسيرا في الديلم الا نفعه الله بحبنا، وأن حبنا ليساقط الذنوب من بني آدم، كما تساقط الريح الورق من الشجر. عبيدالله بن العباس 179 - ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه: ان الحسن لما قتل ابوه عليه السلام خرج في شوال من الكوفة إلى قتال معاوية، فالتقوا بكسكر وحاربه ستة أشهر، - وأوردها امام علماء العامة فخر الدين الرازي في التفسير الكبير، ونحن نقلناه عنه في نبراس الضياء. قوله عليه السلام: قال: الله على النصب بتقدير فعل الذكر، أو فعل القسم. قوله عليه السلام: والله لايحبنا عبد أبدا ومن طريق العامة قال أبو عبد الله الذهبي في ميزان الاعتدال: سفيان بن الليل الكوفي، روى عنه الشعبي قال العقيلى: وكان ممن يغلو في الرفض، عن الشعبي حدثني سفيان بن الليل قال: لما قدم الحسن بن علي - رضي الله عنهما - من الكوفة إلى المدينة أتيته فقلت: يا مذل المؤمنين فقال: لا تقل ذاك فاني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تذهب الايام والليالي حتى يملك رجل وهو معاوية ثم قال: وقال أبو الفتح الازدي: سفيان بن الليل له حديث لا تمضي الامة حتى يليها رجل واسع البلعوم قال: وفي لفظ آخر واسع الصوم يأكل ولا يشبع. وفى الحديث الاول من طريق الشعبي وسمعت أبي يقول: سمعت رسو ل الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحبنا بقلبه وأعاننا بيده ولسانه كنت أنا وهو في عليين، ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه وكف يده فهو في الدرجة التي تليها، ومن أحبنا بقلبه وكف عنا لسانه ويده فهو في الدرجة التي تليها.
________________________________________
[ 330 ]
وكان الحسن عليه السلام جعل ابن عمه عبيدالله بن العباس على مقدمته، فبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم فمر بالراية ولحق بمعاوية وبقي العسكر بلا قائد ولا رئيس. فقام قيس بن سعد بن عبادة فخطب الناس وقال: أيها الناس لا يهولنكم ذهاب عبيدالله هذا لكذا وكذا، فان هذا وأباه لم يأتيا قط بخير، وقام بأمر الناس. ووثب أهل عسكر الحسن عليه السلام بالحسن في شهر ربيع الاول فانتهبوا فسطاطة وأخذوا متاعه، وطعنه ابن بشير الاسدي في خاصرته، فردوه جريحا إلى المدائن حتى تحصن فيها عند عم المختارين أبي عبيدة. 180 - وروى محمد بن عيسى العبيدي، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر الواسطي، عن الفضيل بن يسار، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام اللهم العن ابني فلان واعم أبصارهما، كما عميت قلوبهما الاكلين في رقبتي، واجعل عمى أبصارهما دليلا على عمى قلوبهما. عمرو بن قيس المشرقي 181 - وجدت بخط محمد بن عمر السمرقندي، وحدثني بعض الثقات من أصحابنا، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران القمي قال: حدثني محمد بن ابن اسماعيل عن علي بن الحكم، عن أبيه، عن أبي جارود، عن عمرو بن قيس المشرقي، قال: دخلت على الحسين بن علي عليهما السلام أنا وابن عم لي، وهو في قصر بني مقاتل فسلمت عليه. - عمر بن قيس المشرقي ضبطه العامة (1) بالقاف. وقال ابن الاثير في جامع الاصول: المشرقي بكسر الميم وفتح الراء وبالقاف منسوب إلى بطن من همدان وقيل: مشرق موضع باليمن.
________________________________________
1) وفى " م ": العلامة (*)
________________________________________
[ 331 ]
فقال له ابن عمي: يا أبا عبد الله هذا الذي أرى خضاب أو شعرك ؟ فقال: خضاب والشيب الينا بني هاشم أسرع عجل، ثم أقبل علينا فقال: جئتما لنصرتي ؟ فقلت له أنا رجل كبير السن كثير العيال وفي يدى بضايع للناس ولا أدري ما يكون وأكره أن تضيع أمانتي، فقال له ابن عمى مثل ذلك. فقال: أما لي فانطلقا فلا تسمعا لى واعية ولا تريا لي سوادا، فانه من سمع واعيتنا أو رأى سوادنا، فلم يجبنا واعيتنا كان حقا على الله أن يكبه على منخر يه في نار جهنم. حبابة الوالبية 182 - محمد بن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثني العمر كي عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عنبسة بن مصعب، وعلي ابن المغيرة، عن عمران بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها: حبابة الوالبية، فقال لها عباية: تدرين من هذا الشاب الذي معي ؟ قالت: لا، قال: مه ابن أخيك ميثم. قالت: أي والله أي والله. - قوله عليه السلام: فلا تسمعا لى واعية الواعية الصراخ والصوت لا الصارخة قاله في القاموس قال: ووهم الجوهري (1) قلت: قال الجوهري: الوعي بالتحريك الجلبة والاصوات، والواعية الصارخة (2). والحق ان الوعي بالتحريك الصراخ والصوت والواعية الجلبة والاصوات والواعية الصارخة أيضا، فالوا عية يقال تارة: للصارخة، وتارة لاصواتهم المختلطة قال في أساس البلاغة: الواعية الصراخ، وواعية القوم أصواتهم (3). وقال في مجمل اللغة: الواعية الصارخة.
________________________________________
1) القاموس: 4 / 400 2) الصحاح: 6 / 2526 3) أساس البلاغة: 683 (*)
________________________________________
[ 332 ]
ثم قالت: ألا أحدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام قلنا بلي، قالت: سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: نحن وشيعتنا على الفطرة التي بعث الله عليها محمدا صلى الله عليه وآله وسائر الناس منها براء، وكانت قد أدركت أمير المؤمنين عليه السلام وعاشت إلى زمان الرضا عليه السلام على ما بلغني. والله أعلم. 183 - حمدويه، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن اسحاق بن سويد الفراء، عن اسحاق بن عمار، عن صالح بن ميثم، قال: دخلت أنا وعباية الاسدي على حبابة الوالبية، فقال لها: هذا ابن أخيك ميثم، قالت: ابن اخي والله حقا، ألا احدثكم بحديث عن الحسين بن علي صلى الله عليه وآله، فقلت: بلي. قالت: دخلت عليه وسلمت فرد السلام ورحب ثم قال: ما بطابك عن زيارتنا والتسليم علينا يا حبابة ؟ قلت: ما بطأني الا علة عرضت، قال: ماهي ؟ قالت: فكشفت خماري عن برص. قالت: فوضع يده على البرص ودعا فلم يزل يدعو حتى رفع يده، وكشف الله ذلك البرص، ثم قال: يا حبابة أنه ليس أحد على ملة ابراهيم في هذه الامة غيرنا وغير شيعتنا، ومن سواهم منها براء. سعيد بن المسيب 184 - قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليه السلام في أول أمره الا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، محمد بن جبير ابن مطعم، يحيى بن أم الطويل، أبو خالد الكابلي وأسمه وردان ولقبه كنكر، سعيد بن المسيب رباه أمير المؤمنين عليه السلام، وكان حزن جد سعيد أوصى أمير المؤمنين عليه السلام. 185 - محمد بن مسعود: قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد بن الوليد بن خالد الكوفي، قال: حدثنا العباس بن هلال، قال: ذكر أبو الحسن الرضا عليه السلام أن طارقا مولى لبني أمية نزل ذا المروة عاملا على
________________________________________
[ 333 ]
المدينة، فلقيه بعض بني أمية، وأوصاه بسعيد بن المسيب وكلمه فيه وأثنى عليه، وأخبره طارق أنه أمر بقتله، فأعلم سعيد بذلك وقال له تغيب، وقيل له: تنح عن مجلسك فانه على طريقه، فأبى. فقال سعيد: اللهم ان طارقا عبد من عبيدك ناصيته بيدك وقلبه بين أصابعك تفعل فيه ما تشاء فانسه ذكري واسمي، فلما عزل طارق عن المدينة لقبه الذي كان كلمه في سعيد من بني أمية بذي المروة، فقال، كلمتك في سعيد لتشفعني فيه فأبيت وشفعت فيه غيري، فقال: والله ما ذكرته بعد إذ فارقتك حتى عدت اليك. وروي عن بعض السلف، أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين عليه السلام انجفل الناس فلم يبق في المسجد الا سعيد بن المسيب، فوقف عليه خشرم مولى أشجع فقال أبا محمد: ألا تصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح ؟ فقال سعيد: أصلي ركعتين في المسجد أحب الي أنت أصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح. 186 - وروي عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيب انك أخرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية، وانك لا تعرف له نظيرا ؟ قال: كذلك وما هو مجهول ما أقول فيه والله ما رأي مثله. قال علي بن زيد: فقلت والله ان هذه الحجة الوكية عليك يا سعيد، فلم لم تصل على جنازته ؟ فقال: ان القراء كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجنا معه ألف راكب، فلما صرنا بالسقيا نزل فصلى وسجد سجدة الشكر فقال فيها. 187 - وفي رواية الزهري: عن سعيد بن المسيب، قال: كان القوم لا يخرجون من مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج وخرجت معه فنزل في بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولامدر الا سبحوا معه
________________________________________
[ 334 ]
ففزعنا فرفع رأسه فقال: يا سعيد أفزعت ؟ قلت: نعم يابن رسول الله فقال: هذا التسبيح الاعظم، حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يبقى الذنوب مع هذا التسبيح، فقلت: علمنا. 188 - وفي رواية علي بن زيد: عن سعيد بن المسيب، أنه سبح في سجوده فلم يبق حوله شجرة ولامدرة الا سبحت بتسبيحه، ففزعت من ذلك وأصحابي. ثم قال: يا سعيد ان الله جل جلاله لما خلق جبريل ألهمه هذا التسبيح فسبحت السموات ومن فيهن لتسبيحه الاعظم، وهواسم الله عزوجل الاكبر. يا سعيد، أخبرني أبي الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبريل عن الله جل جلاله أنه قال: مامن عبد من عبادي آمن بي وصدق بك وصلى في مسجدك ركعتين على خلا من الناس الا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم أر شاهدا أفضل من علي بن الحسين عليه السلام حيث حدثني بهذا الحديث. فلما أن مات شهد جنازته البر والفاجر، وأثنى عليه الصالح والطالح، وأنهال الناس يتبعونه حتى وضع الجنازة، فقلت: ان أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم، وفلم يبق الارجل وامرأة ثم خرجا إلى الجنازة. ووثبت لاصلي فجاء تكبير من السماء فأجابه تكبير من الارض فأجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من الارض، ففزعت وسقطت على وجهي فكبر من في السماء سبعا وكبر من في الارض سبعا وصلى على علي بن الحسين عليه السلام. ودخل الناس المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين عليه السلام فقلت: يا سعيد لو كنت أنا لم أختر الا الصلاة على علي بن الحسين عليه السلام ان هذا لهو الخسران المبين، قال، فكبي سعيد ثم قال: ما أردت الا الخير ليتني كنت صليت عليه فانه ما رأى مثله. والتسبيح هو هذا: سبحانك اللهم وحنانيك، سبحانك اللهم وتعاليت، سبحانك
________________________________________
[ 335 ]
اللهم والعز ازارك، سبحانك اللهم والعظمة ردواؤك، ويقال سربالك، سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك، سبحانك من عظيم ما أعظمك، سبحانك سبحت في الاعلى، سبحانك تسمع وترى ما تحت الثرى. سبحانك أنت شاهد كل نجوى، سبحانك موضع كل نجوى، سبحانك حاضر كل ملا، سبحان عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السموات، سبحانك تعلم وزن الارضيين. سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر، سبحانك تعلم وزن الظلمة والنور، سبحانك تعلم وزن الفئ الهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم هي من مثقال ذرة سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من عرفك كيف لا يخافك، سبحانك اللهم وبحمدك سبحان الله العلى العظيم. 189 - حدثني محمد بن قولويه، قا ل: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد بن عمر، قال: أخبرني أبو مروان، عن أبي جعفر، قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: سعيد ابن المسيب أعلم الناس بما تقدمه من الاثار وأفهمهم في زمانه. سعيد بن جبير 190 - أبو المغيرة، قال: حدثني الفضل، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام وكان علي عليه السلام يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجاج له الا على هذا الامر، وكا ن مستقيما. وذكر أنه لما دخل على الحجاج بن يوسف قال له: أنت شقي بن كسير، قال: أمي كانت أعرف باسمي سمتني سعيد بن جبير، قال: ما تقول في أبي بكر وعمر هما في الجنة أو في النار ؟ قال: لو دخلت الجنة فنظرت أهلها لعلمت من فيها، وان دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها.
________________________________________
[ 336 ]
قال: فما قولك في الخلفاء ؟ قال: لست عليهم بوكيل، قال أيهم أحب اليك قال: أرضاهم لخالقي، قال: وأيهم أرضى للخالق ؟ قال: علم ذلك عند الذى يعلم سرهم ونجواهم، قال: أبيت أن تصدقني، قال: بلى لم أحب أن اكذبك. أبو خالد الكابلي 191 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن أشكيب قال: حدثني محمد بن أورمة، عن الحسين بن سعيد، قال: حدثني علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن ضريس، قال قال لي أبو خالد الكابلي: أما أني سأحدثك بحديث ان رأيتموه وأنا حي فقلت صدقني، وان مت قبل أن تراه ترحمت علي ودعوت لي. سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: ان اليهود أحبوا عزيزا حتى قالوا فيه ما قالوا فلا عزيز منهم ولاهم من عزيز، وأن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عيسى منهم ولاهم من عيسى. وانا على سنة من ذلك ان قوما من شيعتنا سيحبونا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزيز، وما قالت النصارى في عيسى بن مريم، فلاهم منا ولا نحن منهم. 192 - الكشي: وجدت بخط جبريل بن أحمد، حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الحناط، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان أبو خالد الكابلي يخدم محمد بن الحنفية دهرا وما كان يشك في أنه امام. حتى أتاه ذات يوم فقال له: جعلت فداك ان لي حرمة ومودة وانقطاعا، فأسألك بحرمة رسول الله وأمير المؤمنين الا أخبرتني أنت الامام الذي فرض الله طاعته على خلقه، قال فقال: يا أبا خالد حلفتني بالعظيم، الامام علي بن الحسين عليه السلام علي وعليك وعلى كل مسلم. فأقبل أبو خالد لما أن سمع ماقاله محمد بن الحنفية جاء إلى على بن الحسين
________________________________________
[ 337 ]
عليه السلام فلما استأذن عليه فأخبر أن أبا خالد بالباب، فأذن له، فلما دخل عليه دنا منه قال: مرحبا بك يا كنكر ماكنت لنا بزائر مابدا لك فينا ؟ فخر أبو خالد ساجدا شاكر لله تعالى مما سمع من علي بن الحسين عليه السلام فقال: الحمدالله الذي لم يمتني حتى عرفت فقال له علي: وكيف عرفت امامك يا أبا خالد ؟ قال: انك دعوتني باسمي الذي سمتني أمي التي ولدتني، وقد كنت في عمياء من أمري ولقد خدمت محمد ابن الحنفية عمرا من عمري ولا اشك الا وأنه امام. حتى إذا كان قريبا سألته بحرمة الله وبحرمة رسوله وبحرمة أمير المؤمنين فأرشدني اليك وقال: هو الامام علي وعليك وعلى خلق الله كلهم، ثم أذنت لي فجئت فدنوت منك سميتني باسمي الذي سمتني أمي فعلمت أنك الامام الذي فرض الله طاعته علي وعلى كل مسلم. ابن مهران والحسن وأبوه كلهم كذا روي. 193 - ووجدت بخط جبريل بن أحمد: قال حدثني محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن علي، عن علي بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعه يقول: خدم أبو خالد الكابلي علي بن الحسين عليهما السلام دهرامن عمره. ثم انه أراد أن ينصرف إلى أهله فأتى علي بن الحسين عليه السلام فشكى إليه شده شوقة إلى والديه، فقال: يا أبا خالد يقدم غدا رجلا من أهل الشام له قدر ومال كثير وقد أصاب بنتا له عارض من أهل الارض، ويريد ون أن يطلبوا معالجا يعالجها، فإذا أنت سمعت قدومه: فأته وقل له أنا أعالجها لك علي انني أشترط عليك أني أعالجها على ديتها عشرة آلاف درهم فلا تطمئن إليهم وسيعطونك ما تطلب منهم. فلما أصبحوا قدم الرجل ومن معه وكان رجلا من عظماء أهل الشام في المال والمقدرة، فقال: أما من معالج يعالج بنت هذا الرجل ؟ فقال هل أبو خالد: أنا أعالجها على عشرة آلاف درهم، فان أنتم وفيتم وفيت لكم على ألا يعود إليها أبدا، فشرطوا ان يعطوه عشرة آلاف درهم.
________________________________________
[ 338 ]
ثم اقبل إلى علي بن الحسين عليه السلام فأخبره الخبر، فقال: أني لاعلم: أنهم سيغدرون بك ولايفون لك انطلق يا أبا خالد فخذ بأذن الجارية اليسرى ثم قل يا خبيث يقول لك علي بن الحسين أخرج من هذه الجارية ولا تقعد. ففعل أبو خالد ما أمره وخرج منها فأفاقت الجارية، فطلب أبو خالد الذي شرطوا له فلم يعطوه، فرجع مغتما كئيبا، قال له علي بن الحسين عليه السلام مالي أراك كئيبا يا أبا خالد ؟ انهم يغدرون بك دعهم فانهم سيعودون الكى، فإذا لقوك فقل لهم لست أعالجها حتى تضعوا المال على يدي علي بن الحسين عليه السلام فعادوا إلى أبي خالد يلتمسون مداواتها، فقال لهم اني لا أعالجها حتى تضعوا الما ل على يدي علي بن الحسين فرجع أبو خالد إلى الجارية وأخذ بأذنها اليسرى ثم قال: يا خبيث يقول لك على بن الحسين عليهما السلام أخرج من هذه الجارية ولا تعرض لها الا بسبيل خير، فانك ان عدت أحر قتك بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة، فخرج منها ولم يعد إليها، ودفع المال إلى أبي خالد فخرج إلى بلاده. يحيى بن أم الطويل 194 - محمد بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن جعفر بن عيسى عن صفوان، عمن سمعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ارتد الناس بعد قتل الحسين عليه السلام الا ثلاثة أبو خالد الكابلي، ويحيى بن أم الطويل، وجبير بن مطعم، ثم ان الناس لحقوا وكثروا. وروى يونس، عن حمزة بن محمد الطيار، مثله وزاد فيه وجابر بن عبد الله الانصاري. 195 - حدثني أحمد بن علي، قال: حدثني أبو سعيد الادمي، قال: حدثنا الحسين بن يزيد النوفلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر الاول عليه السلام قال: أما يحيى بن أم الطويل: فكان يظهر الفتوة. وكان إذا مشى في الطريق وضع الخلوق على رأسه ويمضغ اللبان ويطول ذيله، وطلبه الحجاج فقال: تلعن أبا تراب وأمر
________________________________________
[ 339 ]
- بقطع يديه ورجليه وقتله. وأما سعيد بن المسيب فنجا، وذلك أنه كان يفتي بقول العامة، وكان آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فنجا. وأما أبو خالد الكابلي: فهرب إلى مكه واخفى نفسه فنجا. وأما عامر بن واثلة: فكانت له يد عند عبد الملك بن مروان فلهى عنه. وأما جابر بن عبد الله الانصاري: فكان رجلا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يتعرض له وكان شيخا قد أسن. وأما أبو حمزة الثمالي وفرات بن أحنف، فبقوا إلى أيام أبي عبد الله عليه السلام وبقي أبو حمزة إلى أيام أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام. القاسم بن عوف 196 - حدثني علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن أحمد الرازي الخواري من قرية استراباد، عن محمد بن خالد أظنه البرقي عن محمد بن سنان، عن زياد بن المنذر أبي الجارود، عن القاسم بن عوف، قال: كنت اتردد بين علي بن الحسين عليه السلام وبين محمد بن الحنفية، وكنت آتي هذا مرة وهذا مرة. قال: ولقيت علي بن الحسين، قال، فقال لي: يا هذا اياك ان تأتي أهل العراق فتخبرهم انا استودعناك علما، فانا والله ما فعلنا ذلك واياك ان تترايس بنا فيضعك الله، واياك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقرا، واعلم أنك ان تكن ذنبا في الخير خير لك من أن تكون رأسا في الشر. واعلم أنه من يحدث عنا بحديث سألناه يوما فان حدث صدقا كتبه الله صديقا وان حدث وكذب كتبه الله كذابا، واياك أن تشد، راحلة ترحلها فانما هيهنا يطلب العلم حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث الله لكم غلاما من ولد فاطمة عليهما السلام ينبت الحكمة في صدره كما ينبت الطل والزرع.
________________________________________
[ 340 ]
قال: فلما مضى علي بن الحسين (صلوات الله عليهما) حسبنا الايام والجمع والشهور والسنين، فما زادت يوما ولا نقصت حتى تكلم محمد بن علي بن الحسين (صلوات الله عليهم) باقر العلم. المختار بن أبي عبيدة 197 - حمدويه، قال: حدثني يعقوب، عن ابن أبي عمير. عن هشام بن المثني عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لاتسبو المختار فانه قتل قتلتنا، وطلب بثأرنا، وزوج أراملنا، وقسم فينا المال على العسرة. 198 - محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد الرازي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عبد الله المزخرف، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان المختار يكذب على علي بن الحسين عليهما السلام 199 - محمد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد بن يزداد عن محمد بن الحسين، عن موسى بن يسار، عن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن شريك، قال: دخلنا علي أبي جعفر عليه السلام يوم النحر وهو متكئ، وقد أرسل إلى الحلاق فقعدت بين يديه إذ دخل عليه شيخ من أهل الكوفة فتناول يده ليقبلها فمنعه، ثم قال من أنت ؟ قال: أنا أبو الحكم بن المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان متباعدا من أبي جعفر عليه السلام فمد يده إليه حتى كاد يقعده في حجره بعد منعه يده. ثم قال اصلحك الله ان الناس قد أكثروا في أبي وقالوا والقول والله قولك قال: وأي شئ يقولون ؟ قال: يقولون كذاب، ولا تأمرني بشئ الا قبلته. فقال: سبحان الله أخبرني أبي والله ان مهر أمي كان مما بعث به المختار، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ؟ فرحمه الله. واخبرني والله أبي أنه كان ليسمر عند فاطمة بنت علي يمهدها الفراش، ويثنى لها الوسائد ومنها أصاب الحديث، رحم ألله أباك رحم الله أباك، ما ترك لنا حقا عند أحد الا طلبه، قتل قتلتنا، وطلب بدمائنا.
________________________________________
[ 341 ]
200 - جبرئيل بن أحمد، حدثني العنبري، قال: حدثني محمد بن عمرو، عن يونس بن يعقوب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كتب المختار بن أبي عبيد إلى علي بن الحسين عليهما السلام وبعث إليه بهدايا من العراق، فلما وقفوا على باب علي بن الحسين دخل الاذن يستاذن لهم، فخرج إليهم رسوله فقال أميطوا عن بابي فاني لااقبل هدايا الكذابين ولا أقرأ كتبهم. فمحوا العنوان وكتبوا المهدي محمد بن علي، فقال أبو جعفر: والله لقد كتب إليه بكتاب ما اعطاه فيه شيئا انما كتب إليه يابن خير من طشي ومشي، فقال ابو بصير، فقلت لابي جعفر عليه السلام اما المشي فانا أعرفه، فأي شئ الطشى ؟ فقال ابو جعفر عليه السلام الحياة. 201 - جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني العنبري، قال حدثني علي بن اسباط عن عبد الرحمن بن حماد، عن علي بن حزور، عن الاصبغ، قال رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين عليه السلام وهو يمسح رأسه ويقول: يا كيس يا كيس. 202 - ابراهيم بن محمد الختلي، قال: حدثني أحمد بن ادريس القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال، حدثني الحسن بن علي الكوفي، عن العباس ابن عامر، عن سيف بن عميرة، عن جارود بن المنذر، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت حتى بعث الينا المختار برؤس الذين قتلوا الحسين عليه السلام. 203 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني أبو الحسن علي بن ابي علي الخزاعي، قال حدثني خالد بن يزيد العمري المكي، قال الحسن بن زيد بن علي ابن الحسين، قال: حدثني عمرو بن علي بن الحسين، ان علي بن الحسين عليه السلام لما اتي برأس عبيدالله بن زياد ورأس عمربن سعد، قال: فخر ساجدا وقال الحمدالله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي، وجزى الله المختار خيرا. 204 - محمد بن مسعود، قال حدثني ابن أبي على الخزاعي، قال خالد بن
________________________________________
[ 342 ]
يزيد العمري، عن الحسين بن زيد، عن عمر بن علي، أن المختار أرسل إلى علي ابن الحسين عليه السلام بعشرين الف دينار، فقبلها وبنا بها دار عقيل بن أبي طالب ودارهم التي هدمت، قال: ثم أنه بعث إليه باربعين الف دينار بعد ما ظهر الكلام الذي أظهره، فردها ولم يقبلها. والمختار هو الذي دعا الناس إلى محمد بن علي بن أبي طالب ابن الحنفية وسمعوا الكيسانية وهم المختارية وكان لقبه كيسان، ولقب بكيسان لصاحب شرطه المكنى أبا عمرة وكان اسمه كيسان. وقيل، انه سمي كيسان بكيسان مولى على بن ابى طالب عليه السلام وهو الذى حمله على الطلب بدم الحسين عليه السلام ودله على قتلته وكان صاحب سره والغالب على امره. وكان لا يبلغه عن رجل من اعداء الحسين عليه السلام انه في درا أو في موضع الا قصده، فهدم الدار بأسرها وقتل كل من فيها من ذي روح، وكل دار بالكوفة خراب فهي مما هدمها، واهل الكوفة يضربون بها المثل، فإذا افتقر انسان قالوا دخل أبو عمرة بيته، حتى قال فيه الشاعر: ابليس بما فيه خير من أبي عمرة * يغويك ويطغيك ولا يطغيك كسرة شعيب مولى على بن الحسين (عليه السلام) 205 - حدثني أبو الحسن عمر بن علي التفليسى، قال: حدثني محمد بن سعيد ابن أخي سهل بن زياد الادمي، عمن ذكره، عن يونس بن عبد الرحمن عن داود الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شعيب مولى علي بن الحسين عليهما السلام وكان ما علمناه جبارا. عبد الله البرقى 206 - وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمي بخطه. حدثني
________________________________________
[ 343 ]
علي بن ابراهيم بن هاشم، عن الحسين بن عبد الله البرقي المعرف بالكسري عن أبيه، قال: سألت علي بن الحسين عليهما السلام عن النبيذ ؟ فقال: قد يشربه قوم، وحرمه قوم صالحون، فكان شهادة الذين منعوا بهشادتهم شهواتهم أولى بأن تقبل من الذين جروا بشهادتهم شهواتهم. عبد الله البرقي هذا عامي، الا أن هذا حديث حسن قريب الاسناد. الفرزدق 207 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثني أبو الفضل محمد بن أحمد بن مجاهد، قال: حدثنا العلاء بن محمد بن زكريا بالبصرة، قال: حدثنا عبيدالله بن محمد بن عائشة، قال حدثني أبي، ان هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك والوليد، فطاف بالبيت فاراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام، فنصب له منبر فجلس عليه وأطاف به أهل الشام. فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه ازار ورداء، من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف بالبيت فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له وأجلالا، فغاظ ذلك هشاما. فقاله رجل من اهل الشام لهشام، من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة وأفرجوا له عن الحجر ؟ فقال هشام: لا أعرفه، لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضرا: لكني أعرفه، فقال الشامي من هذا يا أبا فراس ؟ فقال: هذا الذي تعرف البطحاء طأته * والبيت تعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا علي رسول الله والده * أمست بنو ر هداه تهتدي الامم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ينمي إلى ذروة العز الذي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم
________________________________________
[ 344 ]
يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فلا يكلم الا حين يبتسم ينشق نو ر الهدى عن نور غرته * كالشمس تنجاب عن اشراقها الظلم بكفه خيزران ريحها عبق * من كف أروع في عرنينه شمم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم حمال أثقال أقوام إذا فدحوا * حلو الشمائل يحلوا عنده النعم هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضله قدما وشرفه * جرى بذاك له في لوحه القلم من جده دان فضل الانبياء له * وفضل أمته دانت له الامم عم البرية بالاحسان وأنقشعت * عنها العماية والاملاق والعدم كلتا يديه غياث عم نفعهما * تستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه خصلتان الخلق والكرم لا يخلف الوعد ميمون نقيبته * رحب الفناء أريب حين يعتزم من معشر حبهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم يستدفع السوء والبلوى بحبهم * ويسترب به الاحسان والنعم مقدم بعد ذكر الله ذكرهم * في كل يوم ومختوم به الكلم ان عد أهل التقى كانوا ائمتهم * أو قيل من خير أهل الارض قيل هم لا يستطع جوا د بعد غايتهم * ولا يدانيهم قوم وأن كرموا هم الغيوث إذا ما أزمه أزمت * والاسد أسد الشرى والناس محتدم يأبى لهم أن يحل الذم ساحتهم * خيم كريم وأيد بالندى هضم لا ينقص العسر بسطا من أكفهم * سيان ذلك ان اثروا وان عدموا أي الخلائق ليست في رقابهم * لاوليه هذا أوله نعم من يعرف الله يعرف أولية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الامم
________________________________________
[ 345 ]
قال: فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق، فحبس بسعفان بين مكة والمدينة فلبغ ذلك علي بن الحسين عليه السلام، فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، وقال: أعذرنا يا أبا فراس، فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به، فردها عليه وقال: يابن رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لارزي عليه شيئا، فردها عليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها فجعل الفرزدق يهجو هشاما وهو في الحبس فكان مما هجا به قوله. أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء باد عيوبها فبعث إليه فاخرجه. زرارة بن أعين 208 - محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثني أخواي محمد وأحمد ابنا الحسن، عن أبيهما الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير، عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا زرارة ان اسمك في أسامي أهل الجنة بغير ألف، قلت: نعم جعلت فداك اسمي عبد ربه ولكني لقبت بزرارة. 209 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن ابن أبي عمير: عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: اسمع والله بالحرف من جعفر بن محمد عليه السلام من الفتيا فازداد به ايمانا. 210 - حدثني جعفر بن محمد بن معروف، قال، حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن تغلب، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان أباك حدثني أن الزبير والمقداد وسلمان الفارسي حلقوا رؤسهم ليقاتلوا أبا بكر، فقال لي: لو لا زرارة لظننت أن أحاديث أبي عليه السلام ستذهب.
________________________________________
[ 346 ]
211 - حدثني حمدويه بن نصير قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب السراد، عن العلاء بن رزين، عن يونس بن عمار، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة قد روى عن أبي جعفر عليه السلام أنه لا يرث مع الام والاب والابن والبنت أحد من الناس شيئا الا زوج أو زوجة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فلا يجوز أن ترده. وأما في الكتاب في سورة النساء فان الله عزوجل يقول " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه أبواه فلامه الثلث فان كان له أخوة فلامه السدس " (1) يعني اخوة الاب وأم أخوة الاب، والكتاب يا يونس قد ورث هيهنا مع الابناء، فلا تورث البنات الا الثلثين. 212 - محمد بن مسعود، عن الخزاعي عن محمد بن زياد أبي عمير، عن علي بن عطية، عن زرارة، والله لو حدثت بكلما سمعته من أبي عبد الله عليه السلام لانتفحت ذكور الرجال على الخشب. 213 - حدثني ابراهيم بن العباس الختلي، قال: حدثني أحمد بن ادريس القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن أبي الصهبان أو غيره عن سليمان بن داود المنقري، عن ابن أبي عمير، قال: قلت لجميل بن دراج، ما أحسن محضرك وأزين مجلسك ؟ فقال: أي والله ماكنا حول زرارة بن أعين الا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم. 214 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، وعبد الله بن محمد بن عيسى أخوه، والهيثم بن أبي مسروق، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين بن محبوب، عن
________________________________________
1) سورة النساء: 11 (*)
________________________________________
[ 347 ]
العلاء بن رزين، عن يونس بن عمار، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة، وذكر مثل الحديث الذي رواه حمدويه بن نصير، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب 215 - حدثني حمدويه بن نصير، عن يعقوب بن يزيد، عن القاسم بن عروة، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أحب الناس الي أحياء وأمواتا أربعة: بريد بن معاوية العجلي، وزرارة، ومحمد بن مسلم، والاحول وهم أحب الناس الي أحياء وأمواتا. 216 - محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثنى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يوما ودخل عليه الفيض بن المختار، فذكر له آية من كتاب الله عز وجل تأولها أبو عبد الله عليه السلام فقال له الفيض: جعلني الله فداك ماهذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ قال: وأي الاختلاف يا فيض ؟ فقال له الفيض: اني لا جلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم، حتى أرجع إلى المفضل بن عمر، فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي، ويطمئن إليه قلبي. فقال أبو عبد الله عليه السلام: أجل هو كما ذكرت يا فيض، ان الناس أولعوا بالكذب علينا ان الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره واني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وانما يطلبون به الدنيا، وكل يحب أن يدعي رأسا، أنه ليس من عبد يرفع نفسه الا وضعه الله، وما من عبد وضع نفسه الا رفعه الله وشرفه. فإذا أردت بحديثنا فعليك بهذا الجالس وأومى بيده إلى رجل من أصحابه، فسألت أصحابنا عنه فقالوا: زرارة بن أعين. 217 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، ومحمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن ابراهيم بن عبد الحميد
________________________________________
[ 348 ]
وغيره، قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله زرارة بن أعين، لو لا زرارة بن أعين، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي عليه السلام. 218 - حدثني الحسين بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال: حدثنا علي بن سليمان بن داود الرازي، قال: حدثني محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال الله تعالى " والسابقون السابقون اولئك المقربون " (1). 219 - حدثني حمدويه: قال حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الاقطع، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ما أجد أحدا أحيى ذكرنا وأحاديث أبي عليه السلام الا زرارة وابو بصير ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولو لا هؤلاء ماكان أحد يستنبط هذا. هؤلاء حفاظ الدين وأمناء ابي عليه السلام على حلال الله وحرامه، وهم السابقون الينا في الدنيا والسابقون الينا في الاخرة. 220 - حدثني محمد بن قولويه والحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن عبد الله المسمعي، قال: حدثني علي بن حديد المدائني عن جميل بن دراج، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاستقبلني رجل خارج من عند أبي عبد الله عليه السلام من أهل الكوفة من اصحابنا. فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال لي. لقيت الرجل الخارج من عندي ؟ فقلت بلي هو رجل من أصحابنا من أهل الكوفة، فقال لا قدس الله روحه ولاقدس مثله انه ذكر أقواما كان أبي عليه السلام ائتمنهم على حلال الله وحرامه وكانوا عيبة علمه وكذلك اليوم هم عندي، هم مستودع سري أصحاب أبي عليه السلام حقا، إذا أراد الله
________________________________________
1) سورة الواقعة: 10 (*).
________________________________________
[ 349 ]
بأهل الارض سوءا صرف بهم عنهم السوء، هم نجوم شيعتي أحياء ا وأمواتا يحيون ذكر أبي عليه السلام بهم يكشف الله كل بدعة ينفون عن هذا الدين انتحال المبطلين وتأول الغالين، ثم بكي. فقلت: من هم ؟ فقال: من عليهم صلوات الله ورحمته احياءا وامواتا، بريد العجلي وزرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم، أما أنه يا جميل سيبين لك أمر هذا الرجل إلى قريب، قال جميل: فوالله ماكان الا قليلا حتى رأيت ذلك الرجل ينسب إلى أصحاب أبي الخطاب، قلت: الله يعلم حيث يجعل رسالاتة، قال جميل: وكنا نعرف أصحاب أبي الخطاب ببغض هؤلاء رحمة الله عليهم. 221 - حدثني حمدوية بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن زرارة. ومحمد بن قولويه والحسين بن الحسن، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنى هارون بن الحسن بن محبوب، عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين، عن عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام اقرأ مني على والدك السلام. وقل له: اني انما أعيبك دفاعا مني عنك فان الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه لادخال الاذي في من نحبه ونقربه، يرمونه لمحبتنا له وقربة ودنوه منا، ويرون ادخال الاذي عليه وقتله ويحمدون كل من عبناه نحن وأن نحمد أمره. فانما أعيبك لانك رجل اشتهرت بنا ولميلك الينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الاثر لمودتك لنا ولميلك الينا، فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك يقول الله جل وعز " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " (1).
________________________________________
1) سورة الكهف: 79 (*)
________________________________________
[ 350 ]
هذا التنزيل من عند الله صالحة، لا والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ولا تعطب على يديه، ولقد كانت صالحة ليس للعيب منها مساغ والحمد الله. فافهم المثل يرحمك الله، فانك والله أحب الناس الي، وأحب أصحاب أبي عليه السلام حيا وميتا، فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر، أن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها. فرحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا، ولقد أدي الي ابناك الحسن والحسين رسالتك، حاطمها الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين. فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي عليه السلام وأمرتك به، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه الا بأمر وسعنا ووسعكم الاخذ به. ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق، ولو أذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم به، فردوا الينا الامر وسلموا لنا واصبروا لاحكامنا وارضوابها، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه، وهو اعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها، فان شاء فرق بينها لتسلم، ثم يجمع بينها لتأمن من فسادها وخوف عدوها في آثار ما يأذن الله، ويأتيها بالامن من مأمنه والفرج من عنده. عليكم بالتسليم والرد الينا وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم، ولو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا، ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرايع الدين والاحكام والفرائض، كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وآله لانكم أهل البصائر فتكم ذلك اليوم - زرارة بن أعين قوله عليه السلام: لانكم (1) أهل البصائر لام التعليل الداخلة على أن باسمها وخبرها على ما في أكثر النسخ متعلقة
________________________________________
1) وفى المطبوع من الرجال: لانكر أهل البصائر فتكم ذلك اليوم الخ (*).
________________________________________
[ 351 ]
انكار شديدا. ثم لم تستقيموا على دين الله وطريقه، الا من تحت حد السيف فوق رقابكم، - باستيناف التعليم. و " فتكم " بفتح الفاء وتشديد التاء المثناة من فوق جملة فعلية على جواب لو. و " ذلك اليوم " منصوب على الظرف، و " انكار شديد " مرفوع على الفاعلية. والمعنى: شق عصاكم، وكسر قوة اعتقادكم، وبدد جمعكم، وفرق كلمتكم. قال في أساس البلاغة: فتات المسك وهو كسارته وسقاطته وكذلك فتات الخبز وفتات العهن، وهذا مما يفت كبدي، وفت عضدة إذا كسر قوته وفرق عنه أعوانه (1). وفي النهاية الاثيرية: يقال لكل من أحدث شيئا في أمرك دونك قد افتات عليك فيه، وفلان يفتات عليه في كذا (2). قلت: وذلك افتعال من الفوت لامن الفت. وفي القاموس: الفت الدق والكسر بالاصابع والشق في الصخرة، وفت في ساعده أضعفه، والفتات ما تفتت وأهل بيت فت مثلثة الفاء منتشرون (3). وفي بعض النسخ " انكارا شديدا " نصبا على التمييز، أو على نزع الخافض وذلك اليوم بالرفع على الفاعلية. وربما يوجد في النسخ: لانكر، بفتح اللام، للتأكيد، وأنكر على الفعل من الانكار، وأهل البصائر بالرفع على الفاعلية، وفيكم بحرف الجر المتعلقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفية، أو بمعنى منكم، وذلك اليوم بالنصب على الظرف، وانكارا شديدا منصوبا على المفعول المطلق، أو على التمييز فليعرف.
________________________________________
1) أساس البلاغة: 461. 2) نهاية ابن الاثير: 3 / 477. 3) القاموس: 1 / 153 (*).
________________________________________
[ 352 ]
ان الناس بعد نبي الله عليه السلام ركب الله به سنة من كان قبلكم، فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شئ عليه الناس اليوم الا وهو محرف عما نزل به الوحى من عند الله فاجب رحمك الله من حيث تدعى إلى حيث تدعى، حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا، وعليك بالصلاة الستة والاربعين، وعليك بالحج أن تهل بالافراد، وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة وطفت وسعيت، فسخت ما أهللت به. وقلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الاهلال بالحج مفردا إلى منى وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة، فكذلك حج رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا أمر أصحابه ان يفعلوا: ان يفسخوا ما أهلوا به ويقبلوا الحج عمرة، واما أقام رسول الله صلى الله عليه وآله على احرامه لسوق الذي ساق معه، فان السائق قارن والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله، ومحله المنحر بمنى، فإذا بلغ أحل، فهذا الذي أمرناك به حج المتمتع. فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة احدى وخمسين، والا هلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم ولا يخالف شئ من ذلك الحق ولا يضاده، والحمد الله رب العالمين. 222 - حدثني محمد بن قولويه، قال حدثنا سعد بن عبد الله القمي، عن محمد ابن عبد الله المسمعي، وأحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن الحسين ابن زرارة، قال: قلت لابي عبد الله عليهما السلام: ان أبي يقرأ عليك السلام ويقول لك جعلني الله فداك أنه لا يزال الرجل والرجلان يقدمان فيذكران أنك ذكرتني وقلت في فقال: اقرأ أباك السلام، وقل له أنا والله أحب لك الخير في الدنيا وأحب لك الخير في الاخرة، وأنا والله عنك راض فما تبالي ما قال الناس بعد هذا. 223 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، قال: دخل زرارة على أبي
________________________________________
[ 353 ]
عبد الله عليه السلام فقال يا زرارة متأهل أنت ؟ قال: لا، قال: وما يمنعك من ذلك ؟ قال: لاني لا أعلم تطيب مناكحة هؤلاء أم لا ؟ قال: فكيف تصبر وأنت شاب ؟ قال أشتري الاماء، قال: ومن أين طاب لك نكاح الاماء ؟ قال: لان الامة ان رابني من أمرها شئ بعتها، قال: لم أسالك عن هذا، ولكن سألتك من أبن طاب لك فرجها ؟ قال له: فتأمرني أن أتزوج ؟ قال له: ذاك اليك. قال: فقال له زرارة هذا الكلام ينصرف على ضربين: اما أن لا تبالي أن أعصي الله اذلم تأمرني بذلك، والوجه الاخر أن تكون مطلقا لي، قال: فقال عليك بالبلهاء قال فقلت: مثل التي تكون على رأي الحكم بن عيينة وسالم بن أبي حفصة ؟ - قوله (عليه السلام): عليك بالبلهاء في حديث الزبرقان بن عمرو (1) امية الضميري: خير أولادنا الابله العقول و خير النساء البلهاء وقال: ولقد لهوت بطفلة مياله بلهاء تطلعني على أسرارها. قال ابن الاثير في النهاية: يريد أنه لشدة حيائه كالابله وهو عقول، وقال في الحديث " ان أكثر أهل الجنة البله " جمع الابله، وهو الغافل عن الشر المطبوع على الخير، وقيل: هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس، لانهم أغفلوا من دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على اخرتهم، وشغلوا أنفسهم بها، فاستحقو ا أن يكونوا أكثر أهل الجنة، فاما الابله وهو الذي لاعقل له فغير مراد في الحديث (2). قوله رحمه الله: على رأى الحكم بن عيينة الحكم بن عيينة كان استاذ زرارة من قبل، فانقطع عنه واتصل بأبي جعفر عليه السلام كما ذكره أبو عمرو الكشي في الجزء الثالث من الكتاب.
________________________________________
1) وفي " م ": عمرو بن امية 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 155 (*)
________________________________________
[ 354 ]
قال: لا، التي لا تعرف ما أنتم عليه ولا تنصب، قد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله أبا العاص ابن الربيع وعثمان بن عفان، وتزوج عايشة وحفصة وغيرهما، فقال: لست أنا بمنزلة النبي عليهم السلام الذي كان يجري عليهم حكمه وما هو الا مؤمن أو كافر قال الله عزوجل " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " (1). فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فأين أصحاب الاعراف ؟ وأين المؤلفة قلوبهم ؟ وأين الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ؟ وأين الذين لم يدخلوها وهو يطمعون ؟ قال زرارة: أيدخل النار مؤمن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يدخلها الا أن يشاء الله قال زرارة: فيدخل الكافر الجنة ؟ فقال أبو عبد الله: لا، فقال زرارة: هل يخلو أن يكون مؤمنا أو كافرا ؟. فقال أبو عبد الله عليه السلام: قول الله أصدق من قولك يا زرارة، يقول الله أقول، يقول الله خ ج " لم يدخلوها وهم يطمعون " (2) لو كانوا مؤمنين لدخلوا الجنة، ولو كانوا كافرين لدخلوا النار، قال: فماذا ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: أرجهم حيث أرجاهم الله أما أنك لو بقيت لرجعت عن هذا الكلام ولحللت عقدك قال، وأصحاب زرارة يقولون لرجعت عن هذا الكلام وتحللت عنك عقد الايمان. قال أصحاب زرارة: فكل من أدرك زرارة بن أعين، فقد أدرك أبا عبد الله عليه السلام فانه مات بعد أبي عبد الله عليه السلام بشهرين أو اقل وتوفى أبو عبد الله عليه السلام وزرارة مريض مات في مرضه ذلك. - قوله (عليه السلام): خ ج رمز خ ج مسمى الخاء المعجمة أولا ومسمى الجيم أخيرا، اشارة إلى قول الله عزوجل " وآخرون مرجون لامر الله " (3).
________________________________________
1) سورة التغابن: 2 2) سورة الاعراف: 46 3) سورة التوبة: 106 (*)
________________________________________
[ 355 ]
224 - حدثني أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الوراق، قال: حدثني علي بن محمد بن يزيد القمي قال: حدثني بنان بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن أبي عمير، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال كيف تركت زرارة ؟ قال: تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس، قال: فأنت رسولي إليه فقل له فليصل في مواقيت اصحابه فاني قد حرقت، قال: فأبلغته ذلك فقال: أنا والله أعلم أنك لم يكذب عليه ولكني أمرني بشئ فأكره أن أدعه. 225 - حدثني محمد بن قولويه، قال حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن اسماعيل بن عيسي، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات، عن يحيى بن محمد بن عيسى أبي حبيب، قال: سألت الرضا عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله من صلاته ؟ فقال: ست وأربعون ركعة فرائضه ونوافله، فقلت: هذه رواية زرارة، فقال: أترى أن أحدا كان أصدع بحق من زرارة. 226 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسي، عن القاسم بن عروة عن ابن بكير، قال: دخل زرارة على أبي عبد الله عليه السلام قال: انكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين، ثم قلتم أبردوا بها في الصيف، فكيف الابراد بها ؟ وفتح ألواحه ليكتب ما يقول، فلم يجبه أبو عبد الله عليه السلام بشئ، فأطيق ألواحه فقال: انما علينا أن نسألكم وأنتم أعلم بما عليكم. وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال ان زرارة سألني عن شئ فلم أجبه وقد ضقت فاذهب أنت رسولي إليه، فقل صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان ضللك مثليك، وكان زرارة هكذا يصلي في الصيف، ولم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير. 227 - حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمر، عن ابن اذينه، عن زرارة، قال: كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام أنا وحمران، فقال له حمران:
________________________________________
[ 356 ]
ما تقول فيما يقول زرارة فقد خالفته فيه ؟ قال: فما هو ؟ يزعم أن مواقيت الصلاة مفوضة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الذي وضعها، قال: فما تقول أنت ؟ قال: قلت أن جبريل عليه السلام أتاه في اليوم الاول بالوقت الاول وفي اليوم الثاني بالوقت الاخير ثم قال جبريل: يا محمد ما بينهما وقت. فقال أبو عبد الله عليه السلام يا حمران ان زرارة يقول: انما جاء جبريل مشيرا على محمد عليه السلام، صدق زرارة، فجعل الله ذلك إلى محمد عليه السلام فوضعه وأشار جبريل عليه. 228 - حدثنا محمد بن مسعود، قال حدثنا جبريل بن أحمد الفاريابي، قال: حدثني العبيدي محمد بن عيسي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن مسكان، قال: سمعت زرارة يقول: رحم الله أبا جعفر واما جعفر فان في قلبي عليه لعنة ! فقلت له: - قوله رحمه الله: فان في قلبي عليه لعنة (1) بفتح اللام للتأكيد واهمال العين مفتوحة أو مضمومة وتشديد النون، أي أن في قلبي عليه لعنة، أي أن في قلبى لعارضا واعتراض عليه، عن للنفس وعرض للقلب وهجس في الصدر وخطر في الضمير معتنا معترضا. أو أن في قلبي شدة وملاجة وهيجانا في المعانة والاعتنان أي المعارضة والاعتراض. والعنن أي اللجاج والمحاجة والمؤاخذة عليه أو لعارضة وغايلة عليه فجأة لست أدري ما سببها، من قولهم: أعننت بعنة ما أدري ماهي، أي تعرضت لشئ ما أعرفه قال في مجمل اللغة: ولقيته عين عنة، أي فجاءة. والعنن شبه الحجاج. وفي بعض النسخ اعجام الغين المضمومة اما على الاستعارة من الغنة للمستور في حجاب القلب المكنون في كنان الضمير، أو بمعنى الغلظة. قال في المغرب: الغنه صوت من اللهاة والانف مثل نون منك وعنك، لانه لاحظ لافي اللسان، والخنة أسد منها، قال أبو زيد: الغن الذي يجري كلامه في
________________________________________
1) وفي المطبوع من الرجال: لفتة (*).
________________________________________
[ 357 ]
وما حمل زرارة على هذا ؟ قال: حمله على هذا ؟ قال: حمله على هذا لان أبا عبد الله عليه السلام أخرج مخازيه. 229 - حدثني حمدويه، وابراهيم ابنا نصير، قالا: حدثنا العبيدي، عن هشام ابن ابراهيم الختلي وهو المشرقي، قال قال لي أبو الحسن الخراساني عليه السلام كيف تقولون في الاستطاعة بعد يونس فذهب فيها مذهب زرارة، ومذهب زرارة هو الخطا ؟ فقلت: لا، ولكنه بأبي أنت وأمي ما يقول زرارة في الاستطاعة، وقول زرارة فيمن قدر ونحن منه براء وليس من دين آبائك، وقال الاخرون بالجبر ونحن منه براء وليس من دين آبائك. قال: فبأي شئ تقولون ؟ قلت بقول أبي عبد الله عليه السلام وسأل عن قول الله عزوجل - لهاته، والاخن الساد الخياشم، والغنمة أيضا ما يغتري الغلام عند بلوغه إذا غلظ صوته. وقال في مجمل اللغة: وآداغن ملتف فترى الريح تجري ولها غنة ويقال: بل ذلك لكثرة ذبانه. ثم ان السيد جمال الدين بن طاوس كأنه على ما يستذاق من كلامه ويستشم من سياقه، قد صحف النون بالياء المثناة من تحت بعد العين المهملة، من العي - بالكسر وهو الجهل وخلاف البيان، والغين المعجمة - بالفتح - وهو الجهل و خلاف الرشد كما في مجمل الغة وغيره. وذلك لانه قال في اختياره من كتاب الكشي في الجواب عن هذا الحديث والطعن فيه بهذه العبارة: وقد روى من طريق محمد بن عيسى عن يونس ان زرارة استقل علم الصادق عليه السلام. وما أبعد هذا من الحق وهل يشك مخالف أو مؤالف في جلالة علم مولانا الصادق عليه السلام ولقد أكثر محمد بن عيسى من القول في زرارة حتى لو كان بمقام عدالة كادت الظنون تسرع إليه بالتهمة، فكيف وهو مقدوح فيه انتهى كلامه. وقد أسمعناك من قبل أن محمد بن عيسى غير ساقط الدرجة عن مقام العدالة
________________________________________
[ 358 ]
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا (1) ما استطاعته ؟ قال، فقال أبو عبد الله عليه السلام صحته وماله فنحن بقول أبي عبد الله عليه السلام نأخذ قال: صدق أبو عبد الله عليه السلام هذا هو الحق. 230 - حدثني طاهر بن عيسى الوراق، قال حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب قال حدثني أبو الحسن صالح بن أبي حماد الرازي، عن ابن أبي نجران عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم قال أعاذنا الله واياك من ذلك الظلم قلت: ما هو ؟ قال: هو والله ما أحدث زرارة وأبو حنيفة وهذا الضرب قال: قلت: الزنا معه ؟ قال: الزنا ذئب. 231 - حدثني محمد بن نصير قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حفص مؤذن علي بن يقطين يكني أبا محمد، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ؟ قال: أعاذنا الله واياك يا أبا بصير من ذلك الظلم ذلك ما ذهب فيه زرارة وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه. 232 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن حمزة، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام بلغني أنك برئت من عمي يعني زرارة ؟ قال، فقال: انا لم أبرأ من زرارة لكنهم يجيؤن ويذكرون ويروون عنه، فلو سكت عنه الزمونيه، فأقول من قال هذا فأنا إلى الله منه برئ. 233 - محمد بن مسعود، قال: حدثني عبد الله بن محمدد بن خالد، قال: حدثني الوشاء عن ابن خداش، عن علي بن اسماعيل عن ربعي، عن الهيثم بن حفص العطار قال سمعت حمزة بن حمران، يقول حين قدم من اليمن: لقيت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له بلغني أنك لعنت عمي زرارة قال: فرفع يديه حتى صك بها صدره، ثم قال: لا والله ما قلت ولكنكم تأتون عنه بأشياء فأقول من قال هذا فأنا منه برئ. قال قلت فأحكي لك ما يقول ؟ قال نعم قال قلت: ان الله عزوجل لم يكلف العباد
________________________________________
1) سورة آل عمران: 97 (*)
________________________________________
[ 359 ]
الاما يطيقون، وأنهم لن يعملوا الا أن يشاء الله ويريد ويقضي، قال: هو والله الحق. ودخل علينا صاحب الزطى فقال له يا ميسر ألست على هذا ؟ قال: علي أي شئ أصلحك الله أو جعلت فداك ؟ قال: فأعاد هذا القول عليه كا قلت له، ثم قال: هذا والله ديني ودين آبائي. 234 - حدثني أبو جعفر محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بماجيلويه، عن زياد بن أبي الحلال، قال: قلت لابي عبد الله - قوله: حدثني أبو جعفر إلى قوله حدثني محمد بن أبي القاسم أبو عبد الله المعروف بما جيلويه طريق هذا الحديث صحيح بلا امتراء اتفاقا. ومن العحب كل العجب من السيد جمال الدين بن طاوس إذ قال: الذي يظهر أن الرواية غير متصلة، لان محمد بن أبي القاسم كان معاصرا لابي جعفر محمد ابن بابويه، ويبعد أن يكون زياد بن أبي ي الحلال عاش من زمن الصادق حتى لقيه محمد بن أبي القاسم معاصر أبي جعفر بن بابويه. وكيف خفى عليه أن المعاصر لابي جعفر بن بابويه محمد بن علي ما جيلويه لا محمد بن أبي القاسم، وكثيرا ما في الفقيه وفي سائر كتبه يقول في الاسانيد: حدثني محمد بن علي ما جيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم. ويظهر من النجاشي أن محمد بن أبي القاسم جد محمد بن علي ما جيلويه المعاصر لابي جعفر محمد بن بابويه، فانه ذكر في كتابه ان محمد بن أبي القاسم الملقب ما جيلويه صهر أحمد بن أبي عبد الله على ابنته وابنه محمد بن علي منها. ثم قال أخبرنا اي علي بن أحمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين يعني به أبي جعفر بن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي ما جيلويه قال: حدثنا أبي علي بن محمد عن أبيه محمد بن أبي القاسم (1) فتدبر.
________________________________________
1) رجال النجاشي: 273 (*)
________________________________________
[ 360 ]
عليه السلام ان زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئا فقبلنا منه وصدقناه، وقد أحببت أن أعرضه عليك، فقال: هاته، قلت: فزعم أنه سألك عن قول الله عزوجل " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " من ملك زادا وراحلة، فقال: كل من ملك زادا وراحلة، فهو مستطيع للحج وان لم يحج ؟ فقلت نعم. - قوله: روى عنك في الاستطاعة شيئا. القول المنسوب إلى زرارة وأصحابه، وقد قال مولانا الصادق عليه السلام أنه برئ منه، وأن ذلك ليس من دينه ودين آبائه صلوات الله عليهم، هو تفويض الفعل و اسناده إلى قدرة العبد وارادته على الاستقلال بالذات من غير استناد إلى الله وارادته تعالى سلطانه أصلا الا بالعرض، وفريق جم من العامة يسمون أصحاب هذا القول بالقدرية. ولعل من في اقليم العقل والبرهان يعلم أنه من الممتنع أن يتصحح للممكن الذاتي (1) تحقق بالفعل من دون الاستناد إلى الواجب الحق بالذات. وفي ازاء هذا القول قول الجبرية بالترى وأولئك هم القدرية على التحقيق واياهم عني النبي صلى الله عليه وآله " القدرية مجوس هذا الامة " كماقد أسلفنا بيانه، وهو اسناد أفعال العباد إلى الله سبحانه ابتداء ونفي مدخلية قدرة العبد وارادته في فعله مطلقا، وكان ذا العقل الصريح والذهن الصراح ليس يحتاج في ابطال ذلك إلى مؤنة تجشم. والطريق الوسط الذي هو القول الفصل والدين الحق والكلمة السواء أنه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين الامرين، فان المبادي المترتبة المنبعث عنها فعل العبد مبتدأة في جهة التصاعد من القدرة الحقة الوجوبية والارادة الحقيقية الربوبية، ومنتهية في جهة التنازل إلى قدرة العبد وارادته المنبعث عنهما فعله، والجميع في نظام الوجود مستند إلى الذات الاحدية الحقة التي هي في حد نفسها عين العلم المحيط
________________________________________
1) في " س ": الذاتية (*)
________________________________________
[ 361 ]
فقال: ليس هكذا سألني ولا هكذا قلت: كذب علي والله كذب علي والله لعن الله زرارة لعن الله زرارة، لعن الله زرارة انما قال لي من كان له زاد وراحلة فهو مستطيع للحج ؟ قلت: وقد وجب عليه الحج، قال: فمستطيع هو ؟ فقلت: لا حتى يؤذن له، قلت: فأخبر زرارة بذلك ؟ قال: نعم. قال زياد: فقدمت الكوفة فلقيت زرارة فأخبرته بما قال أبو عبد الله عليه السلام وسكت عن لعنة، فقال: اما أنه قد أعطاني الاستطاعة من حيث لا يعلم، وصاحبكم هذا ليس له بصر بكلام الرجال. - التام، والقدرة الحقيقية الواجبة، والارادة الحقة القدوسية. فهذا دين مولانا الصادق وآبائه الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين وهو دين الله الحق الذي ارتضاه لعباده المؤمنين فليثبت. قوله (ع): قلت: وجب عليه الحج مولانا الصادق عليه السلام حيث فسر الاستطاعة للحج بالصحة البدنية والسعة المالية انما رام بها الاستطاعة المترتبة عليها وجوب الحج واستقرار التكيف به في ذمة المكلف. فزرارة لم يفهم ذلك، فمن سوء فهمه حسب أنه عليه السلام أراد بها الاستطاعة المنبعث عنها فعل الحج وايقاعه. ولم يعلم أن تلك الاستطاعة انما هي ارادة العبد المستندة إلى ارادة الله تعالى ومشيته، كما يقول القرآن الحكيم " وما تشاؤن الا أن يشاء الله " (1) فالعبد مختار غير مجبور في فعله. ضرورة أن فعله منبعث عن ارادته واختياره، وان كانت المبادي والاسباب المترتبة الموجبة لارادته واختياره مستندة إلى أرادة الله تعالى واختياره، فلا يريد و لا يختار الا أن يؤذن له في قضاء الله سبحانه وقدره، والثواب والعقاب من لوازم
________________________________________
1) سورة الانسان: 30 (*)
________________________________________
[ 362 ]
235 - قال أبو عمر ومحمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي: وحدثني أبو الحسن محمد بن بحر الكرماني الدهني الترماشيري قال: وكان من الغلاة الحنقين قال: حدثني أبو العباس المحاربي الجزري، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، قال حدثنا فضاله بن أيوب، عن فضيل الرسان، قال: قيل لابي عبد الله عليه السلام ان زرارة يدعي أنه أخذ عليك الاستطاعة ؟ قال: لهم عقرا كيف أصنع بهم، وهذا المرادي بين يدى وقد أريته وهو أعمى بين السماء والارض فشك وأضمر أني ساحر، فقلت: - ماهيات الافعال ومترتبان عى استحقاق العبد لهما من جهة ارادته واختياره. وبسط القول هنالك على ذمة كتاب الايقاضات وعلى ذمة كتاب قبسان الحق المبين. قوله رحمه الله: الدهنى بضم الدال نسبة إلى بني دهن. قال في القاموس: بنودهن بالضم حي منهم معاوية بن عمار الدهني (1). قوله: من الغلاة الحنقيين بفتح الحاء المهملة وكسر النون قبل القاف، أي المتعصبين المعاندين المتغبظين على أهل الحق. قال في الصحاح: الحنق الغبظ، والجمع حناق كجبل وجبال وقد حنق عليه بالكسر أي اغتاظ فهو حنق (2). قوله (ع): لهم عقرا (3) يقال عقرا لفلان بفتح العين المهملة والتنوين وهو دعاء عليه بالقطع والهلاك والاستيصال.
________________________________________
1) القاموس: 4 / 224 2) الصحاج: 4 / 1465 3) وفى المطبوع من الرجال: عفرا (*).
________________________________________
[ 363 ]
اللهم لو لم تكن جهنم الااسكرجة لو سعها آل اعين بن سنسن، قيل: فحمران ؟ قال حمران ليس منهم. قال الكشي: محمد بن بحر هذا غال، وفضالة ليس من رجال يعقوب. وهذا الحديث مزاد فيه مغير عن وجهه. - قال في مجمل اللغة: وجدعا وعقرا لفلان، وللمرأة حلقي وعقري أي عقر الله جسدها وأصابها بداء في حلقها. وفي أساس البلاغة: ويقال في الدعاء: جدعا له وعقرا وعقري حلقي وأن بني فلان عقروا مراعي القوم إذا قطعوها وأفسدوها (1). وفي المغرب: ولا تعقرن شجرا مأي لاتقطعن وفي حديث صفيه عقري حلقي على فعلي، وقيل: الالف للوقف، وفيه دعاء بقطع الرجل والحلق أو بحلق الرأس وعن أبي عبيد عقر جسدها وأصيبت بداء في حلقها. قوله: الا أسكرجة في النهاية الاثيرية في الحديث " لا أكل في سكرجة " هي بضم السين والكاف والراء والتشديد - اناء صغير يؤكل فيه الشئ القليل من الادم، وهي فارسية معربة وأكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها (2). وربما يقال: الاسكرجة اناء صغير لا يسع من الماء أكثر من خمسة مثاقيل. قوله رحمه الله: مزاد فيه بضم الميم على البناء للمجهول كما في مغير عن وجهه، فان الزوادة بالواو كالزيادة بالياء سيان في المعني، فصح في البناء للمفعول المزاد فيه والمزيد فيه بمعني واحد.
________________________________________
1) أساس البلاغة: 430 2) نهاية ابن الاثير: 2 / 384 (*).
________________________________________
[ 364 ]
236 - حدثنا محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثني يونس بن عبد الرحمن، عن عمر بن أبان عن عبد الرحيم القصير، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ايت زرارة وبريدا فقل لهما ما هذه البدعة التي ابتدعتماها ؟ اما علمتما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: كل بدعة ضلالة. قلت له: اني أخاف منهما فأرسل معي ليثا المرادي فأتينا زرارة فقلنا له ما قال أبو عبد الله عليه السلام، فقال: والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر، فاما بريد فقال: لا والله لا أرجع عنها أبدا. 237 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن مسمع كردين أبي سيار، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله بريدا ولعن الله زرارة. 238 - حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن يونس، عن اسماعيل بن عبد الخالق، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر عنده بنو أعين: فقال والله ما يريد بنو أعين الا ان يكونوا علي غلب. 239 - محمد بن مسعود، قال حدثني جبرئيل بن أحمد، عن العبيدي، عن يونس، عن هارون بن خارجة، قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزو جل وذلك لان اليائي يتعدي ولا يتعدي يقال: زاد مال فلان زيادة، أي ازداد، أو زاد هو في علمه أو ماله أي ازداد فيه، وزاده الله خيرا أو علما على خلاف الامر في الواوي، فلا يقال: الا أزاده اياه زوادة. والمزادة بالفتح والمزادة بالضم كلاهما في الاصل أسم المكان، الاول من الزيادة والثانى على هيئة اسم المفعول من باب الافعال من الزوادة والجمع المزاود وصاحب القاموس نسب الجوهري هناك إلى الوهم وهو وهم (1).
________________________________________
1) هذه الزيادة في " م " فقط بخط السيد الداماد (ره) (*).
________________________________________
[ 365 ]
" الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم " قال: هو ما استوجبه أبو حنيفة وزرارة. 240 - وبهذا الاسناد: عن يونس، عن خطاب بن مسلمة، عن ليث المرادي قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: لا يموت زرارة الا تائها. 241 - وبهذا الاسناد: عن يونس، عن ابراهيم المؤمن، عن عمران الزعفراني قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لابي بصير: يا أبا بصير وكنى أثنى عشر رجلا ما أحدث أحد في الاسلام ما أحدث زرارة من البدع، لعنه الله، هذا قول ابي عبد الله. 242 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن عمار ابن المبارك، قال: حدثني الحسن بن كليب الاسدي، عن أبيه كليب الصيداوي، أنهم كانوا جلوسا، ومعهم عذافر الصيرفي، وعدة من أصحابهم معهم أبو عبد الله عليه السلام قال، فابتدأ أبو عبد الله عليه السلام من غير ذكر لزرارة، فقال لعن الله زرارة لعن الله زرارة لعن الله زرارة ثلاث مرات. 243 - محمد بن مسعود، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن حريز قال: خرجت - قوله: عن خطاب بن مسلمة خطاب ابن مسلمة - بفتح الميم واسكان السين - الكوفي من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ثقة، يروي كتابه عدة من أجلة أصحابنا منهم أبي عمير قاله النجاشي (1) وغيره. قوله: عن عمران الزعفراني عمران بن اسحاق الزعفراني الكوفي من أصحاب الصادق عليه السلام ذكره الشيخ في كتاب الرجال (2). قوله: كنى بفتح الكاف وتشديد النون من التكنية، أي خاطب اثنى عشر رجلا بالكنية
________________________________________
1) رجال النجاشي: 118 2) رجال الشيخ: 257 (*)
________________________________________
[ 366 ]
إلى فارس، وخرج معنا محمد الحلبي إلى مكة، فاتفق قدومنا جميعا إلى حزين، فسألت الحلبي فقلت له أطرفنا بشئ، قال: نعم جئتك بما تكره، قلت لابي عبد الله عليه السلام ما تقول في الاستطاعة ؟ فقال: ليس من ديني ولادين آبائي. فقلت: الان ثلج عن صدري، والله لا أعود لهم مريضا، ولا أشيع لهم جنازة ولا أعطيهم شيئا من زكاة مالي، قال: فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا وقال لي كيف قلت ؟ فأعدت عليه الكلام فقال أبو عبد الله عليه السلام: كان أبي عليه السلام يقول أولئك قوم حرم الله وجوههم على النار، فقلت: جعلت فداك فكيف قلت لي ليس من ديني ولا دين آبائي ؟ قال: انما اعني بذلك قول زرارة وأشباهه. 244 - حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبرئيل بن أحمد، قال: حدثني موسى بن جعفر بن وهب، عن علي بن القصير، عن بعض رجاله، قال: استأذن زرارة - أو كنى اثنى عشر رجلا بأبي بصير وناداهم بتلك الكنية. قوله: فاتفق قدومنا جميعا إلى حزين (1) بفتح الحاء المهملة وكسر الزاي كفعيل ماء بنجد. وحزن بضم الحاء وفتح الزاي كصرد الجبال الغلاظ الواحد حزنة بالضم قاله في القاموس (2) وغيره. قوله: عن علي بن القصير في أكثر نسخ هذا الكتاب علي بن القصير، وهواما ابن عبد الرحمن القصير أو ابن عبد الرحيم القصير. والشيخ في كتاب الرجال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: علي القصير (3). باسقاط ابن وهذا أظهر.
________________________________________
1) وفي المطبوع من الرجال بجامعة مشهد: حين، والمصحح للمطبوع وقع هنا في تحير عجيب. 2) القاموس: 4 / 213 3) رجال الشيخ: 268 (*)
________________________________________
[ 367 ]
ابن أعين وأبو الجارود علي أبي عبد الله عليه السلام قال: يا غلام ادخلهما فانهما عجلا المحيا وعجلا الممات. 245 - حدثني محمد بن مسعود، قال جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أشيم، قال حدثني رجل، عن عمار الساباطي، قال: نزلت منزلا في طريق مكة ليلة فإذا أنا برجل قائم يصلي صلاة ما رأيت أحد صلى مثلها ودعا بدعا ما رأيت أحدا دعا بمثله. فلما أصبحت نظرت إليه فلم أعرفه، فبينا أنا عند ابي عبد الله عليه السلام جالسا إذ دخل الرجل فلما نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى الرجل، قال: ما أقبح بالرجل ان يتمنه رجل من اخوانه على حرمة من حرمته فيخونه فيها. قوله (عليه السلام): عجلا المحيا وعجلا الممات بكسر العين المهملة واسكان الجيم تثنية العجل عجل السامري، يعني عليه السلام ان الناس يتذللون ويختضعون لهما، ويعتدون بهما ويسيرون على طريقهما، ويأخذون بقولهما في محياهما وفي مماتهما، كما بنو اسرائيل تعبدت وتذللت واختضعت للعجل فهما عجلا شيعتنا في المحيا والممات. وكيف يسعك أن لا تأذن لهما بالدخول ؟ ادخلهما، وهذا صريح في أنه عليه السلام كان مغتاظا عليهما في دين الله. ولكن طريق هذا الخبر علي القصير عن بعض رجاله، وهو غير معلوم. وأيضا انما أنكر عليه السلام عليهما في خصوص مسألة القضاء والقدر بقولهما بالاستطاعة، كماقد تضمنه خبر الحلبي وغيره من الاخبار، فليعلم. قوله (عليه السلام) أن (1) يتمنه بتشديد التاء المثناة من فوق بعد ياء المضارعة افتعالا من الامانة بقلب الهمزة تاءا وادغام مالتاء في التاء كما في تتخذه مثلا.
________________________________________
1) وفي المطبوع من الرجال: يأتمنه (*).
________________________________________
[ 368 ]
قال: فولى الرجل، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمار أتعرف هذا الرجل ؟ قلت: لا والله الا أني نزلت ذات ليلة في بعض المنازل، فرأيته يصلي صلاة ما رأيت احدا صلى مثلها، ودعا بدعاء ما رأيت أحدا دعا بمثله، فقال لى هذا زرارة بن أعين، هذا والله من الذين وصفهم الله عزوجل في كتابه فقال: وقد منا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا. 246 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن ابي عمير عن ابن اذينه، عن عبد الله الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وسأله انسان قال: اني كنت أنيل التيمية من زكاة مالى حتى سمعتك تقول فيهم، أفأعطيهم أم أكف ؟ قال: لابل اعطهم فان الله حرم أهل هذا الامر على النار. 247 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن حمران، عن الوليد بن صبيح، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاسقبلني زرارة خارجا من عنده، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام يا وليد أما تعجب من زرارة يسألني عن اعمال هؤلاء، أي شئ كان يريد ؟ أيريد أن أقول له لا، فيروي ذلك عني ؟ ثم قال: ياوليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم، انما كانت الشيعة - قوله: أنيل التيمية في أكثر النسخ " التيمية " وهم بني ضبة نسبة إلى تيم بن ضبه، لامن بني تيم بن مرة رهط أبي بكر فليعلم. قوله: حدثني حمدويه قال حدثني محمد بن عيسى الطريق صحيح على ما هو الاصح في محمد بن عيسى العبيدي. قوله (عليه السلام): ياوليد متى كانت الشيعة تسأل يعني عليه السلام أن الشيعة قاطبة يعلمون بتة أن الامامة والخلافة منصب العترة الطاهرة وحق الذرية الطيبة عليهما السلام، وأن بني أمية وبني العباس وعمالهم المقلدين لا عمالهم كالولاة والقضاة من قبلهم، ظلمة وجورة غصبة لمسند من له الحكم و
________________________________________
[ 369 ]
تقول: من أكل من طعامهم وشرب من شرابهم، واستظل بظلهم، متى كانت الشيعة تسأل عن مثل هذا. 248 - حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني الحسن بن علي علي الوشاء، عن أبي خداش، عن علي بن اسماعيل عن أبي خالد. وحدثني محمد بن مسعود قال: حدثني علي بن محمد القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى، عن ابن الريان عن الحسن بن راشد، عن علي بن اسماعيل عن أبي خالد، عن زرارة قال: قال لى زيد بن علي عليه السلام وأنا عند أبي عبد الله عليه السلام ما تقول يافتى في رجل من آل محمد استنصرك ؟ فقلت ان كان مفروض الطاعة نصرته، وان كان غير مفروض الطاعة فلي أن أفعل ولي أن لا أفعل، فلما خرج قال أبو عبد الله عليه السلام: أخذته والله من بين يديه ومن خلفه وما تركت له مخرجا. 249 - وروى عن زرارة بن أعين: قال جئت إلى حلقة بالمدينة فيها عبد الله ابن محمد وربيعة الرأي، فقال عبد الله: يا زرارة سل ربيعة عن شئ مما اختلفتم ؟ فقلت: ان الكلام يورث الضغائن، فقال لي ربيعة الرأي: سل يا زرارة. - الولاية بالحق، فاحاد الشيعة لا يسألون عن ذلك أحدا، لكونه من المعلوم المستبين عندهم، فضلا عن زرارة ونظائره. انما الذي يتجه السؤل عنه عند الشيعة هو قبول جوائز هؤلاء الظلمة الجورة وعطاياهم والاكل من طعامهم والشراب من شرابهم والاستظلال بظلهم. فسؤال زرارة اياي عن عمالهم وأعمالهم تفوح منه رائحة أنه يريد أن يسمعني أقول في الجواب أنهم ظلمة جورة غصبة لمنصب الولاية ومسند الحكم، فيروي ذلك عني فيبلغهم أني أقول منهم كذا وكذا فليعرف. قوله: ربيعة الرأي أبو عبد الرحمن ربيعة بن عبد الرحمن المدني الفقيه، يقال له ربيعة الرأي.
________________________________________
[ 370 ]
قال قلت: بم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضرب في الخمر ؟ قال بالجريد والنعل، فقلت لو أن رجلا أخذ اليوم شارب خمروقدم إلى الحاكم ماكان عليه ؟ قال: يضربه بالسوط لان عمر ضرب بالسوط، قال: فقال عبد الله بن محمد: يا سبحان الله يضرب رسول الله صلى الله عليه وآله بالجريد ويضرب عمر بالسوط، فيترك ما فعل رسو ل الله صلى الله عليه وآله ويأخذ ما فعل عمر. 250 - حدثني حمدويه قال: حدثني أيوب، عن حنان بن سدير قال: كتب معي رجل أن أسأل أبا عبد الله عليه السلام عما قالت اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا: هو مما شاء أن يقولوا ؟ قال: قال لي ان ذامن مسائل آل أعين ليس من دينى ولادين آبائي، قال، قلت ما معي مسألة غير هذه. - قال الذهبي في ميزان الاعتدال وقد اجتج به أصحاب الكتب كلها وقد قال سوربن عبد الله القاضي: ما رأيت أحدا أعلم من ربيعة الرأي قيل له ولا الحسن ولا ابن سيرين وقال: ولا الحسن ولا ابن سيرين. وأما ربيعة بن محمد أبو قضاعة الطائي فقد قال في ميزان الاعتدال: انه الذي روى عن ذي النون، عن ملك بن غسان، عن ثابت، عن أنس انقض كوكب وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: انظروا فمن انقض في داره فهو الخليفة بعدي، فنظر نا فإذا هو في منزل علي بن ابي طالب عليه السلام فقال جماعة، قد غوى محمد في حب علي فنزلت " والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وماغوى " (1). وربيعة بن ناجذ في ميزان الاعتدال: أنه روي علي أخي ووارثي، ورواه عنه أبو صادق. قوله: مما شاء أن يقولوا في حيز الانكار يعني ما قالت اليهود والنصاري والمجوس والذين أشركوا كيف يسوغ أن يكون مما شاء الله أن يقولوا، ولو لم يكن القول بالاستطاعة هو
________________________________________
1) وقد رواه المغازلى في المناقب: 310 والبحار: 35 / 283 والعمدة: 38 والطرائف: 22. (*)
________________________________________
[ 371 ]
251 - حدثني محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن رشيد، قال: حدثني الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه أحمد بن علي، عن أبيه على بن يقطين، قال، لما كانت وفاة أبي عبد الله عليه السلام قال الناس بعبدالله بن جعفر. واختلفوا: فقائل قال له، وقائل قال بأبي الحسن عليه السلام فدعا زرارة ابنه عبيدا فقال: يا بني الناس مختلفون في هذا الامر: فمن قائل بعبدالله فانما ذهب إلى الخبر الذي جاء ان الامامة في الكبير من ولد الامام، فشد راحلتك وامض إلى المدينة حتى تأتيني بصحة الامر، فشد راحلته ومضى إلى المدينة. واعتل زرارة فلما حضرته الوفاة سأل عن عبيد، فقيل انه لم يقدم، فدعا بالمصحف فقال: اللهم انى مصدق بما جاء نبيك محمد فيما أنزلته عليه وبينته لنا على لسانه، وأني مصدق بما انزلته عليه في هذا الجامع، وان عقيدتي وديني الذي يأتيني به عبيد ابني وما بينته في كتابك، فان أمتني قبل هذا فهذه شهادتي على نفسي واقراري بما يأتي به عبيد ابني وانت الشهيد علي بذلك. فمات زرارة، وقدم عبيد، فقصدناه لنسلم عليه، فسألوه عن الامر الذي قصده فأخبرهم ان أبا الحسن عليه السلام صاحبهم. 252 - حدثني حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد قال: حدثني على - الحق للزم ذلك، فقال مولانا الصادق عليه السلام ان ذامن مسائل آل أعين من ديني ودين آبائي. والتحقيق أنه يلزم من ابطال القول بالاستطاعة دخول ذلك وامثاله من الشرور في قضاء الله سبحان بالعرض، وأن متعلق ارادة الله تعالى ومشيته بأمثال ذلك بالعرض من حيث هي لوازم الخيرات الكثيرة في نظام الوجود لا بالذات من جهة ماهي شرور. وتمام القول هنالك في كتاب القبسات وفي كتاب الايقاضات فليتعرف.
________________________________________
[ 372 ]
ابن حديد، عن جميل بن دراج، قال ما رأيت رجلا مثل زرارة بن أعين، انا كنا نختلف إليه فما نكون حوله الا بمنزلة الصبيان في الكتاب حول المعلم، فلما مضى أبو عبد الله عليه السلام وجلس عبد الله مجلسه: بعث زرارة عبيدا ابنه زائرا عنه ليعرف الخبر ويأتيه بصحته، ومرض زرارة مرضا شديدا قبل ان يوافيه عبيد. فلما حضرته الوفاة دعا بالمصحف فوضعه على صدره ثم قبله، قال جميل: فحكى جماعة ممن حضره أنه قال: اللهم اني ألقاك يوم القيامة وامامي من ثبت في هذا المصحف امامته، اللهم اني أحل حلاله وأحرم حرامه واومن بمحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وخاصه وعامه، على ذلك احيى وعليه اموت ان شاء الله. 253 - محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن الحسن بن علي ابن موسى بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن أبي يحيى الضرير، عن درست ابن أبي منصور الواسطي، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول ان زرارة شك في امامتي فاستوهبته من ربي تعالى. 254 - حدثني بن قولويه، قال: حدثني سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الله المسمعى، عن علي بن أسباط، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أبيه قال: بعث زرارة عبيدا ابنه يسئل عن خبر أبي الحسن عليه السلام فجائه الموت قبل رجوع عبيد إليه فأخذ المصحف فأعلاه فوق رأسه. وقال: ان الامام بعد جعفر بن محمد من اسمه بين الدفتين في جملة القرآن منصوص عليه من الذين أوجب الله طاعتهم على خلقه، أنا مؤمن به قال: فأخبر بذلك أبو السحن الاول عليه السلام فقال: والله كان زرارة مهاجرا إلى الله تعالى. 255 - حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج وغيره، قال: وجه زرارة عبيدا ابنه إلى المدينة يستخبر له خبر أبي الحسن عليه السلام وعبد الله بن أبي عبد الله، فمات قبل أن يرجع إليه عبيد.
________________________________________
[ 373 ]
قال محمد بن أبي عمير، حدثني محمد بن حكيم، قال: قلت لابي الحسن الاول عليه السلام وذكرت له زرارة وتوجيهه ابنه عبيدا الي المدينة، فقال أبو الحسن: اني لارجو ا أن يكون زرارة ممن قال الله تعالى " ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ". 256 - حدثني محمد بن مسعود، قال: أخبرنا جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابراهيم المؤمن، عن نصير بن شعيب عن عمة زرارة، قالت: لما وقع زرارة واشتد به: قال: ناوليني المصحف فناولته وفتحته فوضعه على صدره، وأخذه مني ثم قال: يا عمة أشهدي أن ليس لي امام غير هذا الكتاب. 257 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني العبيدي عن يونس، عن ابن مسكان، قال تدارأنا عند زرارة في شئ من أمور الحلال والحرام، فقال قولا برأيه، فقلت أبرأيك هذا أم براية ؟ فقال: اني اعرف، أو ليس رب رأي خير من أثر. - قوله: حدثني محمد بن مسعود قال حدثني جبريل بن أحمد هذا الحديث صحيح السند على التحقيق. قوله: تدارأنا عند زرارة تدارأنا بالهمزة تفاعلا من الدراء، وهو الدفع أي تناظرنا وتدافعنا فدفع كل منا كلام الاخر، أو تدارينا بالياء من الدراية بمعنى العلم والمعرفة. وفي نسخة " تذاكرنا " من الذكر والمذكرة والاصح الاول. قوله: اني أعرف. أعرف على صيغة أفعل التفضيل، أي أني أعلم بما قلت ما علي ولا عليك من ذلك من شئ، سواء على أكان برأي ام برواية. وقوله " أو ليس رب رأى من أثر " حق لامعدى عنه، وذلك لانه ربما كان
________________________________________
[ 374 ]
258 - حدثني أبو صالح خلف بن حماد بن الضحاك، قال: حدثني أبو سعيد الادمي، قال: حدثني ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال قال لي زرارة بن أعين: لا ترى على اعوادها غير جعفر، قال: فلما توفي أبو عبد الله عليه السلام أتيته فقلت له أتذكر الحديث الذي حدثتني به ؟ وذكرته له، وكنت أخاف ان يجحدنيه، فقال: اني والله ماكنت قلت ذلك الابرأيي. 259 - حمدويه بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن الوشاء، عن هشام بن سالم، عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن جوائز العمال ؟ فقال: لا بأس به، قال ثم قال: انما اراد زرارة أن يبلغ هشاما اني أحرم أعمال السلطان. - راى نتيجة برهان عقلي يقيني والاثر ظني، فاليقين خير من الظن. وربما كان اثر بصريح منطوقه مدافعا للاصول العقلية والقوانين اليقينية، وان كان سليم الاسناد صحيح الطريق فيجب تأويله، وان لم يكن محتملا للتأويل وجب طرحه فليعلم. قوله لا يري على أعوادها غير جعفر لا يرى اما بضم ياء المضارعة على البناء للمجهول، أو بفتح التاء للخطاب على صيغة المعلوم، أو بالنون للمتكلم مع الغير. " على أعوادها " جمع عود أي على عيدان سرير الامامة والولاية ومنبر الوصاية والخلافة غير جعفر عليه السلام. يعني أنه عليه السلام هو المهدي القائم الموعود لخاتم الائمة، فلما توفي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام اتيت زرارة فقلت له: أتذكر الحديث الذي حدثني به ابي أنه لا يرى على اعواد سرير الامامة والوصاية غير جعفر بن محمد عليهما السلام وذكرت الحديث له وكنت أخاف ان يجحد نيه فلم يجحده ولا اسنده إلى الرواية عن احد. بل قال: اني والله ماكنت قلت ذلك الا برأي مني، لا برواية عن جعفر بن محمد ولا عن احد غيره، فتبين اني كنت مخطئا في رأي، وهذا يدل على جلالة قدر زرارة في الثقة والديانة جدا.
________________________________________
[ 375 ]
260 - محمد بن مسعود، قال حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن محمد بن حمران، قال: حدثني زرارة قال، قال لي أبو جعفر عليه السلام حدث عن بني اسرائيل ولا حرج قال: قلت جعلت فداك والله ان في احاديث الشيعة ما هو اعجب من احاديثهم قال: وأي شي هويا زرارة ؟ قال: فاختلس من قلبي فمكثت ساعة لا أذكر ما أريد قال لعلك تريد الهفتية قلت نعم قال فصدق بها فانها حق. قوله: الهفتية (1) بالهاء المفتوحة ثم الفاء ثم التاء المثناة من فوق ثم ياء النسبة المشددة أي ملمة تتهافت منها القلوب فتتساقط العقائد ويهتاج منها تهاوش الوساوس في الصدور وتثاور الشكوك في الاعتقادات. وفي بعض النسخ " الهفية " بكسر الفاء واسكان الياء المثناة من تحت قبل التاء المثناة من فوق على الفعيلة بمعنى الفاعلة. قال في مجمل اللغة: التهافت تساقط الشئ شيئا شيئا، وتهافت الفراش في النار تساقط، وكل شئ انخفض واتضع فقد هفت وانهفت، ووردت هفيتة من الناس اقحمتها السنة اي ساقطة. وفي الصحاح: هفت الشئ هفتا وهفاتا، اي تطاير لخفته، وكل شئ انخفض واتضع فقد هفت وانهفت، والتهافة التساقط التساقط قطعة قطعة ويقال، وردت هفيته من الناس للذين اقحمتهم السنة (2). وفي القاموس: المفهوت المتحير (3). والهفتية أو الهفتية في هذا الحديث هي غيبة القائم المنتظر عليه السلام غيبة طويلة
________________________________________
1) وفي المطبوع من الرجال: الغيبة 2) الصحاح: 1 / 270 3) القاموس: 1 / 160 (*)
________________________________________
[ 376 ]
261 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد: قال حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، قال سمعت زرارة يقول: اني كنت أرى جعفر اعلم مما هو، وذاك أنه يزعم أنه سأل ابا عبد الله عليه السلام عن رجل من أصحابنا مختفى من غرامه، فقال اصلحك الله ان رجلا من اصحابنا كان مختفيا من غرامه فان كان هذا الامر قريبا صبر حتى يخرج مع القائم، وان كان فيه تأخير صالح غرامه ؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يكون فقال زرارة، يكون إلى سنة ؟ فقال أبا عبد الله عليه السلام: يكون انشاء الله، فقال زرارة: فيكون إلى سنتين ؟ فقال أبو عبد الله: يكون انشاء الله، - وحيرة تتوحر منها الصدور في الاستيقان وتنزلق منها الاقدام عن الاستقامة، وتتحير في تماديها الاحلام والبصائر، كماقد ورد في اخبار كثيرة جمة اوردن طائفة منها في كتاب شرعة التسمية. قوله: فقال زرارة تكون إلى سنتين قلت: غفر الله لزرارة وثقف بصيرته وانعم باله ما أسوء فهمه الاسرار واسخف تدربه في معرفة الاساليب، أليس حيث سأله عليه السلام عن خروج القائم قال عليه السلام في الجواب، يكون: ولم يقرنه بالاستثناء ايذانا بأن ذلك أمر كائن واقع بتة، لا يعتربه ريب ولا يتطرق إليه امتراء أصلا. ثم إذ سأل عن التأجيل إلى سنة اجاب عليه السلام بقوله يكون انشاء الله، يعني ان الامر في ذلك إلى علم الله تعالى ومشيته. ثم ازداد في الاجل وقال: إلى سنتين، أعاد عليه الجواب بقوله يكون ان شاء الله تنبيها على ان ذلك امر موكول إلى علم الله ومفوض إلى مشيته. وهو سر من اسرار الله لا يعلم وقته الا الله سبحانه، فكل من وقت وجعل لذلك أمدا مضروبا ووقتا معلوما وأجلا معينا، فقد أخطأ وكذب على الله وعلى الرسول والائمة عليه وعليهم السلام. وقد ورد في أحاديثهم عليه السلام " كذب الوقاتون ". ولست اشعر كيف لم يوطن نفسه إلى ان يكون إلى سنة، ثم تجشم توطين النفس
________________________________________
[ 377 ]
فخرج زرارة فوطن نفسه على أن يكون إلى سنتين فلم يكون فقال ماكنت أرى جعفر الا أعلم مما هو. 262 - محمد بن مسعود، قال: كتب الينا الفضل، يذكر عن ابن ابي عمير عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن عيسى بن ابي منصور وابي اسامة الشحام و يعقوب الاحمر، قالوا: كنا جلوسا عند ابي عبد الله عليه السلام فدخل عليه زرارة فقال ان الحكم بن عيينة حدث عن ابيك أنه قال صل المغرب دون المزدلفة، فقال له أبو عبد الله عليه السلام انا تأملته ما قال ابى هذا قط كذب الحكم على ابي، قال: فخرج زرارة وهو يقول: ما ارى الحكم كذب على أبيه. على سنتين مع أنه عليه السلام لم يزد في الجواب أولا واخيرا على قوله يكون انشاء الله شيئا وليعرف. قوله: ماكنت أرى جعفرا على صيغة المجهول بمعنى أظن، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله: البرترون بهن. على البناء للمجهول، أي تظنون بهن البر والخير. قول: الا أعلم مما هو أي مما هو عليه في العلم، وقد استبان لك ان هذا الكلام من زرارة انما نشأ من سوء فهمه لكلام الامام عليه السلام. قوله (ع): أنا تأملته سيرد هذا الحديث في ترجمته حكم بن عيينة، وفيه بأيمان ثلاثة، وهو الصحيح، يعني قال أبو عبد الله عليه السلام: والله والله والله ما قال ابي هذا قط. فاما في هذا الموضع ففي اكثر النسخ " انا تأملته " من تأملت الشئ إذا نظرت إليه مستبينا له ثم ان هناك ختم الحديث على قوله عليه السلام كذب الحكم على أبي، ولم يذكر
________________________________________
[ 378 ]
236 - محمد بن يزداد، قال: حدثني محمد بن علي الحداد، عن مسعدة بن صدقة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان قوم يعارون الايمان عارية ثم يسلبونه يقال لهم يوم القيامة المعارون، أما أن زرارة بن أعين منهم. 264 - حمدان بن أحمد: قال حدثنا: معاوية بن حكيم، عن أبي داود - ما بعد ذلك، وهو قال وخرج زرارة وهو يقول: ما أري الحكم كذب على أبيه. لكن الاسناد هناك إلى ابراهيم بن عبد الحميد حمدويه وابراهيم ابنا نصير قالا: حدثنا الحسن بن موسى الخشاب الكوفي عن جعفر بن محمد بن حكيم عن ابراهيم بن عبد الحميد، فالرواية ليست بمضطربة المتن، بل روايتان باسنادين مختلفين. ولعل مرام زرارة ما أظن الحكم كذب علي أبيه عليه السلام، بل انما التبس على الحكم ماقاله أبو جعفر عليه السلام وانما دعا زرارة إلى هذا القول ان الحكم بن عيينة كان استاذ زرارة من قبل انقطاعه إلى أبي جعفر عليه السلام. فأحب أن يذب عنه بقوله هذا. والسيد جمال الدين بن طاوس في الجواب من هذه الرواية ما زاد على قوله: ابراهيم بن عبد الحميد واقفي ضال لا يثبت بروايته القدح في مثل زراره شيئا. قلت: ابراهيم بن عبد الحميد الذي هو من أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام ثقة له أصل، يروى عنه ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى، قاله الشيخ في كتاب الرجال (1) وغيره، ولو كان ضعيفا كان ضعفه في هذا الحديث منجبرا برواية ابن أبي عمير اياه عنه، فكيف وهو ثقة بشهادة المشيخة الثقاة، فالمصير في الجواب عنه إلى ما قلناه فليتبصر قوله: حمدان بن أحمد اسمه محمد ويقال له حمدان وهو ابن خاقان النهدي القلانسي، وسيجئ في الكتاب توثيقه.
________________________________________
1) الرجال للشيخ: 146 (*)
________________________________________
[ 379 ]
المسترق قال: كنت قائد ابي بصير في بعض جنائز اصحابنا، فقلت له هو ذا زرارة في الجنازة قال لي: اذهب بي إليه، قال، فذهبت به إليه، قال، فقال له السلام عليك ابا الحسين فرد عليه زرارة السلام، وقال له: لو علمت أن هذا من رأيك لبدأتك به، قال، فقال له أبو بصير: بهذا أمرت. 265 - يوسف: قال: حدثني علي بن أحمد بن بقاح، عن عمه عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد ؟ فقال: اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات فلما خرجت قلت ان لقيته لاسألنه غدا فسألته من الغد عن التشهد، فقال كمثل ذلك قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات، قلت: القاه بعد يوم السألنه غدا فسألته عن التشهد: فقال كمثله، قلت التحيات والصلوات ؟ قال التحيات والصلوات فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلت لا يفلح ابدا. - قوله: ان هذا من رأيك اسم الاشارة والضمير المتصل المجرور للمجئ والتسليم، يعني لو كنت أعلم أن المجئ الي والتسليم علي من رأيك ومن عند نفسك لبدأتك بالتسليم، ولكني ظننت أنك في ذلك مأمور من قبل مولاك عليه السلام، فقال له أبو بصير: نعم الامر كما ظننت فأني قد أمرت بهذا. قوله: يوسف ابن السخت وهو ضعيف. قوله التحيات والصلوات ظن زرارة أن تقريره عليه السلام اياه على التحيات من باب التقية، مخافة أن يروي عنه زرارة أنه ينكر التحيات في التشهد، فقال: لئن لقيته غدا لا سألنه لعله يغتيني بالحق من غير تقية. فلما سأله من الغد وأجابه بمثل ما قد كان أجابه وقرره أيضا على التحيات
________________________________________
[ 380 ]
266 - علي بن محمد بن قتيبة، قال: حدثني محمد بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، قال: مررت في الروضة بالمدينة فإذا انسان قد جذبني، فالتفت فإذا انا بزرارة، فقال لى: استأذن لى على صاحبك ؟ قال: فخرجت من المسجد فدخلت على ابي عبد الله عليه السلام فأخبرته الخبر فضرب بيده على لحيته، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تأذن له لا تأذن له، لا تأذن له فان زراره يريدني على القدر على كبر السن، وليس من ديني ولادين آبائي. 267 - محمد بن أحمد: عن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم، عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه فقال: متى عهدك بزرارة ؟ قال، قلت - كما قد كان قرره، حمل زرارة ذلك أيضا على التقية وقال سألقاه بعد اليوم فلا سألنه عن ذلك مرة أخرى، فلعله يترك التقية ويجيبني على دين الامامية، فلما سأله من الغد ثالثا وأجابه عليه السلام وقرره على قوله والتحيات بمثل ما قد أجابه وقرره بالامس والامس، علم أنه ليس يترك التقية مخافة منه. وقال: فلما خرجت ضرطت في لحيته فقلت: لا يفلح أبدا. والضمير عائد إلى من يعمل بذلك ويعتقد صحته، أي في لحية من يعتقد لزوم التحيات في التشهد، كما عند المخالفين من العامة، ويعمل بذلك ويحتسبه من دين الامامية، لا يفلح من يأتي بذلك على اعتقاد أنه من الدين أبدا. قوله: عليه السلام يريدني على القدر اطلاق القدر في هذا الحديث على التفويض والاستطاعة، والقدرية على المفوضة القائلين وبالاستطاعة، بناءا على ما قد كان شاع في زمن مولانا الصادق عليه السلام من اصطلاح العامة على ذلك. واما على التحقيق فالقدرية هم الجبرية الذاهبون إلى القدر، أعني أسناد أفعال العباد إلى قضائه وقدره من غير علية ومدخلية لقدرة العبد وارادته في فعله أصلا، كما قد أدريناك فيما قد سبق غير مرة واحدة.
________________________________________
[ 381 ]
ما رأيته منذ أيام، قال: لاتبال وان مرض فلا تعده وان مات فلا تشهد جنازته قال، قلت زرارة ؟ متعجبا مما قال، قال: نعم زرارة، زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال ان مع الله ثالث ثلاثة. 268 - علي، قال: حدثني يوسف بن السخت عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن ميسر، قال: كناعند أبي عبد الله عليه السلام فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته، قال فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما ذنبي ان الله قد نكس قلب زرارة كما نكست هذا الجارية هذا القمقم. 269 - محمد بن نصير، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى عن حريز، عن محمد الحلبي، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف قلت لي ليس من ديني ولادين آبائي ؟ قال: انما أعني بذلك قول زرارة واشباهه. - قوله عليه السلام: انما أعني بذلك فيصل القول في زرارة أن الاخبار في مدحه وذمه متعارضه، لكنها جميعا مطابقة على أنه ثقة صحيح الحديث متدين متورع في رواية الحديث، مستقيم على دين الامامية الي حين مماته. وانما الذم في حقه من جهة خطأه في مسألة القضاء والقدر، وقوله بالتفويض والاستطاعة، لشبهة عويصة عوصاء تصعب الفصية عنها، ومن جهة أساءته في الادب بالنسبة إلى الصادق عليه السلام اتكالا على ارتفاع منزلته عندة وشدة اختصاصه به. ثم عمدة التعويل في صحة حديث زرارة عند الاصحاب، انعقاد الاجماع على تصحيح ما يصح عنه والاقرار له بالفقه في آخرين، كما نقله أبو عمرو الكشي وغيره وسيرد عليك في أصل الكتاب فلا تكونن من الممترين.
________________________________________
[ 382 ]
في اخوة زرارة حمران وبكير وعبد الملك وعبد الرحمن بني أعين. 270 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثنا محمد بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، وحدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا: محمد بن عيسى ابن عبيد، عن الحسن بن علي بن يقطين، قال: حدثني المشايخ: ان حمران وزرارة وعبد الملك وبكيرا و عبد الرحمن بني أعين كان مستقيمين، ومات منهم أربعة في زمان أبي عبد الله عليه السلام وكانوا من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، وبقي زرارة إلى عهد أبي الحسن فلقي ما لقي. - في اخوة زرارة حمران في ميزان الاعتدال في ترجمة حمران: حمران بن أعين الكوفي، روى عن أبي الطفيل وغيره، وقرأ عليه حمزة، كان يتقن القرآن. قال أبو حاتم: شيخ. وقال أبو داود: رافضي. وفي ترجمة زرارة بن أعين الكوفي أخو حمران: يترفض عن ابن السماك قال: حجبت فلقيني زرارة بن أعين بالقادسية وقال: ان لي لك حاجة وعظمها فقلت: ماهي ؟ فقال: إذا لقيت جعفر بن محمد فاقرأه مني السلام وسله أن يخبرني أنا من أهل النار أم من اهل الجنة ؟ فأنكرت ذلك عليه فقال لي: انه يعلم ذلك ولم يزل بى حتى اجبته. فلما لقيت جعفر بن محمد اخذته بالذي كان منه فقال: هو من اهل النار، فوقع في نفسي مما قال جعفر فقلت: من أين علمت ذاك ؟ فقال: من ادعى علي هذا فهو من اهل النار. فلما رجعت لقيني زرارة فأخبرته بأنه قال لي انه من اهل النار، فقال: كل لك من جراب النورة قلت: وما جراب النورة ؟ قال: عمل معك بالتقية. ولم يذكر ابن أبي
________________________________________
[ 383 ]
271 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن الحسن ابن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون عن بعض رجاله، قال، قال ربيعة الرأى لابي عبد الله عليه السلام: ما هؤلاء الا خوة الذين يأنونك من العراق ولم أر في أصحابك خيرا منهم ولا أهيأ ؟ قال: أولئك أصحاب أبي، يعني ولد أعين. محمد بن مسلم الطائفي الثقفى 272 - حدثنا محمد بن مسعود، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن بن علي بن فضال، يقول: كان محمد بن مسلم الثقفى كوفيا وكان أعور طحانا. 273 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، قال حدثنا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن ابى يعفور، قال قلت لابي عبد الله عليه السلام انه ليس كل ساعة القاك ولا يمكن القدوم، ويجئ الرجال من اصحابنا فيسألني وليس عندي كلما يسألني عنه، قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفى، فأنه قد سمع من أبي و كان عنده وجيها. - حاتم في ترجمته سوى ان قال: روى عن أبي جعفر يعني الباقر انتهى كلام الذهبي في ميزان الاعتدال. محمد بن مسلم الطائفي الثقفى ذكر أبو عبد الله الذهبي في مختصره: محمد بن مسلم الطائفي، عن عمر بن دينار وابن ابي يحيى، وعنه ابن مهدي ويحيى بن ابي يحيى، فيه لين وقد وثق له في " م " حديث واحد توفى 177. قوله: قال شهد أبو كريب الازدي قال ابن الاثير في جامع الاصول في حرف الكاف: اسم ابي كريب بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالياء الموحدة، محمد بن العلاء الهمداني بسكون الميم وبالدال المهملة.
________________________________________
[ 384 ]
274 - حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن الحسن ابن على بن فضال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: شهد أبو كريبة الازدي ومحمد بن مسلم الثقفي عند شريك بشهادة وهو قاض، فنظر في وجوههما مليا، ثم - وقال في حرف الميم: محمد بن العلاء هو أبو كريب الهمداني الكوفي، سمع أبا بكر بن عياش وعمر بن عبيد، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما، مات سنة ثمان وأربعين ومأتين. " كريب " بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء تحتها نقطتان وبالباء الموحدة. قلت: أبو كريب الهمداني الذي ذكره في جامع الاصول كأنه غير أبي كريبة الازدي المذكور في الكتاب، وربما يزعم أنهما واحد. وفي القاموس: أبو كريب كزبير محمد بن العلاء بن كريب شيخ للبخاري (1) والذهبي في مختصره وصفه بالازدي وحكم عليه بالجهالة، ولعل ذلك من جهة تشيعه. قوله: عند شريك قال في ميزان الاعتدال: شريك بن عبد الله النخعي أبو عبد الله الكوفي القاضي الحافظ الصادق أحد الائمة، وروي عن ابن معين أنه صدوق ثقة، الا أنه يغلط ولا يتقن. وعن القطان أن في أصول شريك تخليطا. وأنه قيل ليحيى بن سعيد: زعموا أن شريكا خلط باخرة فقال: ما زال مخلطا، ثم يطعن فيه بأنه كان يتشيع. قال: وروى أبو داود الرهاوي أنه سمع شريكا يروي ويقول: (علي خير البشر فمن أبي فقد كفر (2) وروى شريك (لكل نبي وصي ووراث وأن علي وصيي ووارثي (3)
________________________________________
1) القاموس: 1 / 123 2) رواه الخطيب في تاريخ بغداد 7 / 421. 3) رواه ابن المغازلى في المناقب: 201 (*)
________________________________________
[ 385 ]
قال: جعفريان فاطميان ! فبكيا، فقال لهما: ما يبكيكما ؟ قالا له: نسبتنا إلى اقوام لا يرضون بأمثالنا أن يكونوا من اخوانهم لما يرون من سخف ورعنا، ونسبتنا إلى رجل لا يرضى بأمثالنا ان يكونوا من شيعته، فان تفضل وقبلنا فله المن علينا والفضل، فتبسم شريك، ثم قال: إذا كانت الرجال فلتكن امثالكم، ياوليد اجزهما هذه المرة قال فحججنا فخبرنا ابا عبد الله عليه السلام بالقصة فقال: ما لشريك شركه الله يوم القيامة بشراكين من نار. 275 - حدثني حمدويه، قال حدثنا محمد بن عيسي، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن مسلم، قال: أني لنائم ذات ليلة على السطح إذ طرق الباب طارق فقلت: من هذا ؟ فقال: شريك يرحمك الله، فأشرفت فإذا امرأة فقالت: لي بنت عروس ضربها الطلق، فما زالت تطلق حتى ماتت والولد يتحرك في بطنها ويذهب ويجئ فما اصنع ؟ فقلت: يا أمة الله سأل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليه السلام عن مثل ذلك، فقال: يشق بطن الميت ويستخرج الولد، يا أمة الله افعلي مثل ذلك، أنا يا أمة الله رجل في ستر، من وجهك إلى ؟ ! - ثم ذكر أن عبد الله بن ادريس قال: والله ان شريكا لشيعي. وروي أن قوما ذكروا معاوية عند شريك فقيل: كان حليما فقال شريك: ليس بحليم من سفه الحق وقاتل عليا. ثم قال: وقد كان شريك من أوعية العلم حمل عنه اسحاق الازرق تسعة آلاف حديث قال النسائي: ليس به يأس. قوله: ياوليد أجزهما بفتح الهمزة واسكان الزاي بعد الجيم المكسورة، على الامر من الاجازة أي أجز شهادتهما واكتبها مقبولة هذه المرة. أو أخرهما بكسر الخاء المعجمة المشددة واسكان الراء، من التاخير أو أخر قبول شهادتهما هذه المرة حتى ننظر في شأنهما. والصحيح هو الاول.
________________________________________
[ 386 ]
قال، قالت لي: رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال ما عندي فيها شئ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي فانه يخبر، فمهما أفتاك به من شئ فعودي الي فاعلمينيه فقلت لها: امضي بسلام فلما كان الغد خرجت إلى المسجد و ابو حنيفة يسأل عنها اصحابه فتنحنحت فقال: اللهم عقرا دعنا نعيش. 276 - حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا محمد بن عيسى، عن ياسين الضرير البصري، عن حريز، عن محمد بن مسلم، قال: ما شجر في رأيي شئ قط الا سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث وسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ستة عشر ألف حديث. - قوله: ما شجر في رأيي أي ما وقع اختلاف الرأي في شئ قط الا سألته عليه السلام ومنه في التنزيل الكريم " حتى يحكموك فيما شجر بينهم " (1). قال في مجمل اللغة: شجر بين القوم إذا اختلف الامر بينهم، واشتجروا أو تشاجروا تنازعوا وتناظروا. وفي نسخة ما " شجرني " أي ما تخالجني أمر، ولم يختلج في صدري رأي في شئ قط الا سألته عنه، وكل والج في شئ فهو مشاجر فيه. قال في المفردات: وشجرة بالرمح أي اوجره (2) الرمح، وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه (3). وفي مجمل اللغة: ان كل متداخلين متشاجران وبذلك سمي المشجر مشجرا وهو المشجب، وتشاجروا بالرمح تطاعنوا. وفي اساس البلاغة: اشتجر وتشاجروا اختلفوا، وبينهم مشاجرة، وشجر ما
________________________________________
1) النساء: 65. 2) وفى المصدر: طعنه بالرمح 3) مفردات الراغب: 256 (*)
________________________________________
[ 387 ]
277 - حدثنا محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن فضال، عن أبي كهمس، قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يشهد محمد بن مسلم الثقفى القصير عند ابن أبي ليلى فيرد شهادته ؟ فقلت: نعم، فقال إذا صرت إلى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى، فقل له اسألك عن ثلاث مسائل تفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا. ثم سله عن الرجل يشك في الركعتين الاوليين من الفريضة، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله، وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فتسقط منه واحدة كيف يصنع، فإذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له يقول لك جعفر بن - بينهم، وشجرته بالرمح طعنته وتشاجروا بالرماح تطاعنوا (1). قوله: عن أبي كهمس قال في جامع الاصول: كهمس بفتح الكاف وسكون الهاء وضم الميم وبالسين المهملة. وأبو كهمس بن عبد الله قال شيخنا أبو العباس النجاشي - رحمة الله - في كتابه هيثم بن عبد الله أبو كهمس كوفي عربي له كتاب، ذكره سعد بن عبد الله في الطبقات (2) وقال الشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال في اصحاب ابي عبد الله الصادق عليه السلام: الهيثم بن عبيد الشيباني أبو كهمس الكوفي أسند عنه (3). وكذلك رئيس المحدثين أبو جعفر الكليني رضوان الله تعالى عليه، قال في جامع الكافي في باب من حفظ القرآن ثم نسيه، عن ابي كهمس الهيثم بن عبيد قال سألت ابا عبد الله عليه السلام (4).
________________________________________
1) أساس البلاغة: 321 2) رجال النجاشي: 340 3) رجال الشيخ: 331 4) اصول الكافي: 2 / 445 (*)
________________________________________
[ 388 ]
محمد ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك واعلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك. قال أبو كهمس: فلما قدمت اتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير إلى منزلي، فقلت له: أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتيني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا، قال هات ! قال، قلت ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة ؟ فاطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: هذا شرطي عليك الا تقول قال أصحابنا، فقال ما عندي فيها شئ. فقلت له: ما تقول في الرجل يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال: قال أصحابنا، فقلت: له هذا شرطي عليك، فقال: ما عندي فيها شئ. فقلت: رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصعنه فيها فطأطأ رأسه ثم رفعه، فقال: قال أصحابنا، فقلت أصلحك الله هذا شرطي عليك، فقال ليس عندي فيها شئ. فقلت: يقول لك جعفر بن محمد ما حملك أن رددت شهادة رجل اعرف منك بأحكام الله وأعرف بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله منك ؟ فقال لي: ومن هو ؟ فقلت: محمد بن مسلم الطائفي القصير، قال، فقال: والله ان جعفر بن محمد قال لك هذا ؟ قال، فقلت والله انه قال لي جعفر هذا، فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عند بتلك الشهادة فاجاز شهادته. 278 - حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني عبد الله بن محمد بن خالد الطيالسي، عن أبيه، قال: كان محمد بن مسلم من اهل الكوفة، يدخل على أبي جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر بشر المخبتين، وكان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا فقال أبو جعفر عليه السلام: تواضع، قال: فأخذ قوصرة من تمر فوضعها على باب المسجد وجعل يبيع التمر، فجاء قومه فقالوا: فضحتنا ! فقال: أمرني مولاي بشئ
________________________________________
[ 389 ]
فلا أبرح حتى أبيع هذا القوصرة، فقالوا: أما إذا أبيت الا هذا فاقعد في الطحانين، ثم سلموا إليه رحا، فقعد على بابه وجعل يطحن. قال أبو النصر: سألت عبد الله بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم ؟ فقال: كان رجلا شريفا موسرا، فقال له أبو جعفر عليه السلام: تواضع يا محمد فلما انصرف إلى الكوفة أخذ قوصرة من تمر مع الميزان وجلس على باب مسجد الجامع، وجعل ينادي عليه، فاتاه قومه فقالوا له فضحتنا، فقال ان مولاي أمرني بأمر فلن أخالفه ولن أبرح حتى إفرغ من بيع باقي هذا القوصرة، فقال له قومه: إذا ابيت الا لتشتغل ببيع وشراء فاقعد في الطحانين ! فهيأ رحى وجملا يطحن، وقيل: انه كان من العباد في زمانه. 279 - حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبه، قال: حدثني الفضل شاذان قال: حدثنا أبي، عن غير واحد من اصحابنا، عن محمد بن حكيم وصاحب له، قال أبو محمد: قد كان درس اسمه في كتاب أبي، قالا: رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان، قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب. قال أحدنا لصاحبه هل لك في خلوة من شريك ؟ فأتيناه فسلمنا عليه، فرد علينا السلام، فقلنا يا ابا عبد الله مسألة ! قال: في أي شئ ؟ فقلنا: في الصلاة، فقال: سلوا عما بدالكم ؟ فقلنا لا نريد ان تقول قال فلان وقال فلان انما نريد ان تسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال عليه السلام أليس في الصلاة ؟ فقلنا بلي، فقال سلوا عما بدالكم. قلنا في كم يجب التقصير، قال: كان ابن مسعود يقول: لا يغرنكم سوادنا هذا وكان يقول فلان، قال، قلت: انا استثنينا عليك الا تحدثنا الا عن نبي الله صلى الله عليه وآله قال: والله انه لقبيح لشيخ يسئل عن مسألة في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وآله لا يكون عنده فيها شئ وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله قلنا فمسألة أخرى ! فقال أليس في الصلواة ؟ قلنا بلي قال: فسلوا عما بدالكم. قلنا: على من تجب الجمعة ؟ قال: عادت المسألة جذعة ما عندي في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ، قال: فاردنا الانصراف، فقال: انكم لم تسألوا عن هذا الا
________________________________________
[ 390 ]
وعندكم منه علم، قال قلت نعم، أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي عن محمد بن علي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله، فقال الثقفي الطويل اللحية ؟ فقلنا نعم. قال: أما أنه لقد كان مامونا على الحديث، ولكن كانو يقولون انه خشبي ثم قال ماذا روى ؟ قلنا روى عن النبي صلى الله عليه وآله ان التقصير يجب في بريدين، وإذا اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا. - قوله صلى الله عليه وآله: فلهم أن يجمعوا أن يجمعوا بالتشديد من باب التفعيل، أي يأتوا بصلاة الجمعة. قال في الصحاح: وجمع القوم تجميعا، اي شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها (1) وفي المغرب: وجمعنا أي شهدنا الجمعة أو الجماعة وقضينا الصلاة فيها. وفى النهاية الاثيرية: وفى حديث الجمعة " اول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثي " جمعت بالتشديد اي صليت، ويوم الجمعة سمى به لاجتماع الناس فيه. وفي حديث معاذ " انه وجد اهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك " اي يصلون صلاة الجمعة، وانما نهاهم لانهم كانوا يستظلون بفئ الحجر قبل ان تزول الشمس، فنهاهم لتقديمهم في الوقت، وقد تكرر ذكر التجميع في الحديث انتهى كلامه (2). جواثي - بضم الجيم وتخفيف الواو والثاء المثلثة - اسم حصن بالبحرين، والمسجد الجامع المسجد الذي انعقدت فيه صلاة الجمعة. وقال الجوهري: والمسجد الجامع وان شئت قلت مسجد الجامع بالاضافة كقولك الحق اليقين وحق اليقين، بمعنى مسجد اليوم الجامع وحق الشئ اليقين، لان اضافة الشئ إلى نفسه لا تجوز الا على هذا التقدير، وكا ن الفراء يقول: العرب تضيف الشئ إلى نفسه لاختلاف اللفظين (3).
________________________________________
1) الصحاح: 3 / 1200 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 297 3) الصحاح: 3 / 1199 (*)
________________________________________
[ 391 ]
280 - قال محمد بن مسعود، حدثني علي بن محمد، قال: حدثني محمد ابن أحمد عن عبد الله بن أحمد الرازي، عن بكر بن صالح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: اقام محمد بن مسلم بالمدينة أربع سنين يدخل على أبي جعفر عليه السلام يسأله، ثم كان يدخل على جعفر بن محمد يسأله، قال ابن أحمد: فسمعت عبد الرحمن بن الحجاج، وحماد بن عثمان يقولان: ماكان أحد من الشيعة أفقه من محمد بن مسلم. قال، فقال محمد بن مسلم: سمعت من أبي جعفر عليه السلام ثلاثين ألف حديث ثم لقيت جعفرا ابنه فسمعت منه أو قال: سألته عن ستة عشر الف حديث أو قال: مسألة. 281 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جعفر بن أحمد، قال: حدثني العمركى بن علي قال: أخبرني محمد بن حبيب الازدي، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن مديح، عن محمد بن مسلم، قال: خرجت إلى المدينة وأنا وجع ثقيل. فقيل له محمد بن مسلم وجع، فأرسل الي أبو جعفر بشراب مع الغلام مغطى بمنديل فناولنيه الغلام وقال لي: اشربه فانه قد أمرني الا أرجع حتى تشربه، فتناولته فإذا رائحة المسك منه وإذا شراب طيب الطعم بارد، فلما شربته قال لي الغلام يقول لك إذا شربت فتعال، ففكرت فيما قال لي ولا أقدر على النهوض قبل ذلك على رجلي. - قوله: إذا شربت فتعال بفتح اللام على الامر بالاتيان والمجئ من تعالى يتعالى تعاليا. قال في الصحاح: التعالى الارتفاع، تقول منه إذا أمرت: تعال يارجل بفتح اللام، وللمرأة تعالى، وللمرأتين تعالى، وللنسوة تعالين، ولايجوز ان يقال منه تعاليت والى اي شئ أتعالى (1).
________________________________________
1) الصحاح: 6 / 2437 (*)
________________________________________
[ 392 ]
فلما استقر الشراب في جوفي كأنما نشطت من عقال، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فصوت بي: صح الجسم أدخل أدخل، فدخلت وأنا باك فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي: وما يبكيك يا محمد ؟ فقلت جعلت فداك ابكى على اغترابي وبعد الشقة وقلة المقدرة على المقام عندك والنظر اليك. فقال لي: أما قلة المقدرة: فكذلك جعل الله اوليائنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعا، وأما ذكرت من الغربة: فلك بأبي عبد الله اسوة بأرض ناء عنا بالفرات. وأما ما ذكرت من بعد الشقة: فان المؤمن في هذه الدار غريب، وفي هذا الخلق المنكوس حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله. وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر الينا وأنك لا تقدر على ذلك: فالله يعلم ما في قلبك وجزاؤك عليه. - وكذلك قال في القاموس: التعالى الارتفاع إذا امرت منه قلت تعال بفتح اللام ولها تعالى (1) قوله (عليه السلام): فان المؤمن في هذه الدار غريب يعنى عليه السلام بالمؤمنين العارف المستيقن، فانه يعلم ان جوهر ذاته العاقلة من عالم الامر والفيض، ومستوطن نفسه المجردة في اقليم الحياة والبهجة، فهو لا محالة انما يرى طائر روحه القدسي غريبا في اقفاص هذه الدار البائدة البائرة المضلمة الموحشة، التي هي ناحية الاقذار والاخباث وحاشية الارماس والاجداث، ودارة غسق الطبيعة وكورة ظلمة الهيولي. وقوله عليه السلام " المنكوس " اما بالجر على صفة هذا الخلق، والواو العاطفة للعطف على في هذا الدار. أي في هذا الخلق المنكوس غريب ؟ سمي هذا الخلق منكوسا لانصرافهم عن
________________________________________
1) القاموس: 4 / 366 (*)
________________________________________
[ 393 ]
282 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد ابن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عامر بن عبد الله بن جذاعة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ان امرأتي تقول بقول زرارة ومحمد بن مسلم في الاستطاعة وترى رأيهما ؟ فقال: ما للنساء وللرأي والقول لها، انهما ليسا بشئ في ولاية، قال: فجئت إلى امرأتي فحدثتها، فرجعت عن ذلك القول. - الاستقامة في سمك العالم الاعلى الروحاني إلى الا نتكاس في سجن العالم الا سفل الظلماني. واما بالرفع على الخبر، وتعريفه باللام لافادة الحضر، أو ليكون الحمل حملا أولياء ذاتيا لا حملا شايعا متعارفا، كما هو مفاد تنكير الخبر والعاطف لعطف الجملة على الجملة. اي والمؤمن العارف في هذا الحق وبين ظهر انيهم هو المنكوس، حتى يخرج من هذه الدار إلى دار رحمة الله وطوار بهاء الله وجوار ملائكة الله. فان هذا الدار هاوية التسفل ودارة الانتكاس، فالعارف منتكس متسافل فيها بالضرورة الطبيعية إلى أن يخرج إلى دار الحياة والبهجة ويطأ أرض القرار والاستقامة وان كان في دار البوار قد طار بجناح الموت الارادي في قضاء أوج الحياة الحقيقة. فأما غير العارف من جملة الخلق فحيث أنهم نسوا الله فأنساهم انفسهم، فهم بنسيان جوهر ذاتهم وموطن قرارهم قد استأنسوا بهذه الدار الباطلة وأهلها المنتكسين المنكوسين بالارادة وبالطبيعة فليعلم. قوله (عليه السلام): انهما ليسا بشئ في ولاية أي انهما في القول بالاستطاعة ليسا على شئ من ديننا، ولافي شئ من ولايتنا.
________________________________________
[ 394 ]
283 - حدثني محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي الصباح، قال: سمعت أبا عبد الله صلى الله عليه وآله يقول: يا أبا الصباح هلك المتربسون في أديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي، وذكر آخر لم أحفظ. 284 - حدثني محمد بن مسعود، قال حدثني جبريل بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عيسى بن سليمان وعدة، عن مفضل بن عمر، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله محمد بن مسلم كان يقول ان الله لا يعلم الشئ حتى يكون. - قوله (عليه السلام): لعن الله - إلى قوله - حتى يكون تفصيل القول أن هناك شكا معضلا (1) عويضا، هو مزلقة الاقدامن ومدحضة الافهام، وذلك أن العلم بالشئ: اما حصولي انطباعي بوجود المعلوم في ذهن العالم وجودا ظليا، وتمثل صورته فيه تمثلا ارتساميا. واما حضوري انكشافي بحضور جوهر ذات المعلوم بوجوده الاصيل العيني عند العالم منكشفا عليه غير عازب عنه. واذ قد استبان بالبرهان أن الله سبحانه بنفس حقيقته الحقة القيومية عين الوجود الحق الاصيل المتأصل المتأكد العيني، فهو بعلو كبريائه متأبه ومتنزه عن الظلية والتمثل مطلقا، فلا له وجود ظلي تمثلي في ذهن مامن الاذهان، ولا لشئ من الاشياء فيه جود ذهني وتقرر ظلي انطباعي أصلا، بل أن له التأصل الحق والحقية المحضة من كل جهة. فاذن علمه بكل شئ يجب أن يكون علما حقا حضوريا بحضوره بجوهر ذاته عنده منكشفا متكشفا، ظاهرا غير عازب ولا متستر ولا محتجب أبدا، فعلمه تعالى بالاشياء قبل وجودها وتقررها في الاعيان مما تكل عن بيانه ألسنة العقول والاذهان، وتحار في سبيله أبصار الاحلام والبصائر.
________________________________________
1) في " س " مفصلا (*).
________________________________________
[ 395 ]
[... ] فمحمد بن مسلم كأنه قد اعتراه هذا الشك، ولم يجد عنه مخرجا ومحيصا فوقع فيما وقع. ونحن قد يسرنا الله بفضله العظيم لتحقيق المعضلات وتبيين المهمات، حققنا في كتاب التقديسات، وفي كتاب تقويم الايمان، وكتاب قبسات حق اليقين، وفي شرح كتاب التوحيد من كتاب الكافي (1): أن الجاعل التام الذي من كنه ذاته ينبعث وينبجس جوهر ذات المجعول، فان ظهوركنه ذاته وحضور سنخ حقيقة أقوي في افادة انكشاف المجعول، وظهوره من حضور عين هويته ووجود جوهر ذاته. فالله سبحان حيث أنه بنفس ذاته الاحدية هو المبدع الصانع الجاعل التام لنظام الكل، من الصادر الاول إلى أقصى نظام الوجود على الترتيب السبي و المسببي، النازل منه والعائد إليه جل سلطانه طولا وعرضا. وهو ظاهر بذاته لذاته أتم الظهور، وعالم بذاته ولوازم ذاته من نفس ذاته على أكمل الوجوه، وهو تعالى مجده ينال الكل من نفس ذاته ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء، من غير أن يكون لوجود الاشياء مدخلية ما في تصحيح ظهورها لديه وانكشافها عليه أصلا. فعلمه التام سبحانه بكل شئ قبل وجود الاشياء ومع وجودها على سبيل واحد ليس يزداد بوجود الاشياء علما ولا يستفيد من كونها خبرا، فهذا سبيل الحق وسنن البرهان. واذ كان المختلفون إلى مولانا الصادق عليه السلام ينسبون إلى محمد بن مسلم أنه يقول: ان الله عزوجل انما يعلم الشئ حين هو كائن لاقبل ان يكون، فهو عليه السلام قال: لعن الله
________________________________________
1) وهو كتاب " التعليقة على الكافي ! المطبوع أخيرا بقم بتحقيقنا وتصحيحنا و تعاليقنا عليه (*).
________________________________________
[ 396 ]
في أبي بصير ليث بن البخترى المرادي من كان يقول: انه سبحانه لا يعلم الشئ الا حين كونه، لاقبل كون الاشياء رأسا فليعرف. في أبي بصير ليث بن البخترى المرادي ليث بن البختري المرادي الضرير هو أبو بصير الاصغر، وكان يكنى أيضا أبو محمد. وشيخنا المعول عليه في معرفة أحوال الرجال أبو العباس النجاشي - رحمه الله تعالى لم يوثقه ولازاد في ترجمته على أن قال: ليث بن البختري المرادي أبو محمد وقيل: أبو بصير الاصغر، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، له كتاب يرويه جماعة منهم أبو جميلة المفضل بن صالح (1). وانما وثق أبا بصير الاسدي يحيى بن القاسم وقيل: يحيى بن أبي القاسم المكفوف. قال في ترجمته: يحيى بن القاسم أبو بصير الاسدي وقيل: أبو محمد ثقة وجيه، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقيل: يحيى بن أبي القاسم، واسم أبي القاسم اسحاق، وروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام، له كتاب يوم وليلة - وذكر طريقه إليه - ثم قال: ومات أبو بصير سنة خمسين ومائة (2). والشيخ - رحمه الله تعالى أيضا لم يوثقه ولا ذكر له مدحا في الفهرست و لافي كتاب الرجال، بل اقتصر على مجرد ذكره في أصحاب أبي جعفر الباقر وفي أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام. وقال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام: الليث بن البختري المرادي أبو يحيى ويكني أبا بصير، وأسند عنه (3).
________________________________________
1) رجال النجاشي: 245. 2) رجال النجاشي: 344 وفيه سنة خمس ومائة وهو غلط. 3) رجال الشيخ: 278 (*).
________________________________________
[ 397 ]
285 - روى عن ابن أبي يعفور، قال: خرجت إلى السواد أطلب دراهم لنحج - وقال أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري رحمه الله تعالى وكان أبو عبد الله عليه السلام يتضجر به ويتبرم، وأصحابه يختلفون في شأنه، ثم قال: و عندي أن اللعن انما وقع على دينه لاعلى حديثه، وهو عندي ثقة (1). وسيذكر أبو عمرو الكشي - رحمه الله تعالى في الكتاب أن الذي هو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم قيل: هو أبو بصير المرادي ليث بن البختري الضرير، وقيل: أنه أبو بصير الاسدي يحيى بن القاسم المولود مكفوفا (2). ثم ان الحسن بن داود في باب الكني من كتابه قال: ان أبا بصير مشترك بين أربعة: المرادي ليث بن البختري وهو ثقة عظيم الشأن. والاسدي المكفوف يحيى ابن أبي القاسم. ويوسف بن الحارث البتري. وعبد الله بن محمد الاسدي (3). فشاع من ذلك عند المتأخرين الا حدثين أن الثقة من هؤلاء الاربعة انما هو أبو بصير المرادي، وأما أبو بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم فحديثه ضعيف. وهذا وهم ليس له أصل. بل الحق أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف ثقة ثبت صحيح الحديث، كما سيظهر عليك من ذي قبل حق الظهور، نعم علي بن أبي حمزة البطائني الذي يروي عنه أكثر يا واقفي ضعيف فليعلم. قوله: خرجت إلى السواد أي إلى سواد العراق. قال في المغرب: وسمي سواد العراق لخضرة أشجاره وزرعه، حده طولا من حديثه الموصل إلى عبادان، وعرضا من العذيب
________________________________________
1) راجع جامع الرواة: 3 / 34. 2) رجال الكشي: 238 ط جامعة مشهد. 3) رجال ابن داود: 392 - 393 (*).
________________________________________
[ 398 ]
ونحن جماعة وفينا أبو بصير المرادي، قال: قلت له يا أبا بصير اتق الله وحج بمالك فأنك ذومال كثير فقال: اسكت فلو ان الدنيا وقعت لصاحبك لاشتمل عليها بكسائه. 286 - حدثني حمدويه بن نصير، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بشر المخبتين بالجنة بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لو لا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست. 287 - حدثني محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، عن محمد بن إلى حلوان، وهو الذي فتح على عهد عمر، وهو أطول من العراق بخمسة و ثلاثين فرسخا. قوله: اسكت فلو أن الدنيا يعني اسكت فان المال الكثير من مكتسب حلال لا بأس به ولا مطعن فيه، فلو أن الدنيا وقعت لصاحبك من طريق الدين لاشتمل عليها بكسائه. والسيد جمال الدين بن طاوس في اختياره قال في الجواب عنه: ان الطريق إلى ابن يعفور غير متصل فلا عبرة بالحديث، ثم من صاحبك المشار إليه في الحديث. قلت: وفي جوابه من الوهن ما لا يخفى عنه. قوله: لو لا هؤلاء انقطعت روى الشيخ - رحمه الله - في الصحيح عن محمد بن مسلم قال: صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال وهو ساجد، وقد ضاعت ناقة لهم: اللهم رد على فلان ناقته، قال محمد: فدخلت على أبي عبد الله فأخبرته فقال: وفعل ؟ فقلت: نعم قال: فسكت، قلت أفأعيد الصلاة ؟ قال: لا. والظاهر أن أبا بصير الذي صلى بهم هو ليث المرادي.
________________________________________
[ 399 ]
عبد الله المسعمي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن سرحان، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أني لاحدث الرجل الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله وأنهاه عن القياس، فيخرج من عندي فيتأول حديثي على غير تأويله، اني امرت قوما أن يتكلموا، ونهيت قوما فكل تأول لنفسه يريد المعصية لله ولرسوله، فلو سمعوا وأطاعوا لاودعتهم ما أودع أبي أصحابه، أن أصحاب أبي كانوا زينا أحياءا وأمواتا، أعني زرارة ومحمد بن مسلم، ومنهم ليث المرادي وبريد العجلي، وهؤلاء القوامون بالقسط، وهؤلاء السابقون السابقون أولئك المقربون. 288 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن أبي الحسن المكفوف، عن رجل، عن بكير، قال: لقيت أبا بصير المرادي قلت: أين تريد ؟ قال: أريد مولاك قلت: أن أتبعك، فمضى معي فدخلنا عليه، وأحد النظر إليه وقال: هكذا تدخل بيوت الانبياء وأنت جنب ؟ ! قال: أعوذ بالله من غضب الله وغضبك فقال: أستغفر الله ولا أعود. وروى ذلك أبو عبد الله البرقي عن بكير. - قوله: وأحد النظر إليه أحد - بفتح الهمزة وتشديد الدال - من الحداد بمعنى التحديد والتحديق: كأنه نظر إليه وهو غضبان فهذا الحديث فيه مطعن ما في أبي بصير المرادي، ولكنه ليس يوجب القدح فيه، فلعله يومئذ لم يكن يعلم أن مشهد المعصوم في الحياة وبعد الوفاة حكمه حكم المسجد. والسيد بن طاوس أجاب عنه في اختياره بأن في الطريق ضعفا، ثم أنه ما قال من المدخول عليه. قلت: وهذا الجواب وكيك سخيف كما ترى، والحق ما قلناه فلا تكن من المتكلفين.
________________________________________
[ 400 ]
289 - محمد بن مسعود، قال: حدثني أحمد بن منصور، عن أحمد بن الفضل، وعبد الله بن محمد الاسدي، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله السلام فقال لي: حضرت علباء عند موته ؟ قال: قلت نعم، واخبرني أنك ضمنت له الجنة وسألني أن اذكرك ذلك قال: صدق. قال فبكيت ثم قلت: جعلت فداك فمالي ألست كبير السن الضعيف الضرير البصير المنقطع اليكم ؟ فاضمنها لي، قال: قد فعلت، قال: اضمنها على آبائك وسميتهم واحدا واحدا، قال قد فعلت، قلت: فاضمنها لي على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قد فعلت، قال: قلت فاضمنها لي على الله تعالى، قال: فأطرق ثم قال: قد فعلت. 290 - السحين بن أشكيب، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وابي العباس، قال: بينا نحن عن أبي عبد الله إذ دخل أبو بصير فقال أبو عبد الله عليه السلام: الحمدالله الذي لم يقدم أحد يشكو أصحابنا العام، قال هشام: فظننت انه يعرض بأبي بصير. 291 - حمدويه، قال حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسأله قال عليك بالاسدي، يعني أبا بصير. - قوله: فظننت أنه يعرض يعرض بالتشديد على صيغة المضارع المعلوم من التعريض. قوله: يعني أبا بصير كلام شعيب العقرقوفي، وهو ابن اخت أبي بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، ثقة عين ممدوح جليل المنزلة، من أصحاب أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن الكاظم عليهما السلام فهذا الحديث واضح المتن صحيح الطريق اتفاقا. وقد اعترف بذلك السيد المكرم جمال الدين بن طاوس في اختياره.
________________________________________
[ 401 ]
292 - حمدان، قال حدثنا معاوية، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة تزوجت ولها زوج فظهر عليها ؟ قال: ترجم المرأة ويضرب الرجل مائة سوط لانه لم يسأل. قال شعيب: فدخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج قال: ترجم المرأة ولا شئ على الرجل، فلقيت أبا بصير فقلت له: اني سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة التي تزوجت ولها زوج، قال: ترجم المرأة ولا شئ على الرجل، قال: فمسح على صدره وقال: ما أظن صاحبنا تناهى حكمه بعد. - وهو أول النصوص على جلالة أبي بصير الاسدي المكفوف في الثقة والفقه والعلم وصحة الحديث وارتفاع المرتبة. وبالجملة قول رهط من المتأخرين في رميه بالضعف والوقف مما لا يأخذ له أصلا، وهو المرادي كلاهما ثقتان صحيحا الحديث، وسيجئ في الكتاب نقل الاجماع على تصحيح ما يصح عنهما والاقرار لهما بالفقه. بل الحق أن الاسدي أحق باستصحاح حديثه من المرادي، لشهادة النجاشي له بانه ثقة وجيه. وعدم توثيقه للمرادي، ولسلامته عن الذم في الروايات والاخبار فلا تكن من الغافلين. قوله: من شعيب القرقوفى عن أبي بصير أي المرادي كما يصرح به في الحديث الاتي. قوله: فظهر عليها أي فعلت زوجها عليها أثبت عند الحاكم زوجتها له. قوله: فمسح على صدره انما مسح على صدره عند قوله: هذا، لان الصدر موضع العلم. قوله: تناهي حكمه بعد اما بكسر الحاء المهملة واسكان اللام بمعنى العلم، أو بضم الحاء وتسكين
________________________________________
[ 402 ]
293 - علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسن، عن صفوان، عن شعيب بن يعقوب العقرقوفي، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تزوج امرأة ولها زوج ولم يعلم ؟ قال: ترجم المرأة وليس على الرجل شئ إذا لم يعلم، فذكرت ذلك لابي بصير المرادي، قال: قال لي والله جعفر ترجم المرأة ويجلد الرجل الحد، وقال بيده على صدره يحكها: اظن صاحبنا ما تكامل علمه. 394 - علي بن محمد، قال حدثني محمد بن أحمد بن الوليد، عن حماد بن عثمان - الكاف بمعنى كمال العلم والحكمة كما في " رب هب لي حكما " (1). وحيث أن هذا الحديث كان في زمان الصادق عليه السلام وأبو الحسن عليه السلام، لم يكن يومئذ اماما، وعلم الامام انما يتكامل فيضانه من المبدء الفياض على قلبه حين ما تصل نوبة الامامة إليه. فمعنى كلام أبي بصير: ان صاحبنا أبا الحسن عليه السلام إذ ليس هو الامام اليوم لم يتناه علمه ولم يبلغ نهاية الكمال واتما م بعده، بل انما يبلغ النهاية عندما تنتقل إليه الامامة. ويرد عليه أن الامر وان كان كذلك الا أن ملكة العصمة عاصمة للنفس باذن الله تعالى عن الوقوع في الخطأ. فالحق أن يقال: ان قول أبي الحسن عليه السلام فيما إذا كان الرجل المتزوج بها لم يعلم رأسا أن لها زوجا، وقول ابي عبد الله عليه السلام فيما إذا كان يعلم ذلك ثم عقد عليها ونكحها من غير أن يثبت عند الحاكم موت زوجها ببينة شرعية، فالقولان غير متدافعين. والسيد بن طاوس في الجواب عن الحديث تجشم القدح في الطريق لمطالبه (2) باتصال السند واعتباره، وفيه مالا يخفى على الممارس المتمهر.
________________________________________
1) سورة الشعراء: 83 2) وفي " م " بالمطالبة (*)
________________________________________
[ 403 ]
قال: خرجت أنا وابن أبي يعفور وآخر إلى الحيرة أو الى بعض المواضع فتذاكرنا الدنيا، فقال أبو بصير المرادي: أما أن صاحبكم لو ظفر بها لاستأثر بها، قال: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه فذهبت لا طرده، فقال لي ابن أبي يعفو ر: دعه قال: فجاء حتى شغر في أذنه. - قوله: إلى الحيرة أو إلى بعض المواضع قال في المغرب: الحيرة بالكسر مدينة كان يسكنها النعمان بن المنذر وهي على رأس ميل من الكوفة. وفي القاموس: ان الحيرة بالكسر كربلا أو موضع بها (1). وفي النهاية الاثيرية: الحيرة بكسر الحاء البلد القديم بظهر الكوفة (2). قوله: لو ظفر بها لاستأثر بها الكلام فيه نظير ما سبق في " لاشتمل عليها بكسائه " وقال السيد بن طاوس: مقتضاه أن الصادق عليه السلام لو ظفر بالخلافة لاستاثر بها وان لم يصرح بالصادق عليه السلام لكن الظاهر هذا. ثم قال: أقول ان هذا حديث حسن السند، وانما القول في متنه حسب ما أسلفت. قلت: سنده صحيح ومحمد بن أحمد بن الوليد، هو محمد بن الوليد البجلي أبو جعفر الكوفي الحداد الثقة النقي الحديث، وقد أسلفنا تحقق حاله في الحواشي. قوله: فأغفى فجاء كلب يريد أن يشغر عليه غفى غفوا نام أو نعس، وكذلك أغفى اغفاءا. وشغر الكلب يشغر بالفتح فيها من باب منع رفع رجله فبال.
________________________________________
1) القاموس: 2 / 16 وفيه وحيران 2) نهاية ابن الاثير: 1 / 467 (*)
________________________________________
[ 404 ]
295 - حمدويه وابراهيم قال: حدثنا العبيدي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين ابن مختار، عن أبي بصير، قال: كنت أقرئ امرأة كنت أعلمها القرآن، قال: فمازحتها بشئ، قال فقدمت على أبي جعفر عليه السلام، قال، فقال لي: يا ابا بصير اي شئ قلت للمرأة ؟ قال: قلت بيدي هكذا، وغطا وجهه، قال، فقال لي: لاتعودن إليها. 296 - محمد بن مسعود، قال: سألت علي بن الحسن بن فضال عن أبي بصير فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم، فقال: أبو بصير كان يكني أبا محمد وكان - وفي القاموس: رفع احدى رجليه ليبول بال أو لم يبل (1) قوله: فقال: وكان اسمه يحيى بن أبي القاسم قلت: وقيل: اسم أبيه القاسم، وأما يحيى بن القاسم الازدي الحذاء فهو رجل آخر غير أبي بصير الازدي المكفوف يحيى بن القاسم، وهو أيضا من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام. وقيل فيه: انه كان واقفيا. والشيخ ذكر هما كليهما في كتاب الرجال (2) وليا من غير فصل، وكذلك السيد المكرم جمال الدين احمد بن طاوس في كتابه واختياره. وأبو عمر والكشي روى عن حمدويه أنه ذكر عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه روى عن أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم المكفوف عن الصادق عليه السلام. وروي الكشى أيضا في حديث آخر أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجع عن الوقف، وأوردهما السيد بن طاوس في اختياره. ثم ان رهطا من المتأخرين توهم اتحاد الرجلين، كأنهم عن ذلك كله من الذاهلين، فبناءا على وهمهم الكاذب هذا زعموا أنه قد قيل أبي بصير الاسدي
________________________________________
1) القاموس: 2 / 60 2) رجال الشيخ: ص 364 (*)
________________________________________
[ 405 ]
مولى لبني أسد وكان مكفوفا، فسألته هل يتهم بالغلو ؟ فقال: أما الغلو: فلا لم يتهم، ولكن كان مخلطا. المكفوف أنه واقفي، وان هوالا زور واختلاق، ولذلك لم يورد أبو الحسن أحمد ابن الغضائري فيه طعنا وغميزه فليعلم. قوله: وسألته هل يتهم بالغلو ؟ فقال: اما الغلو فلا قلت: كما من الاختلاق اتهامه بالغلو فكذلك من التكاذيب نسبته إلى الواقفة أليس قد قال النجاشي: أن أبا بصير الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف مات سنة خمسين ومائه (1) ؟ وكذلك الشيخ في كتاب الرجال قال في أصحاب أبي عبد الله الصادق عليه السلام يحيى بن القاسم أبو محمد يعرف بأبي بصير الاسدي مولاهم كوفي تابعي مات سنة خمسين ومائه بعد أبي عبد الله عليه السلام (2) ؟ وقال في الفهرست يحيى بن القاسم يكنى أبا بصير، له كتاب مناسك الحج، رواه علي بن أبي حمزة، والحسين بن أبي العلاء عنه (3) ومات سنة خمسين ومائة ومولانا أبو عبد الله الصادق عليه السلام قبض بالمدينة في شوال، وقيل: في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة. وقبض مولانا أبو الحسن الكاظم عليه السلام مسموما ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وقيل: لخمس خلون من رجب سنة احدى وثمانين ومائة. فيكون أبو بصير يحيى بن أبي القاسم قد توفى بعد الصادق عليه السلام لسنتين وقبل الكاظم عليه السلام بثلاث وثلاثين سنة أو احدى وثلاثين سنة
________________________________________
1) رجال النجاشي: 344 2) رجال الشيخ: 333 3) الفهرست: 207 (*)
________________________________________
[ 406 ]
والواقفة هم الذين بعد الكاظم عليه السلام ذهبوا إلى الوقف عليه وقالوا: انه حي لم يمت وأنه الامام القائم، ولم يقولوا بامامة مولانا الرضا علي بن موسى عليه السلام. فاذن الطعن في أبي بصير بالوقف من باب الجهل بأحوال الرجال، ونسبة ذلك إلى الشيخ في كتاب الرجال في باب أصحاب أبي عبد الله، أو في باب أصحاب أبي الحسن الكاظم عليه السلام أيضا اختلاق وافتراء عليه، وما وقع الينا من نسخ كتاب الرجال غير موجود في شئ منه ما يدل عليه أصلا. وأقول: لعل منشأ التباس الامر على القاصرين، أن يحيى بن القاسم أبا بصير الاسدي، ويحيى بن القاسم الحذاء الازدي رجلان ذكرهما الشيخ في أصحاب الصادق عليه السلام، ولاءا، وكذلك السيد بن طاوس في كتابه وفي اختياره، وقد قيل في يحيى بن القاسم الحذاء الازدي: أنه واقفى، أنهما واحد فنسب إلى أبي بصير الاسدي أنه مرمي بالوقف. فأما ما رواه أبو عمرو الكشي في الكتاب عن حمدويه عن بعض أشياخه أن يحيى بن القاسم الحذاء الازدي واقفي، وأنه عن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال: ان جائكم من يخبركم أن ابني هذا - يعنى به أبا الحسن موسى عليه السلام - مات ولبن وقبر ونفضوا أيديهم من تراب قبره فلا تصدقوا. ففيه أولا أن في الطريق الحسن أو الحسين بن قياما وهو واقفي عنيد ملعون لا يعبأ بروايته. وثانيا إن معنى كلام الصادق عليه السلام على تقدير صحة الرواية: ان من جائكم يخبركم أن ابني موسى مات في زمني كما مات ابني اسماعيل فلا تصدقوه، فانه امام الخلق بعدي. وليس المراد أنه الامام المهدي القائم المعهود بعدي. وبالجملة جلالة أبي بصير الاسدي يحيى بن القاسم مما ليس يخفى على متمهر
________________________________________
[ 407 ]
297 - محمد بن مسعود، قال: حدثني جبريل بن أحمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد الناب، قال: جلس أبو بصير على باب أبي عبد الله عليه السلام ليطلب الاذن، فلم يؤذن له، فقال: لو كان معنا طبق لاذن، قال: فجاء كلب فشغر في وجه أبي بصير، قال: أف أف ماهذا ؟ قال جليسه. هذا كلب شغر في وجهك. - في علم الرجال، وكفاه ما رواه الكشي عن حمدويه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفي قال قلت: لابي عبد الله عليه السلام ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسئل ؟ قال: عليك بالاسدي يعني أبا بصير. وروايات ضمان الصادق عليه السلام له، فلا تكونن من الممترين. قوله: لو كان معنا طبق لاذن في القاموس: الطبق محركة غطاء كل شئ والذي يؤكل عليه، ومن الناس والجراد الكثير، أو الجماعة كالطبق بالكسر ومنه " لتركبن طبقا عن طبق " (1). وفي مفردات الراغب: ذلك اشارة إلى أحوال الانسان من ترقيه في أحوال شتى. وقيل: لكل جماعة متطابقة في أمر طبق (2)، وقيل: الناس طبقات (3). وفي الصحاح: الطبق واحد الاطباق، ويقال: أتانا طبق من الناس وطبق من الجراد، أي جماعة وطبقات الناس منازلهم في مراتبهم (4). وفي مجمل اللغة: الطبق الحال. قال ابن الاثير: وقيل: الطبق المنزلة والطبقات المنازل والمراتب (5)
________________________________________
1) القاموس: 3 / 255 والاية سورة الانشقاق: 19. 2) وفى المصدر: لكل جماعة متطابقة هم في ام طبق. 3) مفردات الراغب: 301 4) الصحاح: 4 / 1512 5) نهاية ابن الاثير: 3 / 114 (*)
________________________________________
[ 408 ]
298 - محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت علي أبي جعفر عليه السلام قلت: تقدرون أن تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمه والا برص ؟ فقال لي: باذن الله. - ويوم مطبق إذا أطبق الغيم السماء وطبقها وغطاها، والطبق أيضا ما توضع عليه الفواكه ونحوها. وكلام أبي بصير يحتمل الحمل على أكثر هذه المعاني، فمعناه لو كان معنا جماعة لاذن لنا، أولو كان معنا حال أو منزلة لاذن لنا، أولو كان معنا من يكون مغطى على أمره متهما في دينه لاذن لنا من باب التقية والخوف. وأما أنا فحيث أني رجل ضرير مسكين غير مطبق بضم الشك في ديني فلم يؤذن لي. فهذا فيه حزازة من سوء الادب غير مفضية إلى الخروج عن سبيل الدين. فأما إذا أريد به لو كان معنا طبق موضوع عليه شئ من الهدايا لاذن لنا، فهو كما قال السيد بن طاوس في اختياره: ما أبعد هذا من الحق والحجة (1) من القول، أين مناسبة هذا القول لعلو مكان مولانا الصادق عليه السلام وجلالد قدره، نعوذ بالله من اتباع الهوى والوقوع في الفتنة ونستعين. قوله: عن مثنى الحناط الذي يظهر من الكتاب في هذا الموضع ومما قد سبق في ترجمة زرارة أن أبا بصير هذا هو الليث المرادي الضرير: والمشهور أنه الاسدي يحيى بن أبي القاسم المكفوف، وعندي أن القصة وقعت لهما كليهما. وقال علي بن أحمد العقيقي: يحيى بن القاسم الاسدي مولاهم ولد مكفوفا،
________________________________________
1) وفي نسخة " م " وأسمجه من القول (*).
________________________________________
[ 409 ]
ثم قال اذن مني فمسح على وجهي وعلى عيني، فأبصرت السماء والارض والبيوت، فقال لي: أتحب أن تكون كذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أم تعود كما كنت ولك الجنة الخالص ؟ قلت: أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت. في أبي بصير عبد الله بن محمد الاسدي 299 - طاهرين بن عيسى، قال: حدثني جعفر بن أحمد الشجاعي، عن محمد ابن الحسين، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن عبد الله بن وضاح، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة في القرآن ؟ فغضب وقال: انا رجل تحضرني قريش وغيرهم وانما تسألني عن القرآن، فلم أزل أطلب إليه وأتضرع حتى رضي، وكان عنده رجل من اهل المدينة مقبل عليه. فقعدت عند باب البيت على بثي وحزني، اذ دخل بشير الدهان فسلم وجلس عندي، وقال لي سله عن الامام بعده ؟ فقلت: لو رأيتني مما قد خرجت من هيئة لم تقل لي سله، فقطع أبو عبد الله عليه السلام حديثه مع الرجل، ثم أقبل فقال: يا أبا محمد ليس لكم أن تدخلوا علينا في أمرنا وانما عليكم أن تسمعوا وتطيعوا إذا أمرتم. في عبد الملك بن أعين أبى الضريس 300 - حدثني حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن أبي نصر، عن رأى الدنيا مرتين، مسح أبو عبد الله عليه السلام على عينيه وقال: انظر ما ترى ؟ فقال: أرى كوة في البيت وقد أرانيها أبوك من قبلك. في عبد الملك بن أعين أبى الضريس أبو الضريس بضم الضاد المعجمة على التصغير. قال في القاموس. كزبير علم (1).
________________________________________
1) القاموس: 2 / 225 (*)
________________________________________
[ 410 ]
الحسن بن موسى، عن زرارة، قال: قدم أبو عبد الله مكة، فسأل عن عبد الملك ابن أعين ؟ فقال: مات ؟ قيل نعم فقال: لا ولكن صلى هيهنا، ورفع يديه ودعا له واجتهد في الدعاء وترحم عليه. - والصدوق أبو جعفر بن بابويه - رضوان الله تعالى عليه في مسنده كتاب من لا يحضره الفقيه في ذكر أسناده عن عبد الملك بن أعين قال: وكنيته أبو ضريس وزار الصادق عليه السلام قبره بالمدينة مع أصحابه (1). وذلك أدل دليل على علو مرتبته وارتفاع منزلته فليعرف. قوله: قال قدم أبو عبد الله مكة قلت: الظاهر أن لفظة " من " سقطت هاهنا من قلم الناسخ، فان عبد الملك بن أعين مات بالمدينة وقبره هناك وأبو عبد الله عليه السلام لما قدم من مكة زار قبره بالمدينة مع أصحابه، كما قد نقلناه عن الصدوق في مسندة الفقيه فليعلم. قوله: فقال لا، ولكن صلى هاهنا ولكن صلى اما أنه تتمة كلام الامام عليه السلام، ورفع يده أول كلام زرارة، وصلى بمعنى تلا السابق في السابقة: وهو مأخوذ من الصلا بالفتح والقصر أي الظهر من الانسان. أو من كل ذي أربع، أو ما انحدر من الوركين، أو ماعن يمين الذئب وشماله، وهما صلوان، والمصلي تالي السابق مطلقا. أو في الفرس على الحقيقة، وفي الانسان على الاستعارة، يقال: صلى الفرس المصلى، وهو الذي يتلو السابق، لان رأسه عند صلا الفرس الاول. يعني عليه السلام أن عبد الملك بن أعين لم يمت، بل هو من الاحياء المرزوقين الفرحين عند ربهم رزقا قدسيا روحانيا، وفرحا أبديا عقلانيا، ولكنه بموته الظاهري
________________________________________
1) من لا يحضره الفقيه: 4 / 97 (*)
________________________________________
[ 411 ]
301 - علي بن الحسن، قال: حدثني علي بن أسباط، عن علي بن الحسن بن عبد الملك بن أعين، عن ابن بكير، عن زرارة، قال، قال لي أبو عبد الله عليه السلام بعد موت عبد الملك بن أعين: اللهم ان أبا الضريس كنا عنده خيرتك من خلقك، فصيره في ثقل محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة، ثم قال أبو عبد الله: أما رأيته يعني في النوم ؟ فتذكرت فقلت: لا، فقال: سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد. - الجسداني هاهنا. وفي نسخ عديدة " ماهنا " بالميم مكان الهاء، أي في النشأة البائدة البائرة صلى، أي تلا من سبقه في السباق إلى الحياة الحقيقية العقلية والبهجة الحقة الالهية. وفي بعض النسخ " صلى هنئة هنا " أي تلا السابق في السباق هنا شيئا يسيرا، واما أنه أول كلام زرارة وصلى هاهنا أي أتى هاهنا بالصلاة. والمعني أنه عليه السلام قال بلسانه لا: أي لم يمت عبد الملك ولكنه عليه السلام صلى في هذا الموضع ورفع يده بعد الصلاة ودعا لعبد الملك واجتهد في الدعاء له، وترحم عليه كما يترحم على الميت ويدعا له، فعلم من فعله عليه السلام أنه انما عني بقوله لانفي الموت الحقيقي واثبات الحياة الابدية الحقيقية، ولم يعن به نفي الموت الظاهر الجسماني، فليفقه. قوله عليه السلام: فصيره في ثقل محمد صلواتك عليه ثقل الرجل - بالتحريك - حشمه أي قرابته وعياله ومن يغضب له ويذب عنه، إذا أصابه أمر ونزلت به ملمة، وثقل المسافر متاعه وأهل حزانته. يعنى عليه السلام: ان أبا ضريس كان يعتقد أنا خيرتك من خلقك، فاجعله من حشم محمد صلى الله عليه وآله وأهل حزانته صلواتك عليه وآله، وصيره يوم القيامة في زمرتهم ومن جملتهم (1).
________________________________________
1) وفى " ن " جماعتهم (*).
________________________________________
[ 412 ]
302 - حمدويه، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي ابن عطيه قال قال أبو عبد الله عليه السلام لعبد الملك بن أعين: كيف سميت ابنك ضريسا ؟ فقال: كيف سماك أبوك جعفرا ؟ قال: ان جعفرا نهر في الجنة وضريس اسم شيطان. في حمران بن أعين 303 - حمدويه، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن الحكم، عن حجربن زايدة عن حمران بن أعين، قال قلت لا بي جعفر عليه السلام اني أعطيت الله عهدا، لااخرج من المدينة حتى تخبرني عما أسئلك، قال، فقال لي: سل قال، قلت: أمن شيعتكم أنا ؟ قال: نعم في الدنيا والاخرة. 304 - محمد، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن زياد القندي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في حمران: انه رجل من أهل الجنة. محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، قال: روى عن ابن أبي عمير، عن عدة من اصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، كان يقول: حمران بن أعين مؤمن لا يرتد والله أبدا. 305 - محمد بن مسعود، قال: حدثنا علي بن الحسين بن علي بن فضال، قال: حدثني العباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة، قال قال حمران بن أعين: ان الحكم بن عيينه، - ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة: أما رأيته ؟ يعني أبا ضريس في النوم، قال زرارة فتذكرت من حالي فقلت: لا فقال عليه السلام: سبحان الله مثل أبي الضريس لم يأت بعد ؟ ! وهو تعريض لزرارة. في حمران بن أعين قوله: أن الحكم بن عيينه الدائر على الالسن في المشهور مطابقا لما في المغرب والقاموس وغير هما من
________________________________________
[ 413 ]
يروي عن علي بن الحسين عليه السلام أن علم علي عليه السلام في أية مسأله فلا يخبرنا. قال حمران: سألت أبا جعفر عليه السلام ؟ فقال: ان علينا عليه السلام كان بمنزلة صاحب سليمان وصاحب موسى ولم يكن نبيا ولا رسولا، ثم قال: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث، قال فعجب أبو جعفر. - كتب اللغة " عيينة " بيائين مثناتين من تحت بعد العين المهملة المضمومة ثم النون. وقال العلامة - رحمه الله تعالى - في الايضاح والخلاصة (1) وطابقه الحسن ابن داود في كتابه (2): " الحكم بن عتيبة " بالتاء المنقطة فوقها نقطتين بعد العين والياء المنقطة تحتها نقطتين والباء المنقة تحتها نقطة، وكذلك ضبطه بعض علماء العامة أيضا. قوله: يروى عن على بن الحسين عليهم السلام يعني قال حمران بن أعين: ان الحكم كان يروي عن علي بن الحسين عليهما السلام أن علم علي عليه السلام في أية مرتبة ومنزلة يصح أن يسأل عنها ويستخبر عن درجتها، ولكن كان لا يخبرنا بذلك. فسألت أبا جعفر عليه السلام عن حقيقة الامر، فقال عليه السلام: ان عليا عليه السلام لم يكن رسولا ولانبيا بل كان محدثا، منزلته في هذه الامة في العلم المنزل على قلبه باذن الله سبحانه منزلة آصف بن برخيا صاحب سليمان، وخضر صاحب موسى عليهما السلام في الامم السابقة، وان كان علي عليه السلام منزلته أعلى من منزلتهما وأعظم، ثم قال عليه السلام في تأويل ما في التنزيل الكريم " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث الاية " (3). ثم قال حمران: واذ ذكرت ذلك لابي جعفر عليه السلام تعجب أبو جعفر عليه السلام من أمر الحكم بن عيينة.
________________________________________
1) الخلاصة: 218 2) رجال ابن داود: 449 3) سورة الحج: 52 (*)
________________________________________
[ 414 ]
306 - محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن أبان، عن الحارث، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ان حمران كان يقول نمد الحبل، من جاوزه من علوي وغيره برئنا منه. 307 - حدثني محمد بن الحسن البرناني، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمد ابن يزداد، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن العلاء بن رزين القلا، عن ابي خالد الاخرس، قال قال حمران بن أعين، لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أني حلفت ألا أبرح المدينة حتى أعلم ما أنا، قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: فتريد ماذا يا حمران ؟ قال: تخبرني ما أنا ؟ قال: أنت لنا شيعة في الدنيا والاخرة. 308 - حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير عن ابن أذينه، عن زرارة، قال: قدمت المدينة وأنا شاب أمرد، فدخلت سرادقا لابي جعفر عليه السلام بمعنى، فرأيت قوما جلوسا في الفسطاط وصدر المجلس ليس فيه أحد ورأيت رجلا جالسا ناحية يحتجم، فعرفت برأيي أنه أبو جعفر عليه السلام فقصدت نحوه فسلمت عليه، فرد السلام على، فجلست بين يديه والحجام خلفه. فقال: امن بني أعين أنت ؟ فقلت، نعم أنا زرارة بن أعين، فقال: انما عرفتك بالشبه، احج حمران ؟ قلت: لا وهو يقرئك السلام، فقال: انه من المؤمنين حقا لا - ويحتمل أن يكون أبو جعفر كنية للحكم أيضا، وان كان يكنى أبا محمد فيكون المعنى: ان ذكرت قول أبي جعفر عليه السلام للحكم فعجب منه، والله سبحانه أعلم. قوله: نمد الحبل من جاوزه يعني نحن نمد حبل الدين الحنيف القويم والصراط السوي المستقيم، من لدن رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب، ثم الائمة الاوصياء الطاهرين من ولده إلى الامام الثاني عشر المهدي القائم الموعود، فمن جاوز هذا الحبل علويا كان أو غير علوي تبرأنا منه.
________________________________________
[ 415 ]
يرجع أبدا، إذا لقبته فاقرئه مني السلام، وقل له: لم حدثت الحكم بن عيينة عني أن الاوصياء محدثون لا تحدثه وأشباهه بمثل هذا الحديث. فقال زرارة: فحمدت الله تعالى وأثنيت عليه فقلت: الحمدالله، فقال هو الحمد لله ثم قلت أحمده وأستعينه، فقال: هو أحمد وأستعينه، فكنت كلما ذكرت الله في كلام ذكره كما أذكره حتى فرغت من كلامي. 309 - حدثني الحسين بن الحسن بن بندار القمي، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، قال: حدثنا عبد الله الحجال، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: لوددت أن كل شئ في قلبي في قلب أصغر انسان من شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله. 310 - وبهذا الاسناد: عن الحجال، عن صفوان، قال: كان يجلس حمران مع أصحابه فلا يزال معهم في الرواية عن آل محمد صلى الله عليه وآله فان خلطوا في ذلك بغيره ردهم إليه، فان صنعوا ذلك عدل ثلاث مرات قام عنهم وتركهم. 311 - اسحاق بن محمد قال: حدثنا علي بن داود الحداد، عن حريز بن عبد الله، قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين وجويرية بن أسماء، فلما خرجا قال: أما حمران فمؤمن، وأما جويرية فزنديق لا يعلم أبدا، فقتل هارون جويرية بعد ذلك. 312 - يوسف بن السخت قال: حدثني محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، - قوله: حدثني محمد بن جمهور قال النجاشي - رحمه الله تعالى - في كتابه: محمد بن جمهور أبو عبد الله القمي ضعيف الحديث فاسد المذهب وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها، روى عن الرضا عليه السلام (1). وكذلك الشيخ - رحمه الله تعالى - في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن
________________________________________
1) رجال النجاشي: 260 (*)
________________________________________
[ 416 ]
عن بكير بن أعين، قال: حججت أول حجة فصرت إلى مني، فسألت عن فسطاط أبي عبد الله عليه السلام فدخلت علية، فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوهم فلم أره فيهم، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم، فقال: هلم الي ! ثم قال: يا غلام أمن بني أعين أنت ؟ قتل: نعم جعلني الله فداك قال: أيهم أنت ؟ قلت: أنا بكيربن أعين، قال لي: ما فعل حمران ؟ قلت: لم يحج العام على شوق شديد منه اليك، وهو يقرأ عليك السلام، فقال: عليك وعليه السلام، حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا والله لا والله لا تخبره. إلى هنا انتهى الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد. والحمد الله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. - الرضا عليه السلام قال: محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال (1). وقال في باب لم: محمد بن الحسن بن جمهور العمي، روى سعد عن أحمد أبي عبد الله عليه السلام فدخلت علية، فرأيت في الفسطاط جماعة فأقبلت أنظر في وجوهم فلم أره فيهم، وكان في ناحية الفسطاط يحتجم، فقال: هلم الي ! ثم قال: يا غلام أمن بني أعين أنت ؟ قتل: نعم جعلني الله فداك قال: أيهم أنت ؟ قلت: أنا بكيربن أعين، قال لي: ما فعل حمران ؟ قلت: لم يحج العام على شوق شديد منه اليك، وهو يقرأ عليك السلام، فقال: عليك وعليه السلام، حمران مؤمن من أهل الجنة لا يرتاب أبدا لا والله لا والله لا تخبره. إلى هنا انتهى الجزء الثاني ويتلوه في الجزء الثالث حدثني محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد. والحمد الله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. - الرضا عليه السلام قال: محمد بن جمهور العمي عربي بصري غال (1). وقال في باب لم: محمد بن الحسن بن جمهور العمي، روى سعد عن أحمد ابن الحسين بن سعيد عنه (2). وهذا يدل على التعدد، ولكن في الفهرست قال، محمد بن الحسن بن الجمهور العمي البصري له كتب، جماعة منها كتاب الملاحم، وكتاب صاحب الزمان وله الرسالة الذهبية عن الرضا عليه السلام، وله كتاب وقت خروج القائم عليه السلام. ثم ذكر طريقه إليه بالاسناد عن العمر كي بن علي عن محمد بن جمهور (3). فبين من ذلك أن محمد بن الحسن بن جمهور ومحمد بن جمهور واحد، وهو العمي البصري. وايراده مرة أخرى في باب لم لان حديثه عن الرضا عليه السلام من غير واسطة قليل، والله سبحانه أعلم.
________________________________________
1) رجال الشيخ: 387 2) رجال الشيخ: 512 3) الفهرست: 172 (*)
مكتبة يعسوب الدين عليه السلام الإلكترونية

(Dokumen-ABNS)
Share this post :

Posting Komentar

ABNS Video You Tube

Terkait Berita: